ملخص: يقدم الذكاء الاصطناعي عدة سبل لتعزيز القدرات والمهارات الداخلية الشاملة للشركة، إذ يمكن استخدامه لاستخلاص المهارات من معلومات الموظفين وأنشطتهم، كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتصنيف المحتوى التعليمي وزيادة قابليته للتطبيق وتسهيل وصول القوى العاملة كلها إليه، إضافة إلى توفير تعلم مخصص أكثر لكل فرد. ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتلخيص المحتوى التعليمي وتعزيزه واقتراح الأفضل. يمكن لموظفي المعرفة البالغ عددهم مليار موظف حول العالم، استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي على وجه الخصوص مباشرة في سير العمل، لتعزيز الأداء. أظهر بحث أن بإمكان الذكاء الاصطناعي التوليدي تسريع إنجاز العمل المعرفي بنسبة 25% وتحسين جودته بنسبة 40%، ويقدم هذا المقال عدة سبل تمكّن الشركات والفرق والأفراد من تحفيز النمو الداخلي من خلال تعزيز القدرات التنظيمية، إذ تشير العلامات المبكرة إلى إمكانية مضاعفة النمو باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي.
يركز معظم نماذج النمو واستراتيجياته، مثل مصفوفة أنسوف وإطار عمل ماكنزي "7 إس"، على التوسع الخارجي؛ أي تحقيق النمو من خلال طرح منتجات جديدة، ودخول أسواق جديدة، وفعل الأمرين معاً. ومع ذلك، يمكن أن يأتي النمو أيضاً من الداخل، من خلال تطوير القدرات الداخلية.
يقدم الذكاء الاصطناعي العديد من الطرق لتعزيز القدرات والمهارات الداخلية الشاملة، إذ يمكن استخدامه لاستخلاص المهارات من معلومات الموظفين وأنشطتهم، كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتصنيف المحتوى التعليمي وزيادة قابليته للتطبيق وتسهيل وصول القوى العاملة كلها إليه، إضافة إلى توفير تعلم مخصص أكثر لكل فرد. ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتلخيص المحتوى التعليمي وتعزيزه واقتراح الأفضل. يمكن لموظفي المعرفة البالغ عددهم مليار موظف حول العالم، استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي على وجه الخصوص مباشرة في سير العمل، لتعزيز الأداء.
لنركز على أحدث تدابير تعزيز القدرات هذه: الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لتنفيذ المهام بسرعة أكبر وجودة أعلى، وكيف يمكن أن يؤدي ذلك إلى تعزيز نمو جديد في المؤسسة.
تعزيز النمو المدعوم بالذكاء الاصطناعي ممكن جداً
كيف نعرف أن الذكاء الاصطناعي سيعزز النمو؟ وكم سيكون مقدار هذا النمو؟ ما هي الفائدة التي ستحصل عليها مؤسستك؟ أو إدارتك؟ أو فريقك؟ وما هي الفائدة التي ستحققها على صعيد الإنتاجية الشخصية؟
الإجابة عن هذه الأسئلة ليست سهلة ولكن يمكننا أن نحاول. صُمِّمت الدراسات لقياس مختلف أنواع القدرات، مثل فعالية إعلانات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وقدرته على توفير التوجيه الأخلاقي، وتخمين ما يفكر فيه الآخرون .
قد تتمكن من اتباع نهج أكثر واقعية في شركتك، ربما يمكنك قياس التغير في الإنتاجية في مجال واحد (على سبيل المثال، سرعة إجراء البحوث لمكالمات المبيعات) واستنتاجه في مجالات أخرى (على سبيل المثال، مدى سرعة إجراء البحوث لحملات التسويق الرقمي). لا تنشد الكمال، فهذا قد يعوقك عن تحقيق نتائج طيبة. ليس هناك مقياس مثالي لمكاسب الإنتاجية المعتمدة على القدرات، لذا اختر مقياساً يوجهك قدر الإمكان واعمل على تحسينه أكثر مستقبلاً.
خلصت إحدى الدراسات المؤثرة التي أجريت في عام 2023 إلى أن بإمكان الذكاء الاصطناعي التوليدي تسريع إنجاز العمل المعرفي بنسبة 25% وتحسين جودته بنسبة 40%، وقد نُفِّذ هذا المشروع باستخدام نماذج لم تعد متطورة (أو متقدمة وفقاً للغة الذكاء الاصطناعي)، لذا فإن دراسة مماثلة الآن قد تسفر عن فوائد أكبر. حتى لو كانت هذه الأرقام مبالغاً فيها وكانت الزيادات في الجودة والسرعة على حد سواء، على سبيل المثال 10% فإننا نشهد ارتفاعاً مركباً في الإنتاجية بنسبة 21%.
يبدو إذاً أن المكاسب من استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي كبيرة.
لنفترض أن لديك إحصائية حول الزيادة في الإنتاجية يمكنك حشد الأفراد خلفها، وأنك أخذت الموافقة لتجربة الذكاء الاصطناعي التوليدي، فكيف ستقنع الأفراد بالمشاركة في هذه التجربة؟
تاريخ التكنولوجيات السابقة
هناك سوابق عديدة حول الاعتماد السريع للتكنولوجيا على نطاق واسع لتسريع الإنتاجية والنمو، الكثير من التكنولوجيات لم تكن معروفة يوماً ما وواجهت مقاومة وسخرية مثل أجهزة الكمبيوتر الشخصية وجداول البيانات والإنترنت، والبريد الإلكتروني والهواتف الذكية لكنها انتشرت الآن في كل مكان.
قد تكون نهضة الإنترنت أقرب نموذج لتأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي المتوقع مستقبلاً. اعتمدت الإنترنت على شبكة واسعة من البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والتقدم التكنولوجي السابق. لم تكن استخداماتها وآثارها واضحة لمعظم الناس، على الرغم من أن البعض قد استشرف مستقبلها. وبعد فترة من الوقت أدرك الأفراد وكذلك الشركات قيمة شبكة الإنترنت، إذ أدت إلى اختلالات مجتمعية محسوسة وفعلية (عدم المساواة في الوصول إلى البنية التحتية العالية السرعة، وفقاعات الترشيح واستغلال البيانات)، وبهذا يتمثل تأثير شبكة الإنترنت وقوتها.
ينطبق ما سبق على الذكاء الاصطناعي التوليدي أيضاً، وعلى الرغم من أن شبكة الإنترنت كانت مرحلة مفصلية في تاريخ البشرية، وانتشر استخدامها بين الناس بسرعة هائلة (من بضعة آلاف في الثمانينيات إلى نحو 20 مليوناً في عام 1994، إلى 5.3 مليارات اليوم)، فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي اُعتمد أسرع بكثير، بل وشهدت قاعدة مستخدميه النمو الأسرع على الإطلاق.
تصارع العديد من شركات التكنولوجيا مع ظهور الإنترنت. وكانت شركات نتسكيب (Netscape) وأيه أو إل (AOL) وياهو (Yahoo) من الشركات الكبيرة في ذلك الوقت لكنها لم تكن الأهم (وهي دون ذلك كثيراً الآن). أما اليوم، فإن كل شركة من شركات العالم الكبرى تسهم في إدخال الذكاء الاصطناعي إلى كل المجالات، وتتولى شركة مايكروسوفت القيادة، إذ تطرح برنامج كوبايلوت للشركات على مختلف أحجامها، أما الشركات الأربع الكبرى الأخرى وهي إنفيديا (Nvidia) وآبل (Apple) وألفابت (Alphabet) وأمازون (Amazon)، فبعضها نجحت في هذا المجال في حين أن أخرى أثارت الجدل.
يمكن نشر التبني السريع للتكنولوجيا على مستوى العالم وهو ما حدث بالفعل ويستمر بسرعة أكبر اليوم مع الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ما الذي يمكنك فعله على المستوى الشخصي ومستوى الشركة والفريق لتشارك في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي وتسرّع انتشاره وتسرّع الحصول على فوائده؟
كيف يمكن للشركات تحقيق النمو المدعوم بالذكاء الاصطناعي؟
تواجه الشركات ضغوطاً من جهتين في آن معاً، فمن جهة تود تبني الذكاء الاصطناعي بسرعة لتحصل على المنافع التي يعد بها، ومن جهة أخرى تود تجنب المخاطر على الملكية الفكرية أو السمعة. فيما يلي بعض الطرق التي تعين الشركات على التعامل مع هذه المسألة:
التحلي بحب الاستطلاع وتشجيع التجارب
شجع على إجراء التجارب في المجالات الآمنة ومشاركة النتائج على نطاق واسع، حتى عندما لا تتطابق هذه النتائج مع ما هو متوقع. إذا كنت تبحث عن مشروع آمن ومفيد، فيمكنك استخدام إطار عمل مخاطر الطلب 2x2 لمساعدتك في العثور على مشروع. وضح لموظفيك البروتوكولات المتعلقة ببيانات الشركة الحساسة، لمنع كوارث الملكية الفكرية والعلاقات العامة. اجعل هذا التشجيع ملموساً من خلال اقتراح مقدار محدد من الوقت أسبوعياً للموظفين للتعرف إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي وتجربته (بالنسبة للتعلم الموجه ذاتياً، يعد تخصيص ساعة أسبوعياً بداية طيبة)، وتذكّر أن عدم التحلي بحب الاستطلاع يضعف الإنتاجية.
ابدأ ببرنامج تجريبي
تتيح المشاريع التجريبية الصغيرة الخاضعة للرقابة للفرق التعرف إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي وفهم آثاره وبناء الثقة، والتعلم من الخبراء الخارجيين. تمثّل هذه البرامج التجريبية ساحة للاختبار ومنصة لإطلاق تطبيقات على نطاق أوسع، ومن ثم فإنها استثمار أيضاً.
ركز على المتحمسين للذكاء الاصطناعي
يمكن للشغوفين والمتحمسين أصحاب سعة الاطلاع أن يسرّعوا اعتماد الذكاء الاصطناعي من خلال الدفاع عن فوائده، وتحديد حالات استخدامه، وتوفير دعم النظير، ومشاركة الممارسات المفيدة الجديدة. يمثل هؤلاء الأشخاص ثروة حقيقية، وربما عليك تقدير جهودهم رسمياً وتحفيزهم مالياً وتوفير ميزانية لهم، المهم هو أن تحدد الأشخاص الذين يحدثون فرقاً فعلياً فالعديد من مجتمعات الذكاء الاصطناعي وفرق الذكاء الاصطناعي التوليدي والمجموعات التطوعية تفتقر إلى القوة وتتلاشى بسرعة.
قِس النجاح وراقبه
كما أسلفنا في هذا الشأن فإن الكلام سهل لكن التنفيذ صعب، وعلى الرغم من ذلك يمكن على أقل تقدير تجميع دراسات الحالة ومشاركتها لتحفيز الأفراد وتثقيفهم، قد يكون من الممكن أيضاً استخدام الدراسات الحالية نقطة مرجعية في بعض التجارب، مثل الدراسة المذكورة أعلاه التي خلصت إلى أن بإمكان الذكاء الاصطناعي التوليدي تسريع إنجاز العمل المعرفي بنسبة 25% وتحسين جودته بنسبة 40%، وهذا هدف ملموس وجاهز يمكن العمل على تحقيقه.
كيف يمكن للفرق تحقيق النمو المدعوم بالذكاء الاصطناعي؟
سواء كنت قائد فريقك أم لا، فهذه هي الحالة التي يمكنك من خلالها أن تكون قدوة يحتذى بها، اعرض على الفريق خلال الاجتماعات قصصاً حول استخدامك للذكاء الاصطناعي التوليدي، سوف تحفز زملاءك المتحمسين وتثبت للمبتدئين أن هذه الجهود قيّمة ومجزية.
استخدم تشات جي بي تي مباشرة في اجتماع الفريق، اطرح عليه سؤالاً حيركم جميعاً، وادعه للمشاركة بجانبك في جلسة العصف الذهني، واطلب منه أن يعطيك ملخصاً حول اجتماع الفريق، فاستخدام الذكاء الاصطناعي مباشرة وبمواضيع ذات صلة بالحاضرين، هو الأسلوب الأكثر فعالية لإقناع المشككين.
كيف يمكن للأفراد تحقيق النمو المدعوم بالذكاء الاصطناعي؟
كما هي الحال مع التكنولوجيات جميعها، لن تتمكن من تحقيق نمو مستدام باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي ما لم تكن هناك حاجة إليه حقاً، ابحث عن حالات الاستخدام في عملك اليومي قد تساعدك حالات الاستخدام الـ 100 هذه على الانطلاق، وفيما يلي 6 منها مفيدة للشركات على وجه الخصوص:
- توليد الأفكار
- تعديل لهجة الرسائل الإلكترونية
- تقييم النسخ
- توليد التقييمات
- الحصول على مساحة آمنة لطرح الأسئلة
- كتابة نسخة ويب واقعية
تعد الثقة واحدة من أكبر العوائق التي تحول دون اعتماد الذكاء الاصطناعي التوليدي. ما زال نصف الأشخاص لا يثقون به (وتقل الثقة بين النساء وذوي الدخل المنخفض والفئات العمرية الأكبر سناً)، وأكثر وسيلة فعالة لبناء الثقة هي أن يرى الأشخاص حالة الاستخدام التي تهمهم وتناسبهم.
إذا لم يكن مسموحاً لك باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في العمل، فالتزم ذلك، لكن لا تتخلف عن التطور السريع لهذه التكنولوجيا. في حين أن بعض الموظفين يستخدمون الذكاء الاصطناعي التوليدي سراً، يمكنك أيضاً تجربته خارج حدود حياتك العملية.
يمكن أن يؤدي تبني الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى تحفيز النمو الداخلي من خلال تعزيز القدرة التنظيمية، قد يستغرق هذا النوع من النمو وقتاً أطول قليلاً ليظهر في الإيرادات والأرباح، لكن أثره سيكون طويل الأمد، لأنه موجه لموظفيك، وهم القلب النابض لمؤسستك. ولا تزال آليات قياس هذا النمو في طور التطور، ولكن العلامات المبكرة تشير إلى أن النمو بمعدل يتجاوز 10% باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، أمر ممكن جداً.