طوّرت مجموعة محددة من الدلافين في بحيرة "لاجونا" البرازيلية مهارات غير متوقعة لمواجهة المنافسة الشرسة على الأسماك المتوفرة، إذ لجأت إلى التعاون مع الصيادين المحليين من البشر عن طريق توجيه جموع الأسماك نحوهم، ثم إعطائهم إشارة لرمي شباكهم بواسطة تحريك رؤوسها وضرب زعانفها على الماء، وتستفيد هي في المقابل من التشويش الحاصل في حركة الأسماك بسبب الشباك ما يسهل من عملية صيدها. يصف الباحث "ماوريسيو كانتور" هذا السلوك الذي يمثل التعاون مع المنافسين في مقاله المنشور بمجلة "السلوك الحيواني" (مايو/أيار 2018) بقوله: "توجد منافسة بين الدلافين مثل المنافسة التي توجد بين البشر الصيادين".
قواعد التعاون مع المنافسين
على الرغم من أن البشر يمثلون أيضاً منافساً للدلافين على الأسماك المتوفرة، فإن خيار التعاون مناسب لكلا الطرفين، وهو المنطق نفسه الذي تقوم عليه اتفاقات التعاون في عالم الأعمال، إذ يبيّن مقال "قواعد التعاون مع المنافسين" مجموعة من الدوافع التي أدت لتعاون بعض من أشهر الشركات رغم المنافسة الشديدة بينها مثل "آبل" و"سامسونج". كاتبا المقال أطلقا مصطلحاً جديداً لوصف وضعية التعاون الذي ينطوي على تنافس "تعاون-تنافس" (Coopetition)، وهو المصطلح نفسه الذي حمله كتابهما؛ كما وضحا مجموعة من المزايا التي تهدف لتحقيقها الشركات من خلال هكذا اتفاقات، على غرار تجنب المواجهة المباشرة مع منافس قوي، وتعزيز القدرات الابتكارية عن طريق ضم قدرات الشريك، والتعلم منه سواء كان هذا التعلم بهدف الحيازة على مهارات خاصة أو الحصول على تكنولوجيا متقدمة، وتخفيض التكاليف عن طريق تحقيق اقتصاديات الحجم.
ميزة التحالفات مقارنة بالاندماج والاستحواذ
عند الحديث عن التعاون بين المؤسسات التي يُوصف في غالب الأحيان بالتحالفات الاستراتيجية، يبرز مصطلح آخر يُستخدم في السياق ذاته وهو عمليات الاندماج والاستحواذ، وهما مصطلحان يخلط الكثير بينهما، والفرق بينهما دقيق وموضح في مقال "ما الذي يميّز حقاً الشراكات عن عمليات الاندماج والاستحواذ؟"، مقال يوضح أهم المزايا التي تتمتع بها عمليات التعاون الشركات مقارنة بالاندماج الكلي ضمن نفس الوحدة التنظيمية، مع تسليط الضوء على أهمية محافظة الشركات على هويتها وثقافتها خارج مجال التعاون لتجنب ما يُسمى "الصدمات الثقافية" التي تحدث عادة بين العمال في مرحلة ما بعد الاندماج والاستحواذ (Post-Merger Integration)، ويوفر تكاليف إرساء ثقافة موحدة بين عمال الشركتين، والفشل الذي مُنيت به عملية اندماج "دايملر بنز" مع "كرايسلر خير مثال على خطر الصدمات الثقافية. في هذا الصدد، يقول كارلوس غصن الرئيس التنفيذي السابق لتحالف "نيسان-رينو": "في كل مرة تحدث فيها عملية اندماج، يفقد طرف ما هويته، وأي شيء يُقال خلاف هذا هو مجرد هراء"، أما عن كيفية إدارة فرق العمل متعددة الثقافات، فهذا الفيديو يساعد في كيفية إدارتها بفعالية.
في سياق المقارنة بين التحالف والاندماج، يبرز مقال "متى يجب على الشركات التحالف ومتى يجب عليها الاستحواذ" الذي يوفر دليلاً متكاملاً للقادة الذين تواجههم معضلة المفاضلة بين خيارات التحالف والاندماج، كما أنه من أثرى المقالات التي كُتبت في هذا المجال، فهو يتناول دراسات شملت آلاف عمليات الاندماج والاستحواذ والتحالفات الاستراتيجية، ويفاضل بينها ثم يستخلص أهم محددات اللجوء إلى خيار التحالف أو الاندماج، وذلك ضمن إطار علمي محكم وواضح يساعد القادة في اتخاذ القرارات الصحيحة، لا سيما إذا كان القرار استراتيجياً لا رجعة فيه مثل قرار الاستحواذ أو الاندماج.
منطق التعاون أم منطق التنافس؟
تتم عمليات التعاون في الكثير من الأحيان بين شركات محلية وشركات عملاقة متعددة الجنسيات، نتيجة لوجود العديد من الدوافع التي تؤدي إلى انتشار هذا النوع من التعاون الدولي، ويسلط مقال "تعرف على دوافع التحالفات الاستراتيجية الدولية؛ نموذج من الجزائر" الضوء على هذه الدوافع من كلا الطرفين، المحلي والأجنبي، إذ تلجأ إليها الشركات الكبرى عادة لتحقيق أهداف مختلفة بدءاً من القضاء على منافس "مزعج" إلى الحصول على كفاءة نادرة تحوز عليها شركة ناشئة ما، مروراً بالامتثال للقيود القانونية للبلد المُضيف، أما الشركات المحلية، فتعتمد عليها رغبة منه في تجنب المنافسة مع منافس ذو قدرات كبيرة، والاستفادة من سمعة العلامة التجارية التي يتمتع بها الشريك الدولي والتعلم منه أساليب الإدارة الحديثة.
يبدو أن منطق التعاون أفضل من منطق التنافس حتى أن أبراهام لينكولن كان يقول "عليك أن تمحق عداء عدوك بجعله صديقاً"، وهو ما يبرر الانتشار الواسع لمثل هذه التحالفات منذ تسعينيات القرن الماضي، وبالعودة للوقت الحاضر، أعلنت مجرة، الشركة الرائدة في إنتاج المحتوى عالي الجودة باللغة العربية، إبرام اتفاق تعاون مع أمازون لإطلاق خدمة "مهارة" (Skill)، خدمة توفر للعميل نصيحة إدارة صوتية باللغة العربية من المساعد الشخصي لأمازون "أليكسا".