إليك هذه القصة التي تتحدث عن الرئيس التنفيذي لشركة تيلراي تحديداً. انتقلت في شهر مايو/ أيار من عام 2010 للعمل في أحد فروع "بنك وادي السيليكون" (SVB)، وقضيت أيام عملي آنذاك في التحدث إلى أفراد موهوبين، بمن فيهم الرؤساء التنفيذيون ومؤسسو الشركات المُزعزعة التي تسعى إلى تحقيق المستحيل. لقد منحوا فريقي فرصة فريدة للاطلاع على المنتجات والشركات والعلامات التجارية التي لم تخرج إلى الوجود بعد، التي يُحتمل ظهورها يوماً ما. والتقيت ظهيرة أحد الأيام مسؤولي شركة ناشئة في كاليفورنيا تصف نفسها بأنها "شركة تكنولوجية متخصصة في إنتاج القنّب الطبي"، برفقة كريستيان غرو، زميلي في البنك وصديقي منذ فترة طويلة. لم ينل فريق الشركة أو استراتيجيتها أو حتى نموذج أعمالها إعجابنا، لكن القضية الأكبر تمثّلت في جهلنا بكيفية تقييم شركة ناشئة في هذا القطاع، ذلك أننا لم نفكر مطلقاً في القنّب باعتباره فرصة تجارية مشروعة.
بعد أيام قليلة من الاجتماع، سمعت تقريراً إخبارياً على إذاعة "ناشيونال بابليك راديو" (NPR) حول "الاقتراح 19" الذي سيُطرح للاقتراع في كاليفورنيا في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني. حيث طالب "المقترح 19" بإضفاء الشرعية على "استخدام البالغين" للقنب في الولاية. تملّكني حب الاستطلاع، واتصلت بمايكل بلو، زميلي في كلية إدارة الأعمال وأحد أصدقائي القدامى. أقرّت 15 ولاية و15 دولة بمشروعية الاستخدام الطبي للقنب، في حين لم تُقر أي ولاية أو بلد بمشروعية تعاطيه من قبل "البالغين" أو استخدامه "للأغراض الترفيهية". إلا إنني بدأت وكريستيان ومايكل نتساءل عن إمكانيات هذا القطاع الناشئ، وبدأنا إجراء المكالمات الهاتفية والبحث.
وبعد بضعة أشهر، تم التصويت برفض "المقترح 19" في كاليفورنيا. بدا لنا ذلك ضرباً من الإخفاق، إلا أننا شعرنا بالارتياح بعض الشيء خشية ضياع هذه الفرصة من بين أيدينا. وعلى الرغم من صعوبة إجراء حسابات دقيقة، فقد قدّرنا أن القنب الطبي القانوني والقنب الترفيهي غير القانوني شكّلا معاً صناعة تتراوح قيمتها بين 40 مليار دولار إلى 50 مليار دولار في الولايات المتحدة، و150 مليار دولار إلى 200 مليار دولار على مستوى العالم. ووجدنا أن هذا القطاع مجزأ إلى حد كبير وتُهيمن عليه شركات غير ناضجة، دون وجود علامات تجارية راسخة، فضلاً عن عدم اتساق معايير الجودة، وفرض قيود صارمة على الوصول إلى رأس المال، وعدم وجود إدارة محترفة. وارتأينا إمكانية تأسيس شركة لاكتساب ميزة المتحرك الأول، صاحب السبق، قبل حصول تطورات في عملية إقرار مشروعية إنتاج القنب.
يقول الرئيس التنفيذي لشركة تيلراي في حديثه: قدّمتُ إشعاراً للبنك في شهر ديسمبر/ كانون الأول من عام 2010، وبدأت تطوير خطة عمل مع كريستيان ومايكل. وتمثّلت فكرتنا الأولية في إنشاء شركة لرأس المال المغامر (أو ما تسمى شركة لرأس المال الجريء) تستثمر في الشركات الناشئة المتخصصة في إنتاج القنب، لكن تبيّن لنا أن المسألة أكثر تعقيداً من هذا، فقد شعرنا أننا لا نستطيع الوثوق بأي من الشركات العاملة في هذا المجال ومنحها رأس المال الذي نمتلكه، وقررنا التركيز على نموذج شركة قابضة تابعة للقطاع الخاص، يُتيح لنا امتلاك محفظة استثمارية كاملة من الشركات، وإدارتها وتنميتها بهدف جعل كل من هذه الشركات رائدة في قطاعها السوقي المعني.
الرئيس التنفيذي لشركة تيلراي والتوجه نحو الهضاب والحقول
ولدتُ في سان فرانسيسكو، وكان ترتيبي السادس من بين سبعة إخوة. لم نكن نمتلك الكثير من المال في صغري، وبما أنني كنت بارعاً في ممارسة الأعمال اليدوية، بدأت العمل في البناء وأنا في السادسة عشرة من عمري. ثم درست الهندسة المعمارية في بيركلي وحصلت على درجة الماجستير في الهندسة المدنية من جامعة واشنطن. وبدأت خلال مرحلة الدراسات العليا كتابة البرمجيات، وانتهى بي المطاف إلى إنشاء شركة متخصصة في صناعة البرمجيات حسب الطلب، ثم أسست شركة ناشئة تركز على إمكانية استخدام الإنترنت. وبحلول عام 2002، خرجت من الشركتين بنتائج لا بأس بها، ولكنها ليست رائعة. وأصبحت الرئيس التنفيذي لشركتين في سن الثلاثين. وبما أن الشركات لا تحب توظيف فرد شغل منصب الرئيس التنفيذي مرّتين في سن الثلاثين، قررت الالتحاق بكلية إدارة الأعمال لإضفاء الطابع الرسمي على الخبرة العملية التي اكتسبتها. وبعد حصولي على ماجستير إدارة الأعمال من "جامعة ييل" في عام 2005، التحقت بالعمل في "بنك وادي السيليكون"، وشغلت منصب الرئيس التنفيذي للعمليات في قسم التحليلات المحوسبة الذي أنشئ مؤخراً.
حيث جرى التعاقد معي ومع زميلين لي لحل مشكلة ناجمة عن قانون جديد للضرائب يُلزم شركات رأس المال المغامر الناشئة بحساب القيمة السوقية لخيارات الأسهم التي أصدرتها للموظفين. ونظراً لعدم وجود سوق لتلك الخيارات، فقد مثّلت هذه المهمة تحدياً معقداً. فصممنا نموذجاً لمعالجة المشكلة في أثناء إنشاء شركة ناشئة داخل البنك. ونما فريقنا من ثلاثة موظفين إلى 125 موظفاً و3,000 عميل، من بينهم شركة "تيسلا"، عندما كانت تضم حفنة من الموظفين الذين يعملون في مستودع صغير في سان كارلوس بكاليفورنيا. وقد جلست في السيارة الأولى التي صنعها إيلون ماسك وقُدت السيارة الثانية. وتمثّل أحد أسباب بقائي في العمل في تمكني من مقابلة العديد من رواد الأعمال الرائعين الذين كنت أتعلم منهم أموراً جديدة كل يوم.
لم أكن أعرف الكثير عن قطاع صناعة القنب قبل أن نبدأ البحث فيه، ولطالما كنت لاعباً رياضياً أشارك في المسابقات الثلاثية، ولم أحب أبداً فكرة تدخين أي شيء، ولم أستمتع حتى بتجربة تعاطي القنب. ومع ذلك، كنت أمتلك آراءً تحررية قوية حول القوانين، وأعتقد أنه يجب السماح للناس باستخدام القنّب، وأن الحرب الأميركية على المخدرات التي أسفرت عن سجن ملايين الأميركيين تعتبر خطأً أخلاقياً.
عملت على تنمية مهارة التحدث مع الأفراد من مختلف الخلفيات منذ أيام عملي في البناء، وقد ساعدتني هذه المهارة عندما شرعنا في البحث. حيث توجّهنا إلى تلال شمال كاليفورنيا وجنوب أوريغون، وحقول كولورادو وواشنطن، ومخازن حبوب كولومبيا البريطانية، وإلى أي مكان يُزرع فيه القنب، سواء بشكل قانوني أو غير قانوني. كما توجهنا إلى جامايكا وإلى منتِجين معتمدين يعملون بالقرب من بحيرة طبرية. وزرت خلال رحلة إلى أمستردام أكثر من 80 مقهى يبيع القنّب في يوم واحد.
بدت هذه المهمة مرهقة في بعض الأحيان، فقد كنت أنا وزملائي المؤسسون ذوي مظهر أنيق مع تسريحات شعر قصيرة وملابس محافظة، وشكّ الكثير من الناس للوهلة الأولى في أننا عملاء فيدراليون لمكافحة المخدرات. فعملنا على كسب ثقتهم وتوطيد علاقتنا معهم، حيث طلبنا المئات من فناجين القهوة ووجبات الإفطار والغداء والعشاء وسألنا خبراء القطاع عدة أسئلة. وتُمثّل الشبكة التي بنيناها في تلك الأيام الأولى واحداً من أفضل الاستثمارات التي نفذناها على الإطلاق، ذلك أنها لا تزال تمدنا بمعلومات حول تطورات القطاع في جميع أنحاء العالم.
تأملنا بيانات الاقتراع
وقد لاحظنا أمراً مثيراً للاهتمام على الفور:
فمركز "غالوب" لاستطلاعات الرأي يتقصى رأي الأميركيين فيما إذا كانوا يدعمون تشريع استعمال القنب منذ عام 1973. درسنا البيانات عن كثب ووجدنا أن هناك توجهاً نحو القبول المتزايد للاستخدام الطبي للقنب في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وأصبحنا أكثر ثقة في عام 2015 أن حظر القنب سينتهي يوماً ما.
وصفُ الأفراد لنا بالجنون
بدأنا إعداد أطروحة الاستثمار الخاصة بنا بتأنٍّ شديد: (1) كان القنّب الطبي في طريقه ليصبح علاجاً شائع الانتشار في جميع أنحاء العالم. (2) وكانت معظم الجهات الفاعلة الحالية في القطاع تركز على مكانتها الصغيرة أو سوقها الجغرافي، في حين لاحظنا تحولاً في النماذج السائدة على الصعيد العالمي عندما أفسح الحظر المجال أمام إضفاء الشرعية. (3) ومع حدوث هذا التحول، سيصبح القنب صناعة رائجة مثل أي صناعة أخرى، مع علامات تجارية موثوق بها وسلاسل توريد متعددة الجنسياتK لذلك، سعينا للاستثمار في الشركات التي يمكن أن تستفيد من هذه التوجهات.
أدركنا مع تطور أطروحة الاستثمار أن العمل بصفتنا شركة رأسمال مغامر لم يكن أفضل نهج، ذلك أن شركات رأس المال المغامر تركز على الاستثمارات في المراحل الأولى، وهي بحاجة إلى وضع استراتيجية خروج في غضون سبع سنوات حتى تتمكن من إعادة الأموال إلى شركائها الموصين. لكن بدا من الصعب بالنسبة إلينا التنبؤ بالإطار الزمني لشركة متخصصة في صناعة القنب. كنا نؤمن بإمكانية تحقيق النجاح في المستقبل، إلا أننا لم نكن واثقين من وقت بلوغ هذا الهدف. كنا بحاجة إلى المرونة لشراء شركات بأكملها، ولإجراء استثمارات بنسبة أقلّ من 50% من أسهم الشركات، وللتعامل مع عدم اليقين تجاه وقت تحقيق العائد وكيفية تحقيقه. وقد قررنا تشكيل شركة أسهم خاصة أطلقنا عليها اسم "برايفاتير هولدينغز" (Privateer Holdings).
كان جمع الأموال مستحيلاً تقريباً خلال العامين الأولين، وظن الناس أننا مجانين. ولم يكن أحد ليقبل لقاءنا لو لم نكن نحمل شهادات الماجستير في إدارة الأعمال وندير الكثير من أموال شركات رأس المال المغامر. وأجرينا الكثير من الاجتماعات مع عملاء مرتقبين كنا نعرف أنهم لن يجروا أي استثمار على الإطلاق، فأثنى بعضهم على بحثنا الشامل، في حين سخر الآخرون من الفكرة، وتحدّتنا قلة منهم بشكل مباشر قائلين: "ما الذي يدعوكم للتخلي عن مجالات أعمالكم في سبيل تأسيس شركة للاتجار في القنب؟".
وفي شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2012، أقرت واشنطن وكولورادو الاستخدام الترفيهي للقنب، وأجازت ولايتان أخريان استخدامه للأغراض الطبية، ولم يعد أحد يصفنا بالجنون فجأة. وبحلول ذلك الوقت، أظهرت استطلاعات الرأي أن 70% من الأميركيين يؤيدون استخدام القنب في الأغراض الطبية، وأن 50% يؤيدون استخدامه في الأغراض الترفيهية. ولم تكن نتيجة هذا الاستطلاع بمثابة نقطة تحول كبيرة، لكنها كانت خطوة في الاتجاه الصحيح.
وتمثّل أول استحواذ لنا في موقع "ليفلي" (Leafly) وهو موقع إلكتروني يستعرض أصنافاً مختلفة من القنب. أحببنا هذا العمل التجاري وفريق الموقع، فهو يُتيح لنا الحصول على رؤى ثاقبة فيما يتعلق بتفضيلات المنتج والمستهلك. وبما أن موقع "ليفلي" عبارة عن موقع متخصص بعمليات النشر، لم تكن هناك أي شكوك حول مشروعيته، وهو ما اعتبر بمثابة ميزة إضافية. كما أنه لا يزال يُعتبر المصدر الأول على الإنترنت للحصول على معلومات حول القنب حتى يومنا هذا.
ترحيب كندي
يضيف الرئيس التنفيذي لشركة تيلراي بحديثه: تواصلت حكومة كندا معنا في عام 2013، حيث كانت تنتج القنّب من خلال عقد واحد وترغب في التحول إلى شبكة تنافسية مملوكة للقطاع الخاص تضم المزارعين والمصنّعين والموزعين. يواجه مقدمو طلبات الحصول على التراخيص الفيدرالية الكندية صعوبة في العثور على مستثمرين، وطلبت وزارة الصحة الكندية بصفتها الدائرة الوطنية للصحة العامة من شركة "برايفاتير" النظر في دعم بعض الشركات الناشئة. أجرينا دراسة دقيقة للعروض المقدمة من 60 شركة كانت قد تقدمت بطلب إلى البرنامج، إلا أننا لم نجد أي شركة مناسبة للاستثمار. لذلك، أبلغنا الحكومة برغبتنا في إنشاء شركتنا الخاصة وتمويلها بأنفسنا. وانطوى رد الحكومة على التحرك في تأسيس الشركة بشكل سريع مع وعد منها بالتحرك بالسرعة نفسها. فسارعنا بتأسيس شركة "تيلراي"، وتقدمنا بطلب للحصول على ترخيص، واشترينا أرضاً، وبنينا منشأة للزراعة. وبحلول شهر أبريل/ نيسان من عام 2014، شحنت الشركة أول منتجاتها بصفتها شركة منتِجة معتمدة لمنتجات القنب الطبية في كندا.
كانت منشأتنا الزراعية مختلفة تماماً عن أي منشأة بُنيت من قبل. وبما أنني كنت أتمتع بخلفية في البناء والمعمار والهندسة، اتبعنا آلية الهندسة العكسية بعد معاينة العمليات التشغيلية في جميع أنحاء العالم، وتمكّنا من الجمع بين أفضل الأفكار في منشأتنا، وأسسنا مختبر تجارب خاصاً بنا و40 مشتلاً متماثلاً حتى نتمكن من إجراء اختبارات أ/ب، حيث استخدمنا نباتات تمتلك الصفات الوراثية نفسها وتحكمنا بكل شيء مع اختلاف عامل واحد فقط تمثّل في مستوى ثاني أكسيد الكربون أو الرطوبة أو الإضاءة. واتبعنا طرقاً علمية في زراعة القنب تختلف عن تلك المتبعة في أماكن زراعته الأخرى. وأصبحت شركة "تيلراي" أول شركة لزراعة القنب تُجري تجارب سريرية معتمدة من قبل وزارة الصحة الكندية نتيجة اتباع هذا النهج. وبلغ عدد التجارب المُعلنة اليوم 10 تجارب سريرية، بالإضافة إلى بناء علاقات عديدة مع الموزعين، بما في ذلك عقد اتفاقية عالمية مع شركة "ساندوز" (Sandoz) التابعة لشركة "نوفارتس" (Novartis).
وفي شهر ديسمبر/ كانون الأول عام 2014، عقدنا استثماراً مع شركة رأس المال المغامر "فاوندرز فاند" (Founders Fund) لمؤسسها بيتر ثيل، الذي اعتُبر أول استثمار مؤسسي في صناعة القنب. وأنتهز هذه الفرصة للثناء على جهود بيتر وجيف لويس اللذين قادا الاستثمار، بالإضافة إلى جهود فريقهم بأكمله الذي دعم هذه القفزة الجريئة والمتناقضة. وقد مثّل هذا الاستثمار عملية تحول بالنسبة إلينا، فقد منح أشخاصاً أذكياء آخرين فرصة الاستثمار معنا. وبحلول شهر أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018، جمعنا مبلغاً قدره 1.1 مليار دولار.
كان لدى كندا العديد من صغار منتجي القنب، ولم يكن أي منهم يحقق أرباحاً كبيرة، وهو ما دفع العديد منهم إلى اتخاذ قرار بطرح أسهم شركاتهم في الاكتتاب العام الأولي في بورصة "تورونتو". وبحلول عام 2017، بدأنا نفكّر في الطرح العام الأولي في بورصة "تورونتو" أيضاً. وعندما قابلنا المؤسسات الاستثمارية في بوسطن ونيويورك، أفادت العديد منها بعدم القدرة على الاستثمار في كندا وشجعنا مؤسسوها على طرح أسهم شركتنا للاكتتاب العام في الولايات المتحدة، وذلك لرغبتهم في وجود شركة قنّب مدرجة في الولايات المتحدة، وخاضعة لإشراف هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، وتستخدم مبادئ محاسبية متعارفاً عليها. كانت هذه الفكرة مثيرة للجدل، فعلى الرغم من إقرار الولايات بمشروعية القنب، يبقى استخدامه غير قانوني بموجب القانون الفيدرالي الأميركي، وهو ما يدفع البنوك وشركات بطاقات الائتمان إلى توخي الحذر من المعاملات التي تنطوي على منتجات القنب. وبالتالي، اقتصرت عملياتنا على البلدان التي شرّعت استخدام القنّب، امتثالاً للقانون الأميركي. ووظفنا العديد من المحامين المشهورين لدراسة القضية والتباحث مع هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية وبورصة "ناسداك" (نظام تحديد الأسعار المؤتمن التابع للمؤسسة القومية لوسطاء الأوراق المالية). وفي خريف عام 2017، قررنا طرح أسهم الشركة في الاكتتاب العام الأولي في الولايات المتحدة.
قضيت الأشهر الستة الأولى من عام 2018 أجري مقابلات مع مستثمرين من جميع أنحاء العالم. ومن بين كبرى الشركات العشرين الكندية المنتِجة للقنب آنذاك، كانت شركة "تيلراي" هي الشركة الوحيدة التي لم تطرح أسهمها للاكتتاب العام الأولي في كندا. لم يكن المستثمرون على استعداد لشراء أسهمنا، لكنهم حضروا الاجتماعات للاستماع. وقدّمنا بيانات الشركة إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، وسافرت حول العالم إلى سياتل وهونغ كونغ وسيدني ولندن وفرانكفورت ونيويورك وبوسطن وسان فرانسيسكو وفانكوفر وشيكاغو بهدف إلقاء عروض تقديمية حول قدرتنا على إنتاج قنّب طبي عالي الجودة، وللتحدث عن العلامات التجارية التي تصنع القنب لاستخدامه من قبل البالغين والتي كنا نعمل على تطويرها لصالح الحكومة الكندية، بالإضافة إلى شبكة التوزيع العالمية التي نُشيدها. وفي شهر يوليو/ تموز من عام 2018، أصبحنا أول شركة لزراعة القنب تستكمل شروط الطرح العام الأولي في بورصة أميركية.
ومنذ ذلك الحين، ازداد عدد البنوك والمؤسسات الاستثمارية التي أقبلت على شراء أسهمنا، وهو ما زاد من درجة القبول لهذا القطاع. وفي خريف عام 2018، أصدرنا سندات قابلة للتحويل، وعمل "بنك أوف أميركا ميريل لينش" (Bank of America Merrill Lynch) بصفته الضامن الرئيسي للاكتتاب. وكان ذلك بمثابة نجاح هائل لم نتصور بلوغه قبل عام واحد فقط. وخصصنا بعض هذه الأموال لبناء منشآتنا الكبيرة في البرتغال، وهو ما مكّننا من الاستيراد عبر الاتحاد الأوروبي بدلاً من التصدير من كندا إلى أوروبا.
الرئيس التنفيذي لشركة تيلراي يؤكد: لا نزال في بداية مسارنا المهني
يُعدّ قطاع صناعة القنّب قطاعاً مضطرباً تزداد فيه حدة المنافسة، ونتوقع أن يستمر الوضع على هذا الحال. ويعتبر القنب الطبي قانونياً في 41 دولة و33 ولاية أميركية لحظة إعداد هذه المقالة (وأعتقد أنه سيكون قانونياً في 80 دولة بحلول نهاية عام 2022). كما يُعتبر تعاطي القنب للبالغين قانونياً في كندا وأوروغواي و11 ولاية أميركية. وأتوقع أن تنضم كلٌ من لوكسمبورغ والبرتغال والمكسيك ونيوزيلندا إلى قائمة الدول التي تقر بمشروعية استخدام البالغين للقنّب وأن يستمر توجه إضفاء المشروعية في بلدان أخرى.
قد يكون القنب الذي يستخدمه البالغون في يوم من الأيام مصدر إيرادات أكبر من القنب الطبي، لكن القنب الطبي سيكون المنتج المهيمن على مدار السنوات العشر المقبلة. ونقضي اليوم وقتاً طويلاً مع صانعي السياسات والجهات التنظيمية والأطباء في جميع أنحاء العالم لتوضيح أهمية اعتباره جزءاً من الممارسات الطبية السائدة. كما أننا نصدر منتجاتنا إلى 13 دولة، لكننا لا نمارس أي أعمال في الولايات المتحدة بسبب القوانين الفيدرالية هناك، باستثناء أربع تجارب سريرية معتمدة من قبل إدارة الدواء والغذاء. وقد اعتدت في الماضي أن ألتقي أعضاء الكونغرس لمناقشة تعديل تلك القوانين، إلا إنني أعتقد اليوم أن الخطوة الحقيقية بشأن هذه القضية ستأتي من الناخبين. وفي شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2020، من المحتمل أن نشهد قيام سبع حتى تسع ولايات أخرى بتشريع استخدام البالغين للقنب، ومن المحتمل أن تكون هذه الولايات جمهورية مثل أيداهو وويومينغ وداكوتا الشمالية وميسوري. وفي الثالث من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2020 على وجه التحديد، قد يتغيّر تفكير 14 عضواً من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوري حول القوانين المصرفية، التي تجعل من الصعب على شركات القنب العمل في الولايات المتحدة بعد أن يصوّت ناخبوهم على تشريع تعاطي القنب.
ونحن نرى أيضاً فرصاً كبيرة في مادة "الكانابيدول" التي استرعت اهتمامنا لسنوات عديدة، كما أن معظم تجاربنا السريرية يشتمل على اختبارات تضم مادة الكانابيدول. وقد فوجئنا في الواقع بالسرعة التي اكتسبت بها منتجات الكانابيدول قبولاً عاماً. فالكانابيدول هو عنصر مستخلص من مادة الكانابينويد وليس له أي آثار نفسية، كمادتي الكانابايجرول والكانابينول على سبيل المثال. وفي غضون بضع سنوات، قد نرى صيغاً جديدة تؤكد شرعية هذه المواد أيضاً.
وعندما ننظر في مسار توجه القنب، نلاحظ وجود سلسلة متواصلة مكونة من خمس مراحل تشمل الحظر، وإلغاء التجريم، وتشريع الكانابيدول، والاستخدام الطبي القانوني، والاستخدام القانوني للبالغين. لقد كانت كل دولة قابعة في مرحلة الحظر قبل عشرين عاماً، وكنت وشريكاي محظوظين لرؤية هذا التوجه يتطور قبل أن يلاحظه أفراد آخرون، ولأننا بنينا شركة ناجحة استناداً إلى هذه الرؤية الثاقبة.
والأمر الأكثر إثارة في هذه الرحلة هو أن تطور قطاع صناعة القنب لا يزال في مراحله الأولى، وفقاً لحديث الرئيس التنفيذي لشركة تيلراي إذ لا تُعتبر العلامات التجارية والمنتجات الموجودة اليوم في الأسواق القانونية حول العالم سوى نماذج أولية تجريبية. وبالتالي، فنحن نمتلك فرصة قيادة قطاع عالمي يُقدّر بمليارات الدولارات وإضفاء الشرعية عليه وتوجيه مستقبله. لم أعمل بهذه الجدية في حياتي من قبل، كما لم يسبق لي أن استمتعت بهذا القدر أيضاً، ولا يسعني الانتظار لمعرفة مصير هذه الرحلة.
اقرأ أيضاً: