بحث: عندما يعمل الموظفون في فرق متعددة يمكن للمدراء الجيدين الحصول على تأثيرات مضاعفة

5 دقائق
تأثير الفرق المتعددة

إذا كنت كمعظم الأشخاص الذين يعملون في إحدى المؤسسات اليوم؛ فإنك على الأرجح تعمل في فرق متعددة في الوقت ذاته. أصبح معظم الموظفين مكلفين بمهام ومشروعات متعددة ويجب عليهم إنجازها وتغيير أولوياتها باستمرار. في الواقع، تقدّر الأبحاث التي أُجريت حول تأثير الفرق المتعددة أن ما بين 81% و95% من الموظفين في جميع أنحاء العالم ينشطون في فرق متعددة في آن واحد.

اقرأ أيضاً: بحث: عندما تكون الفرق الصغيرة أفضل من الكبيرة

وتكمن المشكلة بالنسبة لجميع هذه الفرق في أن هناك دلائل تشير إلى أن ما يُطلق عليها "عضوية الفرق المتعددة" يمكن أن تؤدي إلى زيادة إجهاد الموظفين وأعباء الوظيفة؛ مما يصعب الأمر عليهم في القيام بكل أدوارهم بالشكل المطلوب. ويتناوب هؤلاء الموظفون ذهاباً وإياباً بين مشروعاتهم العديدة خلال أسبوع العمل العادي (بل وفي يوم العمل العادي)؛ ما يضر بقدرتهم على التركيز الجيد في كل مشروع. ومع وضع هذا في الاعتبار، أردنا أن نعرف ما الذي يمكن أن يفعله أصحاب الأعمال الذين يستخدمون مفهوم عضوية الفرق المتعددة للتأكد بأن الموظفين قادرون على تطوير مواهبهم والمساهمة بها، بالإضافة إلى التنسيق والتعلم عبر مهام فرقهم المتعددة. علاوة على ذلك، وبالنظر إلى أن المديرين في معظم الشركات يختلفون في مدى كفاءتهم، ماذا يحدث عندما يتمتع مديرو الفرق المتعددة الذي يديرون الموظفين بأساليب قيادة مختلفة؟ وما تأثير هذه الاختلافات على قدرات الموظفين في الأداء والمخاطرة وعرض المبادرة؟

تأثير الفرق المتعددة

في مقال نشرناه مؤخراً في مجلة علم النفس التطبيقي بالاشتراك مع الأساتذة بينغ تشنغ جان من جامعة واجونغ الصينية للعلوم والتقنية وجينغ لي فار من كلية الصين أوروبا الدولية للأعمال، سعينا إلى دراسة كيف يمكن للشركات إدارة الفرق المتعددة على الوجه الأكمل باستخدام ثلاث دراسات مع الموظفين وقادة فرقهم في كل من الولايات المتحدة والصين. وركّزنا على الكيفية التي من خلالها يحفز قادة الفرق المتعددة موظفيهم ليكونوا مبادرين، مثل التطوع بالأفكار لتحسين إجراءات العمل. فحصنا سلوكيات المبادرة هذه لأنها مهمة لنجاح الفريق بالإضافة إلى التنسيق والتعلم عبر الفرق.

وتشير الدراسة السابقة إلى أن تمكين الموظفين -أو التمتع بالاستقلالية والثقة لمعرفة مكان وكيفية أداء مهام مفيدة ومؤثرة- أمر بالغ الأهمية لتحفيز الموظفين ليكونوا مبادرين. ونتيجة لذلك، أردنا معرفة ما إذا كانت سلوكيات القادة تجاه أعضاء الفريق في إحدى الفرق يمكن أن تمتد للتأثير على التمكين وروح المبادرة لأعضاء الفريق ذاته في فرق أخرى يقودها قادة مختلفون. الأهم من ذلك، أردنا معرفة ما إذا كانت سلوكيات القائد الإيجابية في إحدى الفرق يمكن أن تعوض سلوكيات القادة الأقل إيجابية في الفرق الأخرى. على وجه التحديد، درسنا ما إذا كان تمكين القيادة لقائد واحد (من خلال تفويض السلطة وتعزيز الاستقلالية والتدريب الداعم ومشاركة المعلومات بانفتاح وطلب معلومات عند اتخاذ القرارات) أثر على شعور موظفي الفرق المتعددة بأنهم أكثر تمكيناً ومبادرة حتى وإن كانوا في فريق آخر يقوده قائد مختلف، وحتى إذا كان القائد الآخر أقل تمكيناً لأعضاء فريقه.

أجرينا الدراسة الأولى على البالغين العاملين في الولايات المتحدة والصين. وباستخدام سيناريو محاكاة واقعية في مكان العمل، طلبنا من المشاركين تخيل أنهم يعملون في فريقين مختلفين يقودهما قائدان مختلفان في آن واحد. وكلفناهم بشكل عشوائي بواحد من أربعة سيناريوهات تباينت فيها قيادة الفريقين المختلفين في: 1) منح الموظفين الاستقلالية لاتخاذ قراراتهم الخاصة وطلب النصيحة والمعلومات منهم (قيادة تمكينية عالية) أو 2) الإدارة المفصلة للموظفين وعدم طلب النصيحة أو المعلومات منهم أبداً (قيادة تمكينية منخفضة أو معدومة). وبالتالي، اختبر المشاركون القيادة التمكينية في كل فريق من فرقهم، أو في فريق واحد فقط من فرقهم، أو لم يختبروها في أي من فرقهم. ثم سألنا عن مدى شعور الموظفين بالتمكين في وظائفهم إجمالاً.

تخيلنا أنه قد يكون هناك تأثير إلغاء، حيث يؤدي وجود قائد أكثر سيطرة في فريق واحد إلى إبطال الآثار الإيجابية لوجود قائد أكثر تمكيناً في الفريق الآخر. الخبر السار هو أن الحال لم يكن كذلك. بدلاً من ذلك، وجدنا العكس: أن القائد الأكثر تمكيناً عوّض النقص لدى القائد غير الممكن في الواقع؛ ما أدى إلى توفير مستويات عالية من التمكين الشامل والمبادرة عبر الفرق. خلاصة القول كانت هي أن المدير الجيد يمكنه تعويض المدير السيئ بالنسبة للموظفين الذين يعملون في فرق متعددة، على الأقل عندما يتعلق الأمر بالموظفين الذي يشعرون بالتمكين ويتسمون بروح المبادرة.

اقرأ أيضاً: الصفتان الرئيسيتان للفرق الأفضل في حل المشاكل

ولاختبار ما إذا كانت نتائجنا التجريبية ستترسخ في المؤسسات الفعلية وعبر الثقافات المختلفة؛ أجرينا دراستين أخريين: واحدة في مجموعة من شركات البحث والتطوير في الصين والثانية في شركة إي أيه للهندسة والعلوم والتقنية، وهي شركة استشارات بيئية يقع مقرها في مدينة بالتيمور بولاية ميريلاند الأميركية. يعتمد العمل في شركة إي أيه بشدة على الفرق، وبصفتها شركة منفعة عامة مملوكة للموظفين، تحتاج الشركة إلى التعاون والإجماع لموازنة الأرباح وإدارة أصحاب المصلحة. ونتيجة لذلك، يعمل موظف شركة إي أيه في ستة مشروعات مختلفة في آن واحد.

أردنا أيضاً معرفة ما إذا كانت نتائجنا ستصمد عندما سألنا كيف شعر الموظفون المفوضون في فرقهم المختلفة، وليس بشكل عام فقط. على سبيل المثال، هل يشعر الموظفون الذين يعملون مع قائد فريق مُمّكن على  المبادرة حتى في الفرق الأخرى التي يقودها قادة أقل تمكيناً؟ وكما هو متوقع، وجدنا أنه حينما أظهر أحد القادة قيادة أكثر تمكيناً في فريق معين، شعر الموظفون بتمكين أكثر وكانوا مبادرين أكثر في الفريق ذاته. والأهم من ذلك، أننا اكتشفنا أن سلوكيات التمكين للقائد في الفريق الواحد قد امتدت عبر حدود الفريق لزيادة التمكين والمبادرة في الفريق الآخر. في الواقع، هذا حدث حتى عندما لم يُظهر قائد الفريق الآخرأي سلوكيات قيادية تمكينية تجاه هذا الموظف.

وبجمع هذه النتائج معاً، فإن الخبر الأجمل هو أنه حتى لو كان لدى الموظفين تجربة سيئة مع قائد فريق غير متمكن في أحد فرقهم، فإن كل ذلك لا يضيع هباءً، طالما أن الموظفين ينتمون إلى فرق أخرى يقودها قادة أكثر تمكيناً لأعضاء فرقهم.

ما الذي يجب على المدراء فعله بناءً على نتائجنا؟ النصيحة الأكثر صراحة -وربما الأكثر وضوحاً- هي مساعدة القادة على تعلم المهارات اللازمة لتعزيز تمكين الموظفين. على وجه التحديد، يجب تدريب القادة على تمكين أتباعهم من خلال تفويض السلطة إليهم في المهام الهامة ومنحهم أكبر قدر ممكن من الاستقلالية وتدريبهم بشكل داعم وتكليف الموظفين بمزيد من المسؤوليات ومشاركة أكبر قدر ممكن من المعلومات الاستراتيجية والمهمة معهم وطلب معلومات منهم عند اتخاذ قرارات مصيرية. وتظهر الأبحاث باستمرار أنه عندما ينخرط المدراء في مثل هذه السلوكيات؛ فإن الموظفين يتفاعلون من خلال أخذ المباردة والتصرف بديناميكية.

اقرأ أيضاً: انضباط الفرق يؤدي إلى الأداء الجيد في العمل

لكن ماذا لو لم يكن كل قادتكم لديهم هذه المهارات؟ وماذا لو لم نعلم تأثير الفرق المتعددة بطريقة صحيحة؟ الأسوأ من ذلك، ماذا لو كان بعضهم يميل إلى الإدارة المفصلة لموظفيهم المباشرين؟ يتمثل أحد الاحتمالات في "توزيع الثروة" بحيث يجري تكليف القادة من أصحاب التمكين بإفادة الموظفين في مجموعة متنوعة من القطاعات والوحدات والمناطق بالشركة. ويظهر بحثنا أنه ليس من المستحسن تركيز كل قادة الفرق من أصحاب التمكين في منطقة واحدة من الشركة. إذا حدث ذلك، سيصبح موظفو الفرق المتعددة الذين يتعاملون مع مجموعة من القادة الذين لا يميلون لتمكين أعضاء فرقهم أقل تمكيناً وأقل رغبة أو قدرة على أن يكونوا مبادرين من أجل مصلحة الشركة ككل. ونتيجة ذلك، يحتاج كبار المدراء إلى تقييم قادتهم بعناية ومن ثم نشر القادة من أصحاب التمكين العالي في جميع أنحاء الشركة.

اقرأ أيضاً: العلم الحديث في بناء فرق عظيمة

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي