يتكون كل فريق عمل من مزيج من أنواع الشخصيات هذه. إليكم كيفية التعامل مع الشخصيات المختلفة في العمل من أجل الحصول على النتائج المثلى من أي مزيج من تلك الشخصيات.
"لا تحصل المؤسسات على الأداء الذي تحتاج إليه من فرق عملها". هذه هي الرسالة التي تصلنا من الكثير من عملائنا الذين يُصارعون تطورات معقدة حول كيفية التعامل مع الشخصيات المختلفة في العمل بطريقة صحيحة، بداية من التخطيط الاستراتيجي وحتى إدارة التغيير. لكن غالباً ما يقع اللوم على أعضاء فريق العمل، بحسب ما تشير إليه أبحاثنا، وهذا الأمر ينطبق حتى على القادة الذين يفشلون في استغلال أنماط ومنظورات العمل المتنوعة، وفي أعلى أعلى المستويات الإدارية. فبعض المديرين لا يُدركون مدى عُمق الفروق بين مرؤوسيهم، والبعض الآخر لا يعي كيف يُدير الفجوات وأسباب التوتر أو لا يستوعب ثمن إخفاقهم في إدارة تلك الجوانب. ونتيجة لذلك، فإن بعض أفضل الأفكار لا تجد أذناً مُصغية أو لا تتحقق على أرض الواقع، الأمر الذي ينعكس بالسلب على الأداء.
اقرأ أيضاً: العلم الحديث في بناء فرق عظيمة
ولمساعدة القادة على معرفة كيفية التعامل مع الشخصيات المختلفة في العمل وتعويض القيمة المفقودة، ابتكرت شركة ديلويت نظاماً يُعرف باسم "كيمياء العمل"، ويحدد أربعة أنماط عمل أساسية والاستراتيجيات المتعلقة بها لتحقيق الأهداف المشتركة. فاختبارات الشخصية الحالية لم تكن مُجدية، حيث أنها لم تكن مُخصصة لبيئة العمل، وعوّلت بشكلٍ مبالغٍ فيه على فحص الدوافع الشخصية. وعليه فقد استشرنا عالمة الأنثروبولوجيا الطبيعية، هيلين فيشر (Helen Fisher) من جامعة راتغرز (Rutgers University)، التي تُسلط الضوءَ في أبحاثها حول كيمياء المخ في العلاقات العاطفية على أنماط شخصيات البشر وتفاعلاتهم. وانطلاقاً من هذه الأبحاث، قمنا بوضع قائمة بالخصال والتفضيلات المُتعلقة بالعمل ويمكن ملاحظتها أو استنتاجها من السلوك في بيئة العمل. وبعدها ساعدتنا شركة متخصصة في عمل الاستبيانات على إنشاء تقييمٍ اختبرناه ونقحناه بواسطة ثلاث عينات مُستقلة لأكثر من 1,000 موظف لكل عينة. وأخيراً، تعاونا مع أخصائي علم الأحياء الجزيئي لي سيلفر (Lee Silver) من جامعة برنستون (Princeton University) بغية تعديل النماذج الإحصائية التي يستعملها للتحليل السكاني الوراثي، بهدف البحث عن أنماطٍ متكررة في بيانات جمهور الموظفين، واستنباط أربعة أنماط عمل حسابياً.
ومنذ ذلك الحين، خضع أكثر من 190 ألف شخصٍ لتقييمنا من أجل معرفة كيفية التعامل مع الشخصيات المختلفة في العمل بطريقة مدروسة، وأجرينا دراسات متابعة لتحديد كيفية استجابة كل أسلوب عمل للضغوط، والظروف التي تزدهر فيها مختلف الأنماط، والعوامل الأخرى التي يمكن الاسترشاد بها في كيفية إدارة تلك الأنماط بفعالية. ولقد أشركنا القادة وفرق العمل أيضاً في أكثر من 3000 "مُختبر" — في جلسات تفاعلية استمرت لمدة تراوحت ما بين 90 دقيقة إلى ثلاثة أيام - جمعنا خلالها المزيد من البيانات واستكشفنا استراتيجيات وأساليب ترمي إلى تحقيق الاستفادة القصوى من الأنماط المتنوعة.
كيفية التعامل مع الشخصيات المختلفة في العمل
في هذه المقالة، سنسهب في بيان القيمة التي يكفلها كل نمط، وسنتعامل مع تحديات الجمع بين أشخاص يتبنون أنماطاً مختلفة، وسنصف كيفية استغلال التنوع الإدراكي في مؤسستك من أجل معرفة كيفية التعامل مع الشخصيات المختلفة في العمل لديك.
فهم أنماط الشخصية
كل إنسان مِنا هو تركيبة من هذه الأنماط الأربعة، مع أن أغلب سلوكيات الناس وتفكيرهم تتصل عن كثب مع واحد أو اثنين من هذه الأنماط. وجميعها يطرح منظورات نافعة ومناهج مميزة تجاه توليد الأفكار وصنع القرارات وحل المشكلات. وعموماً:
يُقدر الرواد قيمة الإمكانيات ويشحنون فرق عملهم بالطاقة والخيال. وهم يؤمنون بأن المخاطر جديرة بالإقدام عليها، وأنه لا بأس من اتباع المرء لحدسه. فهم ينجذبون إلى الأفكار الجديدة الجريئة والمناهج الإبداعية.
والحراس يُقدرون قيمة الاستقرار ويرسون أساس النظام والحزم. وهم عمليون ويترددون في الإقدام على المخاطر. وبالنسبة لهم، تُعد البيانات والحقائق متطلبات أساسية، والتفاصيل مهمة جداً. ويعتقد الحراس أنه من المنطقي أن يتعلموا من الماضي.
والمحركون يُقَدِّرون قيمة التحدي ويخلقون زخماً قوياً. ويرون أن تحقيق النتائج المرجوة والانتصار أهم من أي شيءٍ آخر. ويميل المحركون إلى النظر إلى الأمور من منطلق الأبيض والأسود، والتعامل مع المشكلات وجهاً لوجه، مُتسلحين بالمنطق والبيانات التي بين أيديهم.
والمعززون يقدرون قيمة العلاقات ويؤلفون بين فرق العمل. فالعلاقات والمسؤولية تجاه المجموعة لها الأهمية القصوى بالنسبة لهم. ويميل المعززون إلى الاعتقاد بأن أغلب الأشياء نسبية. فهم دبلوماسيون، وتنصب ركيزتهم على الوصول إلى الإجماع.
اقرأ أيضاً: انضباط الفرق يؤدي إلى الأداء الجيد في العمل
إن فرق العمل التي تجمع ما بين تلك الأنماط من المفترض، نظرياً، أن تتمتع بالمنافع العديدة للتنوع الإدراكي، المتراوحة ما بين الإبداع والابتكار المتزايدين وصنع القرار المُحَسَّن. ورغم ذلك، تخفق كثير من فرق العمل في التطور مراراً وتكراراً — فتارة تُصاب بالجمود وتارة ترزح تحت وطأة الصراع. إن الخطوة الأولى التي يتعين على القادة الذين يعقدون الآمال على تحويل مسار هذا الموقف أن يخطوها، هي تعيين أنماط متباينة من أعضاء فريق عملهم، وفهم ما يُحفز كل عضو منهم.
قمنا في إطار عملنا بجمع آلاف المجموعات في فئات بحسب النمط، وطلبنا منهم سرد الأشياء التي تحفزهم وتلك التي تثبط عزيمتهم في بيئة العمل. وتباينت القوائم بشدة؛ إذ أن ما يمكن أن يُحفز مجموعة قد يستنزف مجموعة أخرى تماماً (انظر الدليل المعنون "نظرة سريعة على الملامح الشخصية"). إن بعض أوجه الاختلاف تتعلق بكيفية تفاعل الأشخاص مع بعضهم البعض. فعلى سبيل المثال، يمقت المعززون أي شيءٍ يشبه الصراعات من قريب أو بعيد، وأما المحركون فيعشقون النقاش. ويمكن أن يخلق ذلك توتراً وسوء فهمٍ. ففي إحدى جلساتنا المخبرية، تحدثتْ مديرة شؤون مالية وفريق عملها عن اجتماعاتهم التنفيذية. واعترفت إحدى المشاركات، وكانت تنتمي إلى فئة المعززين، بأنها كانت تهاب طرح الموضوعات لأن ذلك "يفضي دائماً إلى نقاش كريه". فعلقت مديرة الشؤون المالية، وكانت تنتمي لفئة المحركين، بذهول قائلة: "ولكن، هكذا نناقش الأمور عادة!".
إن أوجه الاختلاف في الطريقة التي يفكر ويُسهم بها الأفراد يمكن أن تخلق مشكلات أيضاً. فعلى سبيل المثال، إذا استعرض شخص محرك خُطة تفصيلية سطراً سطراً، فقد يبدو استعراضه أشبه بمسيرة شاقة للرائد الذي يود أن يتخطى التفاصيل وينطلق مسرعاً أو يَخُط فكرة مختلفة كلياً. وفي المقابل، قد يبدو تَغنِّي الرائد بالأفكار دون أية أجندة أو هيكل منظمٍ أشبه بالفوضى العقيمة للوصي المُنظم.
إن الأنماط الأربعة تُعطي القادة وفرق عملهم لغة مشتركة لمناقشة أوجه التشابه وأوجه الاختلاف في الطريقة التي يتعامل بها الناس مع الأشياء عن تجربة، والطريقة التي يفضلون العمل بها. وتقدر فرق العمل تدريجياً علة كون بعض الفترات عصيبة جداً (أي التي تتعارض فيها وجهات النظر والمناهج)، وتبدأ أيضاً في إدراك القوة الكامنة في أوجه اختلافها.
كان أحد فرق القيادة مثلاً يُصارع من أجل التزام الجميع بالاستراتيجية، ويواجه صراعات عنيفة بين الأشخاص تحقيقاً لهذه الغاية. واستنفد ذلك وقت القائد ومجهوده، إذ بدأ أعضاء الفريق يرجعون إليه بشكاواهم بخصوص الآخرين. وعبر النقاشات مع الفريق، كشفنا عن بعض المعايير التي لم تكن مقبولة لدى كل نمط: شعر الحراس بأنهم سيقوا في عُجالة إلى الخوض في عمليات الحيطة الواجبة، وأحس الرواد بأن الإبداع ينسحق تحت وطأة التفسيرات الجامدة لإرشادات الامتثال، وأصيب المحركون بخيبة أملٍ بسبب إحجام الفريق عن الالتزام بقرار محدد، واستاء المعززون من التصرفات الموحية باللامبالاة، كدوران العينين في محجريهما.
سلطت نقاشاتنا الضوء على نقاط قوة الفريق، كانفتاحه على مشاركة وجهات النظر المختلفة والإعراب عن المخاوف، والالتزام بطرح أفكارٍ مبتكرة، ودعم العمل. وتلاقح أفكار أعضاء الفريق حول استراتيجيات استيعاب الأنماط المختلفة للأفراد، واستغلال القيمة التي يجلبها كل نمطٍ. وبعد شهرٍ من لقائنا بهم، أشار أعضاء الفريق إلى أنهم بدؤوا يضعون فرضياتٍ حول أنماط بعضهم بعضاً، واستوعبوا بشكل أفضل الفريق ككلٍ. والأهم حتى من ذلك أنهم أعلنوا عن إحساس أقوى بالغاية المشتركة والعمل في بيئة مكنتهم على نحو أفضل من الإسهام بأعلى مستوياتهم، وقدرة مُحَسَّنَة لتحقيق الأهداف.
إدارة الأنماط هي أحد أساليب التعامل مع الشخصيات المختلفة في العمل
فور تحديد أنماط شخصيات أعضاء فريقك والشروع في تقييم أوجه الاختلاف فيما إذا كانت مفيدة أم إشكالية، يتعين عليك إدارتها بفعالية، بحيث لا ينتهي بك الحال إلى خيبة الأمل وبدون أن تحقق أية ميزة. ويمكنك إنجاز ذلك بثلاث طرق.
قارب ما بين المتنافرين داخل فريقك. غالباً ما تنبع أكثر الجوانب المؤرقة من علاقات الفرد بالفرد عندما تصطدم الأنماط المتناقضة ببعضها البعض. فكل نمط منها يختلف عن غيره من الأنماط، غير أنها ليست مختلفة بمقدار متساو. على سبيل المثال، تجد الحراس أكثر تحفظاً عموماً من المحركين — غير أن النوعيْن يتمتعان بالتركيز الشديد، الأمر الذي يمكن أن يساعدهما في إيجاد أرضية مشتركة. لكن الحراس والرواد ضدان حقيقيان، وكذلك المعززون والمحركون.
اقرأ أيضاً: بحث: عندما تكون الفرق الصغيرة أفضل من الكبيرة
وكما هو متوقع، فإن المشكلات التي تحدث بين الأشخاص، وتميل إلى الحدوث عندما تصطدم الأنماط المُتعارضة، يمكن أن تثبط التآزر. وحقيقة الأمر أن 40% من الأشخاص الذين شاركوا في استبياننا حول هذا الموضوع، قالوا إن أصعب ماجدونه في بيئة العمل هم أضدادهم من الموظفين الذين يتعاملون معه. وصرح 50% بأنهم شعروا بأدنى درجات الاستمتاع عند العمل معهم. وذكر كل نوع أسباباً مختلفة لمواطن الصعوبة والمشقة.
على سبيل المثال، فسرتْ واحدة من المحركين علة عدم استمتاعها بالعمل مع المعززين بقولها:
"أجد أنه من المرهق أن أتحمل مسؤولية الحوار العابر كي يشعر الجميع بالرضا حيال العمل معاً. إنني أسعى لإنجاز الأمور وحسب، وأن أقدم لهم ملاحظاتٍ أمينة ومباشرة وأمضي قدماً. ومسألة القلق بشأن المشاعر الحساسة تبطئ من وتيرة عملي".
وقال أحد المعززين الذين وجدوا صعوبة ومشقة في العمل مع المحركين:
"إنني بحاجة إلى استيعاب الأشياء كي أصل إلى الخلفية السياقية للصورة الكبيرة. وغالباً ما يتحدث المحركون بشكلٍ رمزي أو يعربون عن أفكارهم على هيئة شذرات نحتاج إلى ترجمتها".
وقال لنا أحد الحراس:
"أفكر دائماً في كيفية تنفيذي لشيءٍ ما ... ورغم أن الرواد لديهم أفكار عظيمة، فهم عادة لا يكترثون بمناقشة كيفية وضعها موضع التنفيذ. ولكن، إذا لم تُطابق النتيجة رؤيتهم، فإنهم يصابون بخيبة الأمل!".
وأقرَّ أحد الرواد قائلاً:
"إنني أجد صعوبة شديدة في مواكبة نمط الحراس. فأنا حاسمٌ في قراراتي وأحب طرح الأفكار دون نقد. أمَّا الحراس فمن الممكن أن يبدو محبين للنقد، كما أنهم لا يسمحون بتدفق الإبداع".
رغم الارتباك الذي يمكن أن تُحدثه تلك الفروق في أداء الفريق، فإن الأنماط المتعارضة يمكن أن يوازن الواحد منها الآخر، برغم أن هذا يستغرق وقتاً وجهداً. وعلى سبيل المثال، عملنا مع زوجٍ من الموظفات إحداهما حارسة والثانية رائدة عانتا الأمريْن في البداية، ولكن بمناقشة أوجه الاختلاف بينهما بصراحة وجدنا أنهما شكلتا شراكة أقوى في نهاية المطاف. كانت الرائدة مرتاحة جداً بشأن التحدث بلا تحفظ أمام الآخرين. وكانت الحارسة تخشى التحدث على الملأ حتى بعد الإعداد الشامل الذي نادراً ما كانت تراه كافياً. وعندما أعدت الحارسة والرائدة العدة لتقديم شيءٍ ما معاً، غلب على الرائدة الشعورُ بنفاد الصبر، بينما أحست الحارسة بالخوف مما اعتبرته تخطيطاً قاصراً. ومع تطور العلاقة بينهما، بدأت كل واحدة منهما تثق بالأخرى وتُعدل نمطها بما يتفق مع الأخرى. أدركت الرائدة أن دقة شريكتها غالباً ما كانت تنقذهما من المواقف الحرجة، وأن إقدامها على الإعداد بقدرٍ أكبر نوعاً ما ساعدها على تحسين أدائها في اللحظة الراهنة. وعلمت الحارسة أن منهج شريكتها الأكثر تلقائية ممتعٌ وأنه مكنهما من أن تكونا أكثر مرونة واستجابة لاحتياجات جمهورهما. لقد اكتشفت أنهما عندما كانتا تعملان معاً، كان بمقدورها أن تسترخي قليلاً وتُقْدِم على مغامرات أكثر بنفسها.
عندما تُقارب ما بين المتنافرين لديك - بحملهم على التعاون معاً في مشروعاتٍ صغيرة ومن ثم الاضطلاع بمشروعاتٍ أكبر إذا أثمر تعاونهم الأول - يمكنك خلق شراكات معززة داخل فرق عملك. ومن المهم أيضاً أن تُقارب ما بينك وبين المُتنافرين داخل فريقك بحيث تُحقق التوازن لنزعاتك كقائدٍ. إن الأمر ينحصر في جوهره في خلق احتكاك مُثمرٍ. ولتضع نصب عينيك لينون وماكارتني وسيرينا وفينوس وستيف جوبز وستيف ووزنياك. إن أوجه الاختلاف هي ما يجعل تلك التآزر قوياً.
ارتقِ بالرموز ضمن فريقك
إذا كان فريقك مكوناً من 10 أشخاصٍ، وكان 7 منهم حراس، فما منهج القيادة الذي ينبغي أن تميل إليه؟ في حال اخترت أن تبني منهج الحراس - بالسعي إلى تحقيق المصلحة العظمى لأكبر عدد ممكن - قد يبدو وكأنه التصرف العملي. ولكن من واقع خبرتنا، غالباً ما يكون من الأكفأ التركيز على الأنماط التي يُمثلها عدد قليل من أعضاء الفريق وحسب، طالما أن تلك الرؤى الأقلية هي التي يتعين عليك استمالتها لحصد منافع التنوع.
وعندما تكون تركيبة الفريق مُختلة التوازن، من الممكن أن يتسلل التحيز الإدراكي إلى الفريق مما يؤدي غالباً إلى "تدفق متسلسل". تخيل أن تحاول تغيير اتجاه شلالٍ ضخم. فمن دون عملٍ هندسيٍّ، ستجد الأمر مستحيلاً. وهكذا هي طبيعة التدفقات المتسلسلة على فريق العمل: فما أن تبدأ الأفكار والنقاشات وصناعة القرار في التدفق في اتجاهٍ بعينه، يحافظ الزخم على حركتها في هذا الاتجاه. وحتى لو كانت هناك وجهات نظرٍ متنوعة في الفريق، فالأرجح أنها لن تُغير من التدفق ما إن تقوى شوكته، حيث يتردد الناس عادة في الإعراب عن معارضتهم لفكرة ما تنال تأييداً واضحاً في مرحلة مبكرة.
ويقوى الزخم عادة لعدة أسبابٍ: بصفة عامة، تنشأ التدفقات المتعلقة حين يتخوف صاحب الرأي المختلف من أن يظهر بمظهرٍ غير لائقٍ أو من التعرض لعقوبة ما. ومن الممكن أن تحدث التدفقات المعلوماتية عندما يفترض الناس أن أوائل المُتحدثين يعرفون شيئاً لا يعرفه الآخرون. وفي كلتا الحالتيْن، ينتهي بك الأمر إلى مراقبة الذات والتقيد بالفكر الجماعي، مما يعني أن فريق العمل لا يستفيد من منظوراته المتنوعة.
من بين فرق العمل التي عملنا معها، وجدنا أن نصفها تقريباً متوازن نسبياً، بينما بقيتها يهيمن عليها نمط أو نمطان. ووجدنا أيضاً أن أبرز القادة من الأرجح أن يكونوا رواداً وإلا فمُحفزين (راجع الدليل المعنون "لمحة عن القيادة"). وفي حالات كثيرة، يشارك أغلب أعضاء الفريق التنفيذي القائدَ نمطَه، الأمر الذي يمكن أن يجعل الفريق عرضة تحديداً للتدفقات المتسلسلة، بينما يميل الرواد إلى أن يكونوا تلقائيين واجتماعيين. فهم يفكرون بسرعة ويتكلمون بحماس شديد، وأحياناً قبل حتى أن يفكروا بالمرة.
ونجد أن المحركين يطيب لهم تولي زمام الأمور في المواقف الجماعية، وبنمطهم التنافسي والمباشر يميلون إلى الإمساك بزمام المبادرة والإعراب عن وجهة نظرهم، بدلاً من التخلف عن الركب والاستماع إلى آراء الآخرين. هناك فرصة قوية لكي يُحدد الرواد أو المحركون اتجاه التدفقات المتسلسلة بتعليقاتهم المبكرة، تحديداً إذا كانوا ضمن الأغلبية أو يحظون بدعم قائد يتحلى بنمط مشابه.
وقد طلبت منا شخصية قيادية أن نساعدها في التعرف على سبب تعرض فريق عملها، رغم إنتاجيته العالية، مراراً وتكراراً للنقد من أصحاب المصالح داخل الشركة. قمنا بتحليل تركيبة الفريق واكتشفنا أن المحركين الحازمين المفوهين هم الذين يسودونه. وعندما سألناهم عمَّا إذا كان أسلوبهم هذا يثير حفيظة الآخرين، دافعوا عن أنفسهم قائلين إنهم على دراية بما ينبغي القيام به وأنه لا وقت لديهم للقلق بشأن مشاعر الآخرين.
كان الفريق يشتمل أيضاً على مجموعة صغيرة من المعززين الذين يتبنون نمطاً عادة ما تتجلى فيه أقوى مهارات بناء العلاقات على الإطلاق. لكنهم قوبلوا بالتهميش ونادراً ما كانوا يعربون عن آرائهم، وأخبرونا بأنهم شعروا بالإقصاء والحط من شأنهم. ورغم أنهم كانوا تواقين لمشاركة أفكارهم وخواطرهم معنا سراً، فقد أحجموا عن مواجهة المحركين الذين يسودون الفريق. ونتيجة لذلك، بدا أن تلك المجموعة تفوتها نقاط القوة التي يتمتع بها المؤهلون أكثر من غيرهم لمساعدتهم في تحسين علاقاتهم بأصحاب المصالح.
كيف يمكنك الارتقاء بمنظورات الأقلية ضمن فريق عملك لتفادي التدفقات المتسلسلة والتهميش دون أن تُفقد الآخرين اهتمامهم؟ إليك بعض التكتيكات التي ربما تساعدك:
إذا كنت تحاول إقناع الحراس بمشاركة منظورهم، فامنحهم الوقت والتفاصيل التي يحتاجون إليها للإعداد للنقاش أو القرار. وبعدها اسمح لهم بالمساهمة بعدة طرقٍ مُريحة بالنسبة لهم (كالكتابة مثلاً)، ولا تطلب منهم القتال من أجل نيل فرصة الإفصاح عن آرائهم، لأنهم على الأرجح لن يفعلوا. إن جعل القراءة والإعداد المُسبقيْن خياراً بدلاً من كونه متطلباً سيخفف العبء على كاهل غير المكترثين بتمضية وقتٍ بهذه الطريقة كالرواد مثلاً.
ولحث الرواد على الإدلاء بأفكارهم، اسمح بتوسعة مساحة النقاشات، واجلب ألواحاً بيضاء للكتابة وشجع الناس على الوقوف والإمساك بالقلم. وسيساعد تحديد المدة التي ستسمح لتلك النقاشات بأن تطول مُقدماً الذين يفضلون المزيد من الهيكلية والنظام - وخاصة الحراس - على الاسترخاء في أثناء التمرين.
أما بالنسبة للمعززين فخصص بعضاً من جهدك لبناء علاقات حقيقية معهم ومن ثم استمع لأفكارهم. والتمس أيضاً وجهات نظر أفراد الفريق وأصحاب المصلحة الآخرين، ومَكِّن المعززين من التماس وجهات نظرهم أيضاً. واستكشف معهم كيف يؤثر النقاش أو القرار على المصلحة الأعلى. قد يجنبك القيام ببعض هذه الأعمال دون اتصال نفادَ صبر المحركين بما قد يرونه تفاصيل مُستنفدة للوقت.
بالنسبة للمحركين، حافظ على إيقاعٍ سريع للنقاشات، وسلط الضوء على الصلات الواضحة بين النقاش أو القرار الحالي والتقدم المُحْرَز باتجاه الهدف الكلي. وابحث فكرة استحداث عنصر التجريب أو المنافسة - كأن تصبغ مثلاً البرنامج التجريبي بصبغة الألعاب - كي لا يفقدوا اهتمامهم. قد لا تُحفز المنافسة بعض الأنماط، كالتي يتبناها المعززون، وعليه فلتبحث أيضاً عن سبلٍ لبناء العلاقات أو تعزيزها — بإتاحة الفرص مثلاً للفرق المتنافسة بالاختلاط والاندماج معاً.
وبخلاف هذه التكتيكات الخاصة بكل نوع، هناك طرق أكثر عمومية للارتقاء بمنظورات الأقلية ضمن فريق عملك:
شجع أي شخصٍ ضمن الأقلية على أن يفصح عما يجول في خاطره في مرحلة مبكرة، بحيث تسنح له فرصة التأثير في اتجاه الحوار قبل أن يُحدد التدفق المتسلسل المسار. أثبتت التجارب الكلاسيكية لعالم النفس البولندي سولومون آش (Solomon Asch) حول التكيف أنه حتى عندما يُعارض شخصٌ واحدٌ الأغلبية تزداد احتمالية طرح الآخرين منظورات مُتشعبة بشكل كبير جداً. استغل هذه الظاهرة لتعزيز الاختلاف الصحي.
اقرأ أيضاً: بحث: عندما يعمل الموظفون في فرق متعددة يمكن للمدراء الجيدين الحصول على تأثيرات مضاعفة
واطلب من الناس أيضاً أن يتشاركو الأفكار من تلقاء أنفسهم مُقدماً، ثم يشاركوا أفكارهم بأسلوب راوند روبن (round-robin) عندما يلتئم شمل المجموعة. فقد أثبتت الدراسات أن هذا النمط أكثر فعالية من التلاقح الجماعي للأفكار. ويمكن لتلاقح الأفكار الفردي، أن يُقحم المزيد من الأفكار المتنوعة في مزيج الأفكار قبل أن يكتسب أي اتجاهٍ بعينه زخماً. ويعطي هذا النمط أيضاً مساحة تعبير أكبر للذين يفضلون استيعاب الأفكار وتوليدها في جو هادئ أو بوتيرة أكثر تأنياً.
إذا كان لديك فريق عمل يفتقر لنمط بعينه، فحاول أن تطلب من الآخرين أن يفكروا بطريقة أشبه بهذا النمط. واحرص على أن تفعل ذلك في مرحلة مبكرة من الحوار قبل أن تسود وجهة نظر الأغلبية وتهيمن. كثير منا مُعتادون على قول: "إنني أؤدي دور محامي الشيطان لا أكثر". وفي هذه الحالة، قد يقول المرء: "ها أنا أؤدي دور الحارس هنا" أو "إذا نظرت إلى هذه القضية من منظور المُحرك ...". لقد اكتشفنا أن فرق العمل التي تعرفت على الأنماط الأربعة بارعة جداً في تقمص دور الآخرين متى طُلب منها ذلك، وأن تقمصهم للآخرين يمكن أن يثري ويرتقي بالنقاش الذي ربما ظل وحيد البُعد لولا عملية التقمص.
راقب الانطوائيين الحساسين لديك عن كثب. رغم أن فريق العمل "تدفقي" النمط قد تفوته إسهامات أي نمطٍ ينتمي للأقلية، فإن الأعضاء الانطوائيين أو الحساسين جداً هم الأكثر عرضة لطُغيان الآخرين عليهم. وإننا نرى الأدلة على وجود الانطواء والحساسية بين الحراس في هذه الحالة، غير أننا وجدنا هاتين الخصلتيْن أيضاً في فئة متشعبة من المعززين سنُسميهم "المعززين الصامتين". وكحال الأشخاص الذين لا يشاطرون فريقهم نمطه السائد، نادراً ما يُسمع صوت الانطوائيين الحساسين ما لم يتواصل معهم القادة عن قصد.
من الممكن أن يبدو التدفق الريادي أو التحفيزي أشبه بشلالات نياجرا بالنسبة للحراس الذين يميلون إلى التحفظ، ويهتمون ببحث القرارات بعناية وتجنب المواجهة. فقد لا يعربون عن آرائهم، تحديداً لو كانوا ضمن الأقلية، بينما يتهافت الآخرون من أجل أن يدلوا بدلوهم. وبالمثل نجد المعززين الصامتين ينزعون إلى تفادي المواجهة تحديداً والتركيز على الإجماع.
وعليه إذا بدا أن فريق العمل يميل إلى اتجاهٍ بعينه، فمن المستبعد أن يطرحوا منظوراً متشعباً. ونظراً لعدم ميل الحراس، وكذلك المعززين الصامتين، إلى الإقدام على المخاطرة، فمن المرجح أنهم لن يجدوا سبباً قوياً يدعوهم للمخاطرة وتحدي الرأي السائد.
أضف إلى ذلك مسألة تعرض الحراس والمعززين للإجهاد. ففي دراسة أُجريت على أكثر من 20,000 مهني من داخل وخارج شركة ديلويت، كان أصحاب هذين النمطين أكثر وضوحاً من الرواد والمحركين في الإخبار عن شعورهم بالإجهاد والتوتر (راجع الدليل "مُنهكٌ"). وكانت مستويات توترهم أعلى استجابة لكل نوعٍ من أنواع المواقف التي سألناهم عنها - كالتفاعلات وجهاً لوجه والصراعات والشعور بالاستعجال والأعباء الثقيلة والأخطاء. وفي عينة ثانية، شملت هذه المرة أكثر من 17,000 مهني، ظهر أن الحراس والمعززين من المستبعد بقدرٍ أكبر أيضاً أن يصرحوا بأنهم يعملون بفعالية تحت الضغوط. وتوافق هذه النتائج أبحاث المؤلفة سوزان كين (Susan Cain) حول الانطوائيين وأبحاث عالمة النفس إلين آرون (Elaine Aron) حول الأشخاص شديدي الحساسية. وكلتاهما تؤكد أن بيئة العمل التآزرية الخطرة ذات الحيز المفتوح لعصرنا الحالي تنطوي على تحديات خصوصاً لتلك الفئات.
والآن انظر إلى كل ذلك، وخذ في اعتبارك أن أبرز القادة عادة ما يكونون رواداً أو محركين. وهذا مايوضح لماذا ينقاد الأشخاص الأكثر انطوائية والأكثر توتراً والأقل قدرة على التكيف لمَن هم أكثر منهم انفتاحاً وأقل توتراً وأكثر قدرة على التكيف. ربما أمكنك أن ترى كيف يمكن أن يشكل ذلك صعوبات للجميع.
وقد تتساءل: "لماذا أجشم نفسي عناء تلبية احتياجات الانطوائيين الحساسين؟ أليس من المفترض أن يكون الناس قادرين على التكيف ومعالجة أسباب إجهادهم؟".
لعلك لا تقصد ببساطة الأشخاص الذين لا يستطيعون التكيّف. لكننا نعتقد أنك تقصدهم. فقد أثبتت أبحاث كين وآرون أن الأشخاص الأكثر انطوائية أو حساسية يتمتعون بنقاط قوة معينة يمكن أن تعود بالنفع على فرق العمل والمؤسسات. فعلى سبيل المثال، هم يميلون إلى مراعاة ضمائرهم والدقة في العمل، وهم بارعون في رصد الأخطاء والمخاطر المحتملة. وباستطاعتهم التركيز بقوة لفترة طويلة من الوقت. وهم بارعون في الإصغاء للآخرين، ومن الأرجح أن يسلطوا الضوء على أفكار غيرهم العظيمة أكثر من السعي لتسليط الأضواء على أنفسهم. وهم غالباً يتعاملون مع المهام التي تنطوي على تفاصيل ويبرعون فيها؛ تلك المهام التي لا يستطيع الآخرون، أو حتى لا يريدون الاضطلاع بها. وعليه، فبينما يبدو أن التواصل مع الانطوائيين الحساسين قد يتطلب جهداً جهيداً، فإنه من المفترض أن يؤتي ثماره.
ولكي تستغل المحركين والمعززين الصامتين الاستغلال الأمثل من أجل معرفة طريقة التعامل مع الشخصيات المختلفة في العمل بطريقة فعالة، فكر في سؤالهم كيف يمكن أن تساعدهم على إبقاء مستويات إجهادهم عند حد يسهل التعامل معه. وقد ينطوي ذلك على تحديد سبل لإبطاء الوتيرة وتقليص العبء الزائد للمعلومات، وتوفير بيئات عمل أكثر هدوءاً وخصوصية، أو صرف الانتباه عنهم بحيث يصبح باستطاعتهم التركيز بدون الكثير من الإلهاء والتشتيت.
بعد ذلك افْعلْ كما اقترحتْ سوزان كين في خطابها الشهير، الذي ألقته في مؤتمر مؤسسة تيد TED حول قوة الانطوائيين، إذ قالت: "كفّ عن الهوس بالعمل الجماعي! كفّ وحسب!". أشرِك الحراس والمعززين الصامتين بمنحهم وقتاً لأنفسهم للاضطلاع بمهام تقتضي مزيداً من التأمل. وبدلاً من التخلف والركون إلى العمل الجماعي، سل ما إذا كانت هناك بعض المهام التي يُفضل الاضطلاع بها بشكلٍ فرديٍّ.
قد لا يمسك الانطوائيون الحساسون بزمام الأمور أو يقدمون على المنافسة، أو حتى يتكلمون كثيراً، ولكن لا تخلط بين تلك السلوكيات وبين فقدان الاهتمام. فهم بلا شكٍ يراقبون ويعالجون المعلومات غالباً. وإذا أردت أن تتعرف على وجهة نظرهم، فاسألهم مباشرة، ولكن كن رفيقاً في تواصلك معهم، فمن الممكن أن يأتي الاتصال بالحراس والمعززين الصامتين بلا ترتيبٍ جيدٍ بنتائج عكسية، إذا لم تسنح لهم الفرصة بالتأمل أولاً. وإذا أعطيتهم فرصة للإعداد والتجهيز، ومن ثم أفسحت المجال لهم لكي يتحدثوا في اجتماع ما، فالأرجح أنه سيسعدهم الإدلاء بأفكارهم. ثمة قائدة تعاونّا معها كانت بارعة في ذلك تحديداً. كانت قبل الاجتماعات التي شملت أعضاء فريقٍ انطوائيين، تفصح لهم عن ركيزة النقاش المزمع، مع الحرص غالباً على التقدم بطلباتٍ محددة لتيسير مشاركتهم: "هل ستدلون بشيءٍ بخصوص الموضوع (س) أم ستعلقون على القسم (ص) عندما نصل إليه في الاجتماع؟".
يبذل الحراس والمعززون الصامتون وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً في مراجعة أخطائهم، ولذا فمن المهم خلق بيئة يُحتفى فيها بالجهود الحسنة النية، حتى ولو باءت بالفشل. وبما أن فرق العمل التي تشعر نفسياً بالأمان ثبت أنها تفوق الفرق التي لا تشعر بهذا النوع من الأمان أداء، فمن الممكن أن يستفيد أعضاء الفريق من ذلك على اختلاف أنماطهم.
العمل بما نعـظ به
لقد شهدنا قوة هذا المنهج في العمل مع التنفيذيين وفرق العمل، وعشناه أيضاً على المستوى الشخصي في الشراكة بين الأنماط المُتعارضة الخاصة بنا. لدينا زميلة تُدعى كيم، تعدُّ رائدة مع مزيج من سمات المحركين داخلة في شخصيتها. فهي تقيم وزناً للتفكير التوسعيّ والتقدم السريع، وتقود فريقاً كبيراً يُهيمن عليه الرواد الاجتماعيون الأحرار بالتفكير. بينما تصنف إحدى أعضاء الفريق "سوزان" بأنها من الحراس والمعززين الصامتين، مما يجعلها مختلفة نوعاً ما عن كثير من أقرانها بالفريق نفسه. وهي تُعالج الأشياء بعمقٍ وتصر على الحزم وتأبى أن يتعجلها أحد. وأحياناً ما يبدو العمل مع كيم والفريق بالنسبة لسوزان أشبه بمحاولة إقحام خيطٍ في سمِّ الخياط في خضم عاصفة عاتية. وبالنسبة لكيم يبدو العمل مع سوزان أحياناً أشبه بالركض في المياه العميقة.
في البداية، لم تسر الأمور على نحوٍ سلسٍ بالنسبة لنا عند محاولة التعامل مع الشخصيات المختلفة في العمل بطريقة صحيحة، ولكن بمرور الوقت أدركنا كم نحن أقوى إذ تعاونا معاً. تعلم سوزان أن كيم تضع نصب عينيها الصورة الكبيرة دوماً، وتثق كيم بأن سوزان وضعت في اعتبارها كل التفاصيل. وباعتبار كيم قائدة الفريق، أقامت سياجاً واقياً يسمح لسوزان بالاحتماء وإنجاز ما تبرع فيه أكثر من غيرها. والآن، إن شراكتنا أفضل بسبب هذا السياج، وكذلك فريقنا.