كيف تجد المنصة المناسبة لتسويق منتجك؟

14 دقيقة
اختيار المنصة المناسبة لتسويق المنتج

تستمد خمس من أكبر عشر شركات عالمية هي ("آبل" و"ألفابت" و"أمازون" و"فيسبوك" و"مايكروسوفت") جزءاً كبيراً من قيمتها من منصاتها متعددة الجوانب، التي تُسهّل عمليات التفاعل والتعامل التجاري بين الأفرقاء. وتُعدّ الكثير من المنصات متعددة الجوانب أكثر قيمة من شركات نفس قطاع العمل التي تقدّم المنتجات والخدمات الاعتيادية. على سبيل المثال، تُعتبر قيمة شركة "إير بي إن بي" أكبر من قيمة شركة "ماريوت"، كبرى سلاسل الفنادق في العالم. فكيف يمكن اختيار المنصة المناسبة لتسويق المنتج بشكل صحيح.

إنّ الشركات التي لم تولد كمنصات أعمال، نادراً ما تُدرك أنّ بوسعها (ولو جزئياً على الأقل) تحويل منتجاتها وخدماتها إلى منصات متعددة الجوانب. وحتى عندما تدرك ذلك، نجدها تهيم على وجهها في الظلام بحثاً عن استراتيجية ناجعة لإنجاز ذلك التحوّل. نعرض هنا إطاراً عاماً للقيام بذلك، ويقدّم هذا الإطار أربع طرق يمكن فيها تحويل المنتجات والخدمات إلى منصات، كما يناقش المزايا الاستراتيجية والسلبيات المرتبطة بكل طريقة. ويمكن تطبيق هذه الأفكار على الشركات والأعمال المادية كما على تلك الافتراضية التي تجري عبر الإنترنت.

اقرأ أيضاً: التكلفة الاجتماعية للتسويق السيء على الإنترنت

ولكن، لم السعي أساساً إلى تحويل المنتجات والخدمات إلى منصات متعددة الجوانب؟ يقول أحد مدراء شركة "إنتويت" في حديثه عن اختيار المنصة المناسبة لتسويق المنتج بشكل صحيح: "يمكن إرجاع الأسباب في نهاية المطاف إلى الخوف والطمع". وتُشير كلمة "الطمع" هنا إلى إمكانية الحصول على موارد دخل إضافية من شأنها تسريع النمو وتزيد من قيمة الشركة. أما "الخوف" فيشير إلى خطر سرقة المنافسين القائمين أو الجدد لحصة منتجك أو خدمتك في السوق. ومن شأن تحوّل عروض شركتك إلى منصات أن يعزّز من ميزتها التنافسية ويرفع عتبات الدخول أمام المنافسين، وذلك من خلال تأثير الشبكة وارتفاع تكاليف التحوّل. ولا نقترح هنا أنّ على جميع الشركات السير على خطى "إير بي إن بي" أو "علي بابا" أو "فيسبوك" أو "أوبر"، لكننا نقول إنّ كثيراً من الشركات قد تستفيد من توسيع عروضها لتشمل بعض عناصر أعمال المنصات.

اختيار المنصة المناسبة لتسويق المنتج

يكمن هدفنا بمساعدة مدراء الشركات على فهم كيفية تحوّل منتجات شركاتهم وخدماتها إلى منصات متعدّدة الجوانب، والتعرف على التحديات والفرص المرتبطة بذلك التحوّل، وذلك لكي يقرروا ما إذا كان من المفيد خوض ذلك التحوّل أم لا. وتوصّلنا إلى هذا الإطار العام بنتيجة خبراتنا المتراكمة من دراسة العديد من الشركات (بما فيها بعض الشركات المذكورة سابقاً) وتقديم الاستشارة لها أثناء تحوّلها من مزوّدة منتجات وخدمات إلى منصات متعددة الجوانب. وبمقدور مدراء الشركات اعتماد هذه المقالة بوصفها المنطلق الأساسي لاستراتيجية تحوّل من منظور خارجي للشركة، من واجب كل مشارك فيها أن يصوغ استراتيجية جزئية لتحويل العروض القائمة للشركة إلى منصات متعددة الجوانب. ومن بين الأسئلة التي يجب الإجابة عنها: أولاً، هل هنالك من فائدة في تحويل بعض أو كل منتجات شركتنا وخدماتها إلى منصات متعدّدة الجوانب؟ ثانياً، هل هنالك مخاطر مرتبطة بذلك التحوّل؟ ثالثاً، ما هي الموارد الأساسية والعلاقات (بما في ذلك كيفية تفاعلنا مع الزبائن) والتغييرات الإدارية الواجب القيام بها لإحراز ذلك التحوّل؟

ربما يكون السبب في أنّ المنتجات والخدمات التقليدية ليست منصات متعددة الجوانب، هو أنّ تلك المنتجات والخدمات لا تخدم مجموعات متعددة أو أنها لا تسهّل التفاعل والتعامل بين الزبائن والمجموعات المختلفة. لذلك نناقش في هذه المقالة أربع طرق يمكن فيها للمنتجات والخدمات الاعتيادية أن تجسّد هذه الهوّة وتتحوّل إلى منصات متعددة الجوانب.

1- فتح الباب لجهات ثالثة

في هذا السيناريو، يتمتع منتجك أو خدمتك بقاعدة زبائن كبيرة، تسعى جهات ثالثة تبيع عروضاً أُخرى إلى الوصول إليها. وهكذا تُصبح منصة متعددة الجوانب من خلال السماح لتلك الجهات الثالثة بالتواصل مع زبائنك. ويعني "التواصل" هنا ترويج العروض أو بيعها إلى زبائنك (أو كلاهما معاً). ربما تكون عروض الجهات الثالثة مستقلة تماماً عن منتجك أو خدمتك، كما تكون على شكل تطبيقات أو برامج تعمل بشكل مكمّل لعروضك.

انظر إلى هذه الأمثلة الثلاثة حول كيفية اختيار المنصة المناسبة لتسويق المنتج لدى بعض الشركات:

تُعد شركة "إنتويت" من الشركات الرائدة في بيع برمجيات الإدارة والمحاسبة والضرائب للزبائن والشركات الصغيرة في الولايات المتحدة. وعلى مدى السنوات الست الماضية اتخذت الشركة خطوات مهمة لتحويل منتجها الرائد "كويك بوكس" لأعمال المحاسبة المالية في الشركات الصغيرة إلى منصة متعددة الجوانب. فقد فتحت لزبائنها واجهة برمجة التطبيقات وأدخلت برنامج تطوير وتخزين للتطبيقات، وذلك للسماح لمبرمجي جهات ثالثة بتطوير وبناء برمجيات جديدة وبيعها لقاعدة زبائن "كويك بوكس"، فتستفيد تلك البرمجيات من البيانات المتوفرة حول الأوضاع المالية للشركات الصغيرة التي يوفرها تطبيق "كويك بوكس". ومنذ عام 2013 قام هذا التطبيق أيضاً بتمكين زبائنه من تقديم طلبات الحصول على القروض من عدة مؤسسات مالية بوصفها جهات ثالثة، وذلك عبر خدمة تمويل جديدة باسم "كويك بوكس فاينانسينغ".

اقرأ أيضاً: التسويق في عصر أليكسا

تقوم النوادي الصحية بشكل متزايد بتأجير بعض مساحات صالاتها لاستديوهات متخصصة ببعض الأنشطة الرياضية بحيث تستطيع هذه الاستديوهات تقديم خدماتها لأعضاء تلك النوادي، ما يسمح لتلك النوادي بتقديم تشكيلة أوسع من الدورات والحفاظ على أعضائها واجتذاب أعضاء جدد. فقد أبرم النادي الرياضي في أطلنطا مؤخراً مع سلسلة اللياقة البدنية "سايك فيتنس" لركوب الدراجة الثابتة اتفاقاً يسمح للسلسلة بتشغيل استديو مستقل داخل صالة النادي التي تبلغ مساحتها حوالي 2,400 متر مربع.

بدأت سلسلة أكشاك البيع "لوسن" في اليابان منذ تسعينيات القرن الماضي بتحويل أكشاكها إلى منصات متعددة الجوانب تقوم بتسهيل المعاملات التجارية بين زبائنها وجهات ثالثة مزوّدة للخدمات. واليوم بات بمقدور زبائن "لوسن" تسديد فواتير الخدمات العامة وأقساط التأمين وكذلك إرسال واستلام الطرود عبر مزوّدي الخدمات البريدية إضافة إلى استلام السلع التي يتم طلبها عبر المواقع التجارية الإلكترونية، وذلك من خلال زيارة الأكشاك التجارية القريبة منهم.

وهكذا، لكي يتحوّل منتجك أو خدمتك إلى منصة حقيقية ضمن هذا السيناريو، فيجب لقسم على الأقل من الروابط بين زبائنك وجهات ثالثة أن يتم عبر ذلك المنتج أو تلك الخدمة. فقد كان بمقدور شركة "إنتويت" ببساطة أن تبيع البيانات المتراكمة المرتبطة ببرنامجها "كويك بوكس" (ومن دون ذكر المصدر) إلى مطوري برامج ومؤسسات مالية كجهات ثالثة. ولا شك في أنّ ذلك كان من شأنه أن يضيف عروضاً محتملة جديدة ومربحة لشركة "إنتويت"، بيد أنّ ذلك ما كان ليحوّل برنامج "كويك بوكس" إلى منصة متعددة الجوانب قادرة على الاستفادة من تأثير الشبكة.

ولكي يكون هذا النمط من التحوّل ناجحاً في سبيل اختيار المنصة المناسبة لتسويق المنتج ينبغي على منتجك أو خدمتك امتلاك علامة تجارية فارقة وقاعدة زبائن كبيرة، غير أنّ ذلك لوحده لا يكفي لجذب اهتمام جهات ثالثة. كما ينبغي على ذلك المنتج أو تلك الخدمة أن يحققا أحد الشرطين التاليين أو كلاهما معاً:

على منتجك أن يلبّي خدمة أساسية لكثير من الزبائن. لكنه يترك كثير من الحاجات الأُخرى المختلفة للزبائن غير مشبعة، فبوسعك حينئذ تشجيع وتمكين جهات ثالثة من تلبية تلك الحاجات بمنتجات وخدمات تُعد مكملة لمنتجك. إذ تستهدف غالبية تطبيقات الجهات الثالثة على منصة تطبيقات "إنتويت" أسواقاً وحاجات زبائن لا يستطيع برنامج "كويك بوكس" بحد ذاته تلبيتها.

على خدمتك أن تولد تفاعلاً بوتيرة كبيرة بين الزبائن. فمن شأن ذلك أن يجعلها مرشحاً جيداً لتشكّل نقطة بيع توفّر منتجات وخدمات أُخرى، ليست بالضرورة مكمّلة لخدمتك. فغالبية خدمات الجهات الثالثة التي يجدها زبائن "لوسن" في أكشاكها لا علاقة مباشرة لها مع الخدمات والمنتجات الخاصة بشركة "لوسن" بحد ذاتها، إلا أنّ الزبائن يسرّهم جداً أن يتمكنوا من الوصول إلى كل تلك المنتجات والخدمات المتنوعة (المقدمة من شركة "لوسن" كما من الجهات الثالثة) في مكان واحد.

في سياق متصل، من المهم توخّي الحذر حيال بعض النقاط السلبية في هذا السيناريو للتحوّل إلى منصة متعددة الجوانب. تتمثّل إحدى تلك النقاط السلبية في أنّ الزبائن الذين يلجؤون إليك أساساً لشراء منتجك أو الاستفادة من خدمتك يرفضون تلقي الإعلانات التي تروّج لعروض جهات ثالثة، وبخاصة إذا كانوا يدفعون ثمن منتجك أو خدمتك. هذا ما عانت منه شركة "إنتويت" عندما كانت تستكشف الخدمات التي يمكنها تقديمها من خلال منصة "كويك بوكس". وبنتيجة ذلك غدت الشركة حذرة جداً فلا تنتقي سوى تلك العروض التي تتفق مع حاجات ورغبات زبائن "كويك بوكس" وتحصل على موافقتهم قبل إشراكهم في اختبار العروض المستهدفة لجهات ثالثة. علاوة على ذلك، قامت شركة "إنتويت" بتغيير اسم منصة "كويك بوكس" ليصبح "نظام تشغيل الأعمال الصغيرة"، وذلك لتصحيح مفهوم الزبائن لماهية هذه المنصة والتقليل قدر المستطاع من ردة الفعل العكسية.

بات بمقدور زبائن "لوسن" اليوم تسديد فواتير الخدمات العامة وأقساط التأمين من خلال زيارة أكشاك "لوسن" التجارية القريبة منهم.

هنالك نقطة سلبية محتملة ثانية، ألا وهي أنّ زبائنك الذين تربطهم بك علاقة قوية ويعدّونك مزوّدهم المعتمد ربما يحمّلونك مسؤولية ضمان جودة التواصل مع الجهات الثالثة. فمن خلال السماح لتلك الجهات أن تتواصل مع زبائنك، تكون تبنّيت عروضها بشكل ضمني إلى حد أكبر مما يحدث لو كنت شركة وُلدت أصلاً كمنصة متعددة الجوانب. فزبون النادي الرياضي الذي يسجّل في دورة رياضة الدراجة الثابتة المعروضة من جهة ثالثة لكنها تقام ضمن مبنى النادي الرياضي، من المرجح أن يحمّل المسؤولية للنادي الرياضي إذا ما كانت خبرته سيئة مع الجهة الثالثة. وهكذا يتوجب عليك إذن، إذا كنت تقدم منتجات وخدمات اعتيادية، أن تختار منتجات وخدمات الجهات الثالثة التي ترغب في عرضها على منصتك، بعناية وحذر يفوقان العناية والحذر الواجب اتخاذهما من قبل شركة وُلدت أصلاً كمنصة متعددة الجوانب.

اقرأ أيضاً: تسويق: كيف تستعيد زبائنك الذين خسرتهم؟

وأخيراً، ربما تعمل بعض منتجات وخدمات الجهات الثالثة على الإضرار بعروضك أو التهامها. ولذلك، يقضي النهج المنطقي بعدم فتح الباب على منصتك إلا للمنتجات والخدمات المكمّلة لعروضك أو لتلك البعيدة عنها كلياً. غير أنّ هذا النهج ربما يكون مضللاً في ظروف معينة، ففي بعض الحالات يكون من المفيد ضمّ بعض عروض الجهات الثالثة المنافسة نوعاً ما لعرضك للاستفادة من القيمة المضافة التي يحصل عليها زبائنك جرّاء ذلك العرض المنافس الجيد. فقد قام النادي الرياضي في أطلنطا باستبدال دورات رياضة ركوب الدراجة الثابتة التي كان ينظّمها بنفسه بدورات أُخرى تنظّمها سلسلة "سايك فيتنس" داخل صالة النادي، فدورات تلك السلسلة كانت تتمتع بشعبية أكبر من دورات النادي بين أعضائه، وهكذا استطاع النادي استثمار موارده في التركيز على خدمات أُخرى وفي الوقت نفسه حوّل سلسلة "سايكس فيتنس" من منافس له إلى مكمّل لعروضه.

يُعتبر المنطق الأساسي في ذلك هو أنك عندما تكون مضطراً لاستبدال عروضك بعروض من جهات ثالثة، فإنّ إدخال تلك العروض إلى منصتك من شأنه أن يرفع من قدرتها على اجتذاب المزيد من الزبائن، ما يعزز الطلب على عروضك ويزيد فرصة بيع منتجاتك وخدماتك. فضلاً عن ذلك، فإنّ إدخال عروض منافسة إلى منصتك يشجعك على إعادة تقييم الميزات التنافسية لعروضك الخاصة والتركيز على تعزيزها، ما يعني إفساح المكان لجهات ثالثة في بعض المجالات

2- إقامة الاتصال بين الزبائن من أجل اختيار المنصة المناسبة لتسويق المنتج

في هذا السيناريو، تبيع منتجاً أو خدمة لشريحتي زبائن منفصلتين تتواصلان مع بعضهما خارج نطاق عروضك. وهنا تستطيع أن تصبح منصة متعددة الجوانب من خلال تعديل عروضك أو توسيعها بحيث أنّ بعض عناصر ذلك التواصل أو التعامل بين شريحتي الزبائن على الأقل تتم عبر منتجك أو خدمتك.

يجري استخدام برنامج "كويك بوكس" من قبل شريحتي الشركات الصغيرة كما المحاسبين الاحترافيين. وهكذا قامت شركة "إنتويت" بإدخال وظيفة إضافية إلى وظائف البرنامج من شأنها أن تمكّن الشركات الصغيرة من إيجاد المحاسبين الاحترافيين ذوي الخبرة في جوارها الجغرافي والتواصل معهم وتبادل الملفات فيما بين الشركات والمحاسبين عبر برنامج "كويك بوكس".

هنالك شريحتان من الزبائن لدى شركة "جارمين" ومثيلاتها من شركات أجهزة اللياقة البدنية القابلة للارتداء: شريحة المستهلكين، وشريحة المدربين الرياضيين. وتقوم العديد من الشركات التي تعرض مثل تلك الأجهزة باستضافة منصات على شبكة الإنترنت (مثل موقع "جارمين كونتاكت") لتخزين بيانات اللياقة والصحة البدنية. وهكذا عملت شركة "جارمين" على تمكين شريحة مستهلكي منتجاتها من تبادل بياناتهم عبر منصتها مع شريحة المدربين الرياضيين، وبالتالي تعزيز التفاعل بين هاتين الشريحتين. وللحصول على مزيد من القيمة المضافة عبر هذه الاستراتيجية قامت شركة "جارمين" بفرض أجور مالية على المدربين مقابل الاستفادة من برنامج اكتتاب الزبائن والوصول إلى بياناتهم الشخصية، وذلك بغية مراقبة نشاطهم وتطورهم.

يُظهر هذا السيناريو كيف أنّ شرائح مختلفة من زبائن نفس الخدمة أو المنتج يمكنها أن تتحوّل إلى مجموعات زبائن على نفس المنصة متعددة الجوانب. على سبيل المثال، يشكّل الرجال والسيدات شريحتي زبائن لأحد صالونات حلاقة الشعر (من دون أية تسهيلات مقدّمة من صالون الحلاقة للتفاعل بين الشريحتين)، لكن تشكل هاتان الشريحتان في المقابل مجموعتي زبائن لشركة خدمات التعارف بين الجنسين. وهكذا، فإذا كان صاحب صالون الحلاقة رائد أعمال ناجح، بإمكانه توسيع خدماته وتقديم تسهيلات التعارف بين الشريحتين عبر صالونه، ما يحوله إلى منصة متعددة الجوانب.

قامت شركة "إنتويت" بإدخال وظيفة إضافية إلى وظائف برنامج "كويك بوكس" لتمكين الشركات الصغيرة من إيجاد المحاسبين الاحترافيين ذوي الخبرة في جوارها الجغرافي والتواصل معهم.

في المقابل، هنالك نقطتان سلبيتان مرتبطتان بهذه الاستراتيجية. الأولى أنك ربما تقع في خطأ هدر الموارد على ميزة لا تضيف إلى شركتك وزبائنك في نهاية المطاف سوى قيمة منخفضة لا تتناسب مع الموارد المستثمرة. والأسوأ من ذلك أنّ ميزة المنصة متعددة الجوانب تشكّل ضرراً جسيماً إذا ما تلقاها الزبائن بوصفها تتعارض مع قيمة خدمتك أو منتجك الأساسي. فبعض زبائن صالون الحلاقة الذي يقدّم خدمات التعارف أيضاً لا يرغبون في الدخول ضمن هذه التجربة التي تحتمل الفشل. ويخشى البعض الآخر من أنّ تقديم خدمات التعارف إنما يعني أنّ صالون الحلاقة لا يركّز جلّ اهتمامه على تقديم أفضل سوية ممكنة لحلاقة الشعر.

ولنا فيما حدث لمنصة "بيت المزاد" التابعة لشركة "بليزارد إنترتينمنت" للترفيه والتسلية المتخصصة بألعاب الفيديو "ديابلو" مثال سيء يدعونا إلى توخّي الحذر. فبعدما لاحظت الشركة أنّ لاعبي "ديابلو" يقومون بشكل روتيني ببيع وشراء السلع الرقمية على موقع "إيباي" وغيره من المنصات الخارجية، أنشأت الشركة منصة "بيت المزاد" عام 2012، لتسهيل تلك التعاملات التجارية أمام اللاعبين، إذ سمحت لهم ببيع وشراء السلع الرقمية مقابل "العملة الذهبية" (وهي العملة المعتمدة في لعبة "ديابلو") أو مقابل الدولار الأميركي، غير أنّ الشركة فرضت أجوراً على كل عملية بيع أو شراء تجري بوساطتها. لكن سرعان ما اتّضح أنّ هذه الميزة الجديدة إنما تشجّع اللاعبين على سلوك تصرفات غريبة. فكثير من اللاعبين باتوا يلجؤون ببساطة إلى شراء السلع من "بيت المزاد" بوصفها طريقة أسهل للوصول إلى المستويات الأعلى في اللعبة، من تمضية ساعات طوال في قتل الوحوش والبحث عن الغنائم في متاهات اللعبة. في حين كان لاعبون آخرون يجهدون أنفسهم في تضخيم حساباتهم باللعبة فقط لكي يبيعوها في "بيت المزاد" ويقبضوا ثمنها. وهكذا، بعد إدراك أنّ هذا السلوك الغريب إنما يقوّض القيم التي تقوم عليها اللعبة، قامت شركة "بليزارد" بإغلاق "بيت المزاد" عام 2014.

من الضروري إذن إجراء دراسات في السوق والقيام بتجارب واختبارات على أرض الواقع للإجابة عن الأسئلة التالية: هل من المرجح أن يؤدي الربط والتفاعل بين شرائح مختلفة من زبائن عروضنا إلى تحقيق الفائدة لبعضهم البعض؟ وإذا كان الجواب نعم، هل بوسع منتجنا أو خدمتنا تعزيز تلك الروابط بشكل كبير؟ وكيف ستكون ردة الفعل المحتملة لزبائننا على إضافة ميزة المنصة إلى عروضنا، وكيف ستؤثر تلك الميزة على طريقة تعاملهم مع عروضنا الأساسية.

أما النقطة السلبية الثانية فتتمثّل، كما في السيناريو الأول، في أنك على الرغم من أنّ جلّ ما تقوم به لا يتعدى تسهيل التواصل والتفاعل بين طرفين، فإنّ أياً منهما إذا كان غير راض عن الآخر، يحمّلك جزءاً من المسؤولية عن ذلك. هذا يعني أنّ من واجبك أخذ الحيطة واتخاذ الإجراءات المناسبة لتخفيض (أو إلغاء) احتمال أي تفاعل غير مرض بين الأفرقاء. هكذا سيتوجّب على شركة "إنتويت" توخّي الدقة والحذر في اختيار المحاسبين الذين تنصح بهم زبائنها عبر ميزة المواءمة على منصة "كويك بوكس".

3- ربط المنتجات للربط بين الزبائن

تقوم في هذا السيناريو ببيع منتجين أو خدمتين إلى قاعدتي زبائن مختلفتين تتفاعلان فيما بينهما خارج نطاق عروضك. وبمقدورك أن تغدو منصة متعددة الجوانب من خلال تعديل عروضك أو توسيعها ليجري جزء على الأقل من ذلك التفاعل عبر أحد هذين العرضين أو كلاهما معاً.

تُعتبر "كاردز أجينست هيومانيتي" لعبة شهيرة يقوم فيها اللاعبون بملء الفراغات في بعض المقولات بكلمات أو عبارات قائمة على روح الفكاهة مطبوعة على بطاقات لعب مادية. ويستمر مخترعو هذه اللعبة في بيعها للزبائن مع كل حزم توسيعها، غير أنهم ابتكروا أيضاً موقع "بلاك بوكس"، وهو موقع منفصل يقومون من خلاله ببيع خدمات إتمام المعاملات التجارية (مثل معالجة بطاقات الائتمان، وخدمة الزبائن، والشحن) إلى فنانين مستقلين يرغبون في بيع منتجاتهم بما في ذلك مطورو ألعاب بطاقات لعب أُخرى كجهة ثالثة. هاتان الخدمتان تشكّلان حالياً عرضين منفصلين، غير أنّ، بمقدور الشركة خلق منصة متعددة الجوانب من خلال ربطهما معاً. فبوسعها، على سبيل المثال، السماح لزبائن "بلاك بوكس" بالإعلان عن ألعابهم لمستخدمي "كاردز أجينست هيومانيتي" عبر حزم التوسيع. وبإمكانها أيضاً اللجوء إلى طريقة أكثر تطوراً، وذلك من خلال السماح لزبائن "بلاك بوكس" أن يختبروا نماذج ألعابهم على متطوعين من مستخدمي "كاردز أجينست هيومانيتي" للاستفادة من تقييمات وملاحظات أولئك الزبائن.

تقدم مكاتب الائتمان مثل "إكويفاكس" و"إكسبيريان" و"ترانس يونيون" مجموعة من الخدمات مثل (تقييم درجة الملاءة المالية، والحماية من سرقة الهوية، وغيرهما من الخدمات) للزبائن، بالإضافة إلى مجموعة من الخدمات الأُخرى مثل (تقارير ائتمانية حول المستهلكين والشركات) للمؤسسات المالية. ترتكز مجموعتا الخدمات المختلفة على البيانات ذاتها، إلا أنّ شريحتي الزبائن تتفاعلان خارج نطاق تلك الخدمات (كما في حالة تقديم المستهلك طلب الرهن العقاري إلى مؤسسة مالية) من دون أية تسهيلات مباشرة من مكاتب الائتمان.

وبإمكان مكاتب الائتمان خلق منصات متعددة الجوانب على شبكة الإنترنت تمكّن الزبائن من الحصول على تقييمات درجة الملاءة المالية وتلقي العروض المستهدفة من المؤسسات المالية. (وهذا هو نمط أعمال شركات ناشئة مثل "كريديت كارما" و"لينديو"). ومن شأن هذه المنصات أن تذهب أبعد من ذلك وتمكّن المستهلكين من إنشاء صفحات بيانات رقمية خاصة بهم بحيث يمكنهم عندئذ استخدامها لتقديم طلبات مباشرة للحصول على المنتجات المالية للمؤسسات المشاركة (بشكل مشابه للطريقة التي تسمح فيها شركة "إنتويت" لزبائن برنامج "كويك بوكس" بتقديم طلبات الاستفادة من المنتجات المالية عبر برنامج "كويك بوكس فاينانسينغ").

وتقدّم شركة "نيلسن" منتجات "ووتش" للمراقبة إلى الشركات الإعلامية (بيانات حول عادات مشاهدة التلفاز من قبل المستهلكين)، كما تقدم منتجات "باي" للشراء إلى مصنّعي السلع الاستهلاكية (بيانات حول عادات الشراء لدى المستهلكين). فليس من المستبعد أن تقوم هذه الشركة بتمكين شركات البضائع الاستهلاكية المعبّأة من التواصل مع الشركات الإعلامية المناسبة لأهداف إعلانية.

يقوم هذا السيناريو بتسليط الضوء على كيفية تحوّل شركة متعددة المنتجات إلى منصة متعددة الجوانب تستفيد من تأثير الشبكة. على سبيل المثال، بإمكان مكاتب الائتمان، من خلال زيادة بيع منتجات الائتمان وحماية الهوية من السرقة للمستهلكين، تحسين عروضها للمؤسسات المالية (التي تستثمر في بيانات المستهلك)، وبالتالي تحقيق درجة أكبر من اقتصادات المجال عبر تنويع المنتجات. وفي حين أنّ ذلك لوحده يشكّل إنجازاً قيّماً، فبوسع مكاتب الائتمان خلق المزيد من القيمة المضافة عبر ربط شريحتي المنتجات بغية تسهيل المعاملات التجارية بين المستهلكين والمؤسسات المالية (كما ذكرنا سابقاً). ما يخلق منصة متعددة الجوانب ويُحدث تأثير الشبكة: فإذا ازداد عدد المستهلكين المستفيدين من منتجات الائتمان وحماية الهوية من السرقة، فإنّ قيمة العروض المقدمة للمؤسسات المالية ترتفع أيضاً، إذ تصبح حينئذ قادرة على التعامل مع عدد أكبر من المستهلكين بفعالية أكبر والعكس صحيح.

هناك خطران مرتبطان بهذه الاستراتيجية، يتمثّل أوّلهما في أنك، كما في السيناريو رقم اثنان، تهدر الموارد على ميزة محددة لا تحقق لزبائنك أو لشركتك في نهاية المطاف سوى قيمة ضئيلة جداً نسبة لقيمة المنتج أو الخدمة الأساسيين. أما الخطر الثاني، فيتجلّى في أنّ السعي إلى تحقيق التفاعل الأمثل بين زبائن المنتجات المختلفة يُفضي إلى خيارات تصميم تحدّ من إمكانية التطور الذاتي لأحد المنتجات. ومرة أُخرى، يتحتّم علينا إجراء دراسات في السوق والقيام بتجارب واختبارات على أرض الواقع للإجابة عن الأسئلة التالية: هل يمكن لجزء ملحوظ من زبائن عروضك أن يحقق فائدة أكبر بشكل ملحوظ من التعاملات التجارية التي تجري من خلالك؟ وإن كانت الحال كذلك، هل يمكن لعروضك أن تعزز تلك التعاملات فعلاً؟ وكيف يمكن أن تكون ردة فعل زبائن عرضيك على إضافة ميزة المنصة متعددة الجوانب؟ وكيف لتلك الميزة أن تؤثر على طريقة تعامل الزبائن مع منتجاتك الأصلية؟

4- التحوّل إلى مورد لمنصة متعددة الجوانب

في هذا السيناريو، تغدو منصة متعددة الجوانب من خلال خلق عرض لزبائن زبائنك من شأنه أن يعزز قيمة المنتج أو الخدمة التي يشترونها من زبائنك. (وبالرغم من أنّ هذه الاستراتيجية ممكنة منطقياً، غير أننا لم نلمس أمثلة على نجاح تطبيقها حتى الآن).

من المهم التأكيد على أنّ هذه الاستراتيجية تتخطى الاستراتيجية التقليدية المعروفة باسم "العلامة التجارية الفارقة للمكونات"، والتي يُنظر إليها أيضاً بوصفها نهج "زبائن الزبائن". وبالفعل، فقد خلق بعض موردي المكونات الأساسية علامات تجارية فارقة في عيون زبائن زبائنهم مثل (شعار "إنتل إنسايد" لشركة "إنتل")، ما يسمح لهم باستجرار قيمة أكبر من زبائنهم. ولكن نظراً لكون موردي المكونات لا يقدمون منتجات أو خدمات إلى زبائن زبائنهم مباشرة، فلا يشكّلون منصات متعددة الجوانب.

وتكمن النقطة السلبية الأساسية في هذا السيناريو: أنه من المرجح أن تكون ردة فعل زبائنك سلبية حيال أي خطوة للوصول إلى زبائنهم. ومع ذلك، نعتقد أنّ هذه الاستراتيجية يمكن أن تكون صالحة للتطبيق في ظل ظروف معينة. ويكمن مفتاح الحل هنا في إقناع زبائنك أنّ المنتج الذي تقدّمه إلى زبائنهم إنما هو في حقيقة الأمر مكمّل أكثر من كونه منافساً للعرض الذي يقدمونه.

تُعتبر "شوبيفي" شركة رائدة تزود تجار الإنترنت والبيع بالتجزئة بأدوات التجارة الإلكترونية. ولا تمتلك حالياً أي ربط مباشر مع زبائن زبائنها. غير أنّ بمقدورها إطلاق "صفحة تسجيل دخول عام" أو "برنامج ولاء" لمستخدمي مواقع زبائنها. ويتوقف نجاح هذه المبادرة على مقدرة "شوبيفي" على إقناع زبائنها التجار بأنّ ما تقوم به يشكّل خدمة قيمة مُضافة أكثر من كونه مجرد محاولة للسيطرة على علاقاتهم مع زبائنهم.

يتحدد قرار تحويل عرض ما إلى منصة متعددة الجوانب وكيفية إجراء هذا التحويل بهوية زبائنك وبكيفية تعاملك وتواصلك معهم في الوقت الحالي، وبكيفية تعاملهم فيما بينهم. ولعلّ أبرز التحديات الأساسية التي ترافق هذا المسعى يتمثّل في الانتقال من عالم تمتلك فيه سيطرة كاملة بنسبة 100% على العروض التي تُقدم لزبائنك، إلى عالم آخر تقتصر فيه قدرتك في التأثير على ما يُقدّم لهم من قيمة مضافة (عبر جهات ثالثة أو من خلال التفاعل فيما بينها).

أما الاعتبار الأخير في كيفية اختيار المنصة المناسبة لتسويق المنتج بشكل صحيح، فيكمن في التحديات التنظيمية والقيادية. وإذا كانت الشركة تتمتع بسمعة قوية متجذّرة في ابتكار المنتجات وعرضها، فإنّ التحول إلى استراتيجية تركّز على ميزة المنصة متعددة الجوانب ربما يكون صعباً بالنسبة للموظفين الذين يتماهون بعمق مع تلك المنتجات. كما إنّ الشركات التي تبيع منتجات أو خدمات ناجحة غالباً ما تمتلك أقسام بحث وعمليات تطوير قوية بالإضافة إلى العديد من المهندسين في مناصب قيادية، ويقوم التحوّل إلى استراتيجية منصة متعددة الجوانب على الإدارة الماهرة للعلاقات مع جهات ثالثة ربما يستدعي تسليم مناصب وأدوار قيادية مهمة لاحترافيين في مجالي تنمية الأعمال والتسويق، ما يولّد صراعاً داخلياً. علاوة على ذلك، وبينما تنتقل استراتيجية الشركة من التركيز على المنتجات أو الخدمات إلى التركيز على ميزة المنصة متعددة الجوانب، فإنّ مجالس الإدارة والمدراء التنفيذيين وفرق الإدارة العليا تجد صعوبة في التعامل مع استراتيجيات متعددة أو هجينة، وفي تبنّي واتباع مقاييس أداء جديدة، وتطبيق درجة من المواءمة التكنولوجية أو خبرة الزبائن بين منتجات وخدمات كانت منفصلة في السابق.

ومع ذلك، عندما تؤمن بأنّ خلق منصة من منتجاتك أو خدماتك سيُتيح لك فرصاً عظيمة للنمو ويزيد ربحية شركتك ويُحبط المخاطر التنافسية المحتملة، فإنّ السعي في سبيل تحقيق هذا التحوّل يستحق الجهد والعناء من أجل اختيار المنصة المناسبة لتسويق المنتج بشكيل صحيح.

اقرأ أيضاً: تعرف على الاستراتيجية الأفضل للتسويق من خلال وسائل التواصل الاجتماعي

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي