على الرغم من أن 70% من الشركات ما زالت ترقّي من داخلها لشغل منصب الرئيس التنفيذي، فإن هناك أعداداً متزايدة من الشركات خلال العقود الأخيرة بدأت تبحث خارجها عن رؤساء تنفيذيين جدد، بحجة أنهم يستطيعون تحسين خبراتها في مجال آخر لتعزيز الابتكار والتعلم والأداء المرتفع. الدراسات متضاربة حول أداء هؤلاء المعينين من الخارج، لكن يبدو أن الموظفين الداخليين يتمتعون بميزة تنافسية طفيفة.
كنا مهتمات بموضوع المرأة القيادية في مجال الطب، وبمعرفة ما إن كانت المراكز الطبية الأكاديمية الكبرى تميل إلى ذلك التفضيل الذي ما زال سائداً بترقية القيادات من داخلها بما أن تعقيدات مجال الرعاية الصحية قد تجعل الكفة ترجح لصالحهم، وإذا صح هذا، ما إن كان ذلك النمط يفيد أم يضر المرشحات من النساء اللائي يعانين حالياً من نقص في تمثيلهن بالمناصب العليا.
لمعرفة الإجابة، درسنا المؤسسات الطبية الأكاديمية الرائدة الثلاث عشرة التي وردت في كلٍّ من قائمة الشرف لأفضل المستشفيات بمجلة "يو إس نيوز آند وورد ريبورت" لعام 2017-2018 وتقرير أفضل كليات الطب لعام 2018. (انظر القائمة في آخر المقالة). نظرنا في تاريخ التعيينات لـ 185 رئيس قسم و13 عميد كلية، واكتشفنا أن المعينين في كلا المنصبين تزداد فرص تعيينهم إلى حد ما من خارج المؤسسة (56% لرؤساء الأقسام، و54% لعمداء الكليات).
اقرأ أيضاً: ما هي الضغوط الخفية التي تدفع النساء إلى ترك العمل بمجال الهندسة؟
ومع ذلك، على الرغم من زيادة أعداد العمداء من الرجال مقارنة بالنساء بنسبة 3 إلى 1 (وهي نسبة لم تزل شائعة في المناصب القيادية بمجال الرعاية الصحية)، فوجئنا باكتشاف أن ثلاثة فقط من العمداء الذكور العشرة قد تمت ترقيتهم من داخل المؤسسة، بينما حدث ذلك مع العميدات الثلاث جميعاً.
لا شك أن هذه أرقام صغيرة، لكنها ذات دلالة مهمة إحصائياً. ليس من المرجح أن يكون هذا الخلل بحد ذاته في توزيع الذكور والإناث داخل الهيئات الطبية الأكاديمية محض صدفة، وهو يثير تساؤلات مهمة.
تعيين القيادات النسائية من داخل المؤسسات الطبية
ما سبب هذا الميل نحو تعيين القيادات النسائية من داخل المؤسسة؟ أحد الاحتمالات هو أن التحيزات اللاواعية ضد النساء تصبح أقوى عندما لا تكون المرشحة معروفة بصفة شخصية داخل المؤسسة. على الرغم من قلة الدراسات في مجال الرعاية الصحية التي تتناول هذه النقطة، فإن هناك دراسات عديدة في قطاعات أخرى تثبت أن الرجال ينالون اهتماماً أكبر خلال التعيينات الخارجية وممارسات التوظيف، بينما تكون النساء في سوق العمل الخارجية أكثر عرضة للرفض في المناصب القيادية. لقد ركزت شركات عديدة على ضمان عدالة عملية الترقيات الداخلية، إلا أن الدراسات الحديثة تثبت أن ممارسات التعيين الخارجية مليئة بالتحيزات ضد المرأة بما يعزز عدم المساواة بين القادة في المناصب العليا.
التحيز ضد المرأة في عمليات التوظيف الخارجية ليس مجحفاً فحسب، بل وقد يعوق أيضاً نجاح المؤسسة. استطاع بوريس غرويسبرغ، الأستاذ بكلية هارفارد للأعمال، عن طريق دراسته مجالاً مختلفاً من أجل تأليف كتابه "ملاحقة النجوم" (Chasing Stars)، أن يثبت أن من بين المصرفيين العاملين بالبنوك الاستثمارية في "وول ستريت" والمعيّنين من الخارج، بدت النساء أكثر قدرة على تحمل ضغوط بيئة العمل الجديدة عن نظرائهن الذكور. إذ يعاني الذكور المُعيَّنون حديثاً من خارج المؤسسة تراجعاً في أدائهم بعد انتقالهم، بعكس النساء المُعيَّنات من الخارج.
تثير النتائج التي توصلنا إليها مخاوف بشأن التحيز ضد المرأة خلال استقطاب القادة وتعيينهم في المؤسسات الطبية الرائدة، لذا ينبغي لهذه المؤسسات أن تسعى إلى فهم هذه المشكلة التي تواجه المرأة القيادية في مجال الطب لوضع حلول لمعالجتها. لقد أصبح هذا التحدي أكثر إلحاحاً مع تزايد أعداد النساء الملتحقات بكلية الطب هذا العام عن أعداد الرجال. على الرغم من أن المجال الطبي قد نجح في محو التحيز ضد المرأة في مرحلة القبول بالكليات، فإنه يجب عليه أن يضاعف جهوده لتصحيح الاختلالات المستمرة في المناصب العليا.
المؤسسات الخاضعة للتقييم: ستانفورد، جونز هوبكنز، جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو، جامعة بنسلفانيا، كولومبيا، ييل، ديوك،جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس، جامعة ميشيغان، جامعة هارفارد (مركز بيث الطبي، ومستشفى بريغام آند ويمن، ومستشفى ماساتشوستس العام)، كليفلاند كلينك، جامعة واشنطن سانت لويس، مايو كلينك.
اقرأ أيضاً: