إليك هذا السؤال حول الخوف من التحدث أمام الآخرين تحديداً. سؤال من قارئة: أنا محامية بشركة صناعية في نيجيريا. أعمل مديرةً قانونيةً، ولديَّ تعطشٌ للقيادة. ولكنّ هناك شيئاً يعوقني دائماً: يتمثل في عدم القدرة على التعبير عن نفسي أمام الجمهور، والخوف من التحدث أمام الآخرين على وجه الخصوص. أعلم أنني إذا لم أخرج من منطقة الراحة في هذا المجال، فقد يصاب مساري المهني بالدمار، ولذلك أشعر بأنني بحاجة لاتخاذ خطوة جذرية. كان قسم الإدارة القانونية على وشك تقديم دورة تدريبية لمدة أسبوع للتعرف على قواعد السلوك الأخلاقي والامتثال. وتطوعت لقيادة الجلسة الصباحية التي تستمر لساعتين، ولكني أشعر بالقلق، وأحاول تهدئة نفسي. أعرف أن العقوبة على الأداء السيئ ليست الإعدام، ولكنني أريد أن يكون العرض التقديمي ناجحاً، ولهذا فسؤالي هو:
كيف أتغلب على الخوف من التحدث أمام الآخرين تحديداً؟
يجيب عن هذا السؤال:
دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
آندي مولينسكي: الأستاذ في كلية برانديز الدولية للأعمال (Brandeis International Business School)، ومؤلف كتاب "الوصول: استراتيجية جديدة لمساعدتك على الخروج من منطقة راحتك، والارتقاء إلى مستوى التحدي وبناء الثقة" (Reach: A New Strategy to Help You Step Outside Your Comfort Zone, Rise to the Challenge, and Build Confidence).
آندي مولينسكي: أعتقد أن الكثير من الناس يعانون من صعوبة التحدث أمام جمهور.
آندي مولينسكي: أحد أصعب التحديات التي يواجهها معظم الناس الذين يحاولون الخروج من منطقة راحتهم. ما أود قوله هو أن أحد الأشياء التي تبادرت إلى ذهني عند سماع هذا السؤال، هو أن هذه الشخصية التي كتبته لديها تعطش للقيادة. وهذا مهم حقاً، فعندما تخطو خارج منطقة راحتك، ستكون هناك عقبات. فقد يتسلل إليك إحساس بالخوف من عدم إجادة التحدث أمام الجمهور. وقد يعتريك شعور بالحرج في حال خرج أداؤك سيئاً. قد تفتقر إلى الثقة وأنت تقف أمام الكثير من الأشخاص. ولكن إذا كان لديك هذا التعطش للقيادة، فقد تكون هذه هي الرياح التي ستدفعك، ولو إلى المحاولة على الأقل.
اقرأ أيضاً: أسئلة القراء: ما الحل إذا كان صوتي يرتعش كلما دخلت في نزاع؟
أليسون بيرد: وقد كان لديها هذا الدافع لتتخذ خطوة جذرية وتتطوع. هل تعتقدون جميعاً أن هذه الخطوة كانت جيدة؟
دان ماغين: أخشى أنها قالت إنها تشعر بأنها بحاجة لاتخاذ خطوة جذرية، وإلا أصيب مسارها المهني بالدمار. خُيّل لي أنها تبالغ بعض الشيء. إذ يبدو لي أن العواقب لن تكون بهذا الخطورة إذا ما ظلت محافظة على شخصيتها الانطوائية. وأعتقد أن عقلها هو الذي صوّر لها المسألة على هذا القدر من الخطورة المبالغ فيها. أعتقد أنك إذا اخترت ندوة عامة تلقين فيها كلمة أمام الجمهور بشأن قواعد السلوك الأخلاقي والامتثال، وقمت بذلك في فعالية داخلية للشركة غير مدفوعة الأجر، فسيتوقعون على الأرجح الشعور بالملل، لذا، إذا تمكنت من تجاوز الحد الأدنى للخطابة، فسوف تنعمين بفوز مبكر.
آندي مولينسكي: لقد أحببت فكرة أنها اتجهت إلى بيئة قليلة المخاطر. فالأمر أشبه بالانتقال من الأريكة لتجري مسافة 5 كيلومترات أو 10 كيلومترات. لم يسبق لي أن أقدمت على خطوة كتلك مطلقاً. ولست عداء محترفاً، لكنني لا أتخيل أن تقوم من على أريكتك لتجري مسافة 5 أو 10 كيلومترات، أليس كذلك؟ إذ يجب أن تُجري عملية إحماء أولاً، ربما بالركض حول المبنى مرة أو عدة مرات. وأعتقد أنها اختارت نوعاً من التحديات الممكنة، حتى تنمي عضلات الثقة بالنفس أولاً، لذلك أعتقد أن هذه كانت خطوة ذكية من جانبها بالنظر إلى المستويات المرتفعة من التوتر الذي ستعيشه في هذه الندوة، بدلاً من التحدث في إحدى جلسات مؤتمر "تيد" (TED Talk) أو أي شيء من هذا القبيل.
اقرأ أيضاً: هل يجب أن تمتلك "الكاريزما" لتكون خطيباً ناجحاً؟
أليسون بيرد: هذا يذكرني بعمل قمت بتحريره لكريس أندرسون، مؤسس مؤتمرات "تيد". وكان يكتب عن كيف تبلى بلاء حسناً في هذه المؤتمرات. والبيئة التي نتحدث عنها بيئة قليلة المخاطر نسبياً. لكنه أكد أهمية الحفظ، وأعتقد أنه عندما تحاول التحدث أمام جمهور للمرة الأولى، فلن تتحرر من قيودك بسهولة وتتحدث ببلاغة، لذا يجب أن تخطط لمعرفة ما ستقوله بالضبط، لكيلا تبدو إنساناً آلياً، ولا بأس في أن تنظر إلى ملاحظاتك بين الفينة والأخرى.
آندي مولينسكي: خاصة للمتحدث المبتدئ. فواحدة من أهم نصائحي هي عدم مشاهدة مؤتمرات "تيد"، لأن هذا يضع نوعاً من المعايير غير الواقعية حسبما أعتقد، فهي تضر أكثر مما تنفع، لأن هذه المحاضرات هي نتاج ساعات طويلة من التدريب والتمرين والخبرات والتجارب المكثفة، فإذا شاهدت تلك المحادثات وافترضت أنها المعيار الذي يجب أن تلتزم به، أعتقد أنها سترعبك أكثر مما ستساعدك؛ لاسيما عندما يكون الخروج من منطقة الراحة هو المشكلة الأساسية.
دان ماغين: إحدى النصائح التي أسداها لي كريس أندرسون في هذه المقالة أنه لا بأس بأن تقول في مقدمة الخطاب أمام الجمهور: اعذروني إن كنت متوتراً قليلاً اليوم. أو أن تعترف بأنه ينتابك شعور بسيط بعدم الراحة، فهذا يجعل الجمهور متعاطفاً معك نوعاً ما.
أليسون بيرد: كنت ألقي خطاباً مؤخراً في فعالية تُبث على الهواء مباشرة، وكان هناك رجل في الصف الأول لم يسبق لي أن التقيته من قبل، لكنه كان يومئ برأسه طوال الوقت في أثناء إلقاء المقدمة. وكان هذا السلوك مفيداً بشكل لا يصدق، لذلك أتمنى أن يكون لدى المحامية شخص من أمثال هذا الرجل. وإذا لم يكن لديها، فربما يمكنها أن تتخيله، لكنني أعتقد أنك على حق تماماً دان. إذ يجب أن تعلم أنه سواء كان الجمهور يومئ برأسه دلالة على الموافقة، أم لا، فلا أحد من هذا الجمهور يرجو لك الفشل، أو يتمنى لك التعثر. فهم يقفون إلى جانبك حقاً.
آندي مولينسكي: يمكنها أيضاً ألا تكتفي بنيل تعاطف الجمهور معها، ولكن ربما يجدر بها أن تشعر بأنها أكثر أصالة، لأنها لا تضطر إلى وضع قناع يخفي حقيقتها، وإنما تكون على سجيتها.
أليسون بيرد: عند الحديث عن توترها وكيفية استعدادها، أتذكر أنك ألفت كتاباً عن الاستعداد الذهني والنفسي لمثل هذه النوعية من المواقف التي تثير التوتر.
دان ماغين: لقد ركّز الكتاب على ما يجب فعله في الدقائق العشر الأخيرة قبل الإقدام على شيء يثير الشعور بالقلق الشديد وينطوي على مخاطر عالية. وعموماً، فإن ما يجب القيام به هو أن تحاولي إيجاد طرق لتحفزي ثقتك بنفسك وتخففي من حدة قلقك. تخيلي لو أنها كانت شخصية رياضية وسلطت قناة "إي إس بي إن" (ESPN) الرياضية الضوء على أبرز لقطاتها في الملعب. صحيح أننا لسنا رياضيين، ولكن لدينا لحظات مذهلة في حياتنا العملية؛ لذلك إذا كان بإمكانها أن تتذكر لحظاتها الأكثر كفاءة، فقد يمنحها ذلك بعضاً من الدعم. ويجد البعض أن ممارسة بعض الطقوس شيء مفيد، ويجد البعض الآخر أن الاستماع إلى أنواع معينة من الموسيقى قبل الدخول في مثل هذه المواقف يمكن أن يؤدي إلى ضبط انفعالاتهم في الاتجاه الصحيح، لذا، فهناك الكثير من الأمور التي يفعلها الناس في اللحظات الأخيرة قبل الدخول في هذا السيناريو المثير للتوتر.
اقرأ أيضاً: كيف تفاوض بلطف دون أن تكون لقمة سائغة
أليسون بيرد: لنقل إن محاميتنا ستستطيع تجاوز هذا الموقف، ربما ليس بالطريقة المثلى، ولكن أيضاً ليس بهذا السوء المتصور. فما خطوتها التالية للتعلم من التجربة ومن ثم مواجهة التحدي التالي؟
آندي مولينسكي: أعتقد أنه يجدر بها البناء على هذه الخبرة من خلال محاولة إيجاد فرصة أخرى بعد وقت قريب في المستقبل، فيمكنها التحلي ببعض الشجاعة وبعض الثقة وربما التسلح ببعض المهارات. ولكن هذه المهارات ستكون عديمة الجدوى إذا اضطرت إلى الانتظار عامين آخرين مثلاً لأن ما اكتسبته من محاولتها الأولى للتحدث أمام جمهور لن يلبث أن يتلاشى، لذلك أعتقد أن وجود فرصة أخرى والقيام بانتهاز فرصة أخرى فعلياً سيكون اقتراحاً رائعاً. وأعتقد أيضاً أن تلقي التعليقات سيكون خطوة لطيفة حقاً. فكيف يمكنك الحصول على تعليقات في مثل هذه المواقف؟ أعتقد أن الفكرة تكمن في وجود بعض الوجوه الودودة بين الحاضرين، وبعض الزملاء، وبعض الزملاء المقربين الذين ربما تطلب منهم التعليقات حول ما أجادت فيه والجوانب التي تحتاج إلى التحسن فيها، وهكذا. أعتقد أن هذا مهم أيضاً.
أليسون بيرد: نريدها أن تعرف أن كل شخص يجد صعوبة في التحدث أمام الجمهور، بمن في ذلك نحن، لذا نريدها أن تتخفف من الضغوط، فقدرتها على أن تكون متحدثة رائعة لا يحقق لها بالضرورة النجاح في حياتها المهنية، كما أن هذه الجلسة التي اشتركت بها ليست إحدى جلسات مؤتمرات "تيد". فيجب عليها ألا تضع لنفسها توقعات غير واقعية. ونحن نشيد حقاً بقرارها اغتنام هذه الفرصة والممارسة في بيئة قليلة المخاطر. فنحن نعتقد أنه تحدّ ممكن. ونريدها أن تعمل على إعداد تلك الشرائح وأن تتمرن عليها وتحفظها. وينبغي أن تشجع نفسها قليلاً قبل إلقائها الخطبة من أجل أن تتغلب على الخوف من التحدث أمام الآخرين، وأن تفكر في الأوقات التي أجادت فيها من قبل. ويجب عليها بعد ذلك أن تطلب تعليقات من أشخاص تثق بهم، ثم تحرص على خوض تحدّ آخر في أسرع وقت ممكن.
اقرأ أيضاً: كيف تتفاوض مع شخص أقوى منك؟