3 فوائد للإجازة تساعدك في استعادة عافيتك

5 دقائق
الإجازة مفيدة
فريق عمل هارفارد بزنس ريفيو/ويست إند61/خافيير زاياس فوتوغرافي/جاي زاينيزم/غيتي إميدجيز

ملخص: عندما تحرص على أن يأخذ موظفوك إجازاتهم على نحو منتظم فأنت تحقق العامل الرئيس لخلق بيئة عمل مستدامة، إذ تظهر الأبحاث أن الإجازة مفيدة للموظفين من ثلاثة جوانب: 1) ذهنياً. توفر الإجازة فرصة كبيرة للراحة والنوم (كماً ونوعاً)، ما يساعد على صفاء الذهن وتعزيز الإبداع. 2) جسدياً. يقلل الاسترخاء في فترة الإجازة مستويات هرمونات التوتر ويسمح لجهاز المناعة بالتعافي، ما يقلل فرص الإصابة بالأمراض. 3) نفسياً. قد يبدو الأمر غريباً، لكننا قد نتوصل إلى إجابات عن أسئلة الحياة الكبرى مثل “ما هدفي في الحياة؟” أو “ما الأهم بالنسبة لي؟” في حال أتيح لنا المجال والسكينة.

 

نعلم جميعاً أن الإجازة مفيدة، لكن من الواضح أن الموظفين ومدراءهم لا يدركون فائدتها تماماً، لأن أكثر من نصف الأميركيين لا يأخذون إجازاتهم المدفوعة الأجر كل عام. إذ لم يستفد الموظفون الأميركيون من 768 مليون يوم إجازة في عام 2018، وخسروا 30% منها، وذلك وفقاً  لجمعية السفر الأميركية (U.S.Travel Association). أضف إلى ذلك، أن أكثر من 50% من المدراء يشعرون بالإرهاق، ما يؤكد الأهمية غير المسبوقة للإجازة بالنسبة إليهم، وأقصد الإجازة التي يبتعدون فيها عن العمل بالكامل.

ربما جربت شعور التجدد والانتعاش بنفسك في إجازة سابقة، وربما يصعب عليك وعلى فريقك اتخاذ قرار بأخذ إجازة بسبب الضغط الكبير في العمل.

إن أردت الحفاظ على مستوى أدائك وأداء موظفيك، فمن الضروري الاستفادة من الإجازات المخصصة لكم بانتظام، وإدراك فوائدها بعمق وتشجيع أفراد فريقك على التخطيط لها. للإجازة فوائد ذهنية وجسدية ونفسية لأفراد فريقك، سواء قضوها في الاسترخاء بجوار بركة سباحة مع كأس من العصير، أو في المغامرة والمشاركة في نشاطات مثيرة، أو حتى في المنزل لنيل قسط من الراحة.

1. الفوائد الذهنية للإجازة

تشمل الآثار الذهنية للإرهاق في العمل التعب الفكري وصعوبة التركيز والنسيان وضعف القدرة على حل المشكلات، بالإضافة إلى آثار أخرى. توفر الإجازة فرصة أكبر للراحة والنوم (كماً ونوعاً)، ما يساعد على تصفية الذهن وخلق مساحة ذهنية أكبر.

تتيح لنا تصفية الذهن التفكير بصفاء وتعزيز الإبداع، وتتيح الإجازة ذلك بطرق بسيطة ومعقدة. تظهر الأبحاث أن مجرد المشي (حتى لو كان على جهاز المشي في أماكن مغلقة) يزيد القدرة على الإبداع بدرجة كبيرة. كما تتيح الإجازة الفرصة لتوليد أفكار لامعة ومبتكرة على نطاق واسع. فقد خطرت فكرة مسرحية “هاملتون” (Hamilton) للمؤلف المسرحي لين مانويل ميراندا في أثناء إجازته، قال: “ليس من قبيل المصادفة أن تكون أفضل فكرة خطرت لي -ولعلها الأفضل على الإطلاق في حياتي بأكملها- قد ولدت في أثناء إجازة، فما إن أخذ ذهني قسطاً من الراحة، خطرت له فكرة المسرحية”.

الإجازة تحسّن المزاج، حتى التخطيط لها يفعل ذلك. وبخاصة بالنسبة للذين يعانون قلة النوم التي تترافق مع الإجهاد والقلق المرتبطين بالعمل. تظهِر الأبحاث أن قلة النوم يمكن أن تؤدي إلى حالات مزاجية سلبية مثل الحزن والغضب والإحباط والانفعال الزائد، التي تؤدي بدورها إلى مزيد من قلة النوم. كما يمكن أن تؤدي قلة النوم إلى زيادة خطر الإصابة بالخرف على المدى الطويل. وتوفر الإجازة الفرصةَ لتقليل نقص النوم أو القضاء عليه. فالحصول على 60 إلى 90 دقيقة نوم إضافية ليلاً من شأنه أن يحسن الذاكرة والقدرة على التركيز، وذلك وفقاً لجمعية علم النفس الأميركية. كما تتيح لنا الإجازة إعادة تنظيم أنماط النوم، وبالتالي تتحسن الحالة المزاجية والقدرات الإدراكية بعد الإجازة. توصّل مركز مايند بودي (Mind-Body) في جامعة بيتسبرغ إلى أن الإجازة تزيد المشاعر الإيجابية وتقلل الاكتئاب. كما ثبت أن قضاء الوقت في الطبيعة يقلل اجترار الأفكار السلبية ويحسن الرفاهة النفسية عموماً.

ويساعد الراحة والنوم الجيدان في أثناء الإجازة على العودة إلى العمل بقدرة أفضل على التفكير والتركيز والإنتاجية، ما يعود بالفائدة على الموظف والشركة. إذ أظهرت دراسة أجرتها شركة إرنست آند يونغ (Ernst & Young) أنه مقابل كل 10 ساعات إجازة إضافية يأخذها الموظف، يتحسن أداؤه في نهاية العام بنسبة 8%، وأظهرت دراسة أخرى أن الاستفادة من كامل مدة الإجازة يزيد فرص الموظف في الحصول على ترقية أو زيادة، كما أشارت الدراسة إلى انخفاض احتمالية الاستقالة من الشركة بين الذين يأخذون إجازاتهم على نحو متكرر. وأظهرت تجربة أجرتها شركة أخرى فرضت الإجازة الإلزامية على موظفيها ارتفاعاً ملحوظاً في مستويات القدرة على الإبداع والمزاج الجيد والإنتاجية، كما استطاعت الشركة التصدي ثقافياً لعقلية المحارب أو الفادي، اللتين يتباهى أصحابهما بعدم أخذهم أي إجازة ويعتبرون ذلك دليلاً على تفانيهم بالعمل، لأن موظفيها مجبرون جميعهم على أخذ إجازة في فترات زمنية محددة.

2. الفوائد الجسدية للإجازة

يمكن أن تؤدي ضغوط العمل اليومية إلى ارتفاع مستويات هرمونات التوتر التي يفرزها الجسم حينما يتعرض لخطر مادي، مثل الكورتيزول والأدرينالين، وتؤدي زيادة هذه الهرمونات إلى كبح جهاز المناعة ليتمكن الجسم من توجيه طاقته للهروب من خطر وهمي أو مواجهته، كما لو كان يواجه نمراً ذا مخالب حادة. يخفض الاسترخاء الذي نحظى به في الإجازة مستويات هرمونات التوتر هذه، ويسمح لجهاز المناعة بالتعافي، ما يجعلنا أقل عرضة للإصابة بالأمراض. لكن في حال ظلت مستويات هرمونات التوتر مرتفعة على نحو مزمن بسبب قلة الراحة وقِصر فترة التعافي، وذلك نتيجة تأجيل الإجازة أو تركها، فلن نكون أكثر عرضة لنزلات البرد أو الإنفلونزا فحسب، بل عرضة لأمراض أخطر على المدى الطويل، مثل أمراض القلب أو السرطان.

في دراسة شملت 749 امرأة، وجد الباحثون أن اللاتي أخذن إجازة مرة واحدة كل ست سنوات كنَّ أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب ثماني مرات مقارنة بمن أخذن إجازة مرتين في السنة. كما يمكن أن تقلل الإجازة من فرص الوفاة بسبب أمراض القلب التاجية، فهي تخفض مستويات السكر في الدم وتحسّن مستويات الكوليسترول الحميد.

ثمة فوائد جسدية إضافية للإجازة تعتمد على الطريقة التي تقضي بها وقتك في أثنائها؛ إذ يقلل وجودك في أحضان الطبيعة معدل ضربات القلب وضغط الدم، كما تؤدي ممارسة الأنشطة البدنية مثل المشي لمسافات طويلة وركوب الدراجات والسباحة أو غيرها من الرياضات المائية إلى تحسين صحة القلب والجهاز التنفسي، وتعزيز قوة العظام والعضلات وتحسين التوازن، وهو أمر شديد الأهمية مع تقدمنا في السن، وتُعد جلسات التدليك طريقة رائعة للاسترخاء في أثناء الإجازة ولها فوائد جسدية مثل تحسين الدورة الدموية والمرونة والاستجابة المناعية وتخفيف تصلب العضلات والتهاب المفاصل.

3. الفوائد النفسية للإجازة

تحظى الفوائد الذهنية والجسدية للإجازة باهتمام المشيدين بفوائدها، لكن القليل منهم يتحدث عن الأثر الروحي العميق للإجازة. النفس هي جوهر روحنا وذاتنا الحقيقية، وهي مدفونة تحت الشخصية التي فرضها علينا محيطنا، من أهل وأصدقاء وبيئة العمل والمجتمع.

عندما تبتعد عن العمل في إجازة، وتنفصل عن أجواء العمل ومتطلباته، ستتخلص من زحمة التأثيرات الخارجية وتعود إلى ذاتك الحقيقية. يمكنك البدء بالابتعاد عن الجانب المجتهد في العمل من نفسك، والتخلي عن غرورك، والتعرف من جديد على جوهر ذاتك. عندما يتحدث الناس عن المكان الذي يعطيهم السكينة، فهم يتحدثون عن المكان الذي يتيح لهم رمي مشكلاتهم اليومية وراء ظهورهم والعودة إلى أعماق ذاتهم والشعور بالسلام. في ذلك المكان بوسعك ممارسة ما تحبه دون قيود -سواء كان المغامرة أو التعلم أو الجمال- وفعل ما يجلب لك السعادة.

قد يبدو الأمر غريباً، لكننا قد نتوصل إلى إجابات عن أسئلة الحياة الكبرى مثل “ما هدفي في الحياة؟” أو “ما الأهم بالنسبة لي؟” في حال أتيح لنا المجال والسكينة. وحينها سنستطيع سماع صوتنا الداخلي وصقل إحساسنا على نحو أفضل. لاحظ أن الذين يشغلهم القلق والإفراط في العمل وتحقيق الإنجازات سيشعرون بعدم الارتياح في أثناء وجودهم في أماكن السكينة، أولئك الذين يجدون صعوبة في السكون وعدم فعل شيء، لكن أماكن السكينة تلك التي نلجأ إليها في أثناء الإجازة هي التي توفر فرصة التواصل مع ذاتنا الحقيقية. وذلك لا يعني بالضرورة أن تقضي إجازتك القادمة في ملاذ هادئ توفره إحدى دور العبادة، فأنا شخصياً أعتبر مدينة باريس المكان الذي يعطيني السكينة؛ إذ يهبني التحدث بلغة جميلة وإحاطة نفسي بالفنون والجلوس في المقهى السكينة لأتمكن من تجديد اتصالي مع ما أشعر أنها ذاتي الحقيقية. وقد يجد آخرون سكينتهم في الجلوس على الشاطئ ومشاهدة غروب الشمس أو التخييم في أحضان الطبيعة.

عندما نعود إلى العمل بذاتنا الحقيقية، سنُلقي جانباً أقنعتنا التي نختبئ خلفها، وبالتالي لن نهدر طاقتنا أو مواردنا لإخفاء أوجه القصور لدينا خلف تلك الأقنعة، بل سنتمكن من إعادة توجيهها لتنفيذ عملنا. وسنركز جل اهتمامنا على العمل الذي يعنينا، ما يؤدي إلى حصولنا على المزيد من فرص التطوير الوظيفي. قد يعني ذلك بالنسبة إلى بعض الموظفين ترك وظيفتهم الحالية في حال أدركوا عدم التوافق بين ذاتهم الحقيقية وقيم عملهم أو شركتهم. وذلك ليس بالضرورة أمراً سلبياً للشركة. فاستقالة الموظف غير المرتبط بأهداف الشركة أفضل من بقائه.

خلاصة القول هي أن الموظفين سيستفيدون ذهنياً وجسدياً ونفسياً من الإجازة، وستستفيد شركاتهم في الوقت نفسه. وعندما تحرص على أن يأخذ موظفوك إجازاتهم على نحو منتظم فأنت تحقق العامل الرئيس لخلق بيئة عمل مستدامة يعمل بها موظفون سعداء أصحاء.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .