يدرك المدراء أهمية وجود موظفين يفهمون أحدث التقنيات والأدوات، وتأثير ذلك على الحفاظ على تنافسية الشركة، إلا أنّ التدريب التقني للموظفين على هذه الأدوات يمكن أن يكون مكلفاً (أنفقت الشركات الكبرى 130 مليار دولار على التدريب بشكل عام في 2014) وكثيراً ما لا يحقق هدفه في تزويد المتدرّبين بالمهارات التي يحتاجون إليها.
تطوير التدريب التقني
نعمل في شركة "ذا داتا إنكيوبيتور" (The Data Incubator) مع مئات العملاء الذين يُوظفون حاملي شهادات دكتوراه في علم البيانات من برنامجنا للزمالة، أو يسجلون موظفيهم في برنامجنا لتدريب الشركات على البيانات الضخمة. وجدنا من خلال عملنا مع هذه الشركات من مختلف القطاعات أنّ التدريب التقني يفتقر غالباً إلى ثلاثة أمور مهمة: التدريب العملي، والمساءلة، ومجال لالتقاط الأنفاس.
ممارسة التدريب العملي. التعلّم ليس رياضة تعتمد على المشجّعين، فقد أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون من "جامعة بوكنل" (Bucknell University) أنّ المتعلّمين النشيطين (الذين يطبقون ما تعلّموه فوراً) في مجال الهندسة الميكانيكية والكهربائية يكون أداؤهم أفضل من أداء المتعلمين السلبيين (الذين يتلقون المعلومات فحسب). من الجيد أن نفهم "الصورة الكبيرة" عند تعلّم مفاهيم جديدة، ولكن يجب ألّا ننسى أنّ تطبيق المهارات الجديدة أو المعارف الجديدة أمر لا يقلّ أهمية، خصوصاً إذا كان ذلك في مواضيع تقنية، حيث يكمن الشيطان في التفاصيل، وهي تفاصيل يتميّز الممارسون الجيّدون والمهرة بالتعامل معها بالطريقة الصحيحة. ولذلك، ينبغي للمدارء أن يبحثوا عن المقرّرات التي تركّز على مختبرات أو مشاريع التدريب العملي.
على سبيل المثال، يدور منهاجنا الدراسي حول مشاريع صغيرة ينبغي للطلاب أن يكملوا العمل عليها (مثل التعلّم الآلي على سبيل المثال) باستخدام مجموعة أدوات وتقنيات قياسية (كالتعلّم العميق (deep learning) أو محرّك "سبارك" (Spark) التحليلي لمعالجة البيانات) وهي أساليب يستخدمها عاملون في القطاع. لذلك، عند تقييم البرامج، اسأل عن مقدار الوقت الذي تستغرقه المحاضرة مقابل مقدار الوقت الذي تستغرقه ممارسة المادة، واحذر من المدربين الذين يوزّعون نسخاً عن عروض تقديمية برّاقة ومن ثمّ لا يفعلون شيئاً سوى القراءة منها.
المساءلة لا تتمثّل التكلفة الأكبر للتدريب في الرسوم، بل في تكلفة الفرصة الضائعة التي يقضيها الموظف في التدريب، لذا، ومن أجل تبرير هذا الاستثمار اسأل الفريق المولج بالتدريب عن أهداف التعلّم وطريقة تقييم الطلاب. ومن الأمثلة على ذلك، تقيّم مشاريعنا الصغيرة أداء المتدرّب تلقائياً بناءً على مهام مثل نقلالبيانات وتبديلها (data wrangling)، أو الاستخراج والتحويل والتحميل (ETL)، أو معالجة اللغة الطبيعية (NLP)، في حين نزوّد مدراء التدريب والمسؤولون عنه لدى عملائنا بلوحة تحكّم في الوقت الفعلي لمراقبة أداء المتدرّبين.
لا يقتصر قياس أداء المتدرّبين على عِلم البيانات، فالكثير من المواضيع التقنية تحتمل إجابات صحيحة وأخرى خاطئة يمكن استخدامها لتقييم تعلّم الطلاب. والتحديد الكمي للنتائج المبرهَنة بناءً على مجموعات بيانات عملية واقعية هو الأمر الوحيد الذي يحمي من سوء فهم المتدربين للمفاهيم، ولكنه لا يشمل المهارات الضرورية لتنفيذ هذه المفاهيم.
نُعيد ونكرّر، احذر من برامج التدريب التقني التي لا توفر آليات تقييم ومساءلة صارمة، فالقياس لا يضمن أن تكون هناك مساءلة، والمدراء يحتاجون إلى مساءلة المدرّبين عن نتائج عملية التعلّم، كما يحتاجون إلى مساءلة موظفيهم عنها. يجب ألّا يعتبر الموظفون التدريب وقت إجازة مدفوع، لذا، أخبرهم أنّك تأخذ عملية التعلّم على محمل الجدّ، وأنّك تراجع أداءهم خلال التدريب بانتظام.
التقاط الأنفاس. يتمثّل أحد الأمور الشائعة في التدريب المخصّص للشركات في عدم إعطاء الموظفين مجالاً كافياً لالتقاط الأنفاس قبل استكمال التدريب وتعلّم المفاهيم. ينطبق الأمر على التدريب غير التقني المخصّص للشركات على الأرجح، غير أنّ المشكلة تؤثر أكثر على المواضيع التقنية والتي تنطوي غالباً على منحنيات تعليمية حادة وتتطلب فترة طويلة من الدراسة ومن دون انقطاع. على سبيل المثال، فإنّ الوحدة الدراسية التي نوفّرها حول منصة "هادوب" (Hadoop) للبرمجيات مفتوحة المصدر لتخزين البيانات ومعالجتها أو نموذج البرمجة "ماب ريديوس" (MapReduce) لمعالجة مجموعات البيانات الضخمة وإنشائها، تفرض على الطلاب أن يتعاملوا مع الانتقال من الحوسبة المألوفة أحادية النواة إلى المفهوم غير المألوف للحوسبة الموزعة، وهو تحوّل كبير في النموذج ويتطلب استيعابه وقتاً غير قصير.
أجرينا دراسة حالة لإحدى دوراتنا التدريبية، ووجدنا أنّ الموظفين الذين استراحوا لبعض الوقت من أداء واجباتهم كانت وتيرة تعلّمهم أسرع بضعفين من أولئك الذين لم يستريحوا، وأكبر من التعلّم الذي يُعوّض في فترات أخرى. لا يمكن للمدراء أن يطلبوا من الموظفين تعلّم مهارات جديدة والاستمرار بتحمّل أعباء العمل بالكامل، كما أنّ استراحة المتدربين من واجبات العمل يدلّ على الالتزام بالنموّ المهني للموظف ما ينعكس إيجابياً على الشركة من جهة ولاء الموظف على المدى الطويل.
يتغيّر مجال البيانات الكبيرة بسرعة، فيمكن أن تشهد بعض البرامج والباقات الأكثر شهرة نسخة جديدة كلّ شهر. يعرف الكثير من المدراء أنّ عليهم مواكبة هذا التطوّر المتسارع، وأنّ الطريقة الوحيدة لفعل ذلك تكمن في الالتزام بتطوير التدريب التقني ومهارات الموظفين. لذلك، سواء كنتَ تحاول مساعدة الموظفين على اكتساب مهارات تقنية، مثلما نفعل نحن، أو كنت تأمل في أن يكتسبوا مهارات أوسع، أطلب أن يكون التدريب عملياً ويركّز على المساءلة ويوفّر مجالاً لالتقاط الأنفاس.
اقرأ أيضاً:
- 5 تقنيات تساعدك في بناء علاقة مع زملائك
- استعداداً للأتمتة... كن فضولياً ولا تتوقف عن التعلم
- شركات التكنولوجيا تساعد على تطوير القوى العاملة في الولايات المتحدة
- كيف تغيّر التكنولوجيا تدريب المدراء التنفيذيين؟