كيف نجحت إحدى الرئيسات التنفيذيات في قيادة عملية التحول الرقمي؟

16 دقيقة
قيادة عملية التحول الرقمي
shutterstock.com/whiteMocca

أجرت هارفارد بزنس ريفيو مقابلة صوتية (بودكاست) مع نانسي مكينستري، الرئيسة التنفيذية لشركة "وولترز كلوار" (Wolters Kluwer) حول قيادة عملية التحول الرقمي.

نجحت مكينستري في تحويل أعمال شركتها نحو ابتكار منتجات رقمية على مدار 15 عاماً. بدأت هذه الشركة الهولندية متعددة الجنسيات في الثلاثينيات من القرن التاسع العشر كدار نشر، أما الآن فإن 90% من إيراداتها تأتي من عملها في مجال التحول الرقمي. توضح لنا مكينستري كيف حافظت شركتها على الاستثمار في ابتكار المنتجات، وكيف تعلمت التحلي بالصبر عند التعامل مع تبني المستهلكين للمنتجات والخدمات الجديدة ببطء، كما أنها تقدر دور التنوع المتزايد في نجاح شركتها. احتلت مكينستري مرتبة أفضل امرأة على قائمة "هارفارد بزنس ريفيو" للرؤساء التنفيذيين الأفضل أداء في العالم لعام 2019.

إليكم مقتطفات من هذه المقابلة الصوتية:

النص:

كيرت نيكيش:  مرحباً بكم في برنامج "آيديا كاست" المقدم من هارفارد بزنس ريفيو (HBR IdeaCast). معكم كيرت نيكيش.

يعد التغيير أمراً صعباً، لكن التحول الرقمي أصعب،

وغالباً ما تفشل عملية نقل التكنولوجيا والأفراد والمنتجات في الشركة نحو المستقبل. وقد وجدت دراسة استقصائية حديثة أن أقل من ثلث محاولات التحول الرقمي قد نجحت في تحسين أداء الشركة والحفاظ على النمو.

نتحدث في حلقتنا لهذا اليوم إلى إحدى الرئيسات التنفيذيات التي تقود التحول الرقمي لشركتها بنجاح،

تشغل نانسي مكينستري منصب رئيسة مجلس الإدارة والرئيسة التنفيذية لشركة "وولترز كلوار". بدأت هذه الشركة الهولندية متعددة الجنسيات العمل كدار نشر في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر، وقد تطورت لتصبح شركة عالمية تقدم خدمات المعلومات. عندما أصبحت مكينستري الرئيسة التنفيذية في عام 2003، كانت نسبة الإيرادات المحققة للشركة من المنتجات الرقمية تصل إلى 31%، أما اليوم، فقد وصلت النسبة إلى 91%، كما تضاعف سعر سهم الشركة على مدى السنوات الثلاث الماضية.

يعد هذا الأداء بمثابة السبب الأهم لتصنيف مكينستري كأفضل امرأة على قائمة "هارفارد بزنس ريفيو" للرؤساء التنفيذيين الأفضل أداء في العالم لعام 2019. وهي تنضم إلينا الآن، أشكرك نانسي على وجودك معنا.

نانسي مكينستري: شكراً لاستضافتي.

كيرت نيكيش: بدأت حياتك المهنية في مجال تقديم الاستشارات الإدارية، ثم شغلت عدداً من المناصب في شركة "وولترز كلوار"، وأدرت في النهاية أعمال الشركة في أميركا الشمالية. هل كان لديك دائماً طموح قيادة شركة كبيرة من خلال شغل منصب الرئيس التنفيذي؟

نانسي مكينستري: كلا، لم أكن أفكر بذلك. لقد بدأت رحلتي بالرغبة في الانخراط بالسلك الدبلوماسي عندما كنت في الجامعة، ثم درست في مجال علم الاقتصاد عن طريق الصدفة، وقد وجدت الأمر رائعاً. إذاً، فقد انتقلت من الرغبة في الانخراط في مجال السلك الدبلوماسي إلى مجال الأعمال، ودخلت "كلية كولومبيا للأعمال" (Columbia Business School). من هناك، بدأت العمل في شركة "بوز ألن هاملتون" (Booz Allen Hamilton)، وهي شركة استشارية في نيويورك،  وكان ذلك في منتصف أو أواخر الثمانينيات، امتداداً إلى أوائل التسعينيات من القرن الماضي. كان ذلك الزمن رائعاً حقاً للعمل في شركة استشارية، حيث حدث هذا النوع من الالتقاء بين وسائل الإعلام والتكنولوجيا والاتصالات، من خلال الإنترنت والاتصالات الصوتية عبر الإنترنت وغيرها.

عملت على الكثير من الأمور المثيرة للاهتمام بالفعل، مثل العمل على إيجاد حلول لمشكلات معقدة جداً. إذاً، ما تعلمته من ذلك في البداية هو الاستناد إلى البيانات إلى أقصى درجة، لأن البيانات موجودة في كل مكان، سواء كنت تتحدث عن العملاء، أو عن المنافسين، أو كنت تعمل على تحليل الأرقام، فإنّ البيانات هي التي ستقودك في النهاية نحو الحل إلى حد بعيد.

كما تعلمت ألا أخاف من المشكلات، لأن ما تتعلمه في هذا النوع من العمل هو أنّ كل مشكلة يمكن تجزئتها، وبالتالي، معظم المشكلات لها حلول، فإذا شرحت المشكلة ووصلت إلى الأسباب الجذرية، يمكنك حينها إيجاد الحلول. أضف إلى ذلك تعلمك لاحترام وتقدير العمل الجماعي إلى حد بعيد، لأنه ما من أحد يعمل بمفرده في مجال الاستشارات، بل إنه مجهود جماعي بالفعل. تلك هي الدروس التي اكتسبتها طوال حياتي المهنية.

كيرت نيكيش: ما هي المهارات الشخصية الأخرى التي تعلمتها خلال ذلك الوقت، والتي تشكرين نفسك عليها اليوم؟

نانسي مكينستري: يندرج الكثير منها تحت بند مهارات التواصل، دائماً ما أكرر القول بأن ما تعلمته من خلال حصولي على شهادة جامعية في العلوم الإنسانية قبل الالتحاق بماجستير إدارة الأعمال، بالإضافة إلى العمل في مجال الاستشارات، هو أن أصبح كاتبة متمكنة جداً، وأعتقد أن هذه المهارة لا تزال مهمة للغاية في مجال الأعمال. بالإضافة إلى كيفية التواصل مع الآخرين حول الاستراتيجية بطريقة يفهمونها، وبطريقة يمكن أن تحفزهم على الاستجابة.

لكن خلال الوقت الذي بدأت فيه الدراسة في الجامعة، لم أكن أعلم حتى على ماذا ينطوي عمل الرئيس التنفيذي، لذلك، لم أكن أطمح أبداً إلى هذا المنصب حتى وقت لاحق من حياتي المهنية.

كيرت نيكيش: لم تبدئي حياتك المهنية في التفكير بذلك، لكن متى علمت أنك تريدين شغل هذا المنصب؟

نانسي مكينستري: حين أصبحت الرئيسة التنفيذية، كنت أدير أكبر وحدة عمل في الشركة، التي كانت متخلفة عن الركب بالفعل. لم يكن أداء الشركة جيداً من الناحية المالية بصورة خاصة، وكانت متأخرة فيما يتعلق بالتوصل إلى حقيقة أن الإنترنت سيكون له تأثير بالغ على العمل.

لذلك، فقد كنت أشعر بالقلق الشديد بشأن الشركة، وأردت حقاً المضي قدماً بطريقة معينة، وتمكنت من تحديد ما سأفعله من أجل الشركة عندما أصبحت حقيقة تولي للمنصب واضحة. وأقدر حقاً مجلس الإدارة لأنني كنت أول شخص غير هولندي يشغل هذا المنصب في تاريخ الشركة، إذ أعتقد أن الأمر تطلب قدراً كبيراً من الشجاعة ليقولوا: حسناً، سوف نمنح هذا الشخص فرصة.  بالإضافة إلى أنني امرأة، لكن المسألة المتعلقة بأنني لست هولندية كانت جوهرية بالفعل. في تلك اللحظات، شعرت بالفخر لإتاحة الفرصة لي لقيادة الشركة.

كيرت نيكيش: يا له من إرث، صحيح؟

نانسي مكينستري: لكنني أيضاً شعرت بإحساس كبير بالمسؤولية بأنه علينا التحرك بسرعة، ووضع مجموعة من الخطط الاستراتيجية، وإلا لن نتمكن من إنقاذ الشركة. ما كان يحدث في ذلك الوقت هو الكثير من عمليات الاندماج في هذا القطاع، ويعود سبب ذلك إلى الإنترنت وتأثيره الكبير عليه. لذلك أكرر أن ما شعرت به هو الفخر بالإضافة إلى الشعور الكبير بالمسؤولية تجاه النجاح.

كيرت نيكيش: نظراً لأنك أميركية، هل تعتقدين أنّ هذا صنع فرقاً؟

نانسي مكينستري: أجل.

كيرت نيكيش: هل تظنين أن هذا أحدث فرقاً، أو ما هو أثره؟ هل صنعت صفاتك الأميركية أي فرق؟

نانسي مكينستري: لا أعتقد أن الجنسية لها أهمية في حد ذاتها، لكنني أعتقد أن ما أتاح لي تحقيق ذلك هو أنني كنت من داخل الشركة، نظراً لأنني كنت أدير وحدة أعمال أميركا الشمالية، فقد كنت أفهم العمل جيداً، وأعلم ما نحن بحاجة إلى فعله. لكن يعود ذلك أيضاً إلى حقيقة أنني مختلفة، فأنا لست هولندية وامرأة، وأستطيع إدارة الشركة بطريقة مختلفة تماماً، حيث أمتلك أفضل ما في العالمين، بمعنى أنني كنت من داخل الشركة، لكنني من خارج البلد.

لقد انتقلت مع عائلتي إلى هولندا وتمكنت من إجراء التغيير بطريقة أرى أنه يصعب للغاية على رجل هولندي إحداث المستوى نفسه من التغيير وبالسرعة نفسها.

كيرت نيكيش: إنها رحلة مذهلة،  فقد توليت المنصب في عام 2003، وهذه مرحلة مبكرة نوعاً ما بالنسبة إلى الاقتصاد الرقمي. واجتزت مرحلة الركود الاقتصادي الكبير، الذي كان له أثر بالغ على شركات النشر وصناعة المحتوى، كما نجحت في التحول الرقمي، وتشهدين نمواً كبيراً في السنوات الأخيرة. إلى ماذا يعود الفضل في ذلك؟

نانسي مكينستري: هنالك عدة أمور، لكن الأكثر أهمية هو الابتكار، لأنك إذا نظرت اليوم إلى ما نفعله، وما سأقوله يعود إلى اهتمامي بالاقتصاد، وفكرت في مرحلة التحول الأولى المتمثلة في الانتقال من الطباعة إلى النشر الرقمي، وإذا فكرت فقط في أخذ كل هذا المحتوى وإتاحته عبر الإنترنت، فإن ذلك لا يخلق أي تراكمات ربحية، وكانت تلك هي المرحلة الأولى. ويمكنني القول إن تلك التراكمات الربحية قد تقلصت، لأنه كان عليك الاستثمار في نوعين من النماذج، وكان ذلك عملاً مجهداً بالفعل، وأنا ممتنة إلى كل موظف في شركة "وولترز كلوار" لأنهم عملوا بجد لتحقيق ذلك.

أما إذا نظرت اليوم إلى التحول التالي، الذي كنا نعمل عليه في هذه المرحلة، فإن الفضل يعود إلى إيجاد الحلول المتخصصة،  وهذا هو المكان الذي نجمع فيه بين المحتوى أو الخبرة في المجال مع التكنولوجيا. نحن نعمل على تطوير الوسائل وتقديمها إلى زبائننا، التي تعطيهم قيمة بالغة الأهمية، سواء كان الأمر يتعلق بالإنتاجية أو الأفكار أو النتائج الأفضل، فإن ما نسعى إليه هو تقديم نتائج ملموسة إلى زبائننا. ساعدنا هذا التحول...

كيرت نيكيش: من المعلومات إلى الخدمات، أليس كذلك؟

نانسي مكينستري: خدمات وبرمجيات، صحيح. على أن تأتينا حوالي 50% من عائدات اليوم من هذه الحلول المتخصصة، حيث إن ذلك التحول يرفع مستوى التراكمات الربحية. وما هو مثير للاهتمام بالنسبة إلي كرئيسة تنفيذية، وبالنسبة إلى موظفينا بكل تأكيد، هو أن هذه المرحلة التالية من التحول الرقمي مثمرة حقاً، لأننا نضيف قيمة أكبر بكثير لزبائننا، وفي الوقت نفسه، يمكننا رؤية التراكمات الربحية في ازدياد، وبالتالي، سيكون هناك المزيد من الاستثمار للدفع قدماً نحو المزيد من النمو.

كانت المرحلة الأولى تلك حاسمة لأننا لم نكن هنا اليوم من دونها، لكن في الوقت نفسه، كان هنالك عمل شاق أوصلنا إلى هذه المرحلة الثانية. وقد أتى ذلك العمل الشاق بثماره، وأعتقد أن الجميع في الشركة يرون الآن ثمار تلك الجهود التي بُذلت، والتي كانت مطلوبة في بداية مرحلة التحول.

كيرت نيكيش: أجل، ما هي الصعوبات التي انطوت عليها تلك الرحلة؟ ما أعنيه هو أنّ ذلك يبدو ناجحاً للغاية عند النظر إليه، وقد تحدثت عن وجود رؤية لديك لتحقيق ذلك النجاح، لكن لا بد من مرور بعض الأيام السيئة أيضاً.

نانسي مكينستري: أجل. يمكنني القول إن الصعوبة انطوت على استمرار الطباعة لفترة طويلة بالفعل، لا يزال لدينا اليوم بعض الأقسام التي تعمل رقمياً بنسبة 65% فقط. أما في بداية هذا التحول، وفي حال طرحت علي هذا السؤال في عام 2003، كنت سأقول إن الصعوبة تتعلق بالأجيال، إذ ساد التفكير بأنه عندما يأتي الجيل التالي من الأطباء والشركاء، فإن الطباعة سوف تختفي برمتها.

لكن الأمر لم يحدث بهذه الصورة. لذلك، كان الأمر الصعب هو إدراك أنّ طريقة عمل زبائننا تدور حول حالات استخدام فردية. إذاً، ما الذي يحاول الزبائن إنجازه؟ في بعض الحالات، وإلى اليوم، سترى أطباء شباب يرتدون تلك المعاطف البيضاء ويخرجون كتاباً للبحث عن أمر ما.

إذاً، فقد قرر الزبون أن الطباعة ما زالت أنجع وسيلة لتلبية العمل في حالات معينة. لكن هذا ليس مستقبل شركة "وولترز كلوار" بكل تأكيد، ولا حتى مستقبل أولئك المهنيين، ولكن عند التفكير في المرحلة الصعبة، أجد أنها تمثلت في الوقت الطويل الذي استغرقناه للانتقال بالزبائن من العمل اللارقمي إلى الرقمي، والذي كان أطول مما توقعت.

نتيجة لذلك، إذا نظرت إلى مرحلة التحول، فقد كان علينا الوصول إلى نسبة 75% من العمل الرقمي قبل أن تبدأ الأرقام في التحرك فعلياً. إذا كنت أحد المساهمين، أو كنت موظفاً، فقد مرت سنوات وأنت تفكر في أن العبء المتمثل في حجم المطبوعات يتقلص، وتسأل نفسك: متى سينخفض اعتمادنا عليها أكثر؟

نرى اليوم أن اعتمادنا على المطبوعات انخفض، وبالتالي، فإن النمو الرقمي الرائع الذي حققناه لسنوات يعود إلينا من خلال النتائج المالية، إذ إننا كنا ندير مراحل الانتقال هذه، التي استغرقت الكثير من الوقت. والأمر المثير للاهتمام الآن هو أننا نشهد الأمر نفسه مع الانتقال إلى برمجيات "ساس" (SAAS). إذاً، فقد بدأنا مع هذه...

كيرت نيكيش: أو ما تعرف بالبرمجيات كخدمة، أليس كذلك؟

نانسي مكينستري: بالضبط. إليك مثال سريع، تعتبر شركتنا من أكبر الشركات المزودة لبرمجيات الامتثال الضريبي، فإذا استعنت بمحاسب لتقديم إقراراتك الضريبية، فأنا على ثقة تامة بأنه يستخدم منتجاتنا لإنجاز عمله. نحن نعمل في هذا المجال لسنوات عديدة.

ونعمل على الانتقال بزبائننا إلى العمل الرقمي، ويدرك أولئك الزبائن قيمة تقديم برمجيات "ساس"، وهم ينتقلون إليها بالفعل. لكننا نتوقع أن يستغرق الأمر 15 عاماً للانتقال بالأشخاص بصورة رئيسة. إذاً، تعد هذه المراحل...

كيرت نيكيش: هذا يعادل سنين شغلك لمنصب الرئيس التنفيذي.

نانسي مكينستري: بالضبط، إذاً، ما هو معنى كل هذا؟ هنالك شقان، يتمثل أحدهما في أنه يتعين عليك كقائد التأكد من أنك تستثمر في كلا النموذجين أو الفرصتين، لأنك لا تزال تمتلك قاعدة كبيرة من الزبائن الأساسيين لكليهما، وعليك الحفاظ على هذه المنتجات جيدة، والعمل على الانتقال في الوقت نفسه.

لذلك، يتعين عليك أن تكون واضحاً تماماً عند التفكير بتخصيص رأس المال، ونحن لدينا هاتان المنصتان منذ فترة من الزمن. كان ذلك الشق الأول. أما الشق الثاني، فيتمثل في حرصك على مساعدة الزبون في تلك الرحلة.

والأمر الثالث الذي أجده مثيراً للاهتمام هو أننا عندما نبدأ بالتسويق لمنتجات الجيل التالي، فإنه يمكننا الحصول على حصة سوقية. وإليك مثال على هذا في سوق الضرائب، إذ أننا نكون حاضرين في السوق بمفردنا تقريباً من خلال تقديمنا لبرمجيات "ساس"، وقد اكتسبنا الكثير من الزبائن الجدد. لذلك، ينطوي جزء من برنامجنا حول الابتكار على الحضور في كل مجال ومكان ممكن، وأن نكون أول الداخلين إلى السوق من خلال تقديم حلول للجيل التالي.

كيرت نيكيش: أجل، إلى أي مدى تنطوي استراتيجية النمو تلك على النمو الدولي والأسواق الجديدة؟

نانسي مكينستري: تأتي حوالي 60% من إيراداتنا اليوم من أميركا الشمالية، وحوالي 30% تقريباً من أوروبا، أما باقي أنحاء العالم فما زالت النسبة منخفضة نسبياً. إذاً، نحن نستثمر في أماكن مختلفة، ونحن حاضرون منذ سنوات في الصين والهند والبرازيل.

كيرت نيكيش: هل سيكون لديكم المزيد من الزبائن الأطباء والمحامين والمحاسبين.

نانسي مكينستري: بالضبط، لكن الأسواق غير الرئيسة لا تزال صغيرة جداً، وسأخبرك بهذه القصة التي تعد بمثابة تذكير جيد لشركتنا، وهي أنه عندما بدأنا عملنا في الصين منذ حوالي 35 عاماً، لم يكن لدينا زبائن محامون فيها في ذلك الوقت، أما الآن فلدينا حوالي 250 ألف محام.

ويمكنك مقارنة ذلك بالولايات المتحدة، حيث يوجد أكثر من مليوني محام. إذاً، فإنّ تلك الأسواق أساسية دون شك، لكن ما نفعله هناك ما زالت ضئيلاً نسبياً. بالعودة إلى ما هو مهم جداً بالنسبة إلى الرئيس التنفيذي، فإن الهدف يتمثل في قدرتك على أن يكون لديك منظور ورؤية لمدة خمسين سنة أو خمس وعشرين سنة. أي مدة تتجاوز المدى القريب، لأنّ الأموال التي استثمرناها في الصين طوال السنوات الخمس والثلاثين، تعد بمثابة استثمار لمستقبل طويل الأجل، وهي لا تؤثر على نتائجنا المالية في العام الحالي.

فعليك إذاً أن تكون قادراً على التحلي بالصبر حول الاستثمار على المدى الطويل. حتى في يومنا هذا، ما الذي يستحق الاهتمام هو أننا مشينا في هذه الرحلة، فإذا نظرت في هذه الحلول المتعلقة بسير العمل، تجد أنها تستغرق بضع سنوات لبنائها من حيث الميزات الكاملة، لكن بعد ذلك قد يستغرق بناء السوق لها من خمس إلى سبع سنوات.

فمثلاً، لقد بدأنا في بناء منتجاتنا الأكثر مبيعاً لعام 2019 منذ 12 سنة. لذلك، بصفتك مستثمراً، وإذا كنت تفكر في تخصيص رأسمال، فما الذي عليك فعله؟ عليك التأكد من أنك تستثمر كفاية للحفاظ على الحالة الجيدة لمنتجاتك الحالية، ومن ثم إطلاق سلسلة من المنتجات الجديدة، والحرص على أنّ مسار المنتجات الجديدة في حالة جيدة للغاية.

كيرت نيكيش: اسمحي لي بسؤالك عن تحول آخر، نلاحظ ارتفاعاً ملحوظاً في عدد النساء اللواتي يشغلن مناصب القيادة العليا في شركة "وولترز كلوار" خلال مدة توليك لمنصب الرئيس التنفيذي. وقد ذكرت أيضاً أنك أول امرأة تشغل هذا المنصب في الشركة، الأمر الذي لا يعادل ربما أهمية أنك أول رئيس تنفيذي غير هولندي. لنتحدث عن هذا التحول.

نانسي مكينستري: أود الإشارة أولاً إلى أنني أصبحت مؤيدة قوية للتنوع، ليس التنوع بين الجنسين فحسب، لكن أيضاً التنوع على مستوى الجنسيات المختلفة. لأن ما رأيته عن كثب هو أن فرقنا الأكثر تنوعاً، هي الفرق الأكثر إبداعاً، والأكثر ابتكاراً، بالإضافة إلى أنها تقدم أفضل النتائج. فإذا كنت قائداً لإحدى الشركات، ولاسيما شركة عامة، وتريد تحقيق نتائج جيدة، لماذا لا تسعى إلى تسخير التنوع بقدر ما تستطيع؟ كان هذا أحد الجوانب.

أما الجانب الآخر، الذي يتناول كيفية وصول تلك النساء إلى القيادة، أود القول في البداية إنّ الأمر كان طبيعياً جداً. كنا نمضي جميعاً في هذه الرحلة، وكان علينا التحرك بسرعة، كما كان من الصعب جداً تحريك السفينة في الاتجاه الصحيح. لذلك، بدأنا في توظيف الكثير من الناس من جميع الجنسيات، ومن كلا الجنسين، وبدأ التنوع في التبلور بعد ذلك. وعملنا على ترقية الكثير من الناس لأننا كنا بحاجة إلى مواهبهم.

ثم بدأنا بعد تلك العملية في إدراك أننا حققنا المزيد من التنوع من خلال المصادفة، وأود التأكيد مرة أخرى، على أن الفرق تحقق أفضل النتائج كلما زاد تنوعها. فقد انتقل الأمر إذاً من هذه العملية الطبيعية إلى إدارة التنوع بالفعل، وانطوى ذلك على التركيز الحقيقي على إعداد الإدارة الوسطى. ومجدداً، لم يكن هذا التنوع بين الجنسين فحسب، بل كان أيضاً على مستوى الجنسيات المختلفة.

وأعتقد أنه من أجل الوصول بهذا التنوع إلى القمة، ينبغي التوقف عند الإدارة الوسطى، لأنه بصفتك رئيساً تنفيذياً، عليك اختيار أفضل الأشخاص لهذه المناصب، ذلك لأنك ترغب في تحقيق أفضل النتائج. وهكذا، بدأنا في إدارة برامج معينة، ومنح أولئك الذين في الإدارة الوسطى فرصة الخوض في تجارب معينة من شأنها السماح لنا بتسخير ذلك التنوع في القمة.

لدينا اليوم أربع إدارات متساوية في الحجم من حيث الإيرادات، بحيث تدار ثلاث من تلك الإدارات الأربع من قبل نساء، ولم يحدث ذلك بالمصادفة، بل حدث من خلال منحهن خبرة في الإدارة الوسطى والمستوى الأعلى، الأمر الذي سمح لهن بالترشح لتلك المناصب العليا.

كيرت نيكيش: إنها عملية تحتاج إلى تحديد توقعات إضافية.

نانسي مكينستري: أجل، وهذا يتطلب وقتاً، إنها عملية تتطلب الوقت والالتزام الراسخ. الأمر المثير للاهتمام هو أنك إذا ذهبت إلى أي اجتماع في شركة "وولترز كلوار"، ستجد أشخاصاً من جميع الجنسيات ومن الجنسين، بحيث تمثل الكثير من النساء ذلك الحضور. هنالك مجموعة متنوعة للغاية، ومن النادر جداً أن تدخل إلى أي مكان في الشركة وتجد أن الجميع يشبهون بعضهم البعض.

كيرت نيكيش: إذاً، هذه هي إحدى الطرق التي ساهمت في تغيير الشركة، ما هي الطريقة الأخرى التي ترين أنها غيرت الشركة فيما يتعلق بالأداء؟

نانسي مكينستري: يمكنني القول إن نمو الشركة قد تحسن، والأمر لا يتعلق بهذا الارتباط الواحد، لكن النمو الطبيعي للشركة تحسن بلا شك بعد أن ازداد التنوع، وهذا يأتي من خلال قيادة الابتكار على نطاق الشركة.

كما أود القول إن ذلك نوع من الحركة على مستوى عجلة التوازن، لا أدري إذا كان هذا المصطلح معروفاً، لكن ما يعنيه هو أنّ الموظفين ينضمون إلينا ويبقون معنا لأنهم يرون هذا التنوع، حيث يفضي هذا الأمر إلى الديمومة، لأن الناس يقولون لأنفسهم: رائع، حتى لو كنت إيطالياً أو امرأة فإنه يمكنني الوصول إلى مستوى معين في شركة "وولترز كلوار"، الأمر الذي قد لا أحققه لدى المنافسين.

كيرت نيكيش: صحيح، ويقولون أيضاً بإنّ عليهم كسر الحواجز.

نانسي مكينستري: بالضبط، ويُفضي الأمر إلى حدوث عملية ذاتية الحركة.

كيرت نيكيش: أجل، أعلم أنّ فرنسا قد نصت على هذا في تشريعاتها، أي أنّ لديها حصص للنساء في المناصب العليا.

نانسي مكينستري: ينطبق ذلك أكثر على مستوى مجلس الإدارة، إنّ بعض الدول، مثل هولندا الآن، لا تطبق ذلك اعتماداً على القانون بالضرورة، لكنها تعتبر أنّ ذلك هو أفضل الممارسات. أي أنها تريد أن يكون تمثيل المرأة في مجلس الإدارة بنسبة 30%.

كيرت نيكيش: هل ترين أنّ مثل هذه الأهداف تنجح؟

نانسي مكينستري: أجل، أعتقد أن ما سأقوله مضحكاً، لكن وجهة نظري قد تغيرت بالكامل نحو هذا الموضوع، لم أكن أؤمن بمسألة الحصص منذ بضع سنوات، حيث رأيت أن الأمر ينطوي على الجدارة، وأن الأمور سوف تتغير، وما إلى ذلك.

كيرت نيكيش: صحيح، تفعل الشركات الذكية ذلك بأي طريقة.

نانسي مكينستري: لأنه أمر منطقي من منظور أداء الشركة، لكن ما أعتقده اليوم حقاً هو أنه من المنطقي تحديد حصص بطرق معينة، وعلى مستوى مجلس الإدارة بلا شك. ليس بالضرورة الاعتماد على الحصص، لكن من المهم جداً حث الشركات على تقديم تقارير حول مدى التنوع لديها في المناصب العليا. لأن التغيير يحصل ببطء شديد، وما تسمعه من المدراء هو القول أنه لا توجد مواهب لأنتقي منها.

كيرت نيكيش: أو أتمنى لو أستطيع ذلك، ولكن...

نانسي مكينستري: لا يوجد نساء موهوبات، أو أن تلك الموهبة لا تكفي، أو تراهم ينظرون إلى العرق. وهذا ليس صحيحاً،  فهناك الكثير من المواهب، لكن السؤال الذي يُطرح هنا: هل يمكنك تسخير المواهب ومن ثم تطويرها؟ لأنك لا تصل إلى القمة من دون المرور بالمستويات الوسطى.

وما تراه في الأماكن التي يجري فيها تحديد الحصص، هو أن هذا يصنع فرقاً. أتمنى لو لم نضطر إلى فعل هذا، لكنني أعتقد حقاً بأننا في مرحلة تتطلب التمتع بنوع من التحفيز، الذي يبدأ من خلال الدفع نحو المزيد من التنوع.

لأن زبائننا متنوعون. لكن ما هو مثير للاهتمام من وجهة نظري، هو ذلك الأثر الذي يحدث لدى الزبائن عندما يأتون إلى الشركة ويرون أنّ الجميع يشبه بعضه الآخر، بغض النظر عن الجهة التي يتفاعلون معها، وقد يعلقون على ذلك في بعض الأحيان، وأتذكر أنّ ذلك قد حصل عندما لم نكن نتمتع بهذا التنوع. وبالتالي، أرى أن التنوع له تأثير مباشر على الابتكار وأداء الشركة، وأرى أيضاً أن له تأثير حقيقي على العلاقات مع العملاء.

كيرت نيكيش: تكلمت حول هذا الموضوع على مستوى الشركات أو المؤسسات، لكن ما هي النصيحة التي تقدمينها إلى شخص يحاول كسر تلك الحواجز، مثلما فعلت أنت؟ وما هي النصيحة التي تقدمينها إلى المرأة التي تطمح في تولي منصب الرئيس التنفيذي يوماً ما؟

نانسي مكينستري: لقد تمعنت في التفكير في هذا، لأنني أقدم التوجيه للأفراد، ويُطرح علي هذا السؤال. يمكنني القول إن الأمر ينطوي على ثلاثة أوجه، أولاً، عليك تحقيق النتائج، فما من أحد يحصل على ترقية ما لم يحقق النتائج، إذاً، مهمتك الأولى هي التركيز على ذلك.

ثانياً، اصقل مهاراتك فيما يخص تحديد الأولويات ووضع الاستراتيجيات والتواصل، يجب أن تكون قادراً على التعبير عن رؤية من أجل الوصول إلى القمة، وعليك تحفيز الآخرين على السير في هذا المسار معك، وتحميلهم المسؤولية بالفعل. لذلك، ينبغي أن تكون قائداً ماهراً، وأن تطور تلك المهارات طوال حياتك المهنية.

وأخيراً، استكشف طريقة لبناء الدعم من حولك، سواء كان من ضمن مجموعة أفراد عائلتك لمساعدتك في هذه الرحلة، لأن الوصول إلى القمة يتطلب الكثير من التضحية، أم من داخل فريقك وشركتك لمساعدتك في الوصول إلى المستوى التالي.

وأقول دائماً للنساء بوجه خاص، اللواتي يطلبن نصيحتي، بأن يتحملن بعض المخاطر، لقد مررت بهذه التجربة مرات عدة، حيث أذهب إلى إحدى القائدات وأطلب منها تولي مهمة جديدة، وربما تكون تلك المهمة بمثابة تحول أو إنجاز، أي أنني أضعها في ظرف صعب.

كانت بعض القائدات تقلن لي بأنهن غير مستعدات لذلك، بينما لم يسبق أن قال ذلك قائد رجل. لذلك، أقول لهن بأنهن مستعدات، وعليهن قبول تلك المهمة، وأنا بدوري سوف أقدم لهن المساعدة.

ما أود ذكره أخيراً هو إحاطة نفسك بأفضل الأشخاص الذين يمكنك إيجادهم، الأمر الذي أعتقد أنه صالح لأي شخص في مجال الأعمال بغض النظر عن الجنس.

كيرت نيكيش: أريد أن أطلب منك تقديم نصيحة أخرى للرؤساء التنفيذيين، بغض النظر عن الجنس، الذين يقودون عملية التحول الرقمي، أو يقودون إحدى الشركات من خلال عملية مبتكرة لتجديدها. ما هو أكبر التباس تودين توضيحه حول قيادة أي من تلك العمليات؟

نانسي مكينستري: عليك الانخراط مع زبائنك قبل كل شيء، لأنني أعتقد أنك قد تسير في هذه التحولات في بعض الأحيان، وتتوقع أن زبائنك يفعلون أموراً معينة أو يتبنونها، لكن الواقع يكون غير ذلك.

لذلك، عليك أن تبقى قريباً جداً من زبونك أثناء العملية لضمان أنك لست بعيداً جداً عن الواجهة، أو أنك لا تستثمر في أمور لن تؤتي ثمارها، يعد هذا القرب من الزبائن إذاً أمراً بالغ الأهمية.

وأرى أن ما يهم أيضاً في فضاء التعامل من شركة لشركة، هو إدراك أن ذلك التعامل قد يستغرق بعض الوقت، وقد كان هنالك مفاجآت في نواح كثيرة، ليس بالنسبة إلينا فحسب، ولكن بالنسبة إلى أي شخص يعمل في مجال النشر، حيث كان الناس يعتقدون أن المطبوعات سوف تختفي على سبيل المثال. لكن ذلك التحول الرقمي قد استغرق وقتاً أطول قبل أن يحدث، على الرغم من أنه ينمو على نحو جيد، أي أنه استغرق سنوات عدة تجاوزت توقعات معظم الناس.

لذلك، عليك فهم أنّ بعض هذه الأمور تأخذ بعض الوقت لكي تتحقق. ينبغي أخيراً امتلاك القوة والشجاعة للحفاظ على استمرارية الاستثمار، فهنالك ضغوط من قبل الزبائن تتعلق بإظهار النتائج وموعدها، بعد انخراطك في جميع تلك الاستثمارات. عليك إذاً التحلي بالقوة فيما يتعلق بقناعتك وإيمانك في الاستراتيجية لتحافظ على الاستثمار. سيكون من السهل في المقابل القول: دعونا نعمل على خفض التكاليف. إذ يعد ذلك أسهل بكثير من التوجه نحو الابتكار والنمو.

كيرت نيكيش: نانسي، إنه عمل مثير للاهتمام حقاً، وتحول رائع، كما أننا سعدنا بالاستماع إليك تتحدثين حول مسيرتك الخاصة كرئيسة تنفيذية. نشكرك على حضورك وحديثك حول كل ذلك.

نانسي مكينستري: شكراً جزيلاً لك كيرت، هذا من دواعي سروري.

كيرت نيكيش: تحدثت إلينا نانسي مكينستري، الرئيسة التنفيذية ورئيسة مجلس إدارة شركة "وولترز كلوار"، التي احتلت مرتبة أفضل امرأة على قائمة "هارفارد بزنس ريفيو" لأفضل 100 رئيس تنفيذي أداء للعام حول قيادة عملية التحول الرقمي في الشركات.

يمكنكم الاطلاع على تلك القائمة في عدد مجلة "هارفارد بزنس ريفيو" لشهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2019.

أنتج هذه الحلقة كل من ماري دوي وآن سايني، وقدم لنا الدعم الفني روب إيكارت، أما مدير الإنتاج السمعي فهو آدم باكولتز.

شكراً لاستماعكم إلى برنامج "آيديا كاست" المقدم من هارفارد بزنس ريفيو. معكم كيرت نيكيش.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي