4 نصائح تساعدك في التخلص من إرهاق العمل

4 دقائق
التخلص من إرهاق العمل

كيف يمكنك التخلص من إرهاق العمل الشاق؟ عند عودتي من المملكة المتحدة بعد رحلة عمل استشارية مكثفة امتدت لثلاثة أيام، كنت على وشك التعرض لنوبة من الهلع. مررت لثوانٍ معدودة بكابوس في حالة اليقظة، وأنا أتخيل نفسي في المستشفى يحيط بي الأطباء من كل جهة، دون أن أكون قادراً على الحركة أو التواصل بشكل مفهوم. وبمجرد انتهاء هذا الكابوس أدركت فجأة، وللمرة الأولى في حياتي، مقدار الثقل والتعب في جسدي. أدركت بشيء من العجب أنني في حالة إعياء تام.

لقد فكرت قليلاً وتبين لي أنني أنجزت أعمالاً في أكثر من 10 دول خلال الأشهر القليلة الماضية، وأنني تنقلت بين 3 دول في أسبوع واحد. ولأن عملائي وشركائي يقطنون في أماكن بينها اختلاف واسع في التوقيت، فقد كانت الأيام التي أقضيها أطول من المعتاد. ربما كان علي إدراك أنني سأصل إلى هذه النقطة من حياتي.

لا أستطيع الادعاء أنه لم تكن هناك إشارات تحذير في الماضي، بل إن بعضها كان واضحاً للغاية: لقد عانيت من "حبسة كتابية" لعدة أشهر، ولم أتمكن من الشروع في تأليف كتابي الجديد. وكانت بعض الإشارات أقل وضوحاً: أمضيت 5 أسابيع أعمل في فندق بسنغافورة، ولم ألاحظ أن الفندق مطل على الشاطئ.

لماذا كنت غافلاً عن احتمال تعرضي للإعياء (أو لأكون أكثر دقة) أنني كنت في طريقي إلى الإعياء؟ ربما لأنني أحب عملي ولا أنظر إليه عادة باعتبار أنه "وظيفة". وقلت في نفسي: إن كانت هذه هي "المشكلة"، فإنها مشكلة يرغب الكثيرون في الحصول عليها. أشعر أني محظوظ للغاية لأنني أعمل في مجال أحبه كما أنني أحب الناس الذين تتاح لي فرصة العمل معهم.

أدركت رغم ذلك أن هذه الإيجابية قد تؤول إلى نتيجة عكسية. فإن "نظام المناعة" الذهني لدي لا يرفض أي مهمة إضافية بسبب حبي للعمل. ولكن الأمر زاد عن حده فانقلبت الفائدة.

ويُعتبر الإشكال الآخر في هذا الأمر، هو أن العلاج أو التدريب أو التمارين أو التأمل، قد تحد من أعراض الإعياء وتساعدنا على التكيف أو تحقيق المزيد في هذه الظروف، ولكن هذه الأساليب لن تخلّصنا بالضرورة من هذه الحالة تماماً.

بالنسبة للأشخاص الذين جربوا تمارين اليقظة الذهنية وتمارين التنفس العميق وغيرها، وما زالوا يعانون من الإعياء، فقد تكون هناك حاجة لمواجهة بعض الافتراضات الأساسية السائدة بخصوص مقدار ما يمكننا أداؤه حقاً وتطوير القدرة والقابلية على "عدم" أداء عمل ما.

ليس في وسع أحد أن يفعل كل شيء، لأننا ببساطة لا نستطيع الحصول على كل شيء.

ففي عالم تتزايد فيه الواجبات يلزمنا أن نمتلك القدرة الواعية لنقرر أننا لن نفعل عملاً ما. وليس هذا بالأمر السهل إطلاقاً، لأنه يعني مواجهة افتراضات راسخة لدينا، بعضها ثقافي والآخر شخصي، يبدو أنها نمت معنا حتى هذه اللحظة. فكثيراً ما نقول ونسمع عبارات من قبيل: "الوقت من ذهب" أو "اعمل بإتقان أو لا تعمل أبداً"، حيث صارت هذه الأمثال حقائق مطلقة ترغمنا على الاستفادة من كل لحظة في حياتنا. لكن ما ضريبة ذلك؟ الحقيقة هي أننا أكثر ضعفاً مما نتصور. إننا في حاجة إلى لحظات نقضيها بلا عمل، نريد أوقاتاً لا نحسبها على أنفسنا. هذه اللحظات هي ما يطلق العنان للإبداع ويعزز الإنتاجية حين نعود إلى وضعية العمل من جديد.

على سبيل المثال، حين كنت أعاني من فترة انحباس القدرة على الكتابة ولم أتمكن من الكتابة كما يجب، التقيت مع المؤلفين المشاركين وتحدثنا عن قلقنا إزاء التأخر الحاصل في تأليف الكتاب. والحقيقة أنني كنت عازماً على ترك المشروع برمته لأتخلص من الشعور بالذنب والتقصير لعدم المساهمة كما يلزم. وقررنا بدلاً من أن نضغط أنفسنا بالمزيد من الالتزامات ومواعيد التسليم أن نأخذ مهلة لعدة أسابيع لا نفعل بها أي شيء. كان الهدف هو الاكتفاء بالتفكير والتعامل مع أفكارنا الشخصية والتعرف أكثر على ما يثير فضولنا ويشغل اهتماماتنا، وأن نقبل ما نحن عليه في تلك اللحظة. العجيب هو أنني في تلك اللحظات وجدت نفسي تعج بالأفكار وتولدت رغبة عارمة لدي للكتابة.

التخلص من إرهاق العمل

قد لا تكون الرخصة في "عدم العمل" بهذا القدر من البساطة فيما يخص (ظروف العمل المؤسسي، والمواعيد المستعجلة لتسليم الأعمال وخدمة العملاء)، لأنه يلزم حينها التفاوض مع الآخرين. ولكن عندما حاولت قبول فكرة عدم القيام بالمزيد من العمل، حددت بعض الأمور التي ساعدتني على ذلك:

1- تعرّف أكثر على "الأعداء الحميمين" 

في الثقافة البوذية تشير فكرة "العدو الحميم" إلى أمرين يبدوان متشابهين، ولكن ينتج عن كل واحد منهما نتائج متعاكسة. لنأخذ مثلاً "التحمّل" و"المرونة". قد يبدو الأمران مرتبطين بشكل وثيق، ولكن نجد أن المدير التنفيذي في حال اعتماده على "التحمّل" فقط، سيجد نفسه مستنزفاً طوال الوقت لأنه يحاول دوماً القيام بالمزيد من الأعمال. ولكن لو حاول التركيز على تطوير سمة "المرونة" لديه قد يتمكّن من تجديد طاقته. فحاول التعرف على الأعمال التي تمدّك بالعزيمة وحدد الأنشطة الأخرى التي تحتاج إلى الانتهاء منها ببساطة.

2- التعامل مع الفجوات كفرصة للاستراحة وتجنّب الانزعاج منها

حين نكون عالقين في ضغط العمل، فإننا عادة ما نكون أكثر وعياً بجميع الفجوات التي تتخلل يومنا: كالانتظار في طابور أو الانتقال من مكان إلى آخر. بالنسبة للشخص المهووس بالعمل فإن هذه الفجوات تعني عدم الكفاءة في مضي الوقت وسيشعر بالتوتر حيالها، لذلك يشغل نفسه بالتحقق من الرسائل الواردة على الهاتف أثناء الانتظار في الطابور أو إجراء بعض المكالمات في أثناء التنقل. ولكن إذا كنا أكثر تقبلاً لفكرة الإمساك عن العمل، فإننا سننظر إلى هذه الفجوات كفرصة للاستراحة.

3- بدلاً من الانشغال بهاتفك، جرب تمارين التنفس العميق وحاول أن يكون الزفير أطول مرتين من الشهيق 

في أثناء التنفس، حاول الشعور بالاسترخاء بين الشهيق والزفير وحاول تحديد اللحظة المناسبة لأخذ نفس آخر من جديد. إن هذه التمارين كما يخبرنا بينسون، وهو دكتور من كلية "هارفارد للطب"، تنتج ما يدعوه "الاستجابة للاسترخاء" وتمنح الهدوء للجهاز العصبي.

4- ضع قائمة بالأمور التي يمكن عدم القيام بها

قد تشتمل هذه القائمة على الممارسات التي ترى أنها ليست مفيدة في حياتك، مثل قضاء الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي في المساء أو استخدام الهاتف في أثناء الجلوس مع العائلة أو الأصدقاء. يمكن أن تشتمل هذه القائمة كذلك على مهام تخطط للاستعانة بآخرين لأدائها أو مهام تريد أن تقوم بها بنفسك ولكن ليس اليوم.

لقد ساعدتني هذه الخطوات على التخلص من إرهاق العمل وتجنب الشعور بالذنب إزاء كل أمر لا أقوم به بنفسي، ومنحني ذلك القدرة على التركيز أكثر في المهام التي أمامي. يمكنك كذلك إخبار أصدقائك أو زملائك بأمر هذه القائمة وذلك لتعزيز المسؤولية والحصول على الدعم منهم.

اقرأ أيضاً:

 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي