ملخص: في عام 2015، ألّف لازلو بوك كتاب "قواعد العمل!" (!Work Rules)، الذي وضع فيه مجموعة إرشادات حول طريقة الجمع بين تحليل البيانات والصرامة الأكاديمية وأفضل ممارسات الموارد البشرية لإنشاء ثقافة للشركة على مستوى عالمي، استناداً إلى الوقت الذي قضاه في شركة "جوجل". بعد 6 أعوام رأى من كثب الصعوبات التي عانت منها فرق القيادة ذات الخبرة في الانتقال إلى نموذج العمل الهجين والحفاظ على ثقافة التميز، لذلك أعاد النظر فيما كتبه لتحديد القواعد الخمس الجديدة للعمل الهجين. وفي هذا المقال، يوضح للقادة طرق تطبيق هذه القواعد بهدف بناء فرق رائعة حتى وإن لم يكن أفرادها حاضرين معاً في نفس المكان طوال الوقت.
بصفتي الرئيس التنفيذي في شركة "هومو" حيث نساعد شركات مجموعة "فورتشن 500" على بناء ثقافات عالمية المستوى، رأيت من كثب الصعوبات التي عانت منها فرق القيادة ذات الخبرة في تعاملها مع الانتقال إلى نموذج العمل الهجين والحفاظ على ثقافة التميز.
- أخبرتني الرئيسة التنفيذية لشؤون الموارد البشرية في إحدى الشركات أنها تحرص على معرفة ما يشعر به موظفوها البالغ عددهم 80 ألف موظف بصورة أسبوعية، لكنها تعترف بأن مديرها الرئيس التنفيذي ليس لديه فكرة عن أثر ذلك في النتائج.
- أخبرني الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في شركة استشارية تضم 30,000 موظف أن فترة الجائحة كانت رائعة بالنسبة للشركاء الكبار الذين عادوا غير مضطرين إلى السفر حول العالم وبدؤوا ينتقلون إلى أماكن آمنة منخفضة التكلفة مثل منطقة برمودا، لكنها كانت مأساوية بالنسبة للزملاء الذين فاتتهم فرص التوجيه والتدريب المهني التي كانت متاحة قبل الجائحة.
- أخبرني الرئيس التنفيذي لإحدى شركات تجارة التجزئة تضم 50,000 موظف أنه ليس من العدل أن يحضر العاملون إلى المتاجر في حين يعمل المدراء التنفيذيون وكبار المدراء من منازلهم، لكن موظفي المكاتب لا يريدون العودة إلى المقار المكتبية وهو خائف من خسارة موظفي التكنولوجيا وعلوم البيانات.
في حين يعتبر النموذج الهجين غالباً نموذجاً جديداً، فأساسيات ما يحول مجموعة من الموظفين إلى فريق استثنائي لم تتغير كما قد نظن. عندما كنت النائب الأول لرئيس إدارة عمليات الأفراد في شركة "جوجل" كان لدينا العديد من الموظفين الذين يعملون من منازلهم بضعة أيام في الأسبوع، لا سيما في الهندسة والمبيعات (على الرغم من أننا لم نسمّ هذا النموذج هجيناً آنذاك). واختارت مجلة "فورتشن" شركة "جوجل" كأفضل شركة للعمل في الولايات المتحدة 8 مرات.
في عام 2015، ألفتُ كتاب "قواعد العمل!" ووضعت فيه مجموعة إرشادات حول طريقة الجمع بين تحليل البيانات والصرامة الأكاديمية وأفضل ممارسات الموارد البشرية لإنشاء ثقافة عالمية للشركات استناداً إلى الوقت الذي قضيته في بناء الثقافة بشركة "جوجل". تضمن الكتاب قواعد مثل "احرص على أن يكون العمل هادفاً" و"لا توظف إلا الأشخاص الأفضل منك" و"كن مقتصداً وكريماً".
استناداً إلى الوقت الذي قضيته في شركة "جوجل" والآن في شركة "هومو"، أعدت النظر فيما كتبته في عام 2015 لتحديد القواعد الخمس الجديدة للعمل الهجين، فكان قسم منها قائماً على بعض الإرشادات القديمة، فالمعنى والهدف مثلاً أصبحا أكثر أهمية من أي وقت مضى في نموذج العمل الهجين. لكن القسم الآخر جديد تماماً، وفي هذا المقال أوضح للقادة طرق تطبيق هذه القواعد بهدف بناء فرق رائعة حتى وإن لم يكن أفرادها حاضرين معاً في نفس المكان طوال الوقت.
1. احرص على أن يكون العمل مدفوعاً بالغاية والهدف
أصبحت الغاية أهمّ من أي وقت مضى. يُظهر بحثنا في شركة "هومو" أن الموظفين الذين لا يشعرون بأن عملهم يسهم في رسالة شركتهم تصبح احتمالات أن يتركوا وظائفهم أكبر بنسبة 630% مقارنة بأقرانهم الذين يشعرون بذلك.
تتمثل طريقة مساعدة الموظفين في إعادة اكتشاف الغاية من عملهم في الحرص على أن تكون المهام والمشاريع كافة مدفوعة بالرسالة. على سبيل المثال، تبدأ الاجتماعات المهمة في أكبر المؤسسات الصحية غير الربحية في أميركا "كومن سبيريت" (CommonSpirit) بما يسمى "التأملات"، وهي قصص أو مقاطع فيديو تقرّ بمدى صعوبة العمل في مجال الرعاية الصحية في أثناء الجائحة مع توضيح ارتباط المؤسسة بكل الخير الذي يقدمه موظفوها لمرضاهم ومجتمعاتهم. يمكن للمدراء أن يفعلوا الشيء نفسه عن طريق ربط عمل كل فرد في الفريق بالصورة الأكبر المتعلقة بما يمنح ما يفعلونه أهمية بالنسبة للعالم. عند تعيين المهام يجب على المدراء تحديد الإجابات عن الأسئلة التالية باستمرار: ما الذي يجعل هذا المشروع مهماً؟ كيف سيؤثر على الآخرين؟ كيف يتناسب مع رسالة الشركة الأوسع؟
2. ثق في موظفيك بدرجة أكبر مما يبدو مريحاً
شجع المدراء على تقديم التوجيه لا التعليمات لموظفيهم. لمساعدة الفرق الهجينة على النجاح يجب على المدراء تحديد أهم الإنجازات التي يريدون من مرؤوسيهم تحقيقها ثم السماح لهم بالتوصل إلى طرق تحقيقها.
في شركة "هومو" قررنا في خضم الجائحة أننا نريد تقديم منتج للشركات المتوسطة الحجم، فوضح فريق القيادة الجدول الزمني ومعايير النجاح ثم تراجع وأتاح المجال لمدراء المنتجات وعلماء تحسين تجارب الموظفين لتولي زمام الأمور.
بدا ذلك غير مريح في البداية، ولكن عن طريق منح فريقنا الحرية في اختيار العملية ومنتج العمل تمكنا من صنع منتج نهائي أفضل، وأثارت الطرق المبتكرة التي نشأت إعجابنا. في الواقع، يُظهر البحث الذي أجريته عندما كنت أعمل في شركة "جوجل" أن الفرق التي تتمتع بأعلى درجات الثقة والأمان النفسي تزداد إنتاجيتها بنسبة 40% عن الفرق ذات الدرجات المنخفضة في نفس المجالات.
3. تعلّم في اللحظات الصغيرة، وأرسل تنبيهات التحفيز إلى موظفيك وإلى نفسك أيضاً
يسهل العمل الهجين تفويت اللحظات الصغيرة التي تمنح العمل الجماعي سحره وتطلق شرارة الابتكار. خذ مثلاً "أخبار جوجل" (Google News) التي كانت نتيجة حوار عرَضي بين موظفَين يقفان متجاورين في الطابور لتناول طعام الغداء، تحدث هذه التفاعلات بشكل طبيعي في المقار المكتبية لكنها تتلاشى في العمل عن بعد وذلك يوقع ضرراً هائلاً مع مرور الوقت.
لذا، يمكن أن توفر تنبيهات التحفيز فرصة لخلق هذه اللحظات في البيئة الهجينة. في شركة "هومو" نقوم بتخصيص تنبيهات التحفيز بناءً على مجموعة من الإشارات تشمل أهداف التعلم الفردية ومجالات تركيز الفريق والمستوى الوظيفي. مثلاً، إذا كان أفراد الفريق يتوقون إلى فرص التعلم وكان مديرهم يرغب في بناء قدرات إرشادية، من الممكن توجيه منبه تحفيزي للمدير قبل اجتماعه الفردي التالي يقترح عليه طرقاً لإجراء محادثة تركز على النمو مع مرؤوسه. بعد 6 أشهر من تلقي هذا النوع من التنبيهات ذات الطابع الشخصي، قال 90% من الفرق في إحدى الشركات المدرجة على قائمة "فورتشن 500" إنهم لاحظوا تحسناً واضحاً لدى مدرائهم.
يمكنك إرسال تنبيهات تحفيز تشجيعية تقول للموظف: "تواصل مع أحد أعضاء الفريق اليوم" أو توضح له القواعد غير المكتوبة مثل "لا بأس بطرح الكثير من الأسئلة".
4. احرص على الوضوح، وكن حاسماً بدرجة أكبر مما يبدو مريحاً
على الرغم من ضرورة أن تتيح الاستقلالية لموظفيك فلا تتجنب التعامل معهم بحزم. عندما يتعلق الأمر باتجاهات الشركة وسياساتها وقيمها يكون الوضوح هو أفضل ما يمكنك القيام به حتى وإن لم يحظ قرارك بالشعبية. عندما يعرف الموظفون ما يحدث يصبح بإمكانهم اتخاذ أفضل الخيارات لأنفسهم، في حين يكون الغموض قاسياً عليهم.
مثلاً، بدلاً من ترك قرار موعد عودة الموظفين إلى المقار المكتبية بيد المدراء، اجمع جميع الموظفين في المقر المكتبي كلّ أربعاء، أو كلّ ثلاثاء، أو كلّ خميس. المهم هو اختيار يوم يحضر فيه غالبية الموظفين شخصياً وعدم تحميل المدراء المنهكين بالفعل عبئاً إضافياً. تخيل المديرة المسكينة التي يتعين عليها تبرير سبب مطالبة جميع أفراد فريقها بالحضور يومياً إلى المقر المكتبي في مدينة غلينديل في حين يسمح مدير آخر لأحد موظفيه بالعمل من جزيرة هاواي، لتجد فجأة أن المنافسة الأعنف التي يواجهها أصحاب المواهب تأتي من داخل الشركة.
5. احرص على أن تكون الثقافة شاملة للجميع، وألق نظرة فاحصة متمعنة على واقع الثقافة الحالية
يسأل العديد من القادة الذين أتحدث معهم عن طرق للحفاظ على ثقافتهم في نموذج العمل الهجين، لكن معظم الثقافات ستستفيد من إجراء بعض التحسينات عليها. جزء من سبب عدم رغبة الموظفين في العودة إلى المقار المكتبية هو على الأرجح أنها لم تكن مساحات شاملة منذ البداية، لا سيما بالنسبة للموظفين المنتمين إلى الفئات الممثلة تمثيلاً ناقصاً والانطوائيين والموظفين المعينين حديثاً.
اغتنم الانتقال إلى نموذج العمل الهجين على اعتباره فرصة لتحديد الفجوات الثقافية ووضع معايير جديدة لخلق ثقافة أفضل وأقوى. شجع المدراء على الانتباه للموظف الذي يهيمن على الحوار غالباً في الاجتماعات أو الذي يحظى بأكبر قدر من التقدير اعترافاً بدوره في نجاح مشروع ما. احرص على أن تكون معايير نجاح المشاريع واضحة قدر الإمكان؛ كلما اتضح المعيار أكثر، قلّ مجال التحيز.
يعمل القادة اليوم ضمن حالة غموض غير مسبوقة ووسط ظروف مستمرة لما يقرب من عامين يؤدي فيها أفراد الفريق مهامهم وهم محتجزون في منازلهم. من غير المرجح أن تتغير هذه الظروف في الفترة المقبلة التي قد تصل إلى 12 شهراً أو 18 شهراً، لذلك يجب أن يخضع القادة لعملية تغيير. باتباع القواعد الخمس الجديدة للعمل الهجين الموضحة أعلاه، يمكنهم دعم القوى العاملة في شركاتهم وخلق ثقافات عالمية، بغض النظر عن المكان الذي يعمل منه موظفوهم.