ملخص: اختبر العديد من موظفي المعرفة نظام العمل عن بُعد لأول مرة هذا العام خلال الحجر الصحي الذي فُرض علينا نتيجة الجائحة. ومع عودتنا إلى عقد الاجتماعات وجهاً لوجه ومواصلة الحياة المكتبية، نواجه بعض التحديات من ضمنها التماس آراء العاملين عن بعد في اجتماعات العمل، ما الدروس التي يمكن أن نستقيها من قضائنا وقتنا بعيداً عن مكاتبنا والتي يمكننا تطبيقها إبان عودتنا إليها؟ تقدم المؤلفة العديد من الأساليب الناجحة التي توصلت إليها خلال عملها كمستشارة، بما فيها الإصغاء إلى العاملين عن بُعد أولاً، ومنح كل من الانطوائيين والمنفتحين فرصاً متساوية للمشاركة، وعرض أفكار جديدة في اجتماعات الفريق الروتينية.
لن أنسى أبداً المكالمة الهاتفية الجماعية التي أجريتها في أحد الأيام مع بعض زملائي قبل الجائحة والتي دامت 30 دقيقة، حيث اتصل ثلاثة من زملائي المشاركين في المكالمة من المكتب، بمن فيهم المضيف، في حين اتصلت مع زميل آخر من المنزل. انتظر المضيف حتى الدقيقة 26 ليسأل الفريق العامل عن بُعد عما إذا كان لدينا أي أسئلة. وكأنه نسي حتى تلك اللحظة أننا كنا على الطرف الآخر من المكالمة ننتظر أن تتاح لنا فرصة تقديم آرائنا حول المشروع المطروح. بدا المضيف بتصرفه شخصاً أنانياً لا يعير فريقه الافتراضي أي اهتمام، ولم يُتح لنا فرصة المساهمة في المحادثة حتى اللحظة الأخيرة. لم نشعر بالإحباط، لكن الواقعة لخّصت مشكلة كلاسيكية تعترض عمل الأشخاص الذين يعملون عن بُعد، ألا وهي اعتبارهم بالمرتبة الثانية مقارنة بفريق المكتب "الأساسي".
ويواجه القادة اليوم تحدياً آخر تزامن مع إعادة فتح بعض أماكن العمل بحذر، وعودة بعض العمال إلى العمل داخل الشركة واختيار بعضهم الآخر العمل من المنزل، ألا وهو ضمان شعور أعضاء الفريق في المكتب والمنزل بالانتماء والتقدير.
أساليب تساعدك على التماس آراء موظفيك العاملين عن بعد:
كيف يمكننا الاستفادة من وسائل التعليم العملية الحديثة في نظام العمل عن بُعد لجعل زملائنا الذين سيواصلون العمل "خارج المكتب" يشعرون بالانتماء عندما نعقد اجتماعاتنا وجهاً لوجه ونواصل أعمالنا المكتبية؟ أدرجت فيما يلي بعض الأساليب الناجحة التي لاحظتها في عملي كمستشار.
التمس آراء أعضاء الفريق "العاملين عن بُعد" أولاً
من السهل على موظفي المكاتب أن يكونوا متحيزين ضد العاملين عن بُعد، وأبرز مثال على ذلك هو المكالمة الهاتفية الجماعية. قد يكون عدم الحصول على آراء أحد أعضاء الفريق ضاراً بالمؤسسة، كما أنه يجعل أولئك الذين يعملون من المنزل يشعرون بالعزلة والنفور. لذلك، من المهم أن تقاوم الرغبة في الانحياز إلى آراء الفريق العامل من المكتب وأن تمنح أعضاء الفرق العاملة عن بُعد وقتاً كافياً للتحدث في بداية الاجتماع وليس في نهايته. حثّ فريقك الافتراضي على التواصل عبر الهاتف واستخدام أدوات الدردشة الافتراضية أو البريد الإلكتروني. وامنح الفريق العامل عن بُعد فرصة توضيح أفكاره الجيدة مع بقية الفريق عندما يساهم أعضاؤه في عملية توليد الأفكار، سواء من خلال الدردشة أو باستخدام السبورة الافتراضية. ومن الضروري أن تستخدم التصويت لتضمن مشاركة الجميع ومراعاة مختلف الآراء عند عملية صناعة القرار على مستوى الفريق.
وبصفتي متحدثة رئيسة، أبدأ اجتماعاتي عادة بعقد جلسة أسئلة وأجوبة تُبثّ بشكل مباشر على شاشات الموظفين في المكاتب الأخرى وأطلب من المشاركين العاملين عن بُعد طرح أسئلتهم أولاً. ودائماً ما تكون تلك المحادثات أكثر متعة في النهاية. كما أحرص على تذكير الموظفين في المكتب أيضاً بوجود مشاركين افتراضيين بأن أقول لهم: "لنصغِ إلى تعليقات الحاضرين عن بُعد أولاً" أو "أود أن أبدأ بالأسئلة الواردة عبر أداة الدردشة الافتراضية".
افهم الفرق بين الانطوائيين والمنفتحين ولا تقلل من قيمة أحد منهم
لنتأمل مثال فاطمة، وهي إحدى عميلاتي التي تشغل منصب مسؤولة تنفيذية في مجال التكنولوجيا؛ حدّثتني فاطمة ذات مرة عن التحديات التي تواجهها في تلبية احتياجات كل من الانطوائيين والمنفتحين في فريقها. وقالت لي: "أجد صعوبة في إدارة الاختلافات بين الانطوائيين والمنفتحين عندما أعقد اجتماعات مباشرة مع فريقي". "ولاحظتُ أن الانطوائيين لا يشاركون في المكالمات الهاتفية أو المراسلات الإلكترونية السريعة، وذلك لسيطرة المنفتحين على الحوار".
ولمعالجة هذه المشكلة، وضعت فاطمة حلاً للمكالمات الشهرية بخصوص الاستراتيجية. وطلبت من أعضاء الفريق متابعة الاجتماعات من خلال إرسال إجابات عن سؤالين اثنين بالبريد الإلكتروني: ما هي الأخبار السيئة التي لا أود سماعها؟" و"ما هي الأمور التي فاتنا الحديث عنها في مناقشتنا الأخيرة؟"
أولاً، إن السؤال عن الأخبار السيئة على أساس منتظم يُتيح للموظفين فرصة مناقشة تحديات العمل. ثانياً، يحتاج الانطوائيون في فريقها عموماً إلى مزيد من الوقت لمعالجة الأفكار بشكل عام، وقد يحثّهم إرسال بريد إلكتروني أو إجراء مناقشات مباشرة على إبداء آرائهم. وتمكّنت فاطمة من خلال منح موظفيها الوقت الكافي للتفكير في أسئلتها من الحصول على رؤى ثاقبة متميزة لم تكن لتحصل عليها في الاجتماعات، واستطاعت في الوقت نفسه تقليل ثقافة التفكير الجماعي. وأدركت فاطمة أيضاً الأساليب المختلفة التي تجعل أعضاء فريقها ينخرطون في النقاشات، وأصبحت تبذل قصارى جهدها لخوض حوارات معهم بشكل يجعلهم يشعرون بالارتياح، كإجراء مكالمة شخصية معهم بعد الاجتماعات، أو تناول الغداء مع مجموعة صغيرة منهم. وهو ما جعل الجميع يشعرون بالاحترام والتقدير.
كن مبدعاً في اجتماعات الفريق الدورية
تتمثّل أفضل الحلول التي تعلمتها من عملي مع عملائي العام الماضي في إسناد دور المضيف في الاجتماعات إلى الموظفين بالتناوب. ويعتبر ذلك الحل طريقة سهلة لجعل جميع الموظفين يشعرون بالانتماء والتقدير، كما أنه يعزز من شخصيتنا في ظل روتين ومهام رتيبة، مثل اجتماعات الفريق الأسبوعية النمطية.
ووجدت أيضاً أن تشجيع المضيفين على ابتكار تمارين خاصة "لافتتاح الجلسة" يبث النشاط والحماس في الفريق الذي وجد نفسه يعمل عن بُعد دون سابق إنذار. وكانت تلك التمارين مفاجئة دائماً، على سبيل المثال، اعتاد أحد الموظفين على بدء اجتماعاته بإجراء تمارين للتأمل والتنفس. وحثّ آخر أعضاء الفريق على مشاركة هواياتهم في ظل الحجر الصحي. وحرص أحدهم على تسليط الضوء على الأعياد أو مناسبات الذكرى السنوية في العمل.
لنتأمّل أيضاً مثال أحمد، وهو أحد عملائي الذي يعمل مديراً للتكنولوجيا في الصين، اتخذ أحمد قراراً بعقد مكالمات مؤتمرات شهرية عبر الفيديو مع موظفي المكاتب والموظفين العاملين عن بُعد من جميع الفروع لإبقائهم على اطلاع بأداء العمل. وكان يبدأ اجتماعاته بمقدمة مخصصة يُعدها بنفسه، في حين بدأت اجتماعات الفرق المعتادة بمناقشة بنود جداول الأعمال. كان يروي بعض النكات لإضفاء روح الدعابة أو يسرد قصصاً حول أحد التحديات الرئيسة التي واجهها ليسلّط الضوء على نقاط ضعفه، وكان يقرأ أسماء الأشخاص الذين ستصادف أعياد ميلادهم الشهر المقبل مسبقاً لتعزيز الشعور بالانتماء للمجتمع. وحصد أحمد فوائد ذلك النهج بعد 6 أشهر من إجراء لقاءات المراجعة الشهرية. وقال: "يشعر الموظفون بالانتماء وبأنهم جزء من المهمة لأنهم يعرفون تماماً مدى جودة أدائهم على مستوى الفروع والشركات الفرعية".
إن الاستمرار في ترتيب الأولويات والتشجيع على إجراء عمليات المراجعة الافتراضية الشخصية في أثناء الاجتماعات هي طريقة ذكية لسد الفجوة بين فريقك العامل عن بعد وفريقك العامل في الشركة في الوقت الذي أعادت فيه الشركات فتح أبوابها وواصل الموظفون أعمالهم المكتبية. لذلك، تأكد من تخصيص مجال للتفاعلات والدردشة غير الرسمية، سواء من خلال الانخراط في محادثات متواصلة عبر منصة "سلاك"، أو عقد محادثات هاتفية جماعية أسبوعية خلال ساعات العمل أو مرة كل أسبوعين، وستحافظ بذلك على روح الزمالة والعمل الجماعي الجيد.
يُعد فهم تحديات العمل عن بُعد أمراً ضرورياً لأولئك الذي لديهم زملاء اختاروا مواصلة العمل من أي مكان. ومن المهم أن تُدرك أن إشراك أعضاء فريقك والتماس آراء العاملين عن بعد هو أمر ضروري لرفاهة الشركة وبقائها بغض النظر عن مواقعهم، لاسيما بعد التوقف الجماعي عن العمل من المكاتب وشيوع نظام العمل عن بُعد.