$User->is_logged_in:  bool(false)
$User->user_info:  NULL
$User->check_post:  object(stdClass)#7061 (18) {
  ["is_valid"]=>
  int(1)
  ["global_remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["number_all_post"]=>
  int(0)
  ["number_post_read"]=>
  int(0)
  ["is_from_gifts_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["all_gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_read_articles"]=>
  int(0)
  ["exceeded_daily_limit"]=>
  int(0)
  ["is_watched_before"]=>
  int(0)
  ["sso_id"]=>
  int(9674)
  ["user_agent"]=>
  string(9) "claudebot"
  ["user_ip"]=>
  string(13) "54.89.127.249"
  ["user_header"]=>
  object(stdClass)#7068 (44) {
    ["SERVER_SOFTWARE"]=>
    string(22) "Apache/2.4.57 (Debian)"
    ["REQUEST_URI"]=>
    string(157) "/%D8%A8%D9%8A%D8%A6%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AD%D9%85%D9%84%D8%A9-%D8%A3%D9%86%D8%A7-%D8%A3%D9%8A%D8%B6%D8%A7%D9%8B/"
    ["REDIRECT_HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["REDIRECT_STATUS"]=>
    string(3) "200"
    ["HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["HTTP_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_ACCEPT_ENCODING"]=>
    string(8) "gzip, br"
    ["HTTP_X_FORWARDED_FOR"]=>
    string(13) "54.89.127.249"
    ["HTTP_CF_RAY"]=>
    string(20) "86be567def133974-FRA"
    ["HTTP_X_FORWARDED_PROTO"]=>
    string(5) "https"
    ["HTTP_CF_VISITOR"]=>
    string(22) "{\"scheme\":\"https\"}"
    ["HTTP_ACCEPT"]=>
    string(3) "*/*"
    ["HTTP_USER_AGENT"]=>
    string(9) "claudebot"
    ["HTTP_CF_CONNECTING_IP"]=>
    string(13) "54.89.127.249"
    ["HTTP_CDN_LOOP"]=>
    string(10) "cloudflare"
    ["HTTP_CF_IPCOUNTRY"]=>
    string(2) "US"
    ["HTTP_X_FORWARDED_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_X_FORWARDED_SERVER"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_CONNECTION"]=>
    string(10) "Keep-Alive"
    ["PATH"]=>
    string(60) "/usr/local/sbin:/usr/local/bin:/usr/sbin:/usr/bin:/sbin:/bin"
    ["SERVER_SIGNATURE"]=>
    string(73) "
Apache/2.4.57 (Debian) Server at hbrarabic.com Port 80
" ["SERVER_NAME"]=> string(13) "hbrarabic.com" ["SERVER_ADDR"]=> string(10) "172.21.0.5" ["SERVER_PORT"]=> string(2) "80" ["REMOTE_ADDR"]=> string(14) "162.158.87.174" ["DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["REQUEST_SCHEME"]=> string(4) "http" ["CONTEXT_PREFIX"]=> NULL ["CONTEXT_DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["SERVER_ADMIN"]=> string(19) "webmaster@localhost" ["SCRIPT_FILENAME"]=> string(23) "/var/www/html/index.php" ["REMOTE_PORT"]=> string(5) "43976" ["REDIRECT_URL"]=> string(57) "/بيئات-العمل-بعد-حملة-أنا-أيضاً/" ["GATEWAY_INTERFACE"]=> string(7) "CGI/1.1" ["SERVER_PROTOCOL"]=> string(8) "HTTP/1.1" ["REQUEST_METHOD"]=> string(3) "GET" ["QUERY_STRING"]=> NULL ["SCRIPT_NAME"]=> string(10) "/index.php" ["PHP_SELF"]=> string(10) "/index.php" ["REQUEST_TIME_FLOAT"]=> float(1711699348.210719) ["REQUEST_TIME"]=> int(1711699348) ["argv"]=> array(0) { } ["argc"]=> int(0) ["HTTPS"]=> string(2) "on" } ["content_user_category"]=> string(4) "paid" ["content_cookies"]=> object(stdClass)#7069 (3) { ["status"]=> int(0) ["sso"]=> object(stdClass)#7070 (2) { ["content_id"]=> int(9674) ["client_id"]=> string(36) "e2b36148-fa88-11eb-8499-0242ac120007" } ["count_read"]=> NULL } ["is_agent_bot"]=> int(1) }
$User->gift_id:  NULL

نقاش: لماذا لم تتحسن بيئات العمل إلى الآن بعد حملة #أنا_أيضاً؟

32 دقيقة
التحرش في مكان العمل وحملة أنا أيضا
shutterstock.com/gguy
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أجرت هارفارد بزنس ريفيو مقابلة صوتية (بودكاست) مع ماريان كوبر، اختصاصية في مجال علم الاجتماع في معهد كلايمان لبحوث النوع الاجتماعي (Clayman Institute for Gender Research) في جامعة ستانفورد، وسارة بيلي، متحدثة وكاتبة حول طرائق الاستجابة لسلوكيات التحرش وكيفية منعها.

نقدم لكم موضوع اليوم وهو التحرش في مكان العمل عبر المدونة الصوتية “النساء في العمل” (Women at Work):

يمكنكم الاستماع إلى هذه المدونة والاشتراك فيها عبر آبل بودكاستس | جوجل بودكاستس | آر إس إس

منذ أن أصبح هاشتاغ #أنا_أيضاً (#MeToo) شائعاً بين الناس، حاول الكثيرون جعل مكان العمل مكاناً أكثر أماناً للجميع. لكن التغيير المؤسسي فيما يخص قضايا التحرش يسير ببطء، وليس من السهل دائماً على فرادى الموظفين مواجهة التصرفات غير الأخلاقية ومنعها.

تُشاركنا ماريان كوبر بعض النتائج الواردة في تقرير “النساء في مكان العمل لعام 2018” (Women in the Workplace 2018) الصادر عن مبادرة لين إن.أورغ (LeanIn.Org) وشركة ماكنزي آند كومباني (McKinsey & Company). ثم سننتقل إلى سارة بيلي للحديث حول كيفية التعامل مع السلوكيات غير السليمة في العمل.

وإليكم مقتطفات من هذه المقابلة الصوتية:

النص

نيكول توريس: أنتم تستمعون إلى المدونة الصوتية “النساء في العمل”، من هارفارد بزنس ريفيو. أنا نيكول توريس.

إيمي بيرنستين: أنا إيمي بيرنستين.

إيمي غالو: وأنا إيمي غالو. إليكم بعض النسب الدلالية التي تخبرنا عن حال سلوكيات التحرش ضمن بيئة عمل الشركات الأميركية: أفادت 35% من النساء أنهن تعرضن للتحرش. قالت 38% منهن أنّ الشركات التي تعملن فيها طورت سياساتها وإجراءاتها (المتعلقة بسلوكيات التحرش) أو وضحتها أكثر في العام الماضي. ترى 52% فقط من النساء أنّ الإبلاغ عن سلوكيات التحرش سوف يُفضي إلى تدقيق منصف وناجع. جميع هذه المعطيات واردة في تقرير “النساء في مكان العمل لعام 2018″، الذي تصدره مبادرة لين إن.أورغ وشركة ماكنزي آند كومباني سنوياً بعد مسح عشرات الآلاف من الموظفين في الولايات المتحدة وكندا. تحدثت مع ماريان كوبر، وهي إحدى معدات التقرير، واختصاصية في مجال علم الاجتماع في معهد كلايمان لبحوث النوع الاجتماعي في جامعة ستانفورد. شكراً جزيلاً لك ماريان على انضمامك إلينا.

ماريان كوبر: شكراً لك، يسرني وجودي معك.

إيمي غالو: أود سؤالك حول هذا التقرير وخاصة حول رأيك فيما يتعلق بالنتائج التي تشير إلى أنّ التحرش لا يزال سلوكاً سائداً جداً.

ماريان كوبر: إنّ النتائج محبطة بالتأكيد.

إيمي غالو: أوافقك الرأي.

ماريان كوبر: لكنها ليست مفاجئة، فنحن نعلم منذ مدة أنّ سلوكيات التحرش منتشرة بمعدلات مرتفعة جداً وأكثر مما قد يظنه البعض. في تقرير “النساء في مكان العمل”، أفادت 35% من النساء أنهن تعرضن لتلك السلوكيات، لكن يمكن لتلك النسبة أن ترتفع أكثر حسب طبيعة العمل الذي تبحثين فيه. فمثلاً، قد تتعرض النساء اللواتي تعملن في قطاع الضيافة أو في الأعمال الخدمية منخفضة الأجر إلى تلك السلوكيات بمعدل أعلى بكثير.

إيمي غالو: بصفتي مراقبة للأحداث الماضية، وذلك على مدار 18 شهراً (منذ بداية 2018 وحتى منتصف 2019)، لا بد من ذكر أنني كنت متفائلة نوعاً ما بأنّ هنالك تغييراً سيطرأ بناء على أحداث حملة #أنا_أيضاً. هل تتوقعين حدوث أي فرق هذا العام بالنظر إلى ما شهدناه خلال العامين الماضيين؟

ماريان كوبر: يستند هذا إلى المسألة التي نتحدث حولها، فيما يخص انتشار سلوكيات التحرش، تستغرق المسألة وقتاً بالنسبة إلى الشركات لوضع السياسات الصحيحة موضع التنفيذ، ولصياغة الممارسات السليمة، ولإنفاذ السياسات القائمة، وللنظر حقاً في تلك الممارسات السيئة والتكلم حولها، ومن ثم أخذ القرار فيما إذا كانت ستعالجها أم لا، وأخيراً معالجتها. كل ذلك يأخذ الكثير من الوقت، فعندما ننظر إلى هذه المسألة من وجهة نظر التغيير الاجتماعي، فما لدينا هنا هو نوع من اللحظات الثورية التحولية الكبرى، حيث تنهض النساء وغيرهن ويقولون نحن لن نقف مكتوفي الأيدي بعد اليوم. ينبغي على أصحاب السلطة البدء في تغيير مجرى الأمور، لكن هنالك فجوة بين اللحظة التي يبدأ الموظفون فيها بالتحدث والتصرف حيال تلك السلوكيات، ومن ثم تبني الشركات لسياسات مختلفة من أجل تنظيم سير الأمور في العمل.

إيمي غالو: صحيح، أريد سؤالك حول ما تقوم به الشركات من إجراءات، لكنني أود أيضاً سماع ما ستقولينه أخيراً حول ما إذا كنا سنشهد تغييراً على أعقاب حملة #أنا_أيضاً، هل تأملين بحصول ذلك في غضون ثلاثة أو خمسة أعوام، أو ربما عشرة؟

ماريان كوبر: أود في الحقيقة أن أكون أكثر تفاؤلاً مما أظهرته لنا البيانات على مدى عقود من الزمن. لكن المسألة تنطوي على مدى جدية الناس في التعاطي معها، وأخصص بالذكر هنا “القادة”، فما مدى جديتهم في الالتزام بإحداث التغيير على أرض الواقع وداخل شركاتهم بالتحديد؟ ما رأيته في هذه المسألة هو إنها نوع من الظواهر المثيرة للاهتمام بحد ذاتها، وإنه عندما تمدين الآخرين بالبيانات حول مسألة اجتماعية معينة، فإنهم يطّلعون على تلك البيانات لكنهم لا يغيرون الطريقة التي يتصرفون على أساسها. يعد النقص في عدد النساء اللواتي تشغلن مناصب في الإدارات العليا للشركات أو خلافها، بمثابة ظاهرة خلقتها الأوضاع الاجتماعية، وقد وثق الاختصاصيون في علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي وغيرهم من الباحثين تفسيرات كثيرة ومختلفة عن سبب رؤيتنا لتلك الأنماط الإدارية والاجتماعية، ثم شرعوا في التفكير في كيفية إصلاحها. عندما نتحدث مع المعنيين في الشركات أو المؤسسات الأخرى، فإننا نستطيع معرفة أولويات تلك المؤسسات من خلال النظر إلى ميزانيتها فحسب، ونحن لن نتمكن من معالجة القضايا الشاملة فيما يخص التحيز ضد المرأة والتمييز على أساس العرق عندما يكون بالكاد لدينا فريق مختص بمسائل التنوع والاندماج، وحين لا نقدم الدعم لذلك الفريق، ولن نتمكن من معالجة هذه المسائل إذا لم نتتبع عدد النساء والأشخاص من الأعراق المختلفة الذين يشغلون مستويات مختلفة من المناصب في الشركة، كم عدد النساء والأشخاص من الأعراق المختلفة الذين يحصلون على ترقية؟ إلى ماذا تشير الأرقام التي بحوزتنا فيما يخص المساواة في الأجور؟ وأمور من هذا القبيل. لذلك، يجب التعامل مع هذه المسائل كما نتعامل مع أي هدف آخر في الشركة، أي ينبغي أن يكون لدينا خطة واستراتيجية ومواعيد مرحلية ثابتة ومؤشرات أساسية للنجاح. وأنا لا أرى ذلك يحدث في الحقيقة.

اقرأ أيضاً: تبعات حركة #أنا_أيضاً

إيمي غالو: صحيح، نتطرق خلال حديثنا مراراً وتكراراً نوعاً ما إلى النساء اللواتي تشغلن مناصب قيادية في المؤسسات بالتوازي مع مسألة سلوكيات التحرش، هل يمكنك التوضيح لمستمعينا ما هو الرابط بين هذين الأمرين؟ ولماذا نتحدث عنهما معاً؟

ماريان كوبر: أجل، تعد بيئات العمل التي يسيطر عليها الرجال أكثر احتمالاً لاحتضان سلوكيات التحرش، تلك السلوكيات التي تعتبر أيضاً أكثر احتمالاً لأن تحدث ضمن المؤسسات التي لا تشغل الكثير من النساء فيها مناصب قيادية. إذاً، تتمحور الفكرة حول أنه إذا شغلت المزيد من النساء مناصب قيادية، فإنّ البيانات تنحو باتجاه إعطائنا معدلات منخفضة من سلوكيات التحرش. هنالك ربما بعض العوامل المختلفة حول أسباب انخفاض تلك المعدلات، لكن غالباً ما ينطوي الأمر على أنّ تلك النساء تمتلكن سلطة أكبر في المؤسسات. إذا فكرنا في بيئات العمل التي يسيطر فيها الذكور على نحو مفرط بالفعل، فإنّ ما نشرته سوزان فولر على مدونها حول أوبر وما كان يحدث هناك على أرض الواقع، يمثل بالضبط البيئة من ذلك النوع، حيث تكون الغالبية العظمى من أعضاء فريق العمل فيها من الذكور ويتنافسون كثيراً فيما بينهم ويعملون على تقويض بعضهم الآخر، وتحصل بالتالي مشكلات مثل التحرش. والمصطلح التقني لتلك العوامل المشتركة والمؤثرة هو “العوامل المزدوجة”. لذلك، عندما يكون هنالك المزيد من النساء في المناصب الإدارية العليا، فإنّ ذلك يخلق بيئة مختلفة بالكامل.

إيمي غالو: حسناً، دعينا نتحدث حول ما الذي تغير في العام الماضي، فقد ازداد عدد الشركات والمؤسسات التي تحدثت حول سياساتها المتعلقة بتلك السلوكيات وأعادت النظر فيها، هل فهمت ذلك على نحو صحيح؟

ماريان كوبر: شرعنا في جمع البيانات فقط، لذلك ليس لدينا أي تحليل طولي (longitudinal analysis) إلى الآن، لكن من المثير للدهشة أنه عندما نسأل ما إذا كانت الشركات قد بدأت بتوضيح سياساتها بخصوص مسألة التحرش، فإنّ 60% فقط من الموظفين يقولون أنّ شركاتهم بدأت بذلك. ما نفكر فيه في المقابل هو أنه في أعقاب حملة #أنا_أيضاً ربما ينبغي أن تكون النسبة 99%، وهو ما يُظهر مجدداً هذا الانفصال الحقيقي بين ما هو حي وجيد في ثقافتنا وفي مجتمعنا وما يحدث على أرض الواقع داخل المؤسسات. يصعب توضيح هذا الانفصال ونجده مثيراً للاهتمام نوعاً ما، ولا بد من ذكر أنه يكون لدى الشركات عادة سياسات خاصة لمسألة سلوكيات التحرش، لكن هنالك فجوة بين ما تنص عليه تلك السياسات وما يحدث على أرض الواقع، من الواضح إذاً أنّ وضعها محل التنفيذ هو أمر صعب.

إيمي غالو: أجل، كيف تفسرين التباين بين ما يحدث خارج المؤسسات، أي ضمن المجتمع، وما يحدث داخل الشركات بالتحديد؟

ماريان كوبر: باعتقادي إنّ الموظفين يؤدون العمل الذي يُتوقع منهم تأديته، وإنهم يؤدون العمل الذي يكافؤون عليه. يُظهر هذا باعتقادي إنّ المدراء على وجه الخصوص، لا يعتبرون ضمان خلق ثقافات آمنة، وضمان وجود عامل التنوع ضمن فرقهم، وتعزيز نوع من المناخ المتنوع والشامل داخل الشركات جزءاً من أهداف الأداء. وما أعنيه هنا هو إذا لم يكن هدف الحد من سلوكيات التحرش مدرجاً ضمن قائمة أهداف الأداء الخاصة بهم، فإنهم لن يعيروا ذلك الاهتمام الكافي وسيركزون فقط على ما هو ضمن القائمة، وهذا كناية عن عدم اتساق في الأهداف.

اقرأ أيضاً: هل انخفضت نسبة التحرش في العمل منذ حركة #أنا_أيضاً؟

إيمي غالو: إحدى النتائج التي تدعو إلى الاهتمام هي التباين بين ما يتصوره الرجال وما تتصوره النساء حول ما تفعله مؤسساتهم، أي كيف وضعت تلك المؤسسات السياسات محل التنفيذ، كيف يمكنك تفسير ذلك التباين؟

ماريان كوبر: لاحظنا التباين بعدة طرق مختلفة، ومن خلال الأجوبة على العديد من الأسئلة المتنوعة ضمن ذلك التقرير. يوجد نوع من الاختلاف بين “قصة الرجل” و”قصة المرأة” حول ما يحدث على أرض الواقع داخل الشركات، إذ كان لدينا على سبيل المثال السؤال التالي: في حال أبلغت عن التحرش، فهل سيكون ذلك مجدياً أم غير مجدي؟ وبالإضافة إلى هذين الخيارين، أعطينا المجيبين مجموعة متنوعة من الخيارات للاختيار من بينها، وكانت النتيجة أنّ 50% من النساء تعتقدن أنّ ذلك سيكون مجدياً، في مقابل 70% من الرجال أعطوا الخيار ذاته. وكان لدينا السؤال الآخر التالي: هل تعالج السلوكيات غير اللائقة تجاه النساء بسرعة؟ أفادت 30% فقط من النساء أنّ ذلك صحيح، مقابل حوالي 50% من الرجال. لدينا إذاً هذه الفوارق الكبيرة حقاً بين الرجل والمرأة، التي تشير فقط إلى وجود اختلاف في التجارب على أرض الواقع، والتي لربما تشير أيضاً إلى الافتقار إلى فهم جميع أنواع التصرفات المختلفة التي يمكنها خلق ما قد نسميه بالسلوكيات العدوانية البسيطة أو السلوكيات غير اللائقة، أي بعض أنماط السلوك لا يُنظر إليها بالطريقة ذاتها من قبل بعض الرجال وبعض النساء.

إيمي غالو: استناداً إلى هذه النتائج، ما الذي تودين قوله لمستمعينا، وخاصة القادة منهم؟

ماريان كوبر: باعتقادي إنّ عليهم تناول هذه المسألة كما يتناولون جميع المسائل الأخرى المتعلقة بأهداف شركاتهم، وهذا مهم من منظور تحقيق النتائج للشركة، بمعنى أنه عندما يكون الفريق متنوعاً أو عندما تتسم المؤسسة برمتها بالتنوع، وفي حال سُخر ذلك التنوع، فإنّ ذلك الفريق وتلك المؤسسة سوف يميلان إلى تقديم أداء أفضل، كما أنها مسألة عدالة وإنصاف في المقام الأول. تتفوق النساء على الرجال في تحصيل درجات التعليم العالي منذ أوائل الثمانينيات، إذ تمثلن نسبة 57% من الحاصلين على درجة البكالوريوس. فإنّ المشكلة الحاصلة إذاً ليست بسبب عدم وجود نساء جديرات، ولن تُحل تلك المشكلة من تلقاء نفسها، بل إنها تتطلب تدخل بنّاء حقاً. ما أود إضافته هو ملاحظتنا بأنّ أكبر فجوة بين الرجال والنساء فيما يخص الترقية تنطوي على تلك الخطوة الأولى صعوداً من مستوى المبتدئ إلى منصب المدير، وأرى أننا غالباً ما نعمل على محاولة حل المشكلة من أوراقها وليس من جذورها. لذلك، وبينما نحن بحاجة إلى التركيز على النساء في المناصب القيادية وعلى النساء ذوات الإمكانات العالية، فإنّ ما نحتاج إلى التركيز عليه فعلاً هو تلك الخطوة الأولى صعوداً، وضمان أنه ليس لديك فوارق كبيرة فعلاً في الترقية بين الرجال والنساء طوال مسار عملك كقائد أو قائدة وطوال عمر مؤسستك. ينبغي تتبع تلك البيانات ومراقبتها، وحاولوا معرفة ما يجري لكي تتمكنوا من إيجاد حلول للمشكلات، واخلقوا التغيير الحقيقي الذي يمكن أن يدوم على المدى الطويل ضمن المؤسسات التي تترأسونها.

إيمي غالو: صحيح، أود العودة إلى الفكرة التي ذكرتها منذ قليل بأنّ 50% فقط من النساء تعتقدن بأنّ الإبلاغ عن سلوكيات التحرش أمر مجدي، لأننا قدمنا حلقة في موسم سابق من هذه المدونة تحدثنا فيها عن حملة #أنا_أيضاً، حيث قالت خلالها جوان ويليامز، الباحثة القانونية النسائية، إنها تشجع الناس بالفعل ولأول مرة على الإطلاق على الإبلاغ عن حالات التحرش. استناداً إلى ما ترينه في هذه الدراسة، ينتابني الفضول ما إذا كانت نسبة الإبلاغ عن سلوكيات التحرش ترتفع بالفعل، وما هي نصيحتك إلى النساء اللواتي تفكرن في الإبلاغ؟

ماريان كوبر: بالتأكيد، أرى أنّ جوان محقة بشأن حدوث شيء من التغيير، فإننا عندما ننظر في التاريخ فيما يخص هذه المسألة، نجد أننا في وقت أفضل بكثير من أي وقت مضى. باعتقادي إنّ هناك المزيد من النساء اليوم تتحدثن عن تلك السلوكيات، وهناك المزيد منهن ترين جدوى من الإبلاغ عنها، كما تتزايد عدد المؤسسات التي أصبحت تدرك بأنها تواجه مشكلة خطيرة وبحاجة إلى معالجتها. إذاً، تُعتبر جميع تلك العوامل مهمة ومواتية للغاية عندما يتعلق الأمر بالحديث حول هذه المسألة. هنالك حقيقة محزنة على الرغم من ذلك، وهي أنه غالباً ما يتم الانتقام من النساء اللواتي تبلغن عن حالات التحرش. لذلك، أفضل ما يمكن للمرأة فعله إذا ما تعرضت للتحرش هو الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات بحيث يمكنها اتخاذ أكثر قرار مدروس ممكن، وأعني هنا أخد المشورة من المحامي، ومعرفة السياسة التي تتبعها المؤسسة بخصوص قضايا التحرش، ومعرفة كيفية الإبلاغ عنه. وتكون الشركة عادة قد عرضت الخطوات التي تنطوي على عملية الإبلاغ في مكان ما، أو أنّ هناك شخصاً ما في الشركة يعلم بتلك الخطوات. وأيضاً، وثّقي جميع الأحداث، وهذه هي النصيحة الأهم التي سيقدمها الآخرون لك حتى يكون لديك سجل بما حدث، من كان حاضراً هناك؟ هل لاحظ شخص آخر ما حدث؟ سجلي التواريخ واحرصي على حفظ تلك الوثائق في المنزل وليس في مكان العمل، فإذا تعرضت لسلوك انتقامي مفاجئ، سيكون بإمكانك الوصول إليها. احتفظي بأشياء مثل الملف الشخصي لك لأنّ ما يحدث غالباً عندما تتقدم المرأة بإبلاغ هو أنهم يلاحقونها ويمسون بشخصيتها، محاولين الطعن بمصداقيتها، والإشاعة أنّ أداءها منخفض. إذاً، عليك الاحتفاظ بجميع الوثائق الخاصة بك في مكان آمن، وأكرر أنّ النصيحة القانونية مهمة دائماً. باعتقادي، ينبغي التفكير أيضاً في نقطة أساسية، ألا وهي في حال لم يتكلم أحد حول سلوكيات التحرش، فلا يمكننا المضي قدماً. ويجب أيضاً دعم الشخص الذي يبلغ عن تلك السلوكيات، واتباع إجراءات منصفة لإجراء تحقيق دقيق، لأنه إذا تحدثت واحدة من النساء اللواتي تعرضن للتحرش وعملت شركتها على إسكاتها، أو جعلتها توقع على نوع من أنواع اتفاقيات عدم الإفشاء، فسوف يُسكت ذلك النساء الأخريات. أسمع أنّ ما تقوله النساء وغيرهن اليوم هو أننا لا نريد الصمت، سوف نستمر في كشف تلك السلوكيات، لكن علينا أن نتضامن مع بعضنا البعض لمواصلة ذلك. يتمثل قلقي الأكبر في عدم استغلال هذه الأوقات المهمة والمفصلية، التي لا يمكنها الدفع بنا قدماً نحو أفضل ما يمكن تحقيقه من نتائج إذا لم نتكاتف معاً، لأنّ القوة الموازنة الوحيدة حقاً تتمثل في التفاف النساء ومن يدعمهن حول بعضهم البعض.

إيمي غالو: كنت أشاهد ما يحدث خلال 18 شهراً مع منتج الأفلام هارفي وينشتاين (الذي اتهم بالتحرش)، وحملة #أنا_أيضاً، وعليّ الاعتراف بأنني اعتقدت أنّ الأمور سوف تتغير كثيراً بعد عام من ذلك. هل يمكنك مساعدتي أنا شخصياً على فهم سبب عدم حدوث فرق على هذا الصعيد؟ إنه شعور محبط، ويحدوني الفضول لمعرفة كيف تتعاملين مع هذا الإحباط بنفسك، بصفتك امرأة منخرطة جداً في هذه القضية.

ماريان كوبر: إنّ التحيز ضد المرأة، ومعاداة المرأة، والعنصرية، جميعها مسائل متأصلة بعمق في ثقافتنا، وتجدينها متغلغلة فيها نوعاً ما. وحقيقة أنّ الناس بدؤوا الحديث حول تلك المسائل لا يعني إبطالها تلقائياً، أعني أنّ هنالك مجموعة من القناعات الثقافية السائدة مثل تلك القائلة إنّ النساء هن اللواتي يختلقن هذه الأمور. إذا كنا نتحدث فقط حول سلوكيات التحرش على سبيل المثال، فهناك دراسات حول اتهامات خاطئة، لكن تلك الاتهامات الخاطئة حول التحرش هي بقدر تلك الاتهامات الخاطئة حول أي مسألة أخرى. إذاً، هناك قناعات على نطاق أوسع بأنّ النساء تختلقن تلك الأمور بطريقة ما، أو أنهن لا يقلن الحقيقة، أو أنهن يردن تحقيق مكاسب اجتماعية خاصة بهن. يصعب حقاً القضاء على كل ذلك، كما يصعب تقبّل نظرة المجتمع تلك التي تخفّض من قيمة النساء، كما يستعصي تقبّل حقيقة أنّ الكثير من الناس لا يعتقدون أنّ العديد من تلك السلوكيات تمثل مشكلة كبيرة، في حين أنها كذلك فعلاً. لذلك، نحن نمر بأوقات تحول ثقافية، حيث ينبغي وضع معايير جديدة وتطبيقها، وليس من السهل إحداث ذلك، فأي جهة هي التي يُسمع صوتها؟ وأي جهة تنطق بالحقيقة؟ جميع تلك الأمور مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالتحيز ضد المرأة والعنصرية والطبقية وما إلى ذلك. أرى في جوهر الأمر أنّ هذه الأوقات حيوية وثورية وسوف تحدد الطرف الذي يمكنه التحدث والطرف الذي سوف يُسمع له، ولا يُحسم كل ذلك في غضون 18 شهراً، لأننا نطلب من الكثير من أصحاب السلطة المشاركة، وما يخبرنا به التاريخ والتجارب السابقة أنّ هذا لا يحدث بتلك السهولة، وأنّ الطلب بلطف لا يؤدي عادة إلى إحداث تغيير كبير. إذاً، الأمر أشبه بأن تعمل النساء وغيرهن من الذين يتمتعون بالسلطة بالضغط على الآخرين وحثهم بقول أمور مثل: “من الرائع أنك وقعت على التعهد بعدم تكرار هذا أو ذاك، ولنرى ماذا يحدث على أرض الواقع”. هذا النوع من التغيير يتطلب من جميع المؤسسات، حرفياً، على اختلاف أشكالها الانخراط فيه، لكي نتمكن نحن من رؤية انخفاض حقيقي في نسبة التحرش المتفشي، بما في ذلك جميع الجامعات لدينا، وهذا ليس بالأمر البسيط. لكنني في الوقت نفسه أجد أننا وصلنا إلى مرحلة أفضل من أي وقت مضى، وأرى أنه عندما يصدق الناس بالفعل أنّ هذا يحدث ويفهمون حجم المشكلة، فإنّ ذلك يدفعهم إلى التصرف حيالها. إذاً، نأمل أن نكون قد دخلنا في مرحلة تحوّل، إذا صح التعبير، فيما يتعلق بهذه القضية. ولا أعتقد أنه يمكن لمثل هذه الأمور أن تتحسن بقدر كبير خلال أشهر أو سنوات قليلة، لكن أطفالنا قد يشهدون ذلك.

إيمي غالو: أجل، لنواصل العمل إذاً.

ماريان كوبر: أجل.

إيمي غالو: حسناً، شكراً جزيلاً لك.

ماريان كوبر: شكراً لك.

نيكول توريس: كما ذكرت ماريان، ما زالت الشركات تعمل على استخلاص وصياغة السياسات الصحيحة لوضعها محل التنفيذ، وتنظر في كيفية إنفاذها بفاعلية. ولكن بغض النظر عما تفعله الشركات، ينبغي على الموظفين، رجالاً ونساء، اكتساب المهارات والتحلي بالثقة للاستجابة لسلوكيات التحرش.

إيمي بيرنستين: تعمل سارة بيلي على تدريب القادة والموظفين على كيفية الاستجابة للسلوكيات غير السليمة ومنعها من الحدوث في شركاتهم. وتعمل أيضاً على تأليف كتاب يتناول بعمق كيفية التعامل مع سيناريوهات معينة قد نواجهها جميعاً في العمل. وانضمت إلينا لتحدثنا عمّا قد نقوله عند تعرضنا لمختلف المواقف الصعبة.

إيمي غالو: شكراً جزيلاً سارة على انضمامك إلينا.

سارة بيلي: شكراً لكم على استضافتي.

إيمي غالو: سارة، لقد استمعت إلى حواري مع ماريان كوبر، وأحب معرفة ما الذي أثار انتباهك فيما يخص تلك النتائج؟ هل ترين الواقع ذاته بخصوص عدم حدوث تطور كبير على مدار العام الماضي؟

سارة بيلي: أرى الشيء نفسه من حيث التقدم البطيء، وأعتقد أنّ أحد التحديات التي تواجهنا هو أنه عندما ننظر إلى هذه القضايا من منظور ثقافي أو شامل، أو حتى من منظور تنظيمي، فإننا نرى التقدم البطيء ذاته. لكنني أجد أنّ تلك الثقافة بحاجة إلى إجراء نقاشات حولها، وأنه عندما نشارك الناس في نقاشات من هذا النوع وندربهم على كيفية إجرائها، تتولد رغبة كبيرة لديهم في تعلم كيفية التصدي لتلك القضايا بطريقة مختلفة. إنّ الأمر يستغرق وقتاً فحسب.

نيكول توريس: ما الذي تقصدينه بالنقاش هنا؟

سارة بيلي: ما أعنيه هو إجراء نقاشات حول الثقافة التي تسمح بحدوث سلوكيات التحرش. أعتقد أننا نولي اهتماماً فعلياً لحالات التحرش في بعض الأحيان، الذي يقودنا بعد ذلك إلى إجراء نقاشات حول القوانين المتعلقة بما حدث، وما يمكن أن يحدث، وكيف يجب التعامل معه. تلك النقاشات التي نجريها مع بعضنا البعض مهمة حقاً وهي بمثابة نقاشات مزعزعة يمكنها خلق بعض التغيير الذي ينبغي إحداثه في مجتمعنا، والتي سوف تخلق ثقافة أكثر أماناً وشمولية بالنسبة إلى الجميع.

نيكول توريس: صحيح، ما هي المهارات التي نحن بحاجة إليها لنكون أفضل في تعريف الموقف عندما يحصل أمر سيئ؟

سارة بيلي: التعاطف، أي رؤية العالم من خلال عيني شخص آخر. عندما يحدث موقف ما، تتجلى اختلافات كبيرة في الطرق التي يدرك الأشخاص من خلالها ما مروا به في الموقف نفسه أو المحادثة نفسها، فقد يقول أحدهم: “يا إلهي، إنها مجرد دعابة”، بمعنى، من يكترث بذلك؟ أو ما هي المشكلة في ذلك؟ بينما يقول آخر: “إنها ليست المرة الأولى، وإنها دعابة غير مرغوب فيها، وقد تعرضت إليها تلك الفتاة من شخص أكبر منها”. وهنالك أمر آخر، ألا وهو هل يوجد ذلك التوقع بأن يتدخل أحدهم، أعتقد أنّ الناس يرون أنه ينبغي عليك كشف تلك السلوكيات عندما تعلم تماماً ما ينبغي عليك قوله. كما يعتقد الناس أنّ الشخص الذي يقدم على تلك الخطوة سيشعر بإحساس رائع، كما لو أنه بطل خارق. لكنني أرى أنّ ذلك الاعتقاد مجرد خرافة ورسالة غير حقيقية ننشرها للآخرين. والحقيقة هي أنك ستشعر بالانزعاج على نحو مريع، وستشعر أنّ نبضات قلبك تتسارع، وستتساءل ما إذا كنت محقاً أم لا، ستختبر جميع تلك الأمور وستدور الكثير من الأفكار في رأسك. بغض النظر عما إذا كنت رجل أو امرأة، يُعد الدخول في تلك المواقف ومحاولة منعها أمراً غير مريح على الإطلاق. وفي حال توقع المرء أن يكون الحال غير ذلك، فالحقيقة هي أنه لم يختبر التدخل من قبل. سيشعر الناس بالارتياح عند يقينهم بذلك، ومن المؤكد أنّ منح الناس فرصة للتدريب، ذلك التدريب على الامتثال المصمم ليعرض لك ما هي السلوكيات التي تمثّل تحرشاً وما هي غير ذلك. ولا ينبغي تشريح المحادثة التي سمحت بذلك السلوك أن يحدث، لذلك، أنت بحاجة إلى دفع الناس لممارسة تلك الأنواع من النقاشات مقدماً حتى يكونوا مستعدين للوقوف بجانب بعضهم الآخر لكي يشعروا بالأمان والراحة. إنني أسعى إلى جعل الناس يطرحون الأسئلة من أجل خلق بيئة بحيث لا يشعر الناس وسطها أنهم يشعرون بالحرج، إذ إنني أسمعهم يطرحون أسئلة من قبيل: هل هنالك مشكلة في الإطراء على شخص ما؟ إنني أسمع أشخاصاً يطرحون هذا السؤال، وأسمع الكثير من الشكوى حوله. وأسألهم حينها: ماذا تعنيه بالإطراء؟ إذ إنّ الإطراء يبدو أمراً رائعاً. إذاً، في حال طُرح سؤال ما، لنعمل على تشريح ذلك السؤال، لأنه يحدث في كثير من الأحيان نوع من سوء الفهم حول المقصود من السلوك مقابل أثره، أو يحدث أن يُفهم أنّ هنالك سلوكين صحيحين في الوقت نفسه. هنالك الكثير من الأسئلة حول الإبلاغ عن التحرش وحول كيفية فهم سبب صعوبة الإبلاغ عنه، ولكن دعونا لا ننسى في الوقت نفسه أنه في حال عدم الإبلاغ، لا يمكن للمؤسسات اتخاذ إجراءات ضد سلوكيات التحرش، ولا شك أنّ تلك الأمور ليست سهلة ومريحة تماماً.

إيمي بيرنستين: عندما تجدين نفسك تتعاملين مع رجل جاهل أو مذنب حتى، كيف تصلين إلى تلك اللحظة التي يمكنك خلالها قول شيء بالفعل؟ كيف تفعلين ذلك؟ كيف تحققين تلك القفزة؟

سارة بيلي: ينطوي ذلك على الكثير من التدريب، والنقاش الذي يندرج تحت بند التدخل ومنع التحرش في الحالة التي تكونين فيها أنت الضحية، فإنني أرى أننا نضع توقعات غير واقعية تجاه ما قد يقوم به الناس من حولنا. وتجديني أفكر في كثير من الأحيان، أين أصدقاء هذا الشخص؟ هل لهذا الشخص أي أصدقاء هنا بحيث يمكنهم التدخل لمنع سلوكه، أو ربما يولون اهتماماً لما يحدث؟ أو تجديني أبدأ في التفكير بأنني لست الشخص الوحيد الذي يتأثر بهذا الموقف، فهل هناك أشخاص آخرون يمكنني إشراكهم في هذا إلى جانبي؟

إيمي غالو: هل يمكنك أن تروي لنا حادثة حصلت معك حيث قمت بإشراك أشخاص آخرين كانوا بالقرب منك؟

سارة بيلي: بالتأكيد، كنت في رحلة سفر من أجل إلقاء كلمة، وكنت متعبة جداً، وكان يومي حافلاً، لذلك اعتزمت الذهاب لتناول العشاء، حيث رغبت بالاستمتاع بما هو حولي فحسب. لكن هناك، بدأ رجل بالتحدث إليّ، وحاولت في البداية قول أمور مثل: “كلا” و”شكراً لك”. قال لي: كيف كان العشاء؟ قلت له : “رائع، إنه رائع، أود العودة إلى ما أعمل عليه”. لكنه أصر على طرح الأسئلة عليّ، فاستدرت نحوه وقلت له: “اسمع، أريد فقط الاستمتاع بالعشاء بمفردي”. ثم قال: “أنا لا أريد إزعاجك، لكنك تشبهين إحدى الممثلات”. بدأ هنا بالحديث حول مظهري، لكنك تشبهين إحدى الممثلات”. وسألني بعدها: “ماذا تعملين؟” وأجبته إنني أعمل على تدريب المدراء والموظفين في أماكن العمل على كيفية التعامل مع مسائل التحرش. لكن ذلك لم يردعه أيضاً. في تلك اللحظة، لاحظت أنّ هنالك سيدين محترمين يجلسان على يميني، وقد لاحظا ذلك الموقف وأظهرا نوعاً من الاهتمام من خلال ابتسامتهما الخفيفة. علمت حينها أنني لست بمفردي في ذلك الموقف، ووجدت نفسي أوجه الحديث لهذين الرجلين سائلة إياهما التالي: “ما هي الكلمة التي ستقدمانها غداً في المؤتمر؟” لا أعلم في حقيقة الأمر ما إذا كان لديهما مؤتمر أم لا، لكنني اختلقت الأمر فحسب. ثم وجدتهما ينخرطان معي في الحديث، وما نتج عن ذلك هو أننا أوقفنا سلوك ذلك الرجل من الاستمرار، وأُتيحت لي مساحة لالتقاط أنفاسي قليلاً. اتضح لي أنه في ذلك المكان بالذات قد دُرب الموظفون على التعامل مع هذه المواقف، فعندما أراد ذلك الشخص طلب الشراب لي، لم يسمحوا له بذلك، واستجابوا لي على الفور عندما طلبت دفع الحساب. بعد ذلك، قدمت شكوى لدى المدير على تصرف ذلك الرجل.

إيمي بيرنستين: بعدما انتهى ذلك الموقف بالكامل نوعاً ما، هل تحدثت إلى الرجلين اللذين ذكرتهما؟

سارة بيلي: أجل، توقفت وأنا في طريقي للمغادرة، وقلت: “شكراً لكما، ما فعلتماه كان رائعاً لأنكما أوقفتماه عن الاستمرار في إزعاجي، وأنا واثقة من أنكما لا تريدان لذلك أن يحدث”. أعتقد أنني تعاملت مع الأمر على نحو إيجابي للغاية، فعندما عدت إلى غرفتي في تلك الليلة، كنت ما زلت أشعر بالنشاط والطاقة حيال الأمر برمته. ولأنني لاحظت القميص الذي كانا يرتديانه والشعار الذي عليه، بحثت عن الشركة التي يعملان فيها، وقد كانت شركة كندية. ثم أرسلت رسالة إلكترونية إلى الرئيس التنفيذي، وقلت له: “أريد فقط أن أشكرك على سلوك موظفين لديك، إذ أنهما يمثلان شركتك على أحسن وجه، وأرجو أن ترسل شكري إلى المعلمين الذين درسوهما في المدرسة الثانوية وإلى آبائهما وإلى أي شركة عملا فيها سابقاً، لأنهما قاما بعمل جيد مثّل الجميع.

إيمي غالو: صحيح، أدهشني ما قلته حول غرابة أن يكون تصرف الشخص الذي يتعرض للتحرش إيجابياً وفعالاً، إذ عندما أتعرض شخصياً لمثل تلك المواقف، أشعر بأنه كما لو يصيبني الجمود، وبأنني وحيدة تماماً. إذاً، أعتقد أنّ الأمر يتعلق بالتواصل مع الآخرين بالنظر نوعاً ما، ذلك من أجل أن يقدموا لك المساعدة ولكي يعلموا أنك بحاجة إلى ذلك، أي باختصار، البحث عمن قد يساعدك في ذلك الموقف.

سارة بيلي: بالتأكيد، ومعرفة أنك لست بمفردك. في اليوم التالي لتلك الحادثة، كنت جالسة مع أحد الزملاء الذي كان حاضراً أيضاً في المدينة لحضور المؤتمر نفسه، محاولة استخلاص المعلومات حول مثل تلك المواقف، وقال لي إنه رأى ذلك الموقف يتكرر أمامه مرات عدة، ولكنه لا يعلم غالباً ما الذي يجب قوله ولا كيف يقوله، ويتجنب أن يبدو وكأنه يحاول استلطاف شخص ما. إذاً، هنالك نوع من الشعور بالإحراج يحدث حولنا، لكنني أعتقد أنه يمكن إجراء نقاشات فاعلة أكثر مقدماً، وتشجيع الآخرين على التدخل بإحدى الطرق مثل شراء شراب للشخص المتحرش وإبعاده إلى الطرف الآخر من المقهى. أو يمكن إجراء نقاش مع الشخص الذي يتعرض للتحرش وسؤاله ما إذا كان بخير، وهل هو بحاجة إلى أي مساعدة، كما يمكنك تنبيه أحد العاملين في المقهى. هناك الكثير من الأمور التي يمكن للشخص فعلها، وما ذكرته هو مجرد مثال، كما أرى أنّ هناك الكثير من الأمثلة المشابهة التي تحدث في مكان العمل.

نيكول توريس: أتساءل حول مدى اختلاف الأمر في مكان العمل، حيث أرى أنّ ذلك النوع من التدخل سيكون أكثر صعوبة لأنّ الموظفين من حولك يعرفون الطرف المسيء أيضاً، وقد لا يرغبون في التدخل وتفسير ما يحدث على نحو سيئ لأنهم لا يريدون عزل زميلهم. لذلك، أرى أنّ الأمر مختلف عن المقهى، أي عندما ترين هناك شخصاً غريباً ويتصرف بغرابة، وتعتزمين التدخل. أما في مكان العمل، ألا تعتقدين أنّ الأمر أكثر صعوبة لأنك تعلمين أنّ الجميع من حولك سيكون منخرطاً في الأمر؟ هل ينبغي التصرف بطريقة مختلفة؟ هل لديك نصيحة بخصوص هذا النوع من الحالات؟

سارة بيلي: أرى أنّ ذلك يجعل الأمر أكثر صعوبة بالفعل، لهذا السبب أرى أنّ التدريب مقدماً على إجراء هذه النقاشات يتيح للموظفين فهم دورهم في هذه المسألة، وأن يكونوا على وفاق حولها. هنالك سيناريو أسمعه كثيراً حول مندوبات مبيعات شابات، حيث تلتقين بأهم العملاء على العشاء، وتحدث خلال تلك اللقاءات بعض السلوكيات غير اللائقة من قبل العملاء. قد يفترض الزملاء أنّ تلك الشابة مسيطرة على ما يجري، لكن ينبغي أن يكون لهم دور في ذلك، ويجب أن يجري على طاولة العشاء تلك النوع الصحيح من النقاش أو التدخل، ولكن “الجزء الأكبر” من ذلك النقاش ينبغي أن يحدث قبل التعرض لتلك السلوكيات. بمعنى، هل تعلم تلك الموظفة أنّ مديرها يقف بجانبها؟ هل أخبر المدير موظفيه بأنه لا ينبغي عليهم قبول السلوكيات غير اللائقة ويريد دائماً أن يعلم بها في حال حدثت؟ ما هي السياسات المتبعة في قسم المبيعات، وما هو شكل الحوافز؟ هل يعلم الموظفون أنّ الرئيس التنفيذي للشركة يقف بجانبهم وأنه على استعداد للتواصل مع نظيره في شركة ذلك العميل المسيء ويخبره بأنّ إحدى الموظفات لديه على سبيل المثال قد تعرضت لإساءة؟ إذاً، عندما يجري المدير جميع تلك النقاشات اللازمة وبعضاً من تلك السيناريوهات في وقت مبكر، فإنه بذلك يساعد موظفيه على الشعور بالتمكين خلال تلك اللحظات. لأنهم سيعلمون، كما ذكرنا سابقاً، بأنّ هنالك مَن يساندهم، لكن الوقت الأمثل الذي ينبغي أن يعلم فيه الشخص المعني بأنّ هناك من يسانده هو ليس خلال وقوع الحادثة، بل قبل وقوعها.

إيمي غالو: لكن خلال تلك اللحظات، سمعت الكثير من الرجال يقولون بأنهم لم يستطيعوا فهم ما يجري، أي لم يكن واضحاً ما إذا كانت تريد المساعدة، وما إذا كانت منفتحة على قبول التدخل، بالإضافة إلى أنهم لم يكونوا واثقين بأنهم لن يشعروها بالضعف إذا ما تدخلوا.

سارة بيلي: أسمع ذلك كثيراً، وما أفكر فيه حينها هو أنّ التدخل في مثل تلك المواقف يمثل جانباً من جوانب ثقافة الشركة، ولا يتعلق الأمر بالشخص نفسه. لذلك، على الشخص معرفة ما إذا كان لا يريد العمل ضمن شركة، حيث لا يجري التحقق من تلك السلوكيات وردعها، ومجدداً، ينطوي ذلك على ما إذا جرت نقاشات فيما يخص التدخل، بقول أمور من قبيل: أنا زميل لك هنا وأريد معرفة ما هي الأمور التي لا تشعرك بالراحة. لأنني سأعلم حينها أنه إذا حاول شخص ما إزعاج زميلتي، فإنّ منعه من ذلك يقع على عاتقي، ويمكنني قول: “لا تزعجها”.

إيمي غالو: صحيح، ويبدو أنّ ذلك ليس أمراً سهلاً.

إيمي بيرنستين: كنت أمرّ بموقف حيث يريد أحد الأصدقاء السلام عليّ بحرارة، وأنا لا أرغب بذلك، وكانت النتيجة أنني قلت له ذلك بوضوح، لأنني سئمت فعلاً.

سارة بيلي: أقول عادة للرجال في مثل تلك المواقف “ألا تريد السلام بحرارة على الرجال أيضاً؟”. ذلك لجعلهم يدركون تصرفاتهم، وسؤال أنفسهم، هل يريد ذلك الشخص السلام بحرارة؟

إيمي بيرنستين: إذاً، لنقل أنّ هنالك شخصاً ما أبلغ عن حادثة لإدارة الموارد البشرية، ما الذي ينبغي توقعه؟ ما الذي يجب أن يحدث؟

سارة بيلي: هنالك نوعان من الإبلاغ، الأول هو عندما يبلغ شخص ما عن حادثة وقعت معه، والثاني هو عندما تمرين على سبيل المثال بمكتب المدير وترينه بموقف غير لائق مع موظفة مبتدئة، وتقررين حينها القيام بالتصرف الصحيح، ولكنك ربما لا تملكين مهارة التدخل التي يتطلبها ذلك الموقف. فيكون لديك الخيار في تلك اللحظة، إما التدخل أو عدم التدخل، أو ربما قول شيء بعد تلك الحادثة أو عدم قول شيء على الإطلاق. ولكن دعونا نفترض أنك قررت الذهاب إلى إدارةالموارد البشرية والإبلاغ عما رأيته، ما سيحدث غالباً هو أنك ستجرين محادثة مع المسؤول هناك، ولكنك ربما لا تعلمين ما رأيته بالضبط. من وجهة نظري، أرى أنك فعلت الأمر الصحيح بالإبلاغ عن الحادثة، لكن ربما يكون الطرفان متوافقان على ذلك، وربما تحدثا حول الأمر ذاته الذي تتحدثين عنه، أو ربما لديهما قصة مختلفة. ربما أساء ذلك المدير التصرف، لكن الموظفة لا تريد الإبلاغ عن الحادثة أو التأكيد على أنّ ذلك حدث بالفعل. لكن مجدداً، هنالك نوع من عدم الارتياح يترافق مع الإبلاغ عن مثل تلك الحوادث، إذ إنك ربما لن ترين نتيجة إبلاغك وقد يكون الأمر محبطاً أحياناً، خاصة إذا كنت لا تعلمين ما الذي سيحدث بعد ذلك، فعادة لا يجري موافاتك بالمستجدات، ويكون عليك بعدها الانخراط في العمل معهما. ربما ينظر إليك المدير تلك النظرة التي قد تشعرك بأنها غريبة بينما تحضرين كوب قهوتك، وتسألين نفسك ما إذا كان يعلم أنك الشخص الذي تحدث إلى إدارة الموارد البشرية حول ما حدث في ذلك اليوم، ويُخلق سيل من مشاعر عدم الارتياح. ولا يزال الخيار أمامك أيضاً بعدم الإبلاغ والذهاب إلى منزلك آملة أنّ يكون ذلك الشخص في المكتب قادراً على الإبلاغ في حال كان يحدث أي أمر سيئ. إذاً، هنالك خيارات عدة أمامك، والتحدث إلى تلك الموظفة هو من أحد تلك الخيارات، بحيث يمكنك إجراء محادثة لطيفة معها لمعرفة ما حدث، إذ لا شك أنّ الإبلاغ عن ذلك النوع من الحوادث يمثل تحدياً.

إيمي غالو: سمعت قصة مؤخراً عن عدة أشخاص يعملون معاً في إحدى المؤسسات والذين ذهبوا لتقديم شكوى إلى إدارة الموارد البشرية حول سلوكيات زميلهم في العمل. وقد صرّح قسم الموارد البشرية والإدارة بعد ذلك بأنهم حققوا في الأمر وانتهى، وبقي ذلك الرجل في عمله. لذلك، عندما نتحدث حول توقعاتنا عند الإبلاغ عن التحرش، هنالك مشاعر سلبية كثيرة تحيط بها، وتحيط بالأمر ككل. إذ بقي الرجل في عمله بعد جميع تلك الإبلاغات عن سلوكه، فما الذي كان ينبغي على أولئك الأشخاص توقعه من إدارة الموارد البشرية؟

سارة بيلي: من الصعب قول ما الذي كان يجب على شخص آخر فعله بعد وقوع الحادثة، لذلك، فأنا حذرة جداً فيما يتعلق بأخذ مكان شخص ما أو اتخاذ قرارات عنه. إلا أنني سأكون مهتمة بمعرفة ما الذي أُبلغ عنه وما الذي جرى توثيقه، وما إذا كان هنالك نوع من الخضوع للمساءلة التي لن تكون واضحة بالنسبة إلينا. فإذا حدث وأُقيل ذلك الشخص، فإنّ الأمر سيكون جلياً، أما التنبيه فلن يكون كذلك. يكمن التحدي في أنّ هنالك ثلاثة أشخاص الآن مقابل شخص واحد قد وُجه إليه التنبيه، ما يعني أنه إذا حدث وجرى الإبلاغ عنه ثانية فإنه سوف يفقد عمله. لكن ما من أحد سوف يبلغ عن سلوكه ثانية، لأنّ شبكة من الأشخاص الذين يتهامسون سوف تكون قد خُلقت، وسوف يقولون بأنهم أبلغوا عنه،

إيمي غالو: ولم يحدث شيء.

سارة بيلي: لكن إدارة الموارد البشرية لم تُقدم على فعل أي شيء، ولم يُتخذ أي إجراء، ما جدوى الإبلاغ إذاً. ولن يؤثر ذلك على الحالة المذكورة فحسب، بل سوف يطال حالات أخرى، إذاً، تنطوي الثقة بين إدارة الموارد البشرية والموظفين على تحديات حقيقية، ومن الجدير بالذكر أنّ تجنب النقاش حول المسائل المتعلقة بالثقة لن يحسّن الواقع. ويمكنك أيضاً تشبيه الأمر بالثقب الأسود عندما تنخرطين فيه، حيث يكتنفه الغموض، ويحدث ذلك لعدة أسباب مختلفة. إذ تحدث الكثير من تلك المواقف خارج نطاق الحماية القانونية للشركة، لكن هنالك الكثير من الأمور يمكننا فعلها على المستوى الفردي وعلى مستوى المدراء وقادة الفرق، ذلك لخلق إحساس بالمسؤولية فيما يخص السلوكيات والعلاقات بين أعضاء فرق العمل.
نيكول توريس: في مثل هذه الحالات، هل تنصحين الشخص الذي أبلغ عن الحادثة ولم ير أنّ شيئاً تغير، بأنّ يتحدث مع المدير أو إدارة الموارد البشرية بغية طلب المزيد من المعلومات؟

سارة بيلي: بالتأكيد، إذا أردت الاطلاع على ما حدث أو في حال رغبت في الوصول إلى فهم أفضل حول تلك المسألة، فيمكنك طلب التوضيح، قد لا تحصلين على ما تريدين، وربما يشعرك ذلك بالإحباط. ولكن يمكنك أيضاً السؤال حول سبب عدم تقديمهم للمزيد من المعلومات، وطرح السؤال التالي: “في حال حدث أمامي أي موقف من هذا القبيل، هل تريدون معرفته أم لا؟”. وقد تفكرين بما يمكنك توثيقه أيضاً، ولا بأس في التنحي جانباً بعد ذلك والاعتراف بأنك لا تثقين في إدارة الموارد البشرية أو في الشركة ذاتها.

إيمي غالو: بالنظر إلى الإحصائيات التي تكلمنا عنها سابقاً حول أنّ هنالك عدداً قليلاً من النساء تثقن بأنّ تلك المسائل سوف يجري معالجتها على نحو مناسب، كيف يمكن لمدير الموارد البشرية زرع الثقة بمفرده في نفوس أولئك الذين يمكن أن يبلغوا عن مثل تلك الحالات؟

سارة بيلي: لا يُعتبر ذلك أمراً سهلاً، وما أعنيه هنا هو أنّ بناء الثقة يحتاج إلى الوقت والثبات تجاه تلك المواقف. كما ينبغي أن نحمل توقعات معقولة حول الأمر، وسؤال أنفسنا بشأن الأمور التي يمكننا أن نكون واضحين حولها، وما هي درجة الشفافية التي يمكننا منحها على أساس ثابت.

إيمي غالو: أجل، يبدو لي أنه يمكن لمدير أو مديرة الموارد البشرية طرح موضوع للنقاش، بحيث يشاركه بصورة منتظمة ويُعلم الموظفين بأنه أمر يهتم بمعالجته.

سارة بيلي: هذه طريقة رائعة. أحد الأمثلة التي أطرحها هو إذا كنت في نزهة وكان هنالك خمسة مدراء موارد بشرية في شركتك، بحيث يرتدي أحدهم قميصاً كُتب عليه عبارة تدين التحرش، أما الآخرون فيرتدون قمصاناً رياضية عادية، فمن هو المدير الذي ستبلغينه بأي حادثة تحرش قد تحدث، ومن الذي سيشعرك بالراحة أكثر بإبلاغه؟ والحال ذاته إذا كان هنالك مدير يُظهر مساندته ودعمه للناجين من إحدى حوادث الاعتداء والتحرش. وعندما نفكر بعدد الأشخاص الذين قد يرغبون في العمل في الشركة التي يعمل فيها ذلك المدير، وخاصة من أولئك الذين تعرضوا للتحرش في مكان آخر، فإنّ الأمر سيكون بمثابة فوز يسهل تحقيقه، بمعنى أنّ ذلك المدير يكون قد أوضح بأنّ هذه الشركة ليست مكاناً تسمح بأن يعاني فيها الموظفون بتلك الطريقة. وأكرر بأنه يسهل تطبيق تلك الطريقة.

إيمي بيرنستين: ذكرت احتمال تكوّن شبكة من الأشخاص الذين يتهامسون حول سلوك أحدهم وما حدث عندما أبلغوا عنه، أتساءل ما قد تفعلينه في حال وجدت نفسك منخرطة بذلك. بمعنى أنه في حال سمعت ذلك، ما هو التصرف السليم في هذه الحالة؟ هل تشاركين في نقل ما سمعته؟ أو ما الذي قد تفعلينه؟

سارة بيلي: إذا ما سمعت تلك الأحاديث، سوف أكون مهتمة دائماً بالتأكد أنّ ذلك حدث أمامي مباشرة، في تلك الحالة لن يكون الأمر بمثابة نقل ما سمعت، بل إنه سيكون بمثابة نقاش ينطوي على كشف سلوكيات سيئة. إذاً، فإنني سأتناول الموضوع بطريقة مختلفة. لكن إذا سمعت أنّ ذلك الشخص يسيء بتصرفاته ولم يحدث ذلك أمامي، فإنني لا أميل إلى نقل ما سمعت، إلا إنني قد أنقل ذلك إلى صديقه، وذلك يعتمد أيضاً على ما إذا كنت على معرفة بذلك الشخص. لكنني لا أفضل التردد فيما يتعلق بالحديث حول تلك المسائل، ذلك بسبب خبرتي والخلفية المهنية التي أملكها، كما ألاحظ بأنني أحب وأقدّر عدم ترددي في مثل تلك الأمور. ربما أذهب إلى صديق ذلك الشخص وأقول له مثلاً: إنني أعلم أنكما صديقان، لذلك أريد إخبارك بأنّ صديقك أصبح شخصاً ممن لا تحبذ النساء العمل معه، وإذا كنت تهتم لأمره، فعليك التحدث معه بشأن ذلك.

إيمي غالو: صحيح، عندما يعلم ذلك الشخص بأنّ ذلك النوع من الحديث يدور حول صديقه، كيف يُفترض أن يتحدث مع صديقه الذي يُعتبر هو الشخص المتحرش، ما الذي ينبغي عليه قوله؟

سارة بيلي: لا يوجد شيء واحد فقط يمكنه قوله، ولا ننسى أنّ الأمر قد يأخذ منحى سيئاً. فلا يمكنه القول له مثلاً: لاحظت أنك تزعج زميلاتك في العمل. هل فكرنا مسبقاً بمثل هذه السيناريوهات، ذلك في سياق ما سمعناه من نقاشات على خلفية حملة #أنا_أيضاً؟ لهذا السبب أجد أنه من الجيد الخضوع إلى التدريبات، فقد يغضب ذلك الشخص عندما يسمع ذلك. لكنك في النهاية تقدمين له ملاحظات حول سلوكه، التي تُعتبر ملاحظات بالغة الأهمية. لا أرى أنّ هنالك الكثير من الناس يتحلون بالثقة الكافية للخوض في مثل تلك المواقف إلى الآن، لذلك، أعود إلى ما كنا نتحدث عنه حول البطء الذي نشهده في إحداث التغيير، وأعتقد أنّ الأمر يتكرر فيما يخص سؤال أنفسنا حول ما يمكن أن يقوله الشخص المتحرش. لكن إذا لم نستطع تخيل أنفسنا نخوض مثل ذلك النوع من النقاشات، فلا يمكننا تخيل العالم يتغير. لذلك، ينبغي علينا التدرب على ذلك، وسوف يحدث أن نتسبب بإحداث الفوضى في بعض الأحيان. لقد واجهت هذا الموقف، حيث كنت أعطي رأيي بسلوك أحد الأشخاص، وقلت له إنني قلقة عليه، وإنني أهتم لأمره، وتساءلت حول ذلك النوع من التفاعل الذي يجريه مع الآخرين. وقد غضب ذلك الشخص وانفجر في وجهي، ولكن ما أحاول تذكير نفسي به هو أنّ المخاطر موجودة بالفعل، إذ لم أرغب في أن ينفجر النقاش في وجهي، لكن ذلك حدث. لا ننسى أنّ حالة التوتر تلك موجودة أصلاً، وأنا لم أخلق تلك السلوكيات التي كانت تحدث، ولم أخلقها كذلك من خلال حديثي عنها، لكنني حرصت على ألا ينفجر ذلك التوتر في وجه شخص أضعف مني.

إيمي بيرنستين: لا تريدين أن تكوني في موقف ذلك الشخص الذي يتجنب خوض الصعوبات ويتجنب المساعدة.

سارة بيلي: صحيح،

إيمي بيرنستين: أجل.

إيمي غالو: أريد التحدث حول الانتقام، لأنني ألاحظ أنك تذكرين كثيراً الحاجة إلى التحلي بالشجاعة وتحمل المخاطر للتحدث في مثل تلك المواقف، وأعتقد أننا رأينا ذلك يحدث، خاصة مع النساء اللواتي تطرحن تلك المسائل، بحيث يجري الانتقام منهن من قبل المدير وأحياناً من قبل إدارة الموارد البشرية. أنا مهتمة بمعرفة كيفية تعاملك مع ذلك، وكيف تعلمين أنّ ذلك قد يحدث معك قبل تقييمك للموقف وما إذا كنت ستتحدثين؟

سارة بيلي: إذا كان الأشخاص الذين يتمتعون بقوة وسلطة أقل هم الذين يتعرضون لمثل تلك المواقف وبالتالي يتحدثون، فبالتأكيد سيكون هنالك انتقام، ويتمثل جزء من الحل في حشد أكبر عدد ممكن من المؤيدين. لكن الانتقام يحدث فعلياً، وما أؤكد عليه وما أنا واضحة بشأنه هو إذا اخترت عدم الإبلاغ، سيكون ذلك خياراً ممكناً أيضاً، وخياراً منطقياً بلا شك بالنظر إلى كل ما لدينا من تداعيات، وذلك ليس الانتقام المهني فحسب، بل أيضاً الانتقام الاجتماعي أو إذا ما كنت عانيت شخصياً من اعتداء أو تحرش ونجم عن ذلك إحساسك بمشاعر متهيجة حول بيئة العمل غير الآمنة وكنت تسعين إلى اتخاذ الخيار الصحيح ألا وهو رعاية نفسك. إذاً، أياً كان الخيار الذي تتخذينه فهو صحيح. دعونا نحاول حالياً تمكين المزيد من الموظفين، بحيث يمكنهم البدء في التعبير عن رفضهم والتدخل في الثقافة السائدة حتى لا نضطر إلى الاستمرار في مواجهة تلك الحوادث المتمثلة في الانتقام عند الإبلاغ. كما تلاحظون، يميل تركيزي دائماً على طرائق الوقاية.

إيمي غالو: لنقل أنك تشغلين منصباً قيادياً في إحدى المؤسسات وكنت مهتمة للغاية في إحراز تقدم على هذا الصعيد وتودين إجراء نقاشات استباقية فيما يخص هذه المسألة، لكنك عندما طرحت الأمر تلقيت ردود أفعال سلبية وقيل لك دعينا نركز اهتمامنا على مسألة أخرى، أي أنّ الموظفين استمروا في صدك. سؤالي هو :كيف يمكنك إحراز تقدم على الرغم من هذا التردد الذي ترينه لدى الموظفين من حولك؟

سارة بيلي: لن يكون هنالك نقاش واحد فقط، وينبغي إدراك أنّ إحراز التقدم ينطوي على سلسلة من النقاشات والطرق لتقريب وجهات النظر. لذلك، تجديني أميل إلى رؤية معظم التدريبات القائمة على التصدي للتحرش تنطوي على استراتيجية التواصل الداخلي، وإذا وضعت نفسي في موضع تحمل مسؤولية منع التحرش ومواجهته، وبناء استراتيجية التواصل الداخلي، فحينها سوف أفكر في زملائي وكيف يمكنني مساعدتهم على فهم المخاطر التي ستطال الإنتاجية. في حال لم تكن المؤسسة التي نعمل فيها تعير اهتماماً للسلامة النفسية، فلن نكون منتجين، إذ تنطوي تلك المسألة على بعض المخاطر المالية والقانونية التي ينبغي علينا فهمها حقاً، كما أنها تحمل مخاطر جدية متعلقة بالسمعة. ففي أي لحظة قد ينوي أحدهم الحديث والشكوى عن سلوكيات المؤسسة بصورة علنية، وستكون تكلفة ذلك أكبر بكثير من الاستثمار أكثر قليلاً في التدريب على تلك المسألة. إذا كنت تشرفين على عمل أحد الفرق وكان لديك الميزانية الكافية، فهنالك الكثير من الطرق التي يمكنك التفكير فيها لتناول تلك المسألة، ولست بحاجة إلى انتظار إدارة الموارد البشرية بالقدوم إليك مقدمة برنامج تدريب عبر الإنترنت، بحيث يكون إلزامياً للجميع. يمكنك البدء ببعض ذلك التدريب بنفسك، وسيكون معظمه متمحوراً حول النزاع الذي ينتج عن تلك المسألة، وصقل الآراء، وتدخل الشاهدين على التحرش. وستحققين مجموعة من المكاسب السريعة والسهلة في هذا الشأن، ومن الجدير بالذكر أنّ الأمر لا ينطوي بصورة كاملة على إيجاد الطريقة الأمثل للبدء بالتدريب، إنما ينطوي على خلق سلسلة من النقاشات للسماح باستمرار العملية. للتدريب على بعض تلك السيناريوهات وللحديث حول المسائل المختلفة ذات الصلة، سواء لمنع التحرش أو لمواجهته على مستوى الفريق، أنت لست بحاجة إلى انتظار مبادرة الرئيس التنفيذي للمؤسسة للبدء بهذا التدريب، ولست بحاجة كذلك إلى انتظار إدارة الموارد البشرية لتقديم تدريب على مستوى الشركة لإحداث التغيير المنشود في هذا الشأن.

إيمي غالو: نشرنا مقالة للكاتبة كاثلين كيلي ريردون التي تناولت طائفة متنوعة من سلوكيات التحرش، وفكرت بأنه يمكن فقط على سبيل المثال طباعة تلك المقالة وإجراء محادثة مع شخص أو اثنين في المؤسسة، وطرح أسئلة من قبيل: تحت أي بند تندرج هذه السلوكيات برأيك؟ ما الذي يمكننا فعله؟ ما الذي تقدمه مؤسستنا بهذا الشأن؟ ما أعنيه هو أنه يمكننا إجراء نوع من المستهلات البسيطة للمحادثات، ولكنك في الوقت نفسه تريدين الوصول إلى إحداث تأثير كبير، لذلك، سأقدر قولك بأنه يمكننا البدء بخطوة صغيرة،

سارة بيلي: أجل، يمكننا البدء بخطوة صغيرة.

إيمي غالو: وأن تكون توقعاتنا واقعية.

سارة بيلي: يمكننا أيضاً مشاركة هذا الموضوع عبر موقع لينكد إن، فعندما أجري مسوحات داخل المؤسسات، يدهشني عدد الأشخاص الذين يقولون بأنهم لم ينشروا أي شيء قط حول موضوع التحرش أو العنف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لا بأس في تخفيض سقف توقعاتنا.

إيمي غالو: خطوات صغيرة.

سارة بيلي: خطوات صغيرة.

إيمي بيرنستين: شكراً جزيلاً سارة على انضمامك إلينا اليوم.

سارة بيلي: أشكركم على استضافتي.

نيكول توريس: لدي الكثير من الأفكار.

إيمي غالو: أعلم ذلك.

إيمي بيرنستين: نيكول، أخبرينا عن بعض تلك الأفكار التي تدور في خلدك.

نيكول توريس: أوقفتني فكرة كيف يمكننا تحضير أنفسنا للتدخل في مواقف معينة، وكيف علينا إدراك أنّ التدخل لا يجلب معه الشعور بالارتياح، إذ إنه لا يمكننا التدخل ثم المضي ونحن نشعر بإحساس رائع. يتعين على الشخص الذي ينوي الانخراط في ذلك الموقف تحضير نفسه لتلقي تلك المشاعر المزعجة وغير المريحة والتعامل مع عدم اليقين. وكنت أفكر أنّ أحد تلك الأسباب التي تمنع الكثير من الناس من التحدث أو التي تجعلهم يشعرون بالخوف من الإقدام على ذلك، هو أنهم يكونون غير متأكدين مما يجري أمامهم. وما زلت أتساءل حول ما ينبغي فعله في تلك الحالة، وكيف يمكننا الحد من مخاوفنا إذا رأينا موقفاً ما، أو عندما لا نكون متأكدين مما نراه؟

إيمي بيرنستين: لدي مجموعة من الأفكار حول ذلك، تنطوي إحداها على تجنب الكلام بصورة مباشرة في حال كنا غير متأكدين مما يحصل، أي تجنب قول شيء من قبيل: اتركها وشأنها. يمكننا بدلاً من ذلك قول: مرحباً جوليا، تسرني رؤيتك، أود الحديث معك اليوم بشأن ذلك اللقاء. أي حاولي فقط فهم ما يجري هناك.

نيكول توريس: تلك نصيحة جيدة.

إيمي غالو: بالإشارة إلى ما قالته سارة، لدينا خيارات عدة هنا: التدخل فوراً، أو قول شيء ما لاحقاً، أو إبلاغ إدارة الموارد البشرية. بالنسبة إلي، فأنا أتناول الموضوع على أساس سؤال نفسي حول التصرف الصحيح الذي يمكنني فعله، ومن منطلق ما قالته سارة، فإنه ينبغي علينا فعل أمر ما، وقد لا يكون ما اخترت فعله هو التصرف الصحيح، إذا ربما تعودين بالزمن بعد خمسة أعوام وتقولين لنفسك أنه لربما كان عليّ تناول الأمر بطريقة مختلفة، أو قد يكون رد فعل الطرف الآخر عنيفة دون أن تحسبي لذلك حساباً. لكنني أعتقد أنّ التأمل كثيراً في اتخاذ القرار المناسب حينها يشلّ التفكير.

نيكول توريس: صحيح.

إيمي غالو: إنّ الحديث عن ذلك يقودني إلى التفكير في موقف حصل أمامي أثناء عملي سابقاً في إحدى الشركات، حيث كنا في حفلة كبيرة، وأذكر أنه كان هنالك رجل وامرأة منخرطان جداً في الحديث مع بعضهما البعض، وكان ذلك الرجل يزعج تلك المرأة بطريقة ما، لكن الموقف كان أقرب إلى تلك المواقف التي تجعلني أفكر بأنه لم يكن لدى المرأة مانع من الانخراط في ذلك، وفي الوقت نفسه، كان لدى ذلك الرجل نوع من السلطة عليها. ثم حصل نوع من تبادل الهمسات بين الحاضرين حول ما يجري، ولكن لم يتدخل أي شخص منا على الإطلاق. وحسبما أذكر، لم يُتابع أي أحد تلك الحادثة، لكنني عندما أرجع بالزمن إلى الوراء أقول لنفسي أنه كان عليّ قول شيء ما، أي لماذا لم أتدخل من باب الحيطة فقط، ولكن يصعب فعل ذلك حقاً.

إيمي بيرنستين: أجل، أجل، كما ذكرت سارة، إذا كان الطرفان متوافقان، فلا يمكنك التدخل بصورة مباشرة. في المقابل، يمكنك في تلك الحالة التحدث لاحقاً مع الطرف الأقرب إليك وإعلامه بأنّ الأمر كان واضحاً. لا أعلم، لن يكون سهلاً الإجابة على ذلك.

إيمي غالو: تعقيباً على ما قالته إيمي من ناحية تجنب الحديث بصورة مباشرة، يمكننا القول مثلاً: هل أنتما بخير؟ أو، ما الذي يجري هنا؟ ما أعنيه هو ربما التظاهر بعدم معرفتك بما يجري والاكتفاء بطرح أسئلة من ذلك القبيل أو الحديث بصورة غير مباشرة، وستكونين بذلك قد أتحت الفرصة للتوضيح أو طلب المساعدة.

إيمي بيرنستين: أجل.

إيمي غالو: أجل، ما أخشاه في مثل تلك المواقف، وقد تحدثنا حول ذلك سابقاً، هي العوامل التي تؤثر على الموقف، بمعنى أننا نريد في بعض الأحيان أن نكون واثقين مائة بالمائة مما نراه، أي أننا نريد التأكد من أنّ هنالك أمراً يجري بالفعل قبل التدخل. ومن شأن ذلك برأيي أن يعزز صمت الضحية أو المتفرج، وأنا أسمي ذلك فوضى في النهاية، إذ لن نصل إلى اليقين التام أو الوضوح التام حول ما يحصل بالضبط، أو أي من الطرفين هو المعتدي أو الضحية. إذاً، نحن بحاجة إلى الحديث حول ما يجري.

إيمي بيرنستين: تماماً، وفي الحقيقة إذا كنت لا تتمتعين بالقوة الكافية وحصل ذلك الموقف أمامك، فقد لا تدركين أنّ هنالك أمراً سيئاً يحدث. ما أعنيه هو أنه إذا حصل ذلك الموقف أمامك، قد تتهمين نفسك بأنك تميلين إلى الشك تجاه الآخرين، ربما تسألين نفسك: ما الذي يحدث؟ أو، ما الذي حصل للتو؟

إيمي غالو: قد أقول لنفسي: لا بد أنني أسأت فهمهما.

إيمي بيرنستين: أو ربما تقولين: هل صحيح ما أفكر فيه؟

إيمي غالو: أذكر بعد انتشار هاشتاغ #أنا_أيضاً، سألني أحد الزملاء ما إذا سبق وحصلت معي مواقف مماثلة، وما إذا اختبرت ذلك، أجبته بالنفي في البداية، ثم ذكرت له خمسة مواقف كانت قد حدثت معي، إذ أنني لم أفكر فيها حينها على أنها سلوكيات سيئة. أذكر الحادثة التالية عندما كنت أعمل استشارية، حيث كان لدي عميل أحب العمل معه، إذ كان شخصاً ممتعاً من بين جميع أولئك الذي انخرطت بالعمل معهم، وقد أحببت دائماً اللقاء به ضمن سياق اجتماعات العمل. وحدث مرة أن تصرف على نحو غير لائق، وأذكر أنني تظاهرت بعدها وكأن شيئاً لم يحدث. واستمرت علاقتنا على نحو جيد، إذ كان شخصاً رائعاً بصورة عامة. ما أريد توضيحه هو أنه كان من الأسهل عليّ كثيراً تجاهل الأمر مقارنة بالتصرف حياله بغية وقفه، وأعتقد أنّ النساء تحسبن حساب ذلك طوال الوقت.

إيمي بيرنستين: صحيح.

نيكول توريس: أجل، وهنالك عامل كبير يلعب دوره هنا، ألا وهو أنك قد لا تفكرين في الأمر على أنه تحرش أو سلوك غير لائق، بل قد تفكرين بأنه سلوك محرج فحسب. كأن يقول أحدهم كلمات غير لائقة على الإطلاق، وسيكون الموقف حينها محرجاً وغير مريح، لكنك ستفضلين تجاهله لحفظ ماء وجه الجميع، إذ إنّ المبالغة في رد الفعل سيكون لها وقع خطير وسيئ فعلاً. لكنني أعتقد أنّ هذا يحدث على نطاق أصغر في معظم الأوقات.

إيمي غالو: لسوء الحظ، ومن منطلق ما تعلمناه من البحوث التي نشرناها وما تعلمناه أيضاً من السنتين الماضيتين، أرى أنّ تلك السلوكيات المسيئة تتراكم وتتفاقم، وتخلق بالتالي بيئة تسمح بحدوث سلوكيات أكثر خطورة. وهذا ما يقلقني تجاه تجاهلي لمثل تلك السلوكيات في الماضي.

إيمي بيرنستين: انتهت حلقتنا لهذا اليوم والتي كانت حول التحرش في مكان العمل. أنا إيمي بيرنستين.

إيمي غالو: أنا إيمي غالو.

نيكول توريس: وأنا نيكول توريس. منتجة برنامجنا هي أماندا كيرسي، مدير الإنتاج السمعي هو آدم باكولتز، والمحررة المشرفة هي مورين هوك. الدعم التقني يقدمه لنا روب إيكارت، إيريكا تراكسلر تعمل على كتيبات المقابلات التي نجريها في برنامجنا، والمدقق اللغوي هو جي إم أوليجارز.

المصادر:
يمكنكم مراسلتنا عبر البريد الإلكتروني: [email protected]
موسيقى برنامجنا هي مقطوعة “سيتي إن موشن” لـ”مات هيل”، مقدمة من شركة أوديو نتورك لإنتاج الموسيقى (Audio Network).

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

Content is protected !!