دراسة حالة: ما هي الخطوة المهنية الصحيحة في أعقاب حالة فشل علني؟

13 دقيقة
الخطوة المهنية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تعرض دراسات الحالة التي تصيغها هارفارد بزنس ريفيو على هيئة قصص خيالية لمشاكل يواجهها القادة في الشركات الحقيقية وتقدّم الحلول التي يراها الخبراء. تستند هذه الحالة إلى دراسة حالة في كلية هارفارد للأعمال بعنوان: “سارة روب أوهاغان: طريق الشغف الوعرة”، من تأليف جون جاتشيموفيتش وفرانشيسكا جينو.

“حفلات لم شمل زملاء الدراسة هي للسعداء”، قالت ماريان كاليس لصديقتها ويتني على الهاتف. “وأنا لن أذهب”.

“بالله عليك! لن يطيب اللقاء بغيابك” قالت ويتني متضرعة. “كما أن أحداً لا يشعر بالسعادة هذه الأيام. الجميع يعيش في حالة فوضى”.

“أنا واثقة أن أياً من أبناء دفعتنا في الكلية لم يُطلَب منه التنحي عن منصبه كرئيس تنفيذي الشهر الماضي”، قالت ماريان بامتعاض وبشيء من السخرية.

ضحكت ويتني. فالاثنتان كانتا صديقتين حميمتين منذ أن التقيتا في سنتهما الدراسية الأولى في كلية كولومبيا للأعمال. كانتا تتبادلان الرسائل النصية كل يوم تقريباً، لكن ويتني كانت قد اتصلت لتقنع صديقتها بركوب الطائرة إلى نيويورك من مدينة أطلنطا حيث كانت تعيش مع زوجها وابنتها المراهقة لحضور الذكرى الخامسة والعشرين لتخرّج دفعتهما من الكلية.

لم تكن ماريان في مزاج يسمح لها بأن تقتنع. فقد كانت تخشى من الاضطرار إلى شرح الأسلوب الفظ الذي غادرت به المنصب الذي رأت فيه وظيفة العمر ألا وهو الرئيسة التنفيذية لشركة “أسيد فيتنس”. فعندما كانت قد عُرِضت عليها فرصة قيادة سلسلة من الصالات الرياضية التي تركز على التدريبات المتواترة عالية الكثافة (التي تُعرف اختصاراً باسم تمارين “هيت”) والمنافع التي تجلبها التمارين للصحة النفسية، اغتنمت هذه الفرصة على الفور وقبلت بالعرض.

منذ تخرّج ماريان في كلية الأعمال، كانت قد شغلت مناصب تسويقية وقيادية في شركات كبيرة متخصصة بالرياضة واللياقة البدنية، واكتسبت سمعتها كسيدة تقبل التحديات الجسام، وتنجح في حمل المسؤولية. وبالتالي فقد بدت الوظيفة العليا في “أسيد فيتنس” الخطوة الطبيعية التالية.

ولكن بعد مرور عامين على شغلها منصبها، ضربت الجائحة.1 أُجبِرت الشركة التي كانت تستند إلى أسس مالية مهزوزة على إشهار إفلاسها، وطلب مجلس الإدارة من مريان التنحي عن منصبها.2 فشعرت بالانهيار. كان رئيس مجلس الإدارة قد هاتفها صباح الاثنين أول أيام الأسبوع، فقبلت تحت تأثير الصدمة، وبحلول بعد ظهر ذلك اليوم كانت قد بعثت برسالة إلكترونية إلى جميع موظفي الشركة تعلن فيها استقالتها. فظهرت القصة صباح اليوم التالي في الصحافة، وهذا كان كل ما حصل، حيث لم تتح لها الفرصة حتى لكي تودّع أعضاء فريقها.

“ليس بمقدورك الانكفاء ولعق جراحك إلى الأبد”، قالت لها ويتني. “أعلم أن الأمر قد حصل قبل شهر فقط، لكنك تدرسين الآن أربعة خيارات مثيرة للاهتمام معروضة أمامك على المائدة”.

كانت مريان معتادة على التحرك بسرعة عندما يتعلق الأمر بالقرارات الخاصة بمسيرتها المهنية. ففي وقت مبكر من حياتها، وبوصفها مهاجرة من اليونان إلى الولايات المتحدة، اضطرت إلى الاحتفاظ بوظيفة لكي تتمكن من البقاء في البلد. أما الآن، وبفضل زوجها الأميركي، أصبحت مواطنة في الولايات المتحدة، لكنها كانت ربة الأسرة ولم يكن بمقدورها أن تظل بلا وظيفة لفترة طويلة من الزمن.3

“لا يقتصر الأمر على رغبتي بعدم الظهور أمام أحد فحسب” قالت ماريان. “وإنما ليس لديّ وقت حالياً. فأنا بحاجة إلى تحديد خطوتي التالية في أسرع وقت ممكن”.

“حسناً، لن أزعجك. لكنني أريدك أن تعرفي أننا سنفتقدك في الحفل! ما الذي يجب عليّ قوله عندما يسألني الناس عنك؟” كانت السيدتان “كالفولة التي انقسمت إلى نصفين”، كما يقول المثل الشعبي، في أثناء دراستهما في كلية الأعمال، وبالتالي فمن المؤكد أن ويتني ستضطر إلى تقديم إجابات مقنعة للأسئلة التي ستوجّه إليها حتماً.

“قولي لهم إنني مشغولة بالاستعداد لنجاحي المستقبلي فحسب”.

بداية جديدة؟

“أتخيل أنك ما تزالين تحاولين استيعاب الوضع برمّته”، قال بيتر كيم بأسلوبه المتعاطف المعتاد. كان بيتر هو المدير الأول الذي عملت ماريان تحت إمرته في وظيفتها الأولى. كانا قد أصبحا صديقين. ورغم أنها كانت قد غادرت وظيفتها بعد عامين، إلا أنه لم يكف عن تقديم يد العون لها، وكان المستشار الذي تلجأ إليه عندما تحتاج إلى رأي سديد بخصوص مسيرتها المهنية.

كان بيتر وماريان قد اتفقا على عقد جلسة عبر منصة زووم لكي تستمع منه إلى رأيه بخصوص ما يتوجب عليها فعله في المرحلة التالية. عرضت عليه المناصب الأربعة التي كانت تدرسها، وجميعها كانت تتطلب العمل في أطلنطا أو يمكن أن تُنجز عن بعد، وهذا أمر أساسي أخذته بحسبانها بما أن عائلتها لم تكن جاهزة للانتقال إلى مدينة أخرى. كان الخيار الأول هو تولّي منصب تسويقي رفيع في شركة رياضية، حيث كانت قد أجرت بعض المقابلات الأولية مع “نايكي” و”إيكوينوكس” (Equinox)، وكانت شركة التوظيف متفائلة باستلام ماريان لعرض عمل وشيك من إحداهما أو كلتيهما.

“أتفهم سبب جاذبية هاتين الوظيفتين” قال بيتر. “فأنت تعرفين هذا القطاع عن ظهر قلب. والعمل سيكون مشابهاً لعملك مع “ريبوك” (Reebok)، أليس كذلك؟”

“بلى، لكنني سأنجز عملي ووصمة العار تلاحقني. فالجميع في هذا القطاع يعلم ما حصل في “أسيد””، قالت ماريان.

بدت على وجه بيتر نظرة استغراب واستهجان. “سأتجاهل ما قلتيه. استمري في الكلام”.

كان خيارها الثاني يتمثل في قبول منصب المديرة التنفيذية لمؤسسة خيرية معنية بتقديم المنح إلى الجمعيات التي لا تتوخى الربح لتشجيع الفتيات على الانخراط في عالم الرياضة.

“لا شك أن هذه الوظيفة تدغدغ شغفك لكن الدخل منها سيكون محدوداً كما أظن”، علّق بيتر قائلاً. فقد كانت زوجته تشغل منصباً قيادياً في مؤسسة خيرية لذلك كان يعرف هذا العالم حق المعرفة.

“بالضبط”، أجابت ماريان. “ولست واثقة ما إذا كنت سأستطيع تعديل العرض المالي، لكنه ما يزال مطروحاً على المائدة. أما الخيار الثالث فمعاكس. فهو يؤمّن دخلاً جيداً لكنه لا يثير شغفي. هل تتذكر ثيو؟” كانت تشير إلى زميلهما السابق الذي غادر الشركة للانضمام إلى شركة لرأس المال المغامر.

“هل يحاول إقناعك بالانتقال إلى الجانب المظلم؟” سألها بيتر وضحكا كلاهما.

“لقد طرح عليّ الأمر بأسلوب جاذب في الحقيقة”، قالت ماريان. “عرض عليّ أن أكون شريكة في العمليات، لأقدّم المشورة لكبار التنفيذيين في الشركات التي يستثمرون فيها. حجم التوتر المصاحب لهذه الوظيفة أقل بالمقارنة مع منصب الرئيسة التنفيذية. لكنني سأتمكن من الوقوف على قدميّ من جديد وإثبات علو كعبي في إدارة شركة”.4

“من وراء الكواليس؟ هذا ليس أسلوبك الحقيقي” قال بيتر مشيراً إلى الشاشة. فنظرت إلى القميص الذي ترتديه وقد كُتِب عليه: “لا مجد إلا للشجعان!”

“هذا صحيح. وهناك احتمال إضافي آخر ألا وهو منصب الرئيسة التنفيذية لشركة صغيرة هنا في أطلنطا تبيع الرقائق وغيرها من الأطعمة الخفيفة”. وشرحت كيف أنها قد قطعت شوطاً بعيداً في العملية، فشركة التوظيف قالت لها إنها يجب أن تتوقع الحصول على عرض العمل الأسبوع التالي، وكانت معجبة بما رأته حتى الآن.

“هل أسمع بعض الحماس في نبرتك؟” سأل بيتر.

“إنها وظيفة رائعة، وأتمنى لو حظيت بفرصة لإظهار قدرتي على النجاح في المنصب الأعلى هذه المرة”، قالت ماريان. “لكن ثمة علامة استفهام كبيرة تتعلق بالقطاع. فأنا صاحبة خبرة في مجال اللياقة البدنية.5 فهل ثمة ما هو مناقض لذلك أكثر من الوجبات الخفيفة غير الصحية؟ هذا ربما قد يكون الجانب المظلم! ولكن هل حان الوقت ربما لتجريب شيء جديد؟”

هز بيتر رأسه. “أنا أتأمل ما سمعته منك فحسب، لكنك تبدين سعيدة للغاية بهذا الخيار. بوسعك الانطلاق من جديد في شركة للبضائع الاستهلاكية المعبأة”.

لم تتفاجأ من محاولته دفعها باتجاه هذا الخيار. فهو أمضى مسيرته المهنية بأكملها في شركة واحدة، في حين كان غالباً ما يحثّ ماريان على المجازفة في مسيرتها.

تناقشا في الاحتمالات المختلفة واتفقا على أن شركة رأس المال المغامر والمؤسسة الخيرية ليسا الخيار الأفضل الذي يناسبها وأنهما يجب أن يُتركا كخيارين احتياطيين في الوقت الحاضر. وعاد بيتر إلى إعطائها إشارة إضافية بضرورة قبول منصب الرئيسة التنفيذية. “مجرّد أن لديك شغفاً باللياقة البدنية لا يعني أنك لا تستطيعين أن تكوني شغوفة بشيء آخر. فأنا أخشى أن أي شيء آخر دون ذلك المستوى سيجعلك تشعرين بأنك قد تراجعت إلى الوراء في مسيرتك المهنية”.

“هذا ما يخيفني. فكل ما أخشاه هو أنني إذا قبلت المنصب الأدنى، فإن أقراني في القطاع سيشطبونني من حساباتهم، وسيظنون أنني لا أمتلك المؤهلات المطلوبة لأكون رئيسة تنفيذية”، قالت ماريان. “وربما أفتقر إلى هذه المهارات أيضاً. فقد بدت “أسيد” الخيار التالي المناسب نظرياً، لكنني ربما أكون قد ورطت نفسي في وضع لا أستطيع التعامل معه”.

“كنتِ جاهزة. لكن الشركة لم تكن مستعدة”، قال بيتر.

كانت ماريان تفهم قصده. فهي اصطدمت مع أعضاء مجلس الإدارة منذ الأسبوع الأول لها في منصبها. فهم كانوا قد استقطبوها لقيادة عملية تحوّل، لكنهم وقفوا حجر عثرة في طريق التغييرات التي كانت قد اقترحتها. ثم جاءت جائحة كوفيد التي تسببت بعمليات الإقفال والخسائر في الإيرادات التي لم تتمكن الشركة من التعافي منها.6 ومع ذلك، فإنها لم تكن ترغب بأن توجّه أصابع اللوم إلى أي جهة أخرى. فالشركة فشلت تحت ناظريها، وكان عليها تحمّل المسؤولية.

“نادراً ما تكون المسيرة المهنية خطاً مستقيماً، بل تتضمن الكثير من التعرجات وحالات الصعود والهبوط. وهذه فرصة عظيمة لك لكي تأخذي قسطاً من الراحة وتعيدي النظر في رحلتك”، قال بيتر.

اتبعي شغفك

كانت ماريان تتكئ على سيارتها خارج الصالة الرياضية وهي ما تزال تتصبب عرقاً بعد التمرينات القاسية التي أنجزتها وتراجع الرسائل الإلكترونية من مكاتب التوظيف وزملاء صفها في كلية الأعمال (“افتقدناك خلال عطلة نهاية الأسبوع!”)، عندما ظهرت صورة والدها على شاشة هاتفها.

“مرحباً يا أبي”، ردّت ماريان على والدها جورج الذي كان يتصل بها ليعرف آخر المستجدات بشأن بحثها عن وظيفة. فلطالما كان أكبر داعميها، وكان يراقب مسيرتها المهنية عن كثب. وبينما كانت تستعرض الخيارات، كان والدها يصغي إليها بانتباه شديد.

بعد أن أنهت ابنته الكلام، أخذ جورج نفساً عميقاً وقال: “الخيار واضح أليس كذلك؟”

ابتسمت ماريان بينها وبين نفسها. “كلا، ليس واضحاً لي يا ابتاه”.

“دعيني أخمّن يا ماري. أنت ربما أنهيتِ للتو تمارينك الرياضية”، قال الأب. فابتسمت مجدداً. كان يعرفها حق المعرفة. “يجب أن تتبعي شغفك.7 فأنت تؤمنين أن اللياقة البدنية والعافية تحسّنان حياة الناس. وليس بمقدورك أن تغادري القطاع بسبب حالة فشل واحدة. وزاغوراكيس لم يهجر كرة القدم ليصبح لاعب كرة مضرب في كل مرة أخفق فيها”، قال الأب مشيراً إلى لاعب كرة القدم اليوناني الشهير. “عاد إلى أرض الملعب وهذا ما يجب عليك أنتِ أيضاً فعله الآن. لا تنهي حياتك في ذلك العالم نتيجة انتكاسة. ركّزي على “نايكي” و”إيكوينوكس”، فإحداهما ستعرض عليك فرصة عمل ولا تقولي لي إنهما لن تفعلا ذلك، واقبلي أي عرض يحقق الاستفادة الكبرى من مواهبك التي…؟” انتظر منها أن تُكمل الجملة التي اعتاد على قولها في كل خطاب حماسي.

“لا حدود لها”، قالت ماريان.

“بالضبط. وستنضمين إلى وظيفتك مرفوعة الرأس، ومن ثم تراقبين ما الذي سيحصل بعدها. تعلّمي الدروس المناسبة مما حصل، وتذكري أن كل ما أوصلك إلى النجاح من قبل ما يزال موجوداً لديك”.

كانت ماريان تعلم أنه محق، بمعزل عن مشاعره الأبوية وشعوره بالفخر بها. نجحت لأنها عرّضت نفسها للاختبارات وأنجزت الأعمال التي كانت مصدر إلهام لها. ومع ذلك، كان القرار صعباً. فوظيفة الرئيسة التنفيذية كانت في القطاع الخاطئ لكنها كانت أعلى مرتبة وأجراً.8 أما الوظائف الأخرى، فقد كانت توفّر فرصاً للتطوّر والتقدم لكنها كانت تنطوي على مسؤوليات وأجور أدنى.

“إذا كانت مواهبي بلا حدود يا أبي، أفلا يجب أن أكون رئيسة تنفيذية؟”

“ستحصلين على هذه الوظيفة مجدداً. أنا واثق من ذلك”.

استفتِ قلبك

بعد أن أنهت ماريان المكالمة مع أبيها، ذهبت لإحضار ابنتها أوليفيا التي كانت تتدرب على لعب كرة القدم. بدت الفتاة البالغة من العمر 15 عاماً متفاجئة برؤيتها. “أين أبي؟” سألتها وهما خارجتان من أرض الملعب.

بسبب جدول مريان الزمني المزدحم، كان من النادر أن تقل ابنتها من المدرسة أو التدريب. “أمنحه استراحة من قيادة السيارة بما أنني في “إجازة طويلة””، شرحت لها ماريان.

“هل هذا ما تسمّينها؟” سألت أوليفيا وفي صوتها نبرة تعاطف وألم، تماماً كما يحصل مع أي مراهق.

“إجازة طويلة قسرية”، قالت ماريان باستسلام. “أنا أحاول أن أمارس الكثير من التأمل في غضون أسابيع قليلة”.

“طالما أنني لست مضطرة إلى تغيير مدرستي، فإنني لا أكترث لما تفعلينه”، قالت أوليفيا، وهي تمد يدها إلى داخل حقيبتها بحثاً عن هاتفها. وعندما جفلت ماريان، خفّت حدة تعابير وجه ابنتها قليلاً.

“هل تريدين نصيحتي؟” قالت لها. كان دور ماريان قد حان لكي تتفاجأ، لكنها سرعان ما أومأت برأسها موافقة. “أنتِ وأبي دائماً ما تقولان لي أنه يجب عليّ مواجهة مخاوفي لأنني إن لم أفعل، فإنها ستلاحقني إلى الأبد. لذلك حددي الشيء الذي يخيفك وسيري باتجاهه. وستعرفين القرار الصائب بناءً على ما يقوله لك قلبك”.

“هذه نصيحة عظيمة يا أوليفيا”، قالت ماريان متأثرة بوجهة نظر ابنتها اللماحة.

“اعملي على ألا نضطر إلى الانتقال. فأنا لا أريد أن أبداً من الصفر في مدرسة ثانوية جديدة”. ابتسمت ماريان فقد كانت نرجسية المراهقة واضحة بشدة على ابنتها.

لكنها لم تخبرها أن قلبها ممزق في اتجاهات مختلفة.

[su_expand more_text=”المزيد” less_text=”الأقل” height=”50″ link_color=”#66abe8″ link_style=”button” link_align=”right”]

ملاحظات على دراسة الحالة

  1. منذ بداية الجائحة وحتى نهاية عام 2020، أغلقت 17% من الصالات الرياضية أبوابها إلى الأبد، بينما فقد 44% من الموظفين وظائفهم، وتراجعت الإيرادات بنسبة 58%، وفقاً للجمعية العالمية للصحة واللياقة البدنية.
  2. هل تجربة ماريان مع “أسيد” هي مثال على ما يسمّى “الجرف الزجاجي” – أي النزعة الموجودة لدى الشركات لترقية النساء خلال فترات الهبوط الاقتصادي أو في لحظات الأزمات، عندما يكون احتمال الفشل أعلى؟
  3. في الولايات المتحدة، كسبت 30% من النساء المتزوجات دخلاً أعلى من شركائهن في 2019، وفقاً لمكتب إحصائيات العمل في الولايات المتحدة. وهذه النسبة أعلى مقارنة مع نسبة عام 1987 التي بلغت 18%.
  4. ما هي محاسن ومساوئ قبول ماريان لمنصب بعيد عن اختصاصها في مقابل تولّي منصب في المجال الذي ترتاح إليه؟
  5. تظهر الأبحاث أنه عندما يصل الإنسان إلى منصب في الإدارة التنفيذية العليا، فإن مهارات القيادة وأساسيات العمل التجاري تُعتبر أهم من الخبرات التقنية أو الخبرة في الوظيفة المعنية.
  6. تبيّن الدراسات أن النساء يخضعن لأحكام أقسى بسبب الإخفاقات المهنية مقارنة بالرجال.
  7. توصّل استبيان شمل طلاب كلية الأعمال في جامعة كولومبيا إلى أن أكثر من 90% منهم اختاروا “اتّباع شغفي” بوصفه هدفاً هاماً لوظائفهم المستقبلية.
  8. بحسب بيانات “باي سكيل” (Payscale)، فإن نمو أجور النساء يبلغ ذروته عند سن الأربعين، وسطياً، في حين تواصل أجور الرجال ارتفاعها حتى سن التاسعة والأربعين.
[/su_expand]

رأي الخبراء

ما هي الخطوة المهنية التالية التي يجب على ماريان أن تخطوها؟

سارة روب أوهاغان (Sarah Robb O’Hagan): الرئيسة التنفيذية لشركة “إكسوس” (EXOS) ومؤلفة كتاب “كيف تبدي أفضل ما لديك” (Extreme You)

لا يجب على ماريان أن تقبل أي من العروض المطروحة أمامها على المائدة حالياً.

لا ينبغي لها أن تسمح للفشل الذي أصابها في “أسيد فيتنس” أن يُخرِجها عن مسيرتها المهنية. يجب أن تصمد بانتظار الحصول على وظيفة رئيسة تنفيذية في قطاع الرياضة واللياقة البدنية، وهي فرصة كلي ثقة أنها ستحصل عليها لاحقاً.

من ضمن الخيارات التي بين أيديها، لعل الوظيفتين في مجال اللياقة البدنية هما الأفضل على ما يبدو، لكن هذين المنصبين هما منصبان رفيعان في التسويق وسيمثلان خطوة إلى الوراء. وثمة فرق جوهري وعميق بين أن يكون المرء رئيساً تنفيذياً وبين أن يتولى رئاسة قسم وظيفي معيّن – مهما كان حجم القسم أو الشركة. فدون أن تتولى ماريان المسؤولية عن الأرباح والخسائر، فإنها تعرّض نفسها لخطر الإهمال.

بيد أنني أثنيها عن تولّي منصب الرئيسة التنفيذية لشركة الوجبات الخفيفة. فاللقب الطنان والتعويضات السخية لا يكفيان إذا لم يكن لديك شغف بنشاط الشركة ذاته. فتولّي المسؤولية العليا ليس نزهة دائماً ويزداد صعوبة مع مرور الوقت إذا لم تكن تؤمن حقيقة بمنتجات الشركة أو خدماتها.

دراسة الحالة هذه مبنية إلى حد كبير على تجربتي الشخصية قبل أربع سنوات عندما تنحّيت عن منصب الرئيسة التنفيذية لشركة “فلاي ويل سبورتس” (Flywheel Sports)، بعد أن أفلست. وبينما كنت أدرس خطوتي التالية، عُرِضت عليّ خيارات مشابهة للخيارات التي وجدت ماريان نفسها أمامها. كنت أعلم أن بوسعي عملياً إدارة شركة على الرغم من فشلي في “فلاي ويل”، وأردت أن آخذ وقتاً كافياً للعثور على المنصب المناسب. في الحقيقة، كان وقوعي في براثن الشعور بضرورة الحصول على وظيفة هو الذي قادني إلى “فلاي ويل” في المقام الأول وإلى خيبات الأمل التي أتت لاحقاً.

لذلك، منحت نفسي المساحة الذهنية الضرورية لتأمّل الأشياء المختلفة التي أريد فعلها. قررت إجراء مشاورات لبعض الوقت، وهذا ما ساعدني على استعادة ثقتي. كانت شركة “إكسوس” من بين أحد عملائي، ما أتاح لي الفرصة للاطلاع مباشرة على الطريقة التي كانت الشركة تعمل بها والقيم التي كانت تؤمن بها. وعندما قرر رئيسها التنفيذي التنحي عن منصبه لأسباب شخصية وطلب مني أحد المستثمرين أن أتولى المنصب، كان قبول العرض بديهياً بالنسبة لي. كنت أعلم بالضبط ما أنا مقدمة عليه. حظيت بدعم مجلس الإدارة وشعرت بالارتياح تجاه فكرة كشف نقاط قوتي ونقاط ضعفي بمنتهى الصدق.

يجب على ماريان أن تأخذ الوقت الكافي لكي تفهم نفسها بشكل أفضل ولكي تدرس وضع أي شركة قد تنضم إليها. وكما حصل معها، فقد كنت ميّالة إلى توجيه اللوم إلى نفسي فيما يتعلق بفشل “فلاي ويل”، ولكن عندما أنظر اليوم إلى الوراء، أدرك أن المشاكل لم تكن تتعلق بمهاراتي كقائدة بقدر ما كانت ترتبط بالديناميكية الإشكالية بين مجلس الإدارة وفريق الإدارة.

ما حصل في “أسيد فيتنس” لم يكن ذنب ماريان أيضاً. وهي تستحق الحصول على منصب الرئيسة التنفيذية في شركة أخرى رائعة في القطاع الذي تحبّه. وأنا أنصحها بتولّي مشاريع استشارية وتقديم المشورة لدعم عائلتها بينما تسعى في الوقت ذاته إلى البحث عن الفرصة المناسبة. فقد تقع إحدى الشركات التي تتعامل معها في غرامها وتقدّم لها عرضاً، أو تتلقى عروضاً من مكاتب التوظيف للانضمام إلى شركات عظيمة أخرى. والصبر مفتاح الفرج.

لان فان (Lan Phan): المؤسس والرئيس التنفيذي لتجمّع “سيفن” (SEVEN).

يجب على ماريان قبول منصب الرئيسة التنفيذية في شركة الوجبات الخفيفة.

فهذه فرصة عظيمة لها لكي تستعين بخبرتها في مجال اللياقة البدنية والعافية وتطبّقها في قطاع الوجبات الغذائية الخفيفة، لا بل قد يكون الحل المثالي في أن تعتمد على تلك الخبرة لإحداث تحوّل في الشركة. يُضاف إلى ذلك أن مقر الوظيفة في أطلنطا حيث تعيش، ما يعني قدراً أقل من الزعزعة، والمزيد من الوقت المخصص للعائلة.

كنت في وضع مشابه لوضعها في بداية الجائحة. فمجلة فورتشن كانت قد وظفّتني ضمن فريقها التنفيذي ومنحتني موازنة بعدة ملايين من الدولارات لإنشاء شركة ناشئة تضم في عضويتها التنفيذيين ضمن الشركة. كنت أظن أن فرصة العمل تلك هي وظيفة الأحلام. ولكن في بدايات الجائحة، سُرّح فريقي بأكمله.

بدأت بالبحث عن منصب جديد، وعثرت على فرصة مشابهة، وشعرت أن قدري قد قادني إليها. لكن شعوراً بالرهبة انتابني لأنني أحسست بأن انجذابي إلى الوظيفة كان بدافع شعوري بالأمان. لذلك، عدت خطوة إلى الوراء ورحت أراجع حساباتي. أدركت أنني كنت قد اتخذت جميع قراراتي السابقة الخاصة بمسيرتي المهنية بناء على الراتب، واللقب، والإحساس بالأنا، وأن ذلك قد أوصلني إلى “وظيفة الأحلام” التي تطلبت مني قيادة سيارتي ثلاث ساعات يومياً للانتقال بين المنزل والمكتب، والعمل حتى العاشرة أو الحادية عشرة ليلاً كل يوم، وعدم رؤية ابنتي إلا خلال عطلات نهاية الأسبوع لأنني كنت مشغولاً جداً.

عندما كنت في طور دراسة خياراتي، سألت نفسي عن أهم الأمور التي أقدّرها في حياتي وتوصّلت إلى قائمة من أربعة أشياء هي: عائلتي وأصدقائي؛ وإيماني؛ وخدمة الآخرين؛ والحرية. ثم انتقلت إلى مسيرة مهنية متوافقة مع هذه المُثل، فانتهي بي المطاف أن أطلِق شركتي الخاصة وهي تجمّع لا يمكن الانضمام إليه إلا بموجب دعوة ويتألف من التنفيذيين، وصنّاع التغيير، وقادة الفكر المرموقين ليجتمعوا معاً من أجل دراسة المشاكل التجارية والمجتمعية وحلّها.

تحتاج ماريان إلى ممارسة هذا النوع من التأمل قبل أن تتخذ قرارها. وتتمثل الخطوة الأولى في الكف عن الاهتمام كثيراً بما يعتقده الآخرون. فقد ذكّرتنا قصتها بجملة قالتها الكاتبة الإنجليزية فيرجينيا وولف: “عيون الآخرين سجوننا؛ وأفكارهم أقفاصنا”.

برأيي الشخصي، تبدو ماريان منجذبة إلى المنصبين في “نايكي” و”إيكوينوكس” – مستندة إلى ما تعرفه – لأنها خائفة. فالعلامات التجارية المعروفة مثيرة للإعجاب، لكن كلا المنصبين يمثلان امتداداً لما سبق وفعلته، ولن يمنحاها الفرصة لكي تطور نفسها كقائدة. لذلك أعتقد أنها يجب أن تتولى منصب الرئيسة التنفيذية في شركة الوجبات الخفيفة. إن قدراتها التسويقية، وخبرتها في المبيعات، والتزامها بمساعدة الناس على الوصول إلى أفضل حالاتهم من خلال الصحة والعافية، عاملان يسمحان لشركتها بالتميز في تلك الفئة.

يجب عليها أن تدخل هذه الوظيفة بثقة متسلحة بذهنية النمو. يحضُرني اقتباس آخر – هذه المرة من المؤلف المتخصص بالصحة والعافية تشارلي واردل يقول فيه: “الطائر الواقف على شجرة لا يخشى أبداً من انكسار الغصن، لأنه يثق في جناحيه وليس في الغصن”. ماريان بحاجة إلى أن تؤمن بمهاراتها، وبقدرتها على المجازفة والوصول إلى بر الأمان. بمقدورها دائماً العودة إلى قطاع الرياضة إذا لم تنجح تجربتها في شركة الوجبات الغذائية الخفيفة. ولكنها إذا أضافت وظيفة أخرى تركز على اللياقة البدنية إلى سيرتها الذاتية سيصبح من الأصعب عليها الانتقال إلى مجال آخر. كما أن بقاءها في منصب الرئيس التنفيذي سيُبقي مسيرتها المهنية على الخط المرسوم. وإذا ما توّلت أحد المنصبين الآخرين، فإن ذلك قد يؤجل الفترة الزمنية المطلوبة للعودة إلى منصب في قمة الهرم بخمس سنوات، بل وبعشر سنوات حتى.

وعوضاً عن أن تشعر ماريان بالقلق من الفشل أو على مكانتها المرموقة، ينبغي لها طرح السؤال التالي: ما هي الجذوة التي تبقي روحي متقدة؟ أظن أنها ستكتشف أن ما يحفزها ويلهمها لا يرتبط بقطاع معيّن بقدر ما يتعلق بفرصة التعلم والنمو وتجسيد القيم المهنية والشخصية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .