3 عوامل تجعلك سعيداً في العمل

3 دقيقة
السعي إلى السعادة في العمل
shutterstock.com/Andrey_Kuzmin

يقضي الموظف العادي أكثر من 90,000 ساعة في العمل خلال حياته، ورغم ذلك لا يشعر معظم العمال والموظفين بالسعادة في أثناء أداء مهامهم، إذ إنّ إحصاءات مؤسسة "غالوب" (Gallup) تؤكد أن 85% من الموظفين لا يشعرون بالاندماج الوظيفي وغير سعداء، فلماذا لا يشعر معظمنا بالسعادة في وظيفته اليومية على الرغم من السعي المُستمر للشعور بالسعادة في العمل؟

لا بد أولاً من توضيح الفرق بين اللذة والسعادة، فالأولى شيء حسي يتطلب توفر عوامل خارجية لتحقيقها، مثل الوقت والموارد المالية والقدرة الجسدية، بينما السعادة شعور نفسي ينبع من داخل الفرد لا يتعلق بالماديات ولها أثر كبير في حياة الفرد. محمد علي، الملاكم الشهير والمتحدث البارع، قال ذات مرة: "قد يعرف الآخرون اللذة، لكن اللذة ليست السعادة، فأثرها ليس أكبر من أثر الظل وراء الإنسان". يبرز في هذا السياق مصطلح يفسر عدم قدرة البشر على تحقيق السعادة على الرغم من توفر المتع والملذات، هو "تكيّف المتعة" (Hedonic Treadmill)، الذي يُسمى أيضاً "التأقلم مع المُتع" (Hedonic Adaptation) و"التكيف التلذذي"، ويُقصد به الاتجاه العام الذي يميّز السلوك الإنساني في العودة إلى المستوى المعتاد من السعادة بعد ارتفاعه أو انخفاضه بسبب تقلبات الحياة (أحداث مفرحة وممتعة أو محزنة وأليمة). من أمثلة "تكيف المتعة" ما يلي:

  • اللقمة الأولى من وجبة لذيذة تكون أكثر متعة من اللقمة الثالثة أو التاسعة.
  • الأشخاص الذين يفوزون باليانصيب يعودون لمستويات سعادتهم الأصلية بمجرد مرور وقت وجيز على إعلان الفوز. (عدة أسابيع في العادة).
  • الشخص الذي يتعرض لحادث يؤدي إلى بتر أحد أطرافه يعود لمستوى سعادته الأصلي ولو بعد فترة زمنية أطول نسبياً مقارنة بالأحداث الإيجابية.
  • الموظف الذي يحصل على ترقية كان يسعى إليها يعود إلى مستوى سعادته بعد أن يتعوّد على منصبه الجديد.

يؤكد مختصو علم النفس أن البشر يسيطرون على نحو 40% من مستوى سعادتهم فقط، إذ إنّ 50% من السعادة موروثة من الوالدين، و10% تتأثر مباشرة بمكان الولادة وظروف المعيشة، و40% الباقية هي الخاضعة لتأثيرنا.

بالعودة إلى السعادة في مجال العمل، نعدد لكم فيما يلي 3 عوامل رئيسية تساعدكم في تحقيق السعادة الوظيفية:

1. وجود مغزى من العمل

إن اتخذتَ من السعادة هدفاً رئيساً لك، فقد ينتهي بك الأمر إلى الشعور بالنقيض تماماً، ويرجع هذا في الأساس إلى أن السعادة (شأنها شأن العواطف كلها) حالة مؤقتة وليست دائمة، ويتمثل الحل البديل في إدراك المغزى من هدفك المهني. في دراسة حديثة توصل شون آكور وفريقه البحثي إلى أن تسعة من بين كل عشرة موظفين مستعدون لمقايضة نسبة من أجورهم وأرباحهم التي حققوها طوال حياتهم بالمزيد من المغزى في العمل. وفقاً لبحث قاده عالم النفس روي باوميستر عن السعادة والمغزى، توصل إلى 5 ميزات رئيسية للمغزى هي:

  • يرتبط المغزى بما تريد الحصول عليه وليس بما تحتاجه فحسب، إذ إن المغزى يمكن أن يتحقق في ظل ظروف غاية في الصعوبة.
  • الإطار الزمني، حيث اكتشف باوميستر أن السعادة ترتبط ارتباطاً مباشراً بالحاضر، أما المغزى "فيبدو أنه يأتي نتيجة تجميع الماضي والحاضر والمستقبل في قصة متماسكة من نوع ما".
  • الحياة الاجتماعية ومساعدة الآخرين تساعد في تحقيق المغزى.
  • التحديات جزء لا يتجزأ من حياة ذات مغزى كبير، عكس السعادة التي يمكن أن تؤثر فيها الضغوط والمعاناة والصراعات.
  • الهوية الشخصية التي تعبر عن الذات وتكون متوافقة مع المهام والأنشطة التي تؤديها.

2. نوعية الوظيفة

خلُص بحث قاده الباحث توماس تريب وآخرون شمل أكثر من 800 موظف إلى الوظيفة "المحورية" التي تحقق مستوى سعادة أكبر مقارنة بأنواع الوظائف الأخرى "العادية" أو الهامشية"، وابتكروا مقياساً لتقييم مدى "محورية الوظيفة" على أساس 4 أبعاد هي (1) مدى أهمية المنصب للمؤسسة؛ (2) ما إذا كان يمكن تنفيذ العمل بواسطة منصب آخر أو استبداله به؛ (3) إذا لم يقم أحد بهذا العمل، ما مدى سرعة توقف أنشطة العمل الأخرى؛ (4) إذا لم يقم أي شخص بهذا العمل، فكم نشاطاً من أنشطة العمل الأخرى ستتوقف (أي مدى تأثير غياب هذا الدور). هذه الصفات الأربع: الأهمية وعدم الاستبدال والتأثر بالغياب والحاجة الفورية هي التي تشكل الوظيفة المحورية في المؤسسة.

3. العلاقات الاجتماعية داخل مكان العمل وخارجه

عقب دراسة قادها الأستاذ والكاتب روب كروس شملت نحو 160 موظفاً من قطاعات عدة ويشغلون مناصب مختلفة، وجد، أنّ السعادة والنجاح في الحياة المهنية يعتمد على علاقات الشخص داخل العمل وخارجه إلى حد بعيد، تماماً مثل درجة اعتماده على عمل الشخص فقط بحد ذاته. وقد يشعر الأشخاص الذين لديهم وظائف عادية أو متطلبة بالسرور والرضا، مثلهم مثل الأشخاص الذين لديهم وظائف ممتعة أو ملهمة، في حال استثمروا بصورة استباقية العلاقات التي تغذيهم وتخلق لديهم إحساساً بالهدف. الكاتب الشهير مارك توين قال ذات مرة: "أفضل طريقة لإسعاد نفسك هي محاولة إسعاد شخص آخر". تدعم الأبحاث أهمية تقوية روابط العلاقات، إذ تشير الدراسات إلى أنّ الروابط الاجتماعية تؤدي دوراً رئيساً في تعزيز الإحساس بالهدف والرفاه في مكان العمل، كما أنها تؤثر على أداء المؤسسات، فالإدارة الفعالة لرأس المال الاجتماعي داخل المؤسسات تسهل التعلم ومشاركة المعرفة، وترفع نسبة الاحتفاظ بالموظفين ومشاركتهم، وتحد من الشعور بالإنهاك، وتوقد شرارة الابتكار، وتحسن أداء الموظفين والمؤسسة على حد سواء.

أضف لهذا عدم الركون لمنطقة الراحة في العمل أو ما يُسمى "بالخضوع لرأي الأغلبية" وممارسة ما يجعلك سعيداً في العمل وإيجابياً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي