الأمور التي يجب مراعاتها من قبل الشركات قبل الاستثمار في مكبرات الصوت الذكية؟

5 دقائق

بعد 8 سنوات فقط من بدء الشركات بيع مكبرات الصوت الذكية للمستهلكين، يتولى الآن أكثر من 100 مليون مساعد افتراضي يدعم الصوت التحقق من الطقس وتشغيل الموسيقى والإجابة عن الأسئلة الأساسية في المنازل حول العالم. إذ تساعد مكبرات الصوت الذكية المستخدمين على دفع الفواتير و معرفة أرصدة الحسابات المصرفية وضبط الميزانيات. وستقترح معظمها قريباً منتجات جديدة بناء على مشتريات الزبائن السابقة.

إلا أنه يجب على الشركات الامتناع عن تبني رؤى حماسية مثل استبدال وكلاء خدمة الزبائن وفرق المبيعات أو المستشارين الماليين في شركاتهم بالجيل المقبل من مكبرات الصوت الذكية في المستقبل القريب. يمكن لمكبرات الصوت الذكية الآن التعرف على مجموعات واضحة ومدربة مسبقاً من الأوامر والبيانات والاستجابة لها بشكل سلس نسبياً، ويرجع ذلك إلى تحقيق خطوات كبيرة في تقنيات التعرف على الصوت التي تترجم ما يقال إلى نصوص. ومن المرجح أن تتطور مكبرات الصوت الذكية هذه بشكل يحاكي سلوك البشر في غضون سنوات قليلة.  ولكن هناك فرق بين أن تبدو أكثر محاكاة للبشر وبين القدرة على تفسير نوايا الزبائن بالفعل.

المخاطر التي تهدد الشركات: قد تتأذى سمعة الشركة التي اكتسبتها بصعوبة في حال قدمت مكبرات صوت ذكية لأغراض أكثر تطوراً في وقت مبكر، ثم أخفقت التقنية في تحقيق أهدافها.

تحتاج مكبرات الصوت الذكية إلى إجراء تعديلات تقنية وتنظيمية بغية أن تفهم ما يقوله الزبائن بدقة كافية تمكنها من تقديم المشورة لهم بشأن القرارات المعقدة، لكن لا يزال إدراك هذه التعديلات بعيداً 5 سنوات، إن لم يكن أكثر. علاوة على ذلك، لم تبدأ معظم الشركات إلا مؤخراً في اكتشاف كيفية تجميع الأنظمة والتطبيقات والأجهزة والبيانات المختلفة حتى تتمكن مكبرات الصوت الذكية من الوصول إلى معلومات كافية لفهم احتياجات الزبائن تماماً عبر مختلف القنوات والشركات.

نتيجة لذلك، قد يفضل الزبائن استخدام مزيج من تطبيقات الأجهزة المحمولة وروبوتات الدردشة التفاعلية (شات بوت) ومراكز الاتصال ومكبرات الصوت الذكية في المستقبل المنظور. كيف ينبغي على الشركات إذاً تقديم تقنية مكبرات الصوت الذكية؟

اقرأ أيضا: طريقة جذب المستثمرين.

تجنب التطبيقات المعقدة للغاية

أولاً، تحتاج الشركات إلى امتلاك فهم كامل حول حدود مكبرات الصوت الذكية، إذ لا تزال الأجهزة التي تدعم الصوت اليوم تجاهد في سبيل فهم الفرق بين ما يقوله الزبائن وما يعنوه أو ما يريدونه حقاً. وتفشل غالباً هذه الأجهزة في تحديد متى ينبغي تصعيد استفسار لأحد الزبائن إلى شخص محدد. ومن المعروف أنها تخطئ التقدير في معرفة وقت البدء في الإصغاء أثناء المحادثات ووقت التوقف عن الحديث أو مواصلة الإصغاء. ومن المحتمل أن تُسيء الفهم إذا ما استخدم الأفراد تعبيرات عامية عند شعورهم بالفرح أو الحزن.

ويمكن أن يكلف الطرح التجريبي لمكبرات الصوت الذكية وحده من 200.000 دولار إلى 2.000.000 دولار في أي مكان، وإلى حين تتمكن مكبرات الصوت الذكية من معالجة اللغة الطبيعية بسهولة أكبر، سيسعى الزبائن إلى الحصول على بعض الإجابات الأساسية من روبوتات الدردشة التفاعلية أو مراكز الاتصال. لذلك يجب على الشركات تجنب استخدام مكبرات الصوت الذكية في تجارب الزبائن المعقدة في المستقبل المنظور. وبدلاً من ذلك، يجب عليها التركيز على طرق جديدة لتمكين مكبرات الصوت الذكية من تنفيذ مهام محددة من خلال مجموعة إجابات واضحة وتصميم تجارب الزبائن الناجحة ضمن حدود مكبرات الصوت الذكية.

التحضير لسوء الفهم والاحتيال

بالإضافة إلى المخاوف المتعلقة بالتكلفة، تحتاج الشركات أيضاً إلى تأكيد قدرتها على إدارة المخاطر المرتبطة بالسمعة والمخاطر التشغيلية التي قد تصاحب كل تطبيق جديد لمكبرات الصوت الذكية. على سبيل المثال، يجب على الشركات مراقبة ما إذا كانت مكبرات الصوت الذكية تقدم مشورة مالية غير ملائمة قد تشكل خطراً على السلامة المالية للزبون.

ولن تتمكن الخوارزميات التي تعتمد على الصوت من تقديم المشورة إلى الزبائن بشأن خيارات مختلفة لخدمات مثل القروض العقارية والتأمين وقروض السيارات إلى حين تمكنها من فهم المزيد من المعلومات المالية المفصلة من حسابات منفصلة في مؤسسات متعددة محتملة يقدمها الزبائن صوتياً، بما يتجاوز البيانات الجزئية المتاحة بسهولة. وقد يفشل النظام أيضاً في منح الزبون معلومات مهمة أثناء تنقله بين الأجهزة والقنوات.

وتشكّل حماية خصوصية الزبائن قضية أخرى، إذ من المعروف أن الطلبات المقدمة عبر مكبرات الصوت الذكية تترك آثاراً رقمية. وفي حين أن معظم الأفراد قد أبدوا موافقتهم على استخدام البيانات التي تُجمع من مكبرات الصوت الذكية في الإعلانات المستهدفة، إلا أنه من المرجح أن ينتابهم إحساس مختلف حيال المبيعات الحساسة أو المعلومات المالية التي تكشف عن وجود عجز نقدي. وينطبق هذا بصفة خاصة عند سماع أحد الأشخاص المكبرات أثناء حديثها عن حاجته الشخصية إلى النقود بينما يتجول في الأماكن العامة، مثلاً.

وقد يمثل توفير الحماية ضد حالات الاحتيال التي تحدث نتيجة حفظ تسجيلات لبيانات الزبائن الصوتية، مشكلة أيضاً. فحوادث الاحتيال الصوتي آخذة في الازدياد بالفعل، حيث إنّ تزوير الملفات الصوتية أصبح الآن أسهل من نسخ بطاقات الائتمان أو بصمات الأصابع. كما أنّ الشخصيات الصوتية الاصطناعية متاحة على نطاق واسع. ويمكن لبرامج الذكاء الاصطناعي أن تنشئ ملفات صوتية مقنعة إلى حد ما لأي شخص عند توفر بيانات كافية، حيث يقوم الهاكرز بخداع المساعدين الصوتيين عن طريق إدخال الأوامر الخبيثة "الصامتة" أثناء الضجيج الأبيض ضمن ترددات صوتية تتجاوز نطاق السمع البشري.

وسيتعين على الشركات بناء أنظمة تحقق من الأوامر الصوتية عن طريق القيام بأكثر من مجرد طرح الأسئلة الرئيسة وتطوير هذه الأنظمة باستمرار. كما يجب إيجاد طرق جديدة لاكتشاف الأوامر الصوتية الاحتيالية وإخطار الزبائن حولها بكفاءة، كما هي الحال بالنسبة للطلبيات الزائفة التي توضع عبر أجهزة الكمبيوتر أو في المتاجر. على سبيل المثال، يجب تطوير الأنظمة والخوارزميات التي يمكنها تحليل العلاقات المتصلة بحوادث الاحتيال السابقة بسرعة وتحديد ما إذا كانت الأصوات حقيقية أم مسجلة مسبقاً.

اعثر على الموهبة الصحيحة

إن تخصيص خدمات مكبرات الصوت الذكية للعمليات التجارية سيشمل تطوير مجموعات مهارات أوسع من تلك التي كانت ضرورية لابتكارات الذكاء الاصطناعي الأخرى، وذلك نظراً للطبيعة الصوتية للتقنيات الجديدة التي يجري استحداثها. على سبيل المثال، سيتعين على الشركات اختبار وتصميم الأنظمة المعدة لاستقبال ملايين من الردود المحتملة والمختلفة للزبائن بهدف تقديم مكبرات الصوت الذكية التي تحاكي البشر لأغراض أكثر تطوراً. كما ستحتاج معظم المؤسسات إلى منشئي المحتوى ومصممي تجربة المستخدم الملمين بأعمال مراكز الاتصال، بالإضافة إلى مديري المنتجات وعلماء البيانات. وسيحتاج هؤلاء الأشخاص إلى كتابة البرامج النصية وتثقيف المساعدين الصوتيين حول أفضل السبل للرد على الزبائن من خلال تسجيل مقاطع صوتية وتحديد مناطق جغرافية مميزة، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الاستفسارات والردود.

وستحتاج الشركات إلى التركيز على تطوير مجموعة واسعة من المهارات الداخلية، مع إقامة شراكات مع البائعين عند عدم تمكنهم من مواكبة التقنيات الأكثر ابتكاراً، مثل تقنية تحديد الصوت. وقد تُجبر الشركات على حشد مواردها مع المنافسين في حال لم تتمكن وحدها من الاستثمار بشكل كاف لتوفير خدمات مكبرات الصوت الذكية الآمنة التي تحاكي البشر. خلاف ذلك، يمكن للزبائن اختيار خدمات مكبرات الصوت الذكية التي تقدمها الشركات التكنولوجية العملاقة التي تنفق أموالاً طائلة في تطوير هذه الأجهزة، تماما كما فعلت قبل ذلك في خدمات أخرى مثل الحوسبة السحابية.

امض في مراحل

إن إمكانات التوسع السريع واعتماد مكبرات الصوت الذكية على مدار السنوات القليلة الماضية لم تكن إلا ابتكارات خاطفة للأنفاس، وليس هناك شك أن هذه الابتكارات ليست سوى غيض من فيض.

والقفزة الكبيرة التالية لمكبرات الصوت الذكية التي يمكنها تقديم المشورة القيمة لن تكون سهلة. إلا أنّ خطراً حقيقياً يلوح في الأفق، حيث قد تتعرض الشركات المفرطة في التفاؤل والتي تسرع في خطاها إلى الصدمة. وكما أفاد وارن بافيت ذات مرة، "يتطلب الأمر 20 عاماً لتبني سمعة وخمس دقائق لتهدمها. إذا فكرت في ذلك، فسوف تقوم بالأشياء بطريقة مختلفة". لذلك، تقدم بحذر.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي