تُظهر مجموعة كبيرة من البحوث أن عملية التوظيف هي عملية متحيزة وغير عادلة. فالاعتبارات العمرية والطبقية والمتعلقة بالنوع الاجتماعي التي تحدث في اللاوعي تلعب دوراً كبيراً في التحيز في العمل وتحديد من يتم توظيفهم. بيد أن هناك بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها للتعرف على تلك التحيزات والحد منها. من أين تبدأ؟ وكيف يمكنك مساعدة الآخرين في فريقك ليفعلوا نفس الشيء؟
ما الذي يقوله الخبراء عن التحيز في العمل تحديداً؟
تقول فرانشيسكا جينو، الأستاذ في كلية هارفارد للأعمال أن التحيزات اللاوعية لها تأثير حرج "وإشكالي" على حكمنا. وتضيف قائلة: "هذه التحيزات اللاوعية تجعلنا نتخذ قرارات لصالح شخص من الأشخاص أو مجموعة من المجموعات بينما نضر بالآخرين". ففي مكان العمل، من شأن التحيز في العمل أن "يحبط جهود التنوع والتوظيف والترقية والاحتفاظ بالعاملين". وفي حال ترك التحيزات دون رادع يمكن أيضاً أن تشكل ثقافة وقواعد الشركة أو مجال العمل ـ على حد قول آيريس بونيه، مديرة برنامج المرأة والسياسة العامة، في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، ومؤلفة كتاب "ما الذي ينجح: تحقيق المساواة بين الجنسين من خلال التصميم" (What Works: Gender Equality by Design). وتشرح ذلك قائلة: "ما نراه هو ما نعتقده". "إذا نحن لم نر مدرسي رياض الأطفال الذكور أو المهندسات (الإناث)، فإننا لا نربط بشكل طبيعي بين الرجال والنساء وتلك الوظائف، ونطبق مقاييس مختلفة" عند التوظيف والترقية وتقييم الأداء الوظيفي. "يتعين على المدراء تعلم نزع التحيز من ممارساتهم وإجراءاتهم". فيما يلي بعض الاستراتيجيات للقيام بذلك.
السعي إلى الفهم
عندما يتعلق الأمر بالتوظيف وإمكانية التحيز في العمل تحديداً، يتعين على المدراء أن "يفكروا على نطاق واسع في طرق لتبسيط العملية وتوحيدها" على حد قول آيريس بونيه. وبادئ ذي بدء، سوف يتعين عليك فهم ماهية تحيزات التوظيف وكيف تعمل تلك التحيزات. تنصح فرانشيسكا جينو المدراء النظر في تزويد العمال بالتعليم والتدريب حول الموضوع. "التدريب على التوعية هو الخطوة الأولى نحو الكشف عن التحيز اللاواعي، لأن هذا يتيح للموظفين فرصة إدراك أن الجميع لديهم هذه التحيزات، كما يتيح لهم فرصة التعرف على ما لديهم من تحيزات هم أنفسهم". تكمن الفكرة في خلق "حوار مؤسسي" حول التحيزات والمساعدة على إثارة وقدح الأفكار بشأن "الخطوات التي يمكن أن تتخذها المؤسسة ككل للحد من تلك التحيزات".
إعادة صياغة توصيفاتك الوظيفية
تلعب قوائم الوظائف دوراًً هاماً في استقطاب المواهب، وفي الكثير من الأحيان تعطي الانطباع الأول عن ثقافة الشركة. وعلى حد قول فرانشيسكا جينو "حتى الاختيارات الدقيقة للكلمات يمكن أن تؤثر بقوة على مجموعة المتقدمين لشغل الوظائف". تظهر البحوث أن اللغة الذكورية، بما في ذلك الصفات من قبيل "تنافسي" و"حازم"، تدفع النساء إلى "تصور أنهن لا يصلحن في بيئة العمل". من جهة أخرى، فإن كلمات مثل "تعاوني" و"متعاون" تميل إلى جذب النساء أكثر من الرجال. إنّ البرامج الحاسوبية التي تلقي الضوء بشكل نمطي على الكلمات التي تختص بالنوع من شأنها أن تساعد في التصدي لهذا التأثير ومعادلته ـ على حد قول آيريس بونيه. "عندئذ يمكنك إما إزالة الكلمات وأن تستبدل بها كلمات أكثر حيادية"، أو أن تسعى جاهداً إلى خلق توازن باستخدام نفس العدد من التوصيفات والأفعال المتعلقة بالنوع. على سبيل المثال "التحرك ذهاباً وإياباً بين الكلمتين ’يجيد‘ و’تجيد‘"، فالهدف هنا هو "استكشاف ورؤية كيفية تأثير [هذه التغييرات] على مجموعتك من المتقدمين لشغل الوظائف. والتعلم عن طريق الفعل".
عدم الالتفات إلى مراجعة السيرة الذاتية
بعد ذلك، يتحتم عليك خلق "المساواة بين جميع المرشحين" عن طريق "ضمان تركيزك" على مؤهلات ومواهب المرشح على وجه التحديد، وليس التركيز على "الخصائص الديموغرافية" ـ على حد قول آيريس بونيه. "الحقيقة أنه لم تتم معاودة الاتصال بلطيفة وجمال نفس عدد مرات معاودة الاتصال بنهال وفواز. يتعيّن عليك النظر إلى ما يجلبه كل شخص من الأشخاص إلى طاولة النقاش". ونكرر القول، إن البرمجيات التي تعمّي العملية بالنسبة لك مفيدة ونافعة ـ على حد قول فرانشيسكا جينو. إن من شأن عملية مراجعة طلبات التوظيف والسير الذاتية بشكل نظامي ودون النظر إلى أصحاب تلك الطلبات والسير الذاتية "من شأنها أن تساعد في تحسين فرصك في تضمين أكثر المرشحين ملاءمة من بين مجموعة المتقدمين لشغل الوظائف لديك، بما في ذلك الكشف عن بعض المواهب المخفية" ـ بحسب قول فرانشيسكا جينو. "من السهل أن ينساب التحيز ويتسلل إلى العملية، طالما أن تلك العملية لم تكن محددة ومقررة مسبقاً".
طلب تنفيذ اختبار عينة عمل
"اختبارات عينة العمل التي تحاكي أنواع المهام التي سيتم إسنادها إلى المرشح للوظيفة" هي أفضل "المؤشرات على الأداء الوظيفي المستقبلي"، طبقاً لآيريس بونيه. وتتفق فرانشيسكا جينو معها في الرأي، إذ ترى أن تقييم اختبارات عينة العمل من عدد من المتقدمين للوظيفة يساعد في "معايرة حكمك للتعرف على مدى وكيفية مقارنة المرشح (أ) بالمرشح (ب)". يمكن الحصول على رؤى هامة من خلال مطالبة المرشحين بحل مشاكل متعلقة بالعمل أو "المشاركة في اختبار للمهارات". وهي ترى أن "اختبار المهارات يجبر أصحاب العمل على مراجعة وتدقيق جودة عمل المرشح في مقابل الحكم على المرشحين دون وعي بناء على المظهر والنوع والعمر وحتى الشخصية".
توحيد المقابلات
تظهر البحوث أن المقابلات غير المنظمة ـ والتي لا تكون بها أسئلة محددة والتي يُقصد من خلالها الكشف عن خبرات وتجارب المرشح بشكل عضوي من خلال المحادثة ـ هي "في كثير من الأحيان لا يمكن الوثوق بها للتنبؤ بالنجاح في الوظيفة" ـ على حد قول فرانشيسكا جينو. من ناحية أخرى، فإن المقابلات المنظمة، التي يتم من خلالها توجيه نفس مجموعة الأسئلة المحددة إلى كل مرشح من المرشحين للوظيفة، من شأنها توحيد عملية المقابلات" و"الحد من التحيز" من خلال إعطاء الفرصة لأصحاب العمل "للتركيز على العوامل التي تؤثر على الأداء تأثيراً مباشراً". تقترح آيريس بونيه استخدام بطاقة أداء المقابلات التي ترتب إجابات المرشحين على كل سؤال وفق مقياس تقييمي محدد مسبقًا. وتضيف قائلة: "من الناحية المثالية، لا يعرف القائمون بإجراء المقابلات التفاصيل حول مدى جودة أداء كل مرشح من المرشحين استناداً إلى مراجعة السيرة الذاتية وعينة العمل". يكمن الهدف هنا في "أن تصبح المقابلات نقطة بيانات ثالثة مستقلة".
ضع في اعتبارك عنصر "الإعجاب" بالمرشح (إذا كان هذا المكون يهمك)
من الطبيعي الانجذاب نحو الأشخاص الذين تعجب بهم فورياً. تقول فرانشيسكا جينو: "توصلت إحدى الدراسات إلى أن الانطباعات التي تتم في الثواني العشرة الأولى من المقابلة من الممكن أن تؤثر على نتائج المقابلة. وأشارت دراسة أخرى إلى أن أصحاب العمل يوظفون الأشخاص الذين يكنون لهم القدر الأكبر من الإعجاب على المستوى الشخصي". بيد أن هذا التحيز نحو "الكيمياء الطبيعية أو الاهتمامات المشتركة" هو واحد من مظاهر التحيز الأخرى التي ينبغي الحذر منها. تصف آيريس بونيه الإعجاب بالمرشح (likability) ربما على أنه "المسألة الأكثر تحدياٍ في عملية التوظيف". اسأل نفسك "هل يمثل إعجابك بالشخص الذي توظفه أي أهمية بالنسبة لك؟ وما مدى أهمية ذلك؟" إذا كان الأمر يمثل أي أهمية بالنسبة لك، تنصح آيريس بونيه بتقييم المرشحين تمامًا مثل تقييمك لهم في المهارات الأخرى أثناء المقابلة. "ومن خلال منح "الإعجاب" بالمرشح درجة معينة، فإنك تجعل هذا المكوّن أكثر خضوعًا للتحكم فيه وإدارته".
وضع أهداف التنوع
تقول آيريس بونيه: "أهداف التنوع جديرة بالاهتمام". فهي تشغل موقع الصدارة من حيث أهميتها" في جميع المؤسسات. وتواصل قائلة، بيد أنه يتعين عليك توخي الحذر عند طرح الفكرة مع الزملاء. هذه الأهداف "أحياناً مثار جدل بالنسبة للشركات لأنها يمكن أن تقلل من شأن الأشخاص الذين يتم توظيفهم في تلك الفئات أو تؤدي إلى رد فعل عنيف من المجموعات المحظوظة تقليدياً". يمكن أن تساعدك البيانات في الحصول على الهدف المنشود وتحقيقه. تشير مجموعة متزايدة من البحوث إلى أن التنوع في قوة العمل يترتب عليه خلق "مزايا عمل كبيرة" ـ بحسب فرانشيسكا جينو. وهي تنصح بأنه "في نهاية كل عملية توظيف، يجب على القادة تتبع إلى أي مدى أبلوا بلاء حسناً في تحقيق أهداف التنوع التي تعهدوا والتزموا بتحقيقها". كما يشجع هذا أولئك الذين يشاركون في التوظيف، وفي قطاعات أخرى من الشركة "على وضع التنوع والمساواة في أعلى مرتبة من تفكيرهم".
مبادئ عليك أن تتذكرها
احرص على:
- التجريب في صياغة قوائم الوظائف عن طريق إزالة الصفات المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بنوع معين.
- مطالبة المرشحين بأخذ عينة عمل ـ من المفيد والنافع في مقارنة المتقدمين لشغل الوظيفة، كما أنه مؤشر فعّال وناجع للدلالة على الأداء الوظيفي في المستقبل.
- مراقبة مشاعرك الشخصية حول مرشح بعينه من خلال تحديد درجة تقييم لعنصر الإعجاب).
احرص على عدم:
- المشاركة في مقابلات غير منظمة. بدلاً من ذلك، يجب عليك توحيد عملية المقابلات بأن توجه للمرشحين نفس مجموعة الأسئلة المحددة سلفاً.
- السماح للسمات الديموغرافية السطحية بأن تتدخل في مراجعتك للسيرة الذاتية. يجب عليك استخدام برنامج حاسوبي يخفي تلك المعلومات ويضمن توافر المساواة بين جميع المرشحين.
- تجاهل وضع أهداف التنوع. يجب عليك أن تحرص على تتبع مدى حسن أدائك فيها.
دراسة حالة رقم 1: العمل نحو فهم التحيزات ووضع أهداف التنوع
تقول دون سميث، كبير الموظفين القانونيين في شركة "في إم وير" (VMware)، وهي شركة مقرها بالو ألتو، (كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأميركية) وتقوم بتصنيع برامج المحاكاة الافتراضية؛ أن إحدى الطرق التي تتبعها في معالجة التحيزات اللاواعية في مكان العمل تكون من خلال التحدث عن تلك التحيزات "بكل صراحة ووضوح" مع فريقها.
وهي تقول إن "التحيزات اللاواعية متعمقة ومتجذرة داخلنا. وهي لن تتغير ما لم نقف عليها ونحددها ونتحدث عنها".
كما تطلب دون سميت من موظفيها اجتياز دورة تدريبية على التوعية بالتحيز. يكمن هدف دون سميت من وراء ذلك في أن يتمكن جميع أفراد الفريق ـ والكثيرون منهم يشغلون مناصب مدراء توظيف ـ من تطوير فهم لماهية تلك التحيزات والسبب وراء كون تلك التحيزات ماكرة وخبيثة. تقول دون سميث: "أنا أتحدث عن نقاط الضعف لديّ خاصة. فإذا أنا تحليتُ بالأمانة والصدق مع فريقي، فإنني آمل عندئذ أن ينظروا داخل أنفسهم للتنقيب عن التحيزات التي عساها أن تكون كامنة لديهم".
في وقت سابق من هذا العام، كانت هناك وظيفة شاغرة لديها لشغل منصب عضو "رفيع المستوى واضح الرؤية" في الفريق القانوني في شركة "في إم وير". تمثل أول برنامج عمل لديها في كتابة التوصيف الوظيفي. وحتى تتمكن دون سميث من جعل صياغة التوصيف الوظيفي "محايدة فيما يخص النوع قدر الإمكان" فإنها ركزت على مؤهلات الاعتماد التي كانت تسعى إليها، وليس على السمات الشخصية للمتقدمين المحتملين.
تواصل دون سميث قولها: "حددنا أنه يتعين أن يكون المرشحون ممن مارسوا المحاماة لعدد معين من السنين، وأن يكونوا قد عملوا لوقت معين في جهات حكومية، وأن يكونوا حاصلين على شهادة في القانون من جامعة كبرى".
وعندما حان الوقت لفرز مجموعة المتقدمين وتحديد من منهم كان جديراً بإجراء المقابلة معه، ذكّرت دون سميث كلاً من لجنة البحث الداخلية وشركة التوظيف الخارجية بأهداف الفريق فيما يتصل بالتنوع. وتقول دون سميث: "لطالما أردتُ أن أرى قائمة متنوعة من المرشحين بها على الأقل فردان من المجموعات الممثلة تمثيلاً ناقصا".
لا تقوم "دون" بإجراء مقابلات منظمة؛ فهي تميل بشكل أكبر إلى استخدام "الأسلوب الحواري". بيد أنها تكون غاية الإصرار عندما يتعلق الأمر بالحصول على تعليقات وآراء منظمة ومهيكلة من زملائها حول مدى إدراكهم لنقاط القوة والضعف لدى المرشح.
"أحياناً أسمع تعليقات وآراء من قبيل ـ إن قولنا ’إنها ليست ملائمة ثقافياً‘ ـ مقياس مهم بيد أنه فضفاض في دلالته على جدارة المرشح وما يستحقه"، على حسب قول دون. "ولذلك أقول، ’أخبرني بالضبط ما تقصد. لِمَ لا تعتقد أنها تمثل اختياراً جيداً؟‘ وإذا قالوا، ’لا أستطيع أن أضع إصبعي على الأمر‘ فإنني أتجاهله. ولكن إذا قالوا شيئاً من قبيل ـ ’إنها ترى الأشياء أبيض أو أسود‘ أو ’إنها تستبق الأحداث‘، عندئذ أنظر في الأمر".
بالنسبة لتلك الوظيفة على وجه التحديد، انتهى الأمر بدون سميث وفريقها بتوظيف مرشحة أقلية.
تقول دون سميث أنها ستواصل التوظيف لتحقيق التنوع ليس فقط لأن التنوع هو الشيء الصواب الذي يتعين فعله بل لأن "هناك سبب يخص مؤسسات الأعمال يحتم عمل ذلك".
"عندما يتوافر لدينا في نهاية المطاف فريق عمل ديناميكي منخرط في العمل ومشارك فيه ولديه مجموعة متنوعة من الرؤى ووجهات النظر فإن هذا يجعل أحاديثنا المهنية أفضل وأكثر إبداعاً وابتكاراً" ـ وفق شرح دون سميث وتوضيحها للأمر.
دراسة حالة رقم 2: استخدام برمجيات لتبسيط وتوحيد عملية الفحص والتدقيق
منذ بضع سنوات، احتاجت جيل كوب، نائب الرئيس لحلول المبيعات في شركة "إيمبلوير فليكسيبل" (Employer Flexible)، وهي شركة للموارد البشرية والتوظيف تتخذ من هيوستن (بولاية تكساس، الولايات المتحدة) مقراً لها، إلى توظيف محلل عمليات لمجموعة تكنولوجيا الموارد البشرية.
تعترف جيل كوب قائلة أنه نظراً للخبرة التي كان يتطلبها هذا الدور الوظيفي، ربما كانت هناك بعض التحيزات غير المقصودة. وتقول جيل كوب: "لم أفكر في هذا، ولكني متأكدة أنني في عقلي اللاواعي فكرتُ أننا ربما سنرى مجموعة من المتقدمين لشغل الوظيفة غالبيتهم من الذكور".
ولعل هذا هو السبب الذي جعل جيل كوب تعتمد على برنامج حاسوبي ليقوم بعمليات الفحص والتدقيق المبدئية في قرارات التوظيف التي يتعين عليها اتخاذها. وتضيف جيل كوب قائلة: "إن هذا يجعل العملية أكثر استقلالية".
بعد أن أجرت المراجعة المبدئية للسير الذاتية للمتقدمين لشغل الوظيفة (حيث حاولت "ألا تعير انتباهاً لأي اسم أو عنوان، حيث يمكن أن يخلق هذان العنصران نوعاً من التحيز في العمل بالفعل")، طلبت منهم الخضوع لتقييم من خلال برنامج أفينتوس، وهو برامج يساعد في مقارنة وتقييم المرشحين وترتيبهم. بعد ذلك استمر الذين حققوا أعلى التقييمات إلى مرحلة التقييم الثانية مع برنامج "برووف إت" (Prove It) ـ وهو برنامج يختبر مهارات المرشحين وإجادتهم لبرنامج "إكسيل" و"وورد" وغيرهما من البرامج المتعلقة بالكمبيوتر.
أما الخطوة التالية فانطوت على المقابلات، وهي خطوة دائماً ما تكون فيها جيل كوب غاية الحذر واليقظة. راحت جيل كوب تشرح قائلة: "من الممكن أن ينشأ بينك وبين أحدهم ارتباط وإعجاب رائع في المقابلة، ولكن هذا لا يعني أن بإمكان ذلك الشخص شغل الوظيفة المعنية".
وهذا هو السبب في أنها تفضل المقابلات المنظمة. وفي مقابلاتها مع مرشحي وظيفة محلل العمليات، راحت جيل كوب تسأل كل واحد من المرشحين الذين وصلوا للمرحلة النهائية نفس الأسئلة العشر. وتقول جيل كوب هنا: "أحياناً أطرح أسئلة استيضاحية لتحقيق المزيد من العمق في سبر أغوار المرشحين، ولكني دائماً ما أطرح نفس الأسئلة على جميع المرشحين". وتواصل قائلة: "وبعد ذلك أعطيت درجة لكل إجابة عن مقياس من واحد إلى خمسة".
وأخيراً، تختصر جيل كوب المرحلة النهائية بين اثنين ـ امرأة ورجل. وطلبت من كلا المرشحين في هذه المرحلة النهائية تقديم عينة عمل، وكان ذلك تقليداً معروفاً في فريقها. وتشرح ذلك قائلة: "إننا نقدم للمرشحين تحدياً يمكنهم مواجهته والتعرض له أثناء إنجازهم لوظيفتهم المعنية، مع منحهم 36 ساعة لإعداد عرض تقديمي يوضح لنا كيفية معالجتهم لذلك التحدي".
وكان يتحتم على المرشحة (فاطمة) أن تقدم عرضها أمام مجموعة ضمت مدير تكنولوجيا المعلومات ورئيس الشركة. وبمجرد أن انتهت فاطمة من عرضها التقديمي، علمت جيل كوب أن فاطمة كانت هي الشخص المناسب لشغل الوظيفة المطلوبة. تقول جيل هنا: "لم تكن هناك أي منافسة. لقد كسبت فاطمة الجولة وكانت هي الحصان الرابح. فقد كانت حازمة ومباشرة ـ لم تكن لديها أي مشكلات تحول بينها وبين الصمود والفوز".
وحصلت فاطمة على الوظيفة وتمت ترقيتها منذ ذلك الحين.
اقرأ أيضاً:
- طريقة جديدة لمكافحة التحيز في العمل
- كيف تتصرف تجاه التحيّزات في العمل؟
- بحث: أنماط الكلام تؤدي إلى التحيز خلال عملية التوظيف
- التحيزات التي تعاقب فرق العمل المتنوعة عرقياً