6 متطلبات يجب على الشركة مراعاتها قبل الدخول في أي مشروع ‎تكنولوجي كبير

6 دقائق
الاستثمار في التكنولوجيا
ترنغ99/غيتي إميدجيز/فريق عمل "هارفارد بزنس ريفيو"
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يشعر الكثير من المسؤولين التنفيذيين اليوم بأنهم متخلفون عن ركب الاستثمار في التكنولوجيا والاستثمارات الرقمية، بما في ذلك الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وغيرهما من التقنيات التكنولوجية التي يتباهى بها المنافسون ومورِّدو التكنولوجيا، كل ذلك بالتوازي مع استخدام جزء كبير من استثماراتهم التقديرية لتحديث التكنولوجيا الحالية. وعلى الرغم من الاستثمارات الكبيرة، فإن عدداً قليلاً نسبياً من هذه التكنولوجيات يقود الشركات نحو تحقيق نتيجة متمايزة تمثّل أهمية حقيقية للعملاء. فكيف يمكنك، إذن، وضع جدول أعمال لشؤون التكنولوجيا، بحيث يتيح لك بناء القدرات المناسبة وتحقيق نتائج تسهم في تعزيز ميزتك التنافسية؟ إليك فيما يلي 6 متطلبات يجب مراعاتها. وحينما تتقن هذه المجالات الستة قبل الدخول في أي مشروع ‎تكنولوجي كبير، فإن هذا سيساعدك على تركيز استثماراتك على النتائج الأكثر أهمية وزيادة العائد على هذه الاستثمارات وربط التكنولوجيا مباشرة بتحقيق مركز متمايز في المستقبل.

 

إذا كانت مؤسستك لا ترصد استثمارات كبيرة لتطوير أدواتها التكنولوجية، فهذا يعني أن إحدى المؤسسات القليلة في العالم التي لا تهتم بهذا المجال. في الواقع، أفاد ما يقرب من نصف الرؤساء التنفيذيين في استقصاء شركة “بي دبليو سي” (PwC) السنوي الرابع والعشرين للرؤساء التنفيذيين (2021) عن خطط لزيادة معدل الاستثمار في التكنولوجيا الرقمية بنسبة 10% أو أكثر، وهو ما يفوق الإنفاق على أي بند آخر.

وعلى الرغم من كل هذا الاستثمار في التكنولوجيا، فإن معظم المسؤولين التنفيذيين الذين نلتقيهم يبدون قلقهم لأنهم يخشون ألا تحقق استثماراتهم فارقاً حقيقياً يميزهم عن المنافسين، وهو الأمر الذي ينذر بخطر حقيقي. وللأسف، يوجهون الكثير من استثماراتهم التكنولوجية الحالية إلى محاولة “مواكبة” متطلبات الأساسيات المتزايدة في العصر الرقمي. في الواقع، بينما يرى 56% من المسؤولين التنفيذيين الذين شاركوا في استقصاء شركة “بي دبليو سي” الأميركي للأعمال السحابية أن السحابة الإلكترونية تشكّل منصة استراتيجية للنمو والابتكار، فإن 53% من الشركات لا تحقق قيمة كبيرة من استثماراتها فيها.

يتطلب قلب هذا الوضع تغييراً في العقلية. إذ يحتاج الرؤساء التنفيذيون إلى تحدي كل استثمار تكنولوجي كبير من خلال طرح السؤال التالي: “ماذا لو كان علينا أن نحقق ضِعف القيمة في نصف الوقت؟”. بمقدور هذا السؤال تغيير نظرتك لهذه الاستثمارات الضخمة، ويمكنه أن يمنعك من الوقوع في مزلق برامج تنفيذ المنصات الواسعة النطاق النموذجية التي تستمر عدة سنوات وتكلف مبالغ ضخمة من المال وتتطلب جهداً هائلاً لجعل الموظفين يتبنون طرق العمل الجديدة، ولكنها لا تساعدك في النهاية على التمايز والفوز.

ويكمن مفتاح السر لتحقيق ضِعف القيمة في نصف الوقت في عدم التركيز بشكل أساسي على التكنولوجيا ذاتها، ولكن التركيز المفرط على النتائج التي من المفترض أن تسهم التكنولوجيا في تحقيقها. قد يبدو هذا ذا دلالة إيحائية، وقد تقول لنفسك: “نحن مهتمون بالنتيجة طبعاً، وليس التكنولوجيا في حد ذاتها”. ولكن هل تم تحديد هذه النتائج بطريقة تدعم الوعود المبشرة بتقديم قيمة واضحة جداً في السوق؟ وهل ستخلق هذه النتائج قيمة إضافية هائلة وتسهم في تمايز شركتك وتفوقها على منافسيها؟ غالباً ما تكون إجابة هذا السؤال هي: “لا”.

فكيف يمكنك، إذن، وضع جدول أعمال لشؤون التكنولوجيا، بحيث يتيح لك بناء القدرات المناسبة وتحقيق نتائج تسهم في تعزيز ميزتك التنافسية؟ انظر مثلاً إلى شركة “إنديتكس” (Inditex) الإسبانية متعددة الجنسيات المتخصصة في صناعة الملابس وكيفية استخدامها للتكنولوجيا في تحقيق نتائج فريدة والتمايز في سوق شديدة التنافسية.

اشتهرت شركة “زارا” التابعة لشركة “إنديتكس” بنموذج عملها المُسمَّى “الطلب على قدر الحاجة”، ما يضمن حصول المتاجر على الكمية المناسبة من المخزون المناسب الذي سيتم بيعه في الوقت المناسب. وعلى غرار منافسيها، استثمرت شركة “إنديتكس” في نظام إدارة سلسلة التوريد للمؤسسات واضطرت إلى استثمار المزيد من المال في التكنولوجيات الحديثة للبقاء في المقدمة. وعلى الرغم من ذلك، فإن محاولة تحقيق نتائج إيجابية باستخدام نموذج “الطلب على قدر الحاجة” استلزمت تنفيذ شركة “إنديتكس” طريقة جديدة بتكنولوجيا قديمة تضمنت استخدام رقاقة إلكترونية لتحديد الهوية بموجات الراديو أرخص سعراً وقابلة لإعادة التدوير في ملصق كل مُنتَج تبيعه “زارا”. يتيح هذا الملصق للمستهلك إمكانية تتبّع قطعة الملابس، بدايةً من منصات الخدمات اللوجستية حتى بيعها إلى المستخدم النهائي، ما يتيح نظاماً أكثر ذكاءً.

لكن شركة “إنديتكس” لا تعتمد على التكنولوجيا وحدها. إذ يتم استكمال المعلومات المستقاة من تحديد الهوية بموجات الراديو بالرؤى الثاقبة لمدراء المتاجر حول سبب ضعف أداء بعض المنتجات في أيام معينة، واستكمالها أيضاً بالرؤى الثاقبة لمندوبي المبيعات الذين تم تدريبهم للتفاعل مع العملاء وتقديم ملاحظاتهم للمصممين حول ما تعلموه. تسمح هذه التقنية المدمجة والذكاء غير التكنولوجي لشركة “إنديتكس” بالعمل بطريقة متكاملة للغاية في مجالات التسويق والتصميم والترويج وسلسلة التوريد وعمليات البيع بالتجزئة للكشف عن اتجاهات الموضة وإنشاء موجات جديدة من الباقات وإنتاج الملابس المطلوبة وتقديمها للعملاء بشكل أسرع بكثير من المنافسين.

وبناءً على هذا التعلم من شركة “إنديتكس” والشركات الأخرى، نورد فيما يلي 6 متطلبات يجب مراعاتها لتحقيق نتائج متميزة من استثماراتك التكنولوجية الخاصة:

1) اربط بين التكنولوجيا والنتائج الواضحة والمتميزة للعملاء

سل نفسك: ما هي القيمة الفريدة التي تخلقها شركتنا للعملاء وأصحاب المصلحة؟ وما هي الأشياء التي نحتاج إلى التميز فيها لتحقيق هذه القيمة؟ وكيف يمكن أن تساعدنا التكنولوجيا على التفوق في هذه القدرات المميزة؟ وهل يمكننا توضيح كيف ستساعدنا التكنولوجيا على التميز عن منافسينا، وقياسها؟ سيساعدك الحصول على إجابات واضحة عن هذه الأسئلة على تحديد أولويات النتائج والتكنولوجيات التي تعزز عرض القيمة الفريد الخاص بك، مقارنةً بالرقمنة المتزايدة لكيفية عملك اليوم.

2) وازن بين استثماراتك في الحلول التكنولوجية الضخمة والحلول التكنولوجية الصغيرة وعدم وجود حلول تكنولوجية من الأساس

لا تحتاج كل مشكلة إلى حل تكنولوجي ضخم. وغالباً ما يتطلب الحل استكمال المنصات التكنولوجية الضخمة بأدوات بسيطة تقوم على “الحلول التكنولوجية الصغيرة” المطلوبة لتنفيذ عمليات الأتمتة وإجراءات العمل، إضافة إلى تنفيذ سياسات جديدة وإجراء تغييرات في السلوك. وهذا لا يعني فقط طرح عدد كبير من المشاريع التكنولوجية الصغيرة وتأجيل الاستثمارات الأساسية التي قد تكون ضرورية لتحقيق قيمة بعيدة المدى. إذ يكمن مفتاح السر في أن تكون لديك مجموعة من الحلول التي تقدم نتائج أسرع حيثما أمكن، وتموّل الاستثمارات التي تتطلب تحولاً أكبر، وتدعمها.

3) كُن شديد الانتقائية في تحديد الجوانب التي تحتاج إلى الابتكار مقارنةً بتلك التي تحتاج إلى التكامل

لا يعني تحقيق نتائج مذهلة للعملاء أنه يتعين عليك دائماً فعل كل شيء داخلياً أو أن يكون لديك حل فريد لعميلك خاص بك وحدك. وتتزايد فرص الابتكار عبر بيئات العمل بسرعة، حيث تجلب الشركات قدرات تكنولوجية جديدة إلى السوق كل يوم. ولا تخش دمج التكنولوجيات التي يقدمها الآخرون، لا سيما من شركائك في بيئة العمل. ولا تلجأ إلى التخصيص والابتكار إلا إذا أديا إلى إكسابك تمايزاً تنافسياً حقيقياً، وإذا كان هذا التمايز أمراً يرغب عملاؤك في دفع ثمنه. وإذا لم تتمكن من الإجابة بصدق عما إذا كان العملاء على استعداد لدفع تكاليف الاستثمارات التي تنفّذها في عمليات التخصيص، فلا تُقدِم على تنفيذها.

4) اعمل على مواءمة نموذجك التشغيلي لتحقيق النتيجة المرجوة

سيتطلب تحقيق النتيجة المرجوة أكثر بكثير من مجرد تنفيذ النظام. سيتطلب الأمر إجراء تغييرات في الأدوار الوظيفية وإجراءات العمل والسياسات وطرق العمل والمهارات والمقاييس والحوافز والسلوكات والبيانات وغيرها الكثير. وستجد على الأرجح أنك لن تتمكن من الحصول على القيمة الكاملة دون توافر فريق متعدد التخصصات يحدّد النتائج المستهدفة من خلال استثماراتك في التكنولوجيا. ونحن نطلق على هذه الفرق “الفرق الموجهة نحو النتائج” لأنها تجمع بين المهارات والمواهب المناسبة من أي مكان في المؤسسة وتركز على المنجزات الواضحة التي تعزز قيمة العميل. ويجب أن تتشكّل هذه الفرق من موظفين دائمين، وليس فقط من موظفين يعملون بدوام جزئي يتعاونون معاً طوال مدة المشروع. يعد هذا بمثابة إعادة برمجة شبه تامة لنموذجك التشغيلي من أجل كسر الصوامع التقليدية التي غالباً ما تقف في طريق تحقيق نتائج متمايزة.

5) غيّر العلاقة بين التكنولوجيا وموظفيك

سيكون إشراك الأشخاص الذين سيستخدمون التكنولوجيا الجديدة وصقل مهاراتهم إحدى أكثر المهمات صعوبة واستهلاكاً للوقت، ولكنها مهمة للغاية. فلا تكتفِ بالتركيز على جعل الموظفين يشعرون بالارتياح لاستخدام التكنولوجيا (كتعليمهم كيفية استخدام أدوات العمل عن بُعد بشكل فاعل)، بل اجعلهم متحمسين للعمل بهذه الطريقة الجديدة (كالشعور بالراحة في إدارة فرقهم وتحفيزها عن بُعد). اعمل مع الأفراد لتغيير أنشطتهم اليومية باستخدام التكنولوجيا، وفي تلك الأثناء سيتعرفون على الأنظمة الأساسية. وضّح لهم الفائدة العائدة عليهم، وكيف سيثري ذلك وظائفهم ويسمح لهم بالارتباط بهدف المؤسسة.

6) أعد النظر في دراسة الجدوى وراء الاستثمارات التكنولوجية

تركز دراسات الجدوى عادةً بشكل شبه كامل على تحسين الكفاءة، مثلما يحدث عند تحقيق الوفر في عدد الموظَفين من خلال أداء المهمات بشكل أسرع أو بتدخل بشري أقل أو بخفض تكلفة التكنولوجيا نفسها. كن أكثر طموحاً. كيف سيؤدي هذا الاستثمار في التكنولوجيا إلى زيادة فرص النجاح في استقطاب العملاء أو استبقائهم؟ كيف سيؤدي إلى تحسين رؤيتك ويساعدك على تقديم عرض القيمة بشكل أفضل؟ ماذا سيفعل ببصمتك الكربونية؟ إذا لم تتناول دراسة الجدوى النتائج، فمن المحتمل ألا يكون المشروع نفسه تحوّلياً بدرجة كافية.

وفي أثناء عملك على توضيح الفوائد على نطاق أوسع، ستحتاج أيضاً إلى تحميل فرقك مسؤولية تحقيق هذه القيمة. ولم يعد يجب قياس النجاح من خلال ما إذا كان النظام “يواصل العمل” أو لا، ولكن من خلال ما إذا كان سيؤدي إلى إحداث تغيير في نتائجك مع العملاء. ولا يمكن اعتبار تحديد المقاييس الواضحة المستندة إلى الحقائق أمراً سهلاً، ولكنك لا تملك في غيابها سوى أن تقف مكتوف الأيدي على أمل أن يتحقق التحوّل في النهاية نتيجة ثورة تكنولوجية هائلة.

وحينما تتقن هذه المجالات الستة قبل الدخول في أي مشروع ‎تكنولوجي كبير، فإن هذا سيساعدك على تركيز استثماراتك على النتائج الأكثر أهمية وزيادة العائد على هذه الاستثمارات وربط التكنولوجيا مباشرة بتحقيق مركز متمايز في المستقبل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .