بحث: الرؤساء التنفيذيون أصحاب العلاقات المتنوعة يمنحون شركاتهم قيمة أعلى

اليوم، يسمع القادة الكثير عن أهمية وجود شبكات جيدة للعلاقات، وكيف يمكن للشركات التي يديرها القادة أصحاب العلاقات المتنوعة وشبكة علاقات جيدة الحصول على تمويل أرخص، وكيف أن الشركات التي يديرها مجلس إدارة لديه علاقات قوية تشهد أداء أفضل.

أردنا استكشاف إن كان لتنوع شبكة علاقات المدراء التنفيذيين تأثير على شركاتهم.

تأثير القادة أصحاب العلاقات المتنوعة على شركاتهم

أظهرت دراستنا، المنشورة في جورنال أوف كوربوريت فاينانس (Journal of Corporate Finance)، أن الرؤساء التنفيذيين والقادة أصحاب العلاقات المتنوعة ، والذين لديهم صلات قوية مع أشخاص من خلفيات ديموغرافية ومهارات مختلفة يستطيعون خلق قيمة أكبر للشركة. كما وجدنا أيضاً أن هذه القيمة الكبيرة تأتي من ابتكارات أفضل للشركة، ومن عمليات دمج وشراء ناجحة ومتنوعة. إضافة إلى هذا، تشير دراستنا إلى أن تنوع العلاقات الاجتماعية للقادة يُشكّل عنصراً أساسياً في كيفية تنميتهم لشركاتهم.

درسنا عينة من 2,121 رئيساً تنفيذياً أداروا الشركات المدرجة في قائمة ستاندرد آند بورز الـ 1,500 بين عامي 2000 و2010 – مستعينين ببيانات "بوردأكس" (BoardEx data)، التي يوفرها (مركز أداء الشركات)، وتضم سيراً لمعظم أعضاء مجالس الإدارة والرؤساء التنفيذيين في العالم – إذ حللنا شبكة علاقات كل رئيس تنفيذي، من خلال توثيق روابط المدرسة وعلاقات العمل والعلاقات الاجتماعية الترفيهية (مثل النوادي والجمعيات الخيرية ...إلخ)، التي أقاموها في الماضي. مع اشتراط أن تكون تلك العلاقات بكبار المدراء على الأقل، أو بأشخاص في مناصب أعلى، لأخذها بعين الاعتبار.

لتحديد تنوع شبكات علاقات الرؤساء التنفيذيين، جمعنا ستة عوامل (النوع، والجنسية، والدرجات الأكاديمية، والتخصصات، والخبرة المهنية، وخبرة العمل العالمية) في مؤشر واحد للتنوع، عبر استخدام تحليل العوامل المشتركة، وهي أداة إحصائية تستخلص أكبر قدر من الاختلافات المشتركة للمكونات الستة المذكورة. ثم حددنا قيم شركاتهم، عبر قياس نسبة القيمة السوقية للأصول إلى قيمتها الدفترية، بواسطة "توبين كيو" (Tobin’s Q).

لتقييم مدى تأثير تنوع علاقات الرؤساء التنفيذيين على قيمة شركاتهم، استخدمنا نماذج الانحدار البسيط، للتحكم في المتغيرات الأخرى التي يمكن أن تُغيّر قيمة الشركة، مثل حجمها والربحية رافعتها المالية وكثافة الاستثمار والحوكمة.

قد أشارت نتائجنا التقديرية إلى أنّ الرئيس التنفيذي الذي بلغ معدل تنوّع علاقاته الاجتماعية 75%– وفق مؤشر التنوع الذي نعتمده – رفع نسبة توبين كيو 0.017، مقارنة برئيس تنفيذي لم يتعد معدل تنوع علاقاته الاجتماعية 50% وفق المعدل ذاته. فيما الرئيس التنفيذي الذي لا يتمتع بتنوع في شبكة علاقاته – أي 25% وفق مؤشر التنوع الذي نعتمده – سجّل انخفاضاً بلغ 0.028 في معدل توبين كيو مقارةً برئيس تنفيذي عادي.

لترجمة هذا إلى قيمة اقتصادية، فإن زيادة 0.017 من قيمة الشركة تعادل زيادة قدرها 81 مليون دولار في القيمة السوقية لشركة متوسطة الحجم في عينة ستاندرد آند بورز 1,500 التي اعتمدناها. وبما أن المعدل الوسطي لأجور الرؤساء التنفيذيين لشركات ستاندرد آند بورز الـ 1,500 كان حوالي 5 ملايين دولار خلال فترة اعتماد تلك العينة من الشركات، فإن الرئيس التنفيذي الذي يتمتع بشبكة علاقات متنوعة استطاع تحقيق ارتفاع في القيمة السوقية للشركة بمقدار 16 مرة تقريباً، مقارنة بقيمة تعويضاته.

كما أجرينا تحليلاً لأثر الحدث؛ بغرض تقييم ما إذا كان السوق أكثر ملاءمة للرؤساء التنفيذيين و القادة أصحاب العلاقات المتنوعة المعينين حديثاً، والذين يتمتعون بشبكة علاقات أكثر تنوعاً ممن سبقوهم. بعد اختيار مجموعة تحكم تتطابق في خصائص الشركة وصفات الرئيس التنفيذي مع مجموعة الاختبار لدينا، وجدنا أن الشركات التي يتمتع مديرها التنفيذي الجديد بشبكة علاقات أكثر تنوعاً من سلفه شهدت رد فعل إيجابية وملحوظة في أسواق المال على المدى القصير (يقاس هذا بالإعلان عن العوائد غير العادية المتراكمة أو مجموع عوائد الأسهم على مدار عدة أيام بعد إعلان تعيين الرئيس التنفيذي). على خلاف ذلك، شهدت الشركات التي لم يكن لدى رئيسها التنفيذي الجديد شبكة علاقات متنوعة كسلفه انخفاضاً ملحوظاً في العوائد المتراكمة غير العادية

كان علينا التعامل مع بعض التحديات خلال تفسير نتائجنا. مثلاً، ربما كان التأثير الذي وجدناه ناتجاً عن حجم شبكة علاقات الرئيس التنفيذي وليس عن تنوعها. ولاستبعاد ذلك الاحتمال، حددنا حجم شبكة العلاقات في جميع الاختبارات. ومن التحديات المحتملة الأخرى كانت السببية العكسية – لأن الشركات الأفضل أداء قد تتيح للمدراء التنفيذيين توسيع علاقاتهم الاجتماعية لتشمل مجموعة أكبر وأكثر تنوعاً من الأشخاص. ولمعالجة هذا، استخدمنا متغيرات مؤثرة لمعرفة: (1) التنوع الجيني لبلدان منشأ الرؤساء التنفيذيين، (2) التنوع الديموغرافي للجامعات التي ارتادوها. واعتبرنا هذين المتغيرين بمثابة دليل جيد لمعرفة مدى تنوع شبكة علاقات الرئيس التنفيذي، إذ يعكسان الخصائص الاجتماعية والثقافية والنفسية والفسيولوجية والمؤسساتية العميقة التي قد تشكّل عقلية الرؤساء التنفيذيين تجاه تنوع العلاقات – ولن يكون لخصائص الشركة من تأثير عليهما.

باستخدام هذين المتغيرين لقياس تنوع شبكة العلاقات، وصلنا للنتائج ذاتها: كلما ازداد تنوع شبكة علاقات الرئيس التنفيذي ارتفعت قيمة الشركة.

ولتوطيد عنصر السببية أكثر، أجرينا تجربة شبه طبيعية لمعرفة ما يحدث عندما يتغير تنوع العلاقات الاجتماعية للمدير التنفيذي؛ جمعنا بيانات من (بوردأكس) تتعلق بما قد يحدث في حال وفاة شخص ما من شبكة علاقات المدير التنفيذي أو تقاعده، إذ إن ذلك قد يُحدث تغييراً في عدم تجانس شبكته. فوجدنا أنه بعد عام أو عامين من صدمة شبكة علاقات المدير التنفيذي، وازدياد تنوعها، ارتفعت قيمة شركته. كما أكدت النتائج وجود تحسن كبير في قيمة الشركة بسبب زيادة تنوع العلاقات.

ولكن لماذا تعزز العلاقات المتنوعة قيمة الشركة؟ تحولت مهمتنا بعد ذلك إلى فهم الآليات التي تؤدي لهذا التأثير. أظهرت الكتابات عن التنوع فرضيات قليلة، إحداها هي أن شبكة علاقات أكثر تنوعاً من شأنها أن تتيح للرؤساء التنفيذيين الوصول إلى مجموعات متنوعة من المعرفة، ما قد يؤدي إلى أفكار جديدة ورغبة في التعامل مع مشاريع مبتكرة. إذا كان هذا هو الحال، فإننا نتوقع أن تُظهر الشركة قدراً أكبر من الابتكار. وقد وجدنا دليلاً قوياً على أن شركات المدراء التنفيذيين الذين لديهم علاقات كثيرة ومتنوعة تميل إلى امتلاك براءات اختراع أعلى جودة، وفقاً لعدد الاقتباسات المرتبطة ببراءات الاختراع ومقدار التقنيات الجديدة التي يتم توفيرها من خلال عملية الابتكار.

الفرضية الثانية التي أخذناها بعين الاعتبار هي أن العلاقات الاجتماعية غير المتجانسة ستزيد من قدرة الرئيس التنفيذي على اكتساب شبكة من العلاقات الخارجية وتحديد الفرص التجارية الجيدة في الصناعات الأخرى. في هذه الحالة، نتوقع أن ينجح كبار الرؤساء التنفيذيين الذين لديهم علاقات اجتماعية متنوعة في تنفيذ عمليات دمج واستحواذ متنوعة خارج بلادهم. لاختبار ذلك، درسنا رد فعل السوق حول إعلان عمليات الدمج، وجدنا أن مستوى العلاقات الاجتماعية المتنوعة للرئيس التنفيذي المستحوذ (على الشركة قيد الدمج )كان مرتبطاً بشكل إيجابي بتفاعلات سوق الأسهم عندما تمّ وضع اليد على هدف في صناعة مختلفة أو في بلد مختلف. (لم يُشكّل تنوّع علاقات الرؤساء التنفيذيين فارقاً في حال كانت الشركات المستهدفة في مجال الصناعة نفسه أو في البلد ذاته).

نتائجنا تتضمن استنتاجات واسعة، يحتاج الرؤساء التنفيذيون اليوم إلى معرفة واسعة النطاق للابتكار والاستجابة للضغط التنافسي المتزايد. على الرغم من أن اكتساب المعرفة قد يكون مكلفاً، إلا أن النتائج التي توصلنا إليها تشير إلى أنه كلما تنوعت واتسعت شبكة العلاقات الاجتماعية للرئيس التنفيذي، زادت فرص النمو للشركة من خلال انفتاحها على أنواع مختلفة من المعلومات والمعرفة. يجب أن تشجع نتائجنا المساهمين على الأخذ بعين الاعتبار كيف أن تنوّع العلاقات للإدارة العليا وأعضاء مجلس الإدارة من شأنه أن يضيف قيمة للشركة في ضوء تغيّر وجه القوى العاملة وزيادة المنافسة العالمية.

ثانياً، التنوع المتزايد في مكان العمل هو مسألة نقاش أساسية؛ يزعم البعض أن الشركات مجبرة على توظيف الأقليات لأسباب أخلاقية وليس بغية الربح، في حين يقول آخرون إن الشركات يجب أن تسعى جاهدة إلى أن يكون لديها موظفون موهوبون لديهم تنوّع في الخبرات والمعرفة والخلفيات الثقافية؛ إذ إنهم يساهمون في نجاح الشركات في سوق عالمية. من خلال عدسة علاقات الرؤساء التنفيذيين في سوق العمل، تقدّم نتائجنا دليلاً أكاديمياً على أن التنوع وعدم التجانس هما في الواقع أصول ملموسة تزيد من الأرباح.

فيما توفر الدراسة الحالية تبريراً تجريبياً لقيمة تكوين روابط اجتماعية غير متجانسة، إلا أن هذه النتائج لا تعني أنه على الرؤساء التنفيذيين أن يزيدوا من تنوع علاقاتهم الاجتماعية دون الأخذ بعين الاعتبار تكاليف تكوين أنواع متعددة من الروابط والحفاظ عليها. لا يمكننا تجاهل احتمالات وجود سلبيات، على سبيل المثال، قد تؤثر النزاعات التي قد يفرزها التنوّع بين المجموعات سلباً على الأداء أيضاً. وقد ينشغل الرؤساء التنفيذيون أصحاب الروابط الاجتماعية المتنوعة عن العمل لخدمة مصالح المساهمين، لكثرة اهتمامهم بالتفاعلات الاجتماعية.

وفي نهاية الحديث عن تأثير القادة أصحاب العلاقات المتنوعة على شركاتهم، توصلنا لخلاصة أن فائدة العلاقات الاجتماعية المتنوعة تفوق كلفتها بشكل عام.