سؤال من قارئة: أنا شابة أعمل في القطاع العام، وأريد معرفة كيفية النجاة من الموظفين المخادعين. منذ عام مضى قمت بأول عملية توظيف وعينت شابة أخرى في دور مساعدة تنفيذية لي، وأنا أعلى منها بدرجتين وظيفيتين، ولمديري وهو المدير العام للمؤسسة ويعلوها بثمان درجات. كان أداؤها ضعيفاً، وعندما حاولت تدريبها اكتشفت أنها غير قادرة على حمل المسؤولية، وتبرر عدم تسليم العمل في موعده بأشياء مثل بُعد الموعد النهائي وطول مدة تسليم العمل أكثر مما ينبغي، أو أننا في فصل الصيف ويغلب عليها "مزاج الإجازة"، أو أن المدير سيراجع العمل على أي حال لذا فهي ليست مضطرة لمراجعته بنفسها. وفي كل مرة أحاول التحدث إليها عن الأمر توافق على أن تتغير، لكن سرعان ما تعود إلى عادتها الأولى. وأخيراً، لم تعد تقوم بعملها، وتستمر بتكرار جملة "لا أعرف" عندما أطرح عليها أي سؤال في مراجعات الأداء. أخضعتها لفترة اختبار، وعندما أردت إنهاء فترة الاختبار وإيقافها عن العمل أجرينا محادثة مع المدير معاً، فأخفت عنه مشكلات السلوك التي تعاني منها وقدمت له مبررات كاذبة لرداءة أدائها. وهو لا يعرف عنها سوى أنها المساعدة اللطيفة التي تقدم الدعم وتحتاج إلى مزيد من الوقت لتزيد خبرتها وظهورها أمام القيادة. أصر المدير على منحها فرصة ثانية وأبدى ثقة بتبريراتها التي تقول إني أكلفها بمهمات صعبة للغاية، وهو أمر غير صحيح. لكنه يركز أكثر مما يجب على الصورة الكبيرة لدرجة أنه لا يتحقق من التفاصيل لمعرفة الحقيقة. في تلك المرحلة بدأت أعاني من الأرق، ففي بعض الليالي، أستيقظ في منتصف الليل وأنا أشعر بالذنب وبانعدام الكفاءة لأني لم أتمكن من مساعدتها على تحسين نفسها. وفي ليال أخرى أبقى مستيقظة أفكر بمدى غبائي لأني كنت أظن أني قادرة على تغيير القيم الجوهرية لدى شخص ما عن طريق التدريب. وفي نهاية المطاف أخبرت مديري أني لا أرغب بإدارتها وعرضت أن أتولى بنفسي أداء جميع المهمات التي كنت أفوضها إليها. وعدني مديري بالعثور على شخص آخر للمساعدة، وغيّر في هذه الأثناء التوصيف الوظيفي لهذه المساعدة ليشمل المهمات التي تحبها فقط. ظننت أن هذا الكابوس سينتهي ما أن أبتعد عنها، لكنها تسبب لي المشكلات باستمرار، إذ ترسل إليّ رسائل إلكترونية سلبية عدائية أو تخرب العمل الذي أؤديه. لكني لا أرغب بمناقشة هذه المشكلة مع مديري ثانية، فقد كانت علاقة العمل التي تربطني به مثالية إلى أن أتت هذه المساعدة، وهي لا تستحق أن أدخل في عراك مع مديري لأجلها. فهو لا يتأثر شخصياً بسوء سلوكها، لأنه المدير، وأنا أعرف أن ما أمر به ليس مهماً بالنسبة له مقارنة بقائمة أولوياته، كما أنه سيترك منصبه بعد 6 أشهر، وهذا يبدو لي فرصة وخطورة في آن معاً. فأنا مؤهلة بما يكفي للعمل والارتقاء لكني أفضّل إثبات قيمتي من خلال العمل بهدوء، وأحتاج إلى وقت طويل لبناء العلاقات. أنا قلقة من أن هذه المساعدة ستتمكن بسهولة من خداع المدير الجديد وإيذائي بألاعيبها مجدداً.
سؤالي هو:
ماذا يجب عليّ أن أفعل كي أنجو منها؟ وكيف يمكنني التعامل مع الشخص المخادع عموماً؟
يجيب عن هذا السؤال كل من:
دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
ملفين سميث (MELVIN SMITH): أستاذ في كلية "ويذرهيد" للإدارة بجامعة "كيس ويسترن ريزرف"، ومؤلف مشارك لكتاب "مساعدة الموظفين على التغير: التدريب بأسلوب متعاطف من أجل التعلم والنمو مدى الحياة" (Helping People Change: Coaching with Compassion for Lifelong Learning and Growth)
ملفين سميث: أولاً، أثني على صاحبة السؤال لمحاولتها تدريب هذه الموظفة مراراً وتكراراً لإصلاح المشكلات التي تعاني منها في أدائها، بدلاً من إصدار توجيهات صارمة لها وإخبارها بما يجب عليها فعله وعدم فعله كي تتحسن وما إلى ذلك. يبدو أنها بذلت جهداً كبيراً في محاولة تدريب هذه الموظفة من أجل مساعدتها على التغلب على الصعوبات التي تعاني منها في أدائها. لكن هل قيّمت استعداد الموظفة للتدريب؟ بعبارة أخرى، هل هذه الموظفة مهتمة فعلاً بالتدريب وعازمة على أن تتلقاه على يد صاحبة السؤال ؟ فهذا أمر أساسي، ويبدو أن هذه الموظفة لم تكن مستعدة لتلقي التدريب أساساً.
دان ماغين: تدفعني هذه الفكرة للتفكير برياضة كرة السلة وغيرها، إذ إن إحدى السمات الأساسية المطلوبة في اللاعب هي استعداده لتلقي التدريب، ويُقال إن هذا ينطبق على مكان العمل أيضاً. كيف يمكنك تحديد قابلية الشخص لتلقي التدريب؟
ملفين سميث: يجب أولاً طرح الأسئلة عليه ومناقشته ومعرفة مدى إدراكه لاحتمال الحاجة إلى بعض التغيير في سلوكه. إذا لم يكن الشخص مدركاً لذلك على الرغم من تلقيه تقييمات تشير إلى ضرورة التدريب، فستكون الخطوة التالية هي سؤاله عن مدى استعداده لاتخاذ بعض الإجراءات وتلقي المساعدة لتغيير سلوكه. كما يجب تقييم مدى تقبله لك كمدرب.
أليسون بيرد: يبدو أن هذه الموظفة لا تتقبل التدريب أو التوجيه من صاحبة السؤال. لفتت كلمة "القيم الجوهرية" انتباهي في السؤال، أحد المؤلفين الذين عملت معهم كثيراً، كلاوديو فيرنانديز أراوز، يدرس إمكانات الموظفين وطريقة اكتشافها. وأهم شيء كي تتخلص من هذه العقبة وتتمكن من التقدم هو الصدق. وفيما يتعلق بحقيقة أن هذه الموظفة تتصرف على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، أو على مبدأ الأخذ من دون العطاء، فالابتعاد عنها هو أفضل ما يمكن فعله.
ملفين سميث: في بعض الأحيان نصل إلى قناعة بأن التدريب ليس هو الحل المنشود في حالة الشخص الذي نتعامل معه. لكن يبدو أن هذه الموظفة لا تزال تؤذي صاحبة السؤال وتخرب عملها على الرغم من ابتعادها عنها، وهذا السلوك مثير للقلق، ويجب على صاحبة السؤال أخذه في حسبانها.
أليسون بيرد: هل يتعين عليها إجراء محادثة أخرى مع المدير؟
ملفين سميث: يبدو أنها خائفة قليلاً من أخذ وقت المدير، لكن عليها أن تعيد صياغة الموقف وأن تتحلى بمزيد من الثقة، فهي تبدو لي موظفة قوية حصلت على ترقيتين في الأعوام الخمسة الماضية، وهذا يعني أنها صاحبة أداء جيد. لقد فكرت صاحبة السؤال بهذه المشكلة ملياً، لكنها تفتقر إلى الثقة ويجب أن تكون حازمة أكثر وأن تتحدث إلى مديرها مباشرة عن رأيها فيما يحدث، وأن تخبره بأن هذه الموظفة مخادعة وأن ما تقوله ليس صحيحاً.
دان ماغين: أرى أن صاحبة السؤال قامت بعمل جيد جداً، لكني توقفت عند ما قالته عن مغادرة المدير بعد 6 أشهر وأن هذه فرصة لها وخطورة عليها في آن معاً، وأن المدير الجديد الذي سيأتي لن يرى الوضع على حقيقته. هل هناك ما يمكنها فعله كي توثق المشكلة أو تحضّر حجتها بصورة مسبقة كي تُطلع المدير الجديد على مشكلة هذه المساعدة؟
ملفين سميث: أنصح صاحبة السؤال بأن تبدأ بتوثيق كل شيء، بدءاً مما حصل بينها وبين هذه المساعدة في السابق والمحادثات والمراسلات بينهما وكل ما قالوه وفعلوه، والانتباه لكل ما يجري الآن عن طريق الاحتفاظ بالرسائل الإلكترونية وتسجيل الملاحظات عند إجراء المحادثات المباشرة معها، وتقديم هذه الوثائق للمدير الجديد وتوضيح كل ما يجري في القسم. يجب ألا تسمح لهذه الموظفة المخادعة بالوصول إلى المدير الجديد قبلها ورسم صورة زائفة له عن الوضع.
أليسون بيرد: فيما يخص المدير الجديد الذي سيأخذ مكان المدير الحالي، فأنا أخشى من أن تدخل إليه صاحبة السؤال وتتحدث عن المشكلة الكبيرة التي يوشك على مواجهتها، وتشتكي من تلك الموظفة. لذا، أنصحها بتعلم ما تجيده الموظفة الخادعة من أساليب التواصل والتأثير في الآخرين وتتعرف على ما تفعله كي يرى المدراء أنها تتمتع بالكفاءة والإمكانات ويرغبوا بحضورها قريباً منهم. لقد وضحنا فيما سبق أنه ليس كافياً أن يحني الموظف رأسه بصمت ويثبت كفاءته من خلال العمل، ولا سيما النساء. وفيما يخص الموظفة المخادعة، يجب على صاحبة السؤال مواجهتها بصورة مباشرة، إذ يبدو أنها تعاملت معها بأسلوب إداري محترم جداً طوال هذه الفترة، ليس عليها التخلي عن احترامها لكن عليها أن توضح لها أن سلوكها هذا لن يكون مقبولاً بعد الآن. فصاحبة السؤال قد أسقطت المسؤوليات الإدارية عن هذه الموظفة وأتاحت لها سبل النجاح وسمحت لها بالعمل على المهمات التي تحبها فقط. يجب أن توضح لها أن تصرفاتها السلبية العدائية والتخريبية لن تكون مقبولة بعد الآن.
ملفين سميث: كان عليها مواجهة الموظفة بصورة مباشرة بشأن سلوكها من قبل، لكنها لم تفعل ذلك، ولربما كان القيام بهذه المحادثة المباشرة الآن مجدياً. فالموظفة ستستمر بسلوكها المسيء وغير الملائم ما دامت صاحبة السؤال ساكتة عنه. لكن سيأتي وقت تقف فيه صاحبة السؤال وتواجه هذه الموظفة وتضع لها حداً. من الضروري أن تجري هذه المحادثة معها، مع الحرص على توثيق كل شيء، ويجب أن تذهب إلى المدير الجديد وتخبره بالمشكلة التي تواجهها وأن تعدّ جميع أدلتها ووثائقها كي تستخدمها في حال حاولت الموظفة المخادعة رسم صورة كاذبة عما حدث. للأسف، لقد سمحت صاحبة السؤال للموظفة المخادعة بالتصرف على هذا النحو، لأنها سمحت لها بفعل ما تريده واستغلالها لفترة أطول مما يجب.
دان ماغين: هل من الممكن أن تتوجه صاحبة السؤال إلى المدير الحالي وتقول له: "أعرف أنك لا تود الخوض في هذه المشكلة لأنك ستغادر قريباً، لكن ألا تقع على عاتقك مسؤولية حلّ هذه المشكلة قبل ترك المنصب لشخص آخر؟".
ملفين سميث: هذه وجهة نظر مثيرة للاهتمام، افتراض أن المدير يدرك فعلاً أن هناك مشكلة، ولكنه اختار ألا يخوض فيها لأنه سيترك منصبه قريباً. لكني لست واثقاً من أن المدير يدرك فعلاً أنهم يعانون من مشكلة، وأعتقد أن تلك الموظفة تمكنت من خداعه ودفعه لرؤيتها على أنها موظفة جيدة تجيد ما تفعله. يبدو أن هذه الموظفة تجيد رسم صورة زائفة عن نفسها وعما يجري. لذا، لا يمكن التحدث مع المدير على هذا النحو لأنه لا يدرك حقيقة الوضع.
أليسون بيرد: أولاً، نثني على صاحبة السؤال لبذلها جهوداً كبيرة ومستمرة لتدريب هذه الموظفة وتوجيهها، ونقول لها إنها ليست مسؤولة عن فشل هذه الجهود المضنية. نود من صاحبة السؤال أن تبدأ بتوثيق تصرفات تلك الموظفة بطريقة فاعلة أكثر، كي تتمكن من إثبات الحقيقة إذا اضطرت لمواجهتها أمام المدير الحالي أو الجديد كي تثبت حجتها بقوة. وننصحها بمواجهة الموظفة المخادعة بصورة مباشرة وأن تقول لها: "حاولت العمل معك وحاولت تدريبك وغيرنا مسؤولياتك ومهماتك، وأنا لم أعد مديرتك، لذا من الواضح أنه لم يعد من الضروري أن تكون العلاقة بيننا صعبة، ولن أتقبل أي من هذا بعد الآن. وننصحها بالاستعداد لإجراء محادثة مع المدير الجديد وأن تتسلح بالمستندات التي تدعمها، وأن تتعلم من الموظفة المخادعة طرقاً أفضل للترويج لنفسها وإبراز إنجازاتها، وألا تكتفي بالعمل بصمت من أجل النجاة من الموظفين المخادعين.