كيف تتابع عمل فريقك دون الوقوع في فخ الإدارة التفصيلية؟

4 دقيقة
الإدارة التفصيلية
سفتازي/غيتي إميدجيز

تقع على عاتق القائد مسؤولية الحفاظ على وضوح رؤيته لأعمال فريقه، وهذا يعني أن يكون ملماً بالمشروعات التي تسير وفق المخطط وبالمواعيد النهائية التي تواجه تأخيرات وبكيفية توجيه الموارد واستثمارها. وعليه أن يمتلك القدرة على رصد المشكلات وحلها في وقت مبكر وأن يكون مستعداً لعرض أولوياته على المستويات الإدارية العليا في أي لحظة.

بيد أن توضيح رؤيتك لأعمال فريقك بالدرجة المناسبة قد يكون أمراً معقداً؛ فقلة المعلومات تعني تعرضك لخطر المشكلات المفاجئة أو اضطرارك للبحث عن تفاصيل غائبة عنك لحظة اتخاذ القرارات؛ إذا قلت المعلومات المتاحة أمامك، فستكون عرضة لمواجهة مشكلات غير متوقعة أو الافتقار إلى التفاصيل الضرورية عند اتخاذ القرارات. وفي المقابل، قد ينعكس التدخل المفرط سلباً عليك؛ فالمتابعة المستمرة وطلب التحديثات والرغبة في التعليق على كل صغيرة وكبيرة تجعل فريقك يشعر بأنك تمارس الإدارة التفصيلية. وقد يبدو هذا السلوك تحكمياً، خصوصاً عندما تتولى قيادة مدراء متمرسين يقدرون الاستقلالية ويمتلكون خبرة واسعة في مجالاتهم.

يدرك القادة الذين يتمتعون بأعلى درجات النجاح والفعالية أن وضوح الرؤية، أي القدرة على تتبع ما يحدث في مختلف مسارات العمل ونتائجها، لا يتحقق بمحض المصادفة، بل يستلزم إعداداً واعياً ونهجاً مدروساً بعناية. إليك كيفية البقاء على اطلاع دائم على مجريات الأحداث دون الوقوع في فخ الإدارة التفصيلية.

تصنيف المشروعات باستخدام شبكة الظهور

ابدأ بتنظيم العمل وفق عاملين أساسيين: (1) مقدار التفاصيل التي تحتاج إليها، (2) وتيرة التواصل المطلوبة. بذلك يمكنك مواءمة أسلوب إشرافك مع كل حالة على حدة، بدلاً من الاكتفاء بمستوى واحد من التدخل في المواقف كافة.

ابق على اطلاع على مجريات الأحداث دون الوقوع في فخ الإدارة التفصيلية

تحقيق التوازن المناسب بين الإشراف والاستقلالية هو أساس القيادة الفعالة. استخدم شبكة الظهور لتخصيص أسلوب إشرافك استناداً إلى مقدار التفاصيل التي تحتاج إليها ووتيرة التواصل المطلوبة.

المصدر: ميلودي وايلدينغ - هارفارد بزنس ريفيو

استخدم هذه الشبكة لتوضيح التوقعات لفريقك. أطلعهم على المعلومات التي تحتاج إليها وسبب حاجتك لها، مع ربط طلبك بأهميته لتسهيل عملهم. على سبيل المثال، يمكنك أن تشرح أن المتابعات المنتظمة تساعدك على رصد المشكلات في وقت مبكر لتفادي الأزمات المفاجئة أو أن التحديثات الدقيقة تمكنك من اتخاذ قرارات أسرع وإزالة العوائق. وعندما يدرك فريقك أن حاجتك إلى وضوح الرؤية تصب في صالحهم ستزداد الثقة المتبادلة بينكم.

دعنا نستعرض كيفية تطبيق هذا النهج عملياً من خلال مثال واقعي. خذ على سبيل المثال نائب رئيس قسم استراتيجية العلامة التجارية بشركة عالمية لمستحضرات التجميل، فريد، الذي يشرف على فريق مكون من 25 موظفاً. يتولى قطاع أعماله قيادة مختلف الأنشطة بدءاً من مشروعات الابتكار طويلة الأمد وصولاً إلى إطلاق المنتجات والحملات التسويقية المستمرة.

تفاصيل مكثفة، وتواصل عالي الوتيرة

هذا عمل بالغ الأهمية يتطلب متابعة دقيقة لأن أي تأخير أو خطأ أو غموض في البيانات قد يترتب عليه عواقب جسيمة. وقد تحتاج في مثل هذه الحالات إلى تقارير يومية تبرز المؤشرات الرئيسية والعوائق وتقدم تنبيهات فورية عند ظهور بوادر المشكلات، فضلاً عن تيسير المتابعات المنتظمة مع المسؤولين المعنيين.

بالنسبة إلى فريد، يشمل هذا المربع طرح منتج جديد مرتبط بالإعلان القادم عن الأرباح. إنه جهد بالغ الحساسية تنخرط فيه أطراف متعددة التخصصات ضمن جداول زمنية مضغوطة. يلتقي فريد أسبوعياً بقادة المشروع، ويتلقى تقارير يومية عن الحملة، ولديه قناة مباشرة مع مدير البرنامج للإبلاغ عن أي مشكلات في أسرع وقت ممكن.

تفاصيل مكثفة، وتواصل منخفض الوتيرة

يشمل هذا المربع عادة المشروعات الأكبر والأبطأ في وتيرتها. وبالنظر إلى تعقيدها وأهميتها، تبقى التفاصيل جوهرية، لكنك لست بحاجة إلى متابعة كل قرار عن قرب؛ فتوثيق الإنجازات الرئيسية أو تقديم مراجعات للمراحل الأساسية أو العروض التقديمية ربع السنوية تتيح لك تصحيح المسار مبكراً إذا تغيرت الأولويات أو استلزم الأمر موازنات جديدة.

يضع فريد مبادرة تغيير تموضع العلامة التجارية التي تمتد عامين في هذا التصنيف؛ فهي تتطلب أشهراً من البحث، لكن دون تغييرات كثيرة من أسبوع إلى آخر. ويريد أن يكون على اطلاع على مجريات الأحداث عند النقاط المفصلية، مثل تطوير إطار جديد للرسائل، كما يشارك في جلسة تخطيط تستمر ساعتين مرة كل 8 أسابيع.

تفاصيل محدودة، وتواصل عالي الوتيرة

تحتاج هذه المشروعات إلى متابعات سريعة ومنتظمة لضمان بقائها على المسار الصحيح، لكنها لا تستلزم تحليلاً معمقاً في كل مرة. وغالباً ما تكون المتابعة الخفيفة كافية للتأكد من عدم إغفال أي تفاصيل. على سبيل المثال، قد يكفي اجتماع يومي أو أسبوعي مدته 15 دقيقة، أو ملخص عبر الرسائل الإلكترونية في شكل نقاط موجزة.

في حالة فريد، تندرج حملات التسويق عبر المؤثرين ضمن هذا التصنيف؛ فثمة محتوى جديد يقدم على نحو متواصل ومدفوعات تستلزم المعالجة باستمرار. ولا يتطلب الأمر تدخلاً معمقاً في كل مرة، غير أن فريد يريد أن يبقى على إلمام عام بالوضع حتى يكون مستعداً للإجابة عن أي استفسار يطرحه مديره.

تفاصيل محدودة، وتواصل منخفض الوتيرة

هذا العمل قائم بذاته في الغالب، ويمكن للقائد الابتعاد عنه دون مخاطرة كبيرة أو عواقب سلبية. لا حاجة لاجتماعات متكررة أو متابعات مستمرة؛ فالتحديثات قليلة ومتباعدة، وغالباً ما تظهر عند الوصول إلى إنجاز مهم أو عند وقوع خلل.

يصنف فريد تغييرات تغليف المنتجات الموسمية وإعادة طلب رموز المخزون الأعلى مبيعاً ضمن هذا المربع. وتمثل هذه المهام قيمة للمشروع، بيد أن أعضاء الفريق المتمكنين يتولون إدارتها وفق إجراءات معتمدة وواضحة. ويقرر فريد أنه لا يحتاج سوى إلى إشعار عندما تطرأ عقبة مثل تأخر أحد الموردين أو مسألة قانونية تتطلب تصعيداً.

حدد معايير واضحة للتحديثات

بعد أن تنظم مشروعاتك باستخدام شبكة الظهور، عليك أن توضح توقعاتك لفريقك.

احرص على الوضوح التام بشأن ما تحتاج إليه من فريقك، ومتى تحتاج إليه، وبأي وسيلة تفضل تسلمه؛ فمن دون هذا التوجيه، قد يقدم حتى أكفأ الأعضاء معلومات غير متسقة أو غير مفيدة. حدد بدقة الشكل والتوقيت اللذين تفضلهما. فبدلاً من أن تقول لهم ببساطة: "أرجو إطلاعي على المستجدات"، قل: "يرجى إدخال أرقام تراجع العملاء المحدثة في لوحة المتابعة الخاصة بنا بحلول اليوم الخامس من كل شهر، وسأتولى مراجعتها على نحو مستقل لاحقاً".

اضبط مستوى إشرافك استناداً إلى طبيعة المشروع والأشخاص المعنيين به. ما سجل إنجازاتهم؟ وإلى أي حد يلتزمون ويتحملون المسؤولية؟ فإذا كان لديك مدير ينجز مهامه باستمرار، فبإمكانك خفض وتيرة التحديثات وعمقها لتتأكد من حصولك على ما تحتاج إليه. وفي المقابل، قد يتطلب الأعضاء الجدد أو ضعيفو الأداء إشرافاً أوثق، ولو مؤقتاً على الأقل.

في بعض الحالات، ينبغي أن تكون حاسماً في بيان أن وضوح الرؤية الذي تطلبه ليس اختيارياً. على سبيل المثال: "بما أن مجلس الإدارة يتابع هذا الأمر من كثب، فحجم التفاصيل الذي أطلبه ليس اختيارياً. كيف يمكنني أن أسهل عليك تقديمه؟"

يساعدك استخدام شبكة الظهور على الموازنة بين متابعة المستجدات وضمان تيسير سير العمل؛ فبهذا الأسلوب تحافظ على مستوى إشراف دقيق في المشروعات البالغة الأهمية، بينما يحصل فريقك على مستوى الاستقلالية الذي يتطلع إليه في المسؤوليات الأقل خطورة. تذكر أن هذا مسار متغير يتطلب مراجعة دورية؛ إذ قد ينتقل ما كان يحتاج إلى تفاصيل مكثفة وتواصل عالي الوتيرة إلى فئة التفاصيل المحدودة والتواصل المنخفض الوتيرة مع تقدم المشروع ونضوجه. لذلك تحل بالمرونة واستعد لتعديل نهجك وتعديله متى استدعى الأمر.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي