للسياق أهمية لدى تقييم التأثير الاستراتيجي للثقافة وفعاليتها.
على القادة الأخذ بعين الاعتبار عند دراسة تأثير الثقافة على الشركة، الأنماط الثقافية والظروف الرئيسية المؤثرة على الشركة والسوق إذا ما أردوا تطوير ثقافة الأداء. لذلك عليهم لدى أخذ العوامل الرئيسية في الاعتبار وإيلاء أهمية قصوى للمنطقة الجغرافية ونشاط الشركة؛ في حين تشتمل الاعتبارات الداخلية المهمة على المواءمة مع الاستراتيجية، والقيادة، والتصميم الداخلي للشركة.
تأثير الثقافة على الشركة
المنطقة
يمكن أن تؤثر القيم الثقافية الوطنية والإقليمية في المنطقة التي تنشط فيها الشركة على أنماط السلوك داخل المؤسسة. (درس غيرت هوفستيد ومؤلفو دراسة غلوب (GLOBE) هذه الصلة بصورة متعمقة). فنحن نجد، على سبيل المثال، أن الشركات التي تعمل في بلدانٍ تتسم بدرجة عالية من الجماعية المؤسسية (التي تعرّف على أنها تقدر الإنصاف داخل المجتمعات وتشجع التواكل وتوزيع الموارد على أفراد المجتمع)، مثلما هي الحال في فرنسا والبرازيل، بحيث تتبنى هاتان الدولتان ثقافات تؤكد على النظام والسلامة.
أما الشركات التي تعمل في بلدان ذات مستويات منخفضة من تجنب الغموض (أي أنها تعتمد الغموض وعدم اليقين في المستقبل)، مثل الولايات المتحدة الأميركية واستراليا، فهي تركز بشكلٍ أكبر على التعليم والهدف والاستمتاع. إن مثل هذه التأثيرات الخارجية هي اعتبارات غاية في الأهمية لدى العمل في أسواق عابرة للحدود أو عند صياغة ثقافة مناسبة للأعمال.
اقرأ أيضاً: توسيع نطاق الثقافة في الشركات سريعة النمو
نوع النشاط التجاري
قد تبرز الحاجة إلى تبني سمات ثقافية متباينة للتعامل مع الأنظمة واللوائح المتعلقة بنوع النشاط التجاري واحتياجات العملاء. فقد أظهرت مقارنة للمؤسسات عبر مختلف قطاعات الأعمال أن الثقافات يمكن أن تتكيف مع متطلبات بيئات العمل. فعلى الأرجح أن تؤكد ثقافات شركات الخدمات المالية على السلامة. وبالنظر إلى زيادة تعقيد اللوائح التنظيمية التي أقرت استجابة للأزمة المالية، فإن العمل المتأني وإدارة المخاطر أكثر أهمية من أي وقتٍ مضى في هذا القطاع. في المقابل، فإن المؤسسات غير الربحية مدفوعة بتحقيق هدفها، بحيث يعزز الأخير من التزامها بمهمة محاذاة سلوك الموظفين مع هدف مشترك.
الاستراتيجية
لتحقيق كامل الفائدة منها، على الثقافة دعم الأهداف والخطط الاستراتيجية للأعمال التجارية. على سبيل المثال، نجد اختلافاتٍ بين الشركات التي تعتمد استراتيجية المفاضلة والشركات التي تتبع استراتيجية قيادة التكلفة. وعلى الرغم من أن النتائج والرعاية من الخصائص الثقافية الرئيسية في كلا النوعين من الشركات، إلا أن الاستمتاع والتعلم والهدف أكثر ملاءمة للمفاضلة، في حين أن النظام والسلطة أكثر ملاءمة لقيادة التكلفة. ويمكن أن تحفز الثقافات المرنة – التي تركز على الاستمتاع والتعلم - ابتكار المنتجات في الشركات التي تهدف إلى تمييز نفسها، في حين أن الثقافات المستقرة والمتوقعة، التي تؤكد على النظام والسلطة، يمكن أن تساعد في الحفاظ على الكفاءة التشغيلية للحفاظ على انخفاض التكاليف.
علاوة على ذلك، ترتبط الاعتبارات الاستراتيجية، المتعلقة بدورة حياة الشركة،
بالثقافة التنظيمية. فالشركات التي تتبنى استراتيجيةً تسعى إلى تثبيت أو الحفاظ على مكانتها في السوق تعطي الأولوية للتعلم، في حين تميل المؤسسات العاملة باستراتيجية التغيير نحو الأفضل إلى إعطاء الأولوية للنظام والسلامة في جهودها لإعادة توجيه أو إعادة تنظيم الوحدات عديمة الربحية.
القيادة
من الصعب المبالغة في تقدير أهمية مواءمة الثقافة مع القيادة. إن الصفات الشخصية وسلوكيات الرئيس التنفيذي وكبار المدراء التنفيذيين يمكن أن يكون لها تأثير عميق على الثقافة. وعلى عكس ذلك، تعمل الثقافة إما على تقييد أو تعزيز أداء القادة. فقد أظهرت بياناتنا الخاصة من أنشطة توظيف القيادات التنفيذية، أن عدم وجود تناسب ثقافي، مسؤول عن ما يصل إلى 68% من إخفاقات التوظيف الجديدة على مستوى القيادة العليا. أما بالنسبة للقادة الفرديين، يُعد التناسب الثقافي بمثل أهمية القدرات والخبرات.
التنظيم الداخلي
نرى أن هناك علاقة ثنائية الاتجاه بين تأثير الثقافة على الشركة وهيكليتها التنظيمية الخاصة. وفي كثيرٍ من الحالات، تعتمد الهيكلية والأنظمة على الثقافة. على سبيل المثال، يمكن للشركات التي تعطي الأولوية لعمل الفريق والتعاون أن تصمم أنظمة محفزة تتضمن أهدافاً مشتركة بين الفريق والشركة بالإضافة إلى المكافآت التي تثمن الجهد الجماعي. ومع ذلك، قد يؤدي خيار التصميم التنظيمي طويل الأمد إلى تشكيل ثقافةٍ ما. ولأن تغيير الثقافة أصعب بكثير، نقترح أن تتماشى التغييرات الهيكلية مع الثقافة المرغوبة.
اقرأ أيضاً: