هل تشعر بالرضا عن حياتك المهنية؟ اسأل نفسك هذه الأسئلة

7 دقيقة
ضغوط الحياة اليومية
shutterstock.com/Master1305

ملخص: في ظل ضغوط الحياة اليومية، لا يتوافر لنا الوقت الكافي للتفكير والتأمل، لكن إذا لم نفعل ذلك، فقد نجد أنفسنا نسير بسرعة ودون جدوى في الاتجاه الخاطئ، ولا سيما في حياتنا المهنية، لهذا السبب، من المهم ممارسة تمرين يتكون من 3 خطوات مرة واحدة كل 3 أشهر. تتضمن الخطوة الأولى التفكير في نفسك وطرح سلسلة من الأسئلة التأملية التي تركز على معرفة مدى سعادتك ورضاك عن مسارك المهني الحالي، أما الخطوة الثانية فتتعلق بتحديد قيمك الأساسية، في حين تتمثل الخطوة الثالثة في مواءمة ما تعلمتَه مع حياتك المهنية. استخدم هذا التمرين لمعرفة الجوانب التي تحتاج إلى إضافتها إلى حياتك المهنية أو الجوانب التي يجب عليك التخلي عنها لتشعر بمزيد من الرضا في الوقت الحالي.

مع انتقالنا من مرحلة إلى أخرى، يجب علينا جميعاً مراجعة أنفسنا وتقييم سعادتنا في العمل وتحديد مشاعرنا لمعرفة المجالات التي يمكننا إحداث تغيير إيجابي فيها. قد يتضمن ذلك إضافة عادات جديدة إلى الروتين اليومي أو التخلص من العادات القديمة التي لم تعد تفيدنا.

أنا أُطلق على هذا التمرين اسم "إزالة السموم المهنية" (Career Detox) وأشجع عملائي على ممارسته مرة واحدة على الأقل كل 3 أشهر. خلال سنوات عملي التي تضمنت تدريب المسؤولين التنفيذيين وتقديم الاستشارات للمؤسسات وتدريس طلاب إدارة الأعمال، وجدت أن هذه الممارسة تساعد الأفراد في المستويات جميعها على الازدهار والنجاح وتجنب الإصابة بالاحتراق الوظيفي الشائع جداً.

تتضمن الخطوة الأولى التفكير في نفسك وطرح سلسلة من الأسئلة التأملية التي تركز على معرفة مدى سعادتك ورضاك عن مسارك المهني الحالي، أما الخطوة الثانية فتتعلق بتحديد قيمك الأساسية، في حين تتمثل الخطوة الثالثة في مواءمة ما تعلمتَه مع حياتك المهنية.

يمكنك أيضاً استخدام هذا التمرين الذي يتكون من 3 خطوات لمعرفة الجوانب التي تحتاج إلى إضافتها إلى حياتك المهنية أو الجوانب التي يجب عليك التخلي عنها في الوقت الحالي.

1. اسأل نفسك: هل أنا راضٍ؟

معظمنا معتاد على سؤال الآخرين عن أحوالهم باستمرار. لكن كم مرة نسأل أنفسنا هذا السؤال؟ يبدأ الرضا الوظيفي من خلال قيادة الذات والوعي الذاتي؛ إذ لا يمكن لأحد أن يساعدك في تحقيق نجاحك وسعادتك أكثر منك أنت نفسك.

أولاً، خصّص 15 دقيقة فقط للتفكير في مشاعرك وأفكارك ومستويات طاقتك. أوصيك بتدوين أجوبتك عن الأسئلة الآتية كي تتمكن من مراقبة ما تتعلمه.

بماذا تشعر؟

ما هي حالتك العاطفية في هذه المرحلة من حياتك، وفي هذه اللحظة تحديداً؟ قيِّم المرحلة السابقة في عملك وحاول ربط الأحداث الإيجابية والسلبية التي حدثت خلالها واحرص على فهمها. هل تشعر بالرضا عموماً؟ هل تشعر بالملل والقلق؟ هل تشعر بالتوتر أو الإرهاق؟ هل كانت الأيام الجيدة التي قضيتها في العمل أكثر من الأيام السيئة، أم العكس؟

الهدف هنا هو تحديد مدى رضاك عن حالتك العاطفية، ولا يعني ذلك بالضرورة الشعور بالسعادة طوال الوقت، بل تحديد الأنماط والجوانب التي تريد الاحتفاظ بها أو تغييرها. لذلك، احرص على تقييم مشاعرك بصدق ولاحظ أي جوانب أو مشاعر غير طبيعية. كل ما تشعر به صحيح ما دام يعكس تجربتك الحقيقية.

في هذه المرحلة، يمكنك أيضاً الالتزام بتتبّع مشاعرك بانتظام لمعرفة ما يجلب لك السعادة وما يسبب لك الضيق. يستخدم بعض عملائي أداة تنظيم للحالة المزاجية الإيجابية طوال العام، مثل مستند وورد (Word) أو لوحة تتبع الحالة المزاجية أو دفتر ملاحظات يسجلون فيه ردود الفعل والملاحظات الإيجابية أو لحظاتهم السعيدة في العمل. يساعدهم استخدام هذه الأداة خلال وقت التأمل والتفكير على تذكّر إنجازاتهم السابقة، ويمكنك استخدام الطريقة نفسها لتوثيق إخفاقاتك أو تجاربك السلبية أو الأشياء التي ترغب في تغييرها.

ما هي الأشياء التي استحوذت على تفكيري خلال هذا الربع السنوي؟

فكر في كيفية استثمارك لوقتك وطاقتك في الفترة الماضية. ما هي الجوانب التي منحتها أكبر قدر من الاهتمام؟ هل ركزت على مشروع أو هدف معين؟ هل شعرت بثبات وتيرة العمل أم أنك كنت مشغولاً جداً بالمهام؟ هل كانت هناك أي مشكلات أو تحديات شغلت تفكيرك؟ في بعض الأحيان، قد يكون من المفيد أيضاً التفكير في الأمور التي لم تمنحها الوقت أو التفكير الكافيَين، لكنك كنت ترغب في التركيز عليها أكثر.

هل كان عملي، بما فيه من مهام وتفاعلات وأهداف، يمنحني النشاط والحيوية في معظم الأيام؟

ألقِ نظرة على ما كتبتَه في أثناء تأملك في مشاعرك وأفكارك. لاحظ العلاقة بين أجوبتك والعمل الفعلي الذي كنت تؤديه. عموماً، هل كان العمل مصدراً للحيوية والطاقة وحسّن رفاهتك أم كان مرهقاً وأضر بصحتك النفسية؟ يمكن القول إن طاقتك هي أحد أهم مواردك، ليس من الضروري أن تُسعدك وظيفتك كل يوم، ولكنها يجب أن تُشعرك بالرضا لا أن ترهقك وتستنزف طاقتك، على الأقل إذا كان هدفك هو تجنب التوتر والاحتراق الوظيفي .

اسأل نفسك: هل كنتُ أستيقظ كل صباح مفعماً بالحماس تجاه عملي، أم غارقاً في القلق والتوتر؟ كيف أثّر ذلك في مشاعري وأفكاري في ربع السنة الماضي؟

على سبيل المثال، لنفترض أنك اكتشفت أنك كنت متوتراً في معظم أيام ربع السنة الماضي وخصّصت الكثير من طاقتك الذهنية لإنجاز مشروع معين، في هذه المرحلة، قد تدرك أنك كنت متوتراً بسبب هذا المشروع لأنه استنزف طاقتك بدلاً من منحك النشاط والحيوية، وقد يعود ذلك إلى مجموعة متنوعة من الأسباب، فربما لم يتوافق المشروع مع أهدافك البعيدة الأجل أو اهتماماتك أو شغفك، ربما كان عليك التعاون مع بعض الزملاء الذين تتعارض أساليب عملهم مع أسلوبك، أو ربما لم تعد مسؤولياتك الأساسية تتوافق مع قيمك.

دعنا نتمعن في قيمك لنعرف إذا ما تغيرت خلال الفترة الماضية.

2. إعادة التقييم: هل تغيّرت قيمي، وكيف تغيرت؟

تشكّل قيمك أهمية قصوى بالنسبة لك، فهي تدفعك وتمنحك الحافز في الحياة، وغالباً تكون هي القوة التي توجه أفعالك. يمكن أن تشمل قائمة قيمك الأسرة أو الصداقة أو المغامرة أو العدالة. في سياق العمل، قد تشمل قيمك القيادة أو الشفافية أو سياسات الاستدامة في الشركة، أو منظومة العمل المتماسكة أو الشعور بالغاية والهدف، وغيرها من الأمور. يرتبط كل من شغفنا واهتماماتنا بقيمنا غالباً؛ إذ نشعر بالطاقة والحماس تجاه أشياء معينة لأنها تتوافق مع شخصياتنا، وبالتالي تمنحنا الشعور بالرضا والسعادة.

على سبيل المثال، إذا كنت تهتم بسياسات الاستدامة في الشركة، فقد تتحمس للمبادرات التي تركز على الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) وتجد أن هذه المشاريع تمنحك الطاقة والحيوية في العمل، وإذا كنت تقدّر منظومة العمل المتماسكة فمن المرجح أن تشعر برضا أكبر عند التعاون مع الزملاء المهتمين ببناء علاقات عميقة مقارنة بتعاونك مع الزملاء الذين يفضلون العمل بمفردهم، أما إذا كنت تقدّر الأسرة ولديك وظيفة تُشعرك بالملل لكنها توفر لك توازناً رائعاً بين العمل وحياتك الشخصية، فقد لا يكون العمل نفسه هو ما يحفزك بل المزايا الكبيرة والمهمة التي يقدمها لك.

إذاً، من الطبيعي أن تتطور قيمك أو تتغير بمرور الوقت مع اكتساب مزيد من الخبرة في الحياة ومعرفة معلومات أكثر حول أهدافك الحالية والمستقبلية. لذلك، من المفيد مراجعة نفسك بين الحين والآخر.

اسأل نفسك:

  • ما هو أهم شيء بالنسبة لي في العمل؟ (حاول التفكير في بعض الكلمات المفردة والبسيطة، مثل الثقة والتعاطف والاستدامة والنمو والتوازن).
  • هل ظلّت هذه القيم ثابتة، أم أنها تغيرت خلال الربع السنوي الأخير؟ (قد تكتشف أن بعض الأشياء ازدادت أهميتها أو نقصت بنظرك في هذه المرحلة من حياتك).
  • بالنظر إلى قيمي الحالية، ماذا تعني هذه الكلمات بالنسبة لي؟ (على الرغم من أن القيم غالباً تأخذ شكل كلمات كبيرة، مثل النجاح والطموح والإنصاف، عليك التفكير في الطريقة التي تتمنى تجسيد هذه الكلمات في عملك اليومي من خلالها).
  • كيف تتجسد قيمي بالفعل، أو لا تتجسد، في العمل؟ (هل تتجلى قيمك حقاً في علاقاتك المهنية أو مسؤولياتك أو ثقافة شركتك؟).

بغض النظر عن قيمك، يمكن أن تساعدك الإجابة عن هذه الأسئلة على معرفة الجوانب التي تحتاج إلى إضافتها إلى حياتك المهنية أو الجوانب التي يجب أن تتخلى عنها لمواءمة عملك أكثر مع القيم التي تحفّزك.

3. إزالة السموم: ما هي الأشياء التي يمكنني تغييرها؟

حان الوقت الآن لتطبيق ما تعلمتَه على وضعك الحالي. ما هي الأشياء التي يمكنك تغييرها الآن بعد أن اكتسبت رؤى أفضل وفهماً أعمق حول ما ترغب في تحقيقه وما تريد التخلي عنه في العمل؟ أعتقد أن تنظيم هذه المعلومات بالطرق الآتية مفيد جداً:

ما هي الأشياء التي يمكنني التخلي عنها في حياتي العملية؟

ألقِ نظرة على الأفكار والرؤى التي توصلت إليها في الخطوتين الأولى والثانية. ما هي العوامل التي تستنزف طاقتك، سواء كانت مشاريع أو أشخاصاً أو مسؤوليات، وما هي أسباب ذلك؟ وهل من الممكن التخلص منها؟ على الرغم من أن بعض الأمور لا يمكنك تغييرها، مثل أداء المهام المملة والعمل مع أشخاص قد لا تحبهم، فإن غالبية جوانب العمل يمكن تغييرها أو تحسينها.

على سبيل المثال، لنفترض أنك حددتَ مهمة معينة تستنزف طاقتك، وذلك لأنك تقدّر التوازن بين العمل والحياة وهذه المهمة تجبرك على العمل ساعات إضافية حتى وقت متأخر من الليل. في هذه المرحلة تجعلك هذه المهمة تكره الذهاب إلى العمل، فتولد لديك شعوراً بالاستياء تجاه وظيفتك كلها. كيف يمكنك التعاون مع مديرك لحل هذه المشكلة؟

ربما يمكنك تفويض المهمة أو جزء منها لتسريع إنجازها، وربما يمكن أن يساعدك مديرك في إزالة بعض المهام الأخرى وتخفيف عبء العمل حتى تتمكن من مغادرة المكتب في الوقت المحدد دون الحاجة إلى البقاء ساعات إضافية لإنجاز المهام جميعها، أو ربما يمكنك إلغاء هذه المهمة كلياً، وكل ما عليك هو مناقشة الأمر مع مديرك. بغض النظر عن كيفية معالجة هذه المشكلة، يمكنك الآن اتخاذ خطوات استباقية لتنفيذ التغييرات المطلوبة بعد تحديدها.

في بعض الحالات، قد تكتشف فجوة كبيرة لا يمكن سدها ناجمة عن عدم توافق قيمك الجوهرية مع قيم المؤسسة، وحينئذ قد يكون من الضروري التخلي عن الوظيفة نفسها والبحث عن عمل آخر أكثر توافقاً مع طموحاتك واحتياجاتك.

ما هي الأشياء التي يمكنني إضافتها إلى حياتي العملية؟

من خلال هذا التمرين، هل اكتشفت جوانب في عملك كنت ترغب في التركيز عليها أكثر أو قضاء مزيد من الوقت فيها؟ ما هي المهام أو المشاريع التي تمنحك الطاقة والحيوية، وما هو السبب؟ هل يمكنك المطالبة بالمشاركة أكثر في هذه المهام والمشاريع؟ بالإضافة إلى ذلك، هل هناك أشخاص يسهمون في شعورك بالسعادة والرضا؟ هل يمكنك بذل جهود أكبر لتخصيص وقت في جدول أعمالك للتواصل والعمل معهم؟

على سبيل المثال، لنفترض أنك أدركت مؤخراً قيمة التعلم المستمر مدى الحياة، إذاً يمكنك التطوع للمشاركة في مزيد من المشاريع التي تهدف إلى تطوير مهاراتك، أو البحث عن برامج تطوير المهارات، أو حتى ممارسة هواية جديدة خارج نطاق العمل لإرضاء هذا الجانب من شخصيتك. كلما قللت الأمور التي تستنزف طاقتك وعززت الجوانب التي تمنحك الطاقة والحيوية ازداد شعورك بالرضا والسعادة في العمل.

ما هي الأمور التي يمكنني الاحتفاظ بها دون تغيير؟

يمكن التعامل مع هذا الجانب بسهولة أكبر مقارنة بالجوانب الأخرى. باختصار، ليس من الضروري إجراء تغييرات على الجوانب الجيدة التي تحقق أهدافك بفعالية. من المحتمل أن تكون هناك جوانب في وظيفتك تسهم بطريقة إيجابية في أدائك ولا تتطلب أي تعديلات أو تغييرات. كن ممتناً لهذه الجوانب الإيجابية في عملك، واحرص على تقديرها والاعتراف بالسعادة والرضا اللذين تحققهما لك.

في ظل ضغوط الحياة اليومية لا يتوافر لنا الوقت الكافي للتفكير والتأمل، لكن إذا لم نفعل ذلك فقد نجد أنفسنا نسير بسرعة في الاتجاه الخاطئ. لذلك، من المهم أن تخصص بضع دقائق في كل ربع سنوي لتطبيق هذه الخطوات. أنت تستحق أن تشعر بالرضا في عملك، وهذه إحدى الطرق لتحقيق ذلك.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي