كيف تستثمر إجازتك السنوية في إعادة اكتشاف نفسك؟

3 دقائق
الإجازة السنوية
shutterstock.com/Lightspring

يتحين العديد من المهنيين فصل الصيف للاستمتاع بإجازاتهم السنوية، بعضهم يقضيها مع العائلة في مكان إقامته، وبعضهم الآخر يسافر ناشداً اكتشاف أماكن جديدة، أو وصل العائلة الأكبر، أو مجرد الاسترخاء وقضاء وقتٍ ممتع.

ليس من الخفي فوائد الإجازة السنوية وما لها من تأثيرات إيجابية لجهة التخلص من التوتر المزمن الناجم عن ضغوط العمل، وزيادة الأُلفة والتفاعل الإيجابي بين أفراد العائلة، وكذلك الراحة وتجديد النشاط تمهيداً لبدء جولة جديدة من العمل والإنتاجية.

من خلال متابعة العديد من الزملاء، ومن واقع التجربة، هناك عدة فوائد يمكن جنيها من الإجازة السنوية غير تلك المعروفة والتي أتينا على ذكرها للتو.

خدعة معطّلات الإنتاجية

في عدة حالات، سيكون لديك وقت أكبر لتختلي بنفسك في الإجازة السنوية، خصوصاً إذا قضيتها أو قضيت جزءاً منها بمفردك، في هذه الحالة، ستخلو إلى نفسك أكثر، وستكون قادراً على توجّيه تفكيرك ووعيك نحو ذاتك عوضاً عن أن يكونا مصوّبين نحو الخارج طيلة الوقت، ستكتشف أن العديد مما كنت تعتبره مشتتات أو التزامات إضافية هو في الحقيقة شمّاعة تعلّق عليها قناعاتك غير المحدّثة. قد تعتقد مثلاً أن الأولاد ومتطلباتهم يؤثرون في إنتاجيتك، بسبب الوقت الذي من المفترض أن تقضيه معهم ومع العائلة، ولكن عندما تجلس وحدك بضعة أيام، تكتشف أن إنتاجيتك لم تزد، قد تمر على ذلك مرور الكرام وتستمر في التمسك بما تعتقده، ولكن الواقع يقول شيئاً آخر، لماذا لم تزد إنتاجيتك خلال هذه الأيام التي كنت بها وحدك؟ بغض النظر عن الجواب، فإن ذلك يثبت أن الإلقاء بهذا العبء على التزاماتك تجاه العائلة أمر غير صائب، وأنه عليك البحث عن السبب الحقيقي في مكان آخر.

أنت لست أنت

قد تُفاجأ بأن العديد مما كنت تعتبره مسلّمات في شخصيتك قد تغيّر دون أن تدرك ذلك، كما أن عاداتك وقائمة ما تحبه وما تكرهه قد تغيّرت دون أن تنتبه. تغيّر الاهتمامات والرغبات أمر طبيعي تستدعيه عدة مسببات كالتقدم في العمر وما يرافقه من نضج معرفي، أو تأثير تجارب نوعية خضتها مؤخراً. قد يقع هذا التغيّر في عادات القراءة لديك مثلاً، أو ما تحب قراءته، فتشعر بالثقل والضجر نحو نوع معيّن من الكتب كنت تنجذب إليه من قبل. ويمكن أن تكتشف ذلك في قائمة الأنشطة والفعاليات التي كنت تستمتع بها في الإجازة، إلى أن يبدأ ذلك الشعور بالفتور يتسلل إليك، فتتثاقل عندما تهمّ إليها. هذا ليس بالأمر السلبي كما يظهر، بل يدل على أنك تتغير، وتتطور، وتنضج. لذلك عليك أن تنحي جانباً الشعور بالقلق والخيبة عندما تشهد مثل هذه التغيرات، وتنظر إليها بقدر أكبر من الموضوعية، أو كفرصة لاكتشاف ما لم تكتشفه في نفسك.

اكتشاف هوايات جديدة

تُعتبر الإجازة السنوية وقتاً مهمّاً لإعادة النظر في هواياتك، بعضنا يؤجل ممارسة –ما يعتبره هوايته– إلى الإجازة السنوية لأنه يملك متسعاً من الوقت ليستمتع بها ويطورها. يعاني العديد من المهنيين عدم وجود هواية محددة يشعرون بالشغف تجاهها، ويستمتعون بممارستها. هذا الأمر يجب ألا يكون محبطاً، فنسبة لا بأس بها تبني هواياتها بطرق إرادية وواعية، ترتبط هوايات بعض المهنيين بالمهن التي يزاولونها، قد يكون هذا الارتباط نتيجة وجود الهواية قبل المهنة، ولكن في حالات أخرى تكون الهواية وليدة ممارسة مهنة محددة لمدة من الزمن، واكتساب خبرات نوعية فيها، فمع الوقت تتحول هذه المهنة إلى هواية يمكن ممارستها.

لممارسة الهوايات فوائد مهنية شتى، فوفقاً لمقال منشور في هارفارد بزنس ريفيو العربية، تعزز الهوايات الإبداع والثقة بالنفس والقدرة على الرؤية من منظور مختلف. ويمكنك أن تستغل إجازتك السنوية لتثبيت هواياتك الحالية، أو اكتشاف هوايات جديدة، والنصيحة المثلى هنا أن تكون منفتحاً لممارسة هوايات جديدة ما استطعت.

معالجة قراراتك المؤجلة

لدينا جميعاً قرارات يجب اتخاذها. وكلما زادت أهمية المواضيع التي تعالجها تلك القرارات، استغرقنا مزيداً من الوقت وسوّفنا في إنجازها. عادةً ما تتعلق تلك القرارات بالمسار المهني الحالي كتغيير وظيفة أو تغيير مهنة والبدء بمسار جديد، أو حتى العمل المستقل أو إطلاق مشاريع جديدة، ويمكن أن تتعلق بالحصول على درجة علمية، أو الاستثمار في شراء عقار، أو خطة تقاعد، أو الهجرة والانتقال إلى مكان آخر بغرض الدراسة أو العمل أو الاستقرار.

عادة ما يحتاج هذا النوع من القرارات إلى وقتٍ كافٍ للتخمر في عقولنا، إذ يُعالج ببطء وبعد تجميع قدر كبير من المعلومات، لذلك نميل إلى تأجيله ونبتعد عن البت فيه خلال أوقات انشغالنا أو عندما تتزاحم المسؤوليات من حولنا. توفر الإجازة السنوية فرصة لمراجعة ما وصلنا إليه، وتلخيص ما يمكّننا من اتخاذ تلك القرارات المهمة. السمة المميزة لتلك القرارات أنها لا تحتاج فقط إلى معلومات ومعالجات منطقية، بل تحتاج أيضاً إلى حالة نفسية محددة، وصفاء ذهني يساعد على حسمها، والإجازة السنوية هي فرصة ذهبية للوصول إلى تلك الحالة.

من المتفق عليه أن إجازتك السنوية يجب أن تكون ممتعة ومريحة ومجددة للنشاط قدر الإمكان، ولكنها في الوقت نفسه يمكن أن تكون محفّزاً لك لتطوير مستقبلك المهني، وتحسين نوعية حياتك في المستقبل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي