لنفترض أنك اجتمعت مع مدراء وموظفين آخرين لوضع الأهداف والاستراتيجية لمؤسستكم أو قسمكم. ولكن مهما كان حجم النقاشات الدائرة والحماس الموجود لديكم خلال هذه المهمة، فإنكم على الأرجح ستخرجون بقائمة تبدو كالتالي:
• النمو
• محصلات ممتازة من خلال ممارسات عمل كفوءة
• نريد أن نصبح منافسين في سوق معينة
• زيادة مبيعات المنتجات لنصبح الجهة الرائدة في السوق
• التوسع ضمن مناطق جديدة
• تحقيق أكبر قدر من العوائد على الاستثمار
• وضع نموذج خاص بتقديم الخدمات يتضمن مشاريع تكتيكية
عندما تنتهون من مهمتكم، فإنكم ربما ستتأملون القائمة وتقولون لأنفسكم: نعتقد أن شكلها جيد. صحيح أنها تحتوي على ما يمكن تسميته بالأهداف والغايات والإجراءات والعبارات الغامضة التي تعبر عن نيتكم – ولكنها للأسف لا تحتوي على استراتيجيات. فالسؤال إذاً كيف يمكنكم وضع استراتيجية، وليس مجرد قائمة مثل هذه وضعت خبط عشواء وكيفما اتفق؟ الإجابة هي أنكم بحاجة إلى اتباع الخطوات التالية:
الخطوات الصحيحة لوضع الأهداف والاستراتيجية
حددوا أصحاب المصلحة المهمّين لشركتكم والذين تتكلون عليهم لتحقيق النجاح
قد يبدو واضحاً أنكم بحاجة إلى البدء هنا. لكن معظم المدراء، حتى أولئك الذين يعملون في كبريات الشركات العالمية، لا يتخذون هذه الخطوة الأساسية. بل عوضاً عن ذلك، يركزون على مجموعة ضيقة من مؤشرات الأداء الرئيسية ويقفزون فوراً إلى عملية تطوير الحلول التي تغذي هذه المقاييس، ويغرقون عميقاً في بحر التفاصيل. لكنهم سرعان ما يخسرون هذه النظرة التي تشبه نظرة شخص جالس في طائرة هيلوكوبتر وينظر إلى الأسفل، ومن ثم يعلقون في وضع يتسم بتركيزه على حل المشاكل. وتبدأ بعد ذلك الاقتراحات بالتوالي واحداً تلو الآخر: أشركوا متاجر البيع، ضعواً برنامجاً إعلانياً، اجتذبوا الأشخاص القادرين واحتفظوا بهم وطوروا قدراتهم. نعم، بالتأكيد هذه أفكار جميلة، ولكن كيف ستعملون على ذلك إذا لم تكونوا قد حددتم سياقاً للنجاح؟
تعتمد شركتكم (أو قسمكم) تماماً على الآخرين من خارجها لتحقق النجاح. فمن دون دعم أصحاب المصلحة المهمين لشركتكم مثل الزبائن والموردين والموظفين والمساهمين، على سبيل المثال، لن يكون لديكم شركة. لكن يتعين عليكم تحديد من هم الأشخاص الأساسيون لبقاء شركتكم على المدى البعيد وازدهارها – ومن ثم إرضائهم.
اقرأ أيضاً: هل يُعتبر التنفيذ مقبرة الاستراتيجية الجيدة؟
هنا يجب أن نتعلم درساً من جون ماكي، المؤسس الشريك والمدير التنفيذي الشريك لشركة "هوول فودز ماركت" (Whole Foods Market). فمبيعات شركته السنوية تبلغ 9 مليارات دولار في أكثر من 300 متجر. وهي تهيمن على مبيعات التجزئة في قطاع الأغذية الطبيعية في الولايات المتحدة الأميركية، وقد باتت علامة تجارية بارزة للغاية. في مقابلة مع "هارفارد بزنس ريفيو"، وصف ماكي العوامل التي قادت إلى نجاح الشركة، قائلاً: "إن الزبائن والموظفين والمستثمرين والموردين والمجتمعات المحلية الأوسع والبيئة، كلهم يتكلون على بعضهم البعض. وبالتالي فإن وظيفة الإدارة في "هوول فودز" تكمن في التأكد من أننا نوظف أشخاصاً جيدين، ومن أنهم يحصلون على التدريب الجيد، ومن أنهم يزدهرون في مكان العمل، لأننا اكتشفنا بأنه عندما يشعر الموظفون بسعادة حقيقية في وظائفهم، فإنهم يقدمون خدمة ذات مستوى أرفع إلى الزبائن. فأعضاء الفريق السعداء يقودون إلى زبائن سعداء. والزبائن السعداء يزيدون حجم تعاملهم التجاري معك. وهم يتحولون إلى مدافعين عن شركتك، مما يقود إلى مستثمرين سعداء. وهذا الاستراتيجية تحقق المكاسب لكل الأطراف المعنية".
اعرفوا ما الذي تريدونه من أصحاب المصلحة المهمّين لشركتكم قبل وضع الأهداف والاستراتيجية
نظراً لأن معظم فرق الإدارة لا تحدد أصحاب المصلحة الرئيسيين، فإنها لا تصل حتى إلى هذه المرحلة. أما فرق الإدارة التي تحددهم، فإنها غالباً ما تركز على ما تحتاج إلى فعله للزبائن والموظفين، وما إلى ذلك، دون التفكير أولاً بما تريده منهم.
اقرأ أيضاً: الأنشطة الجانبية الاستراتيجية
فلماذا تعتبر معرفة ما تريدونه "منهم" أمراً مهماً جداً؟ إن ما تريده المؤسسة أو الشركة من كل مجموعة من أصحاب المصلحة الرئيسيين المهمين لها يدخل في صلب تحقيق أهدافها. على سبيل المثال، النمو في المبيعات والإيرادات يتأتى من الزبائن والإنتاجية وابتكارات الموظفين، والحصول على الخدمات والبضائع ذات الجودة الرفيعة بالسعر المناسب من الموردين. لا بل أكثر من ذلك، قوانين الشركة تشترط على مجالس الإدارة والرؤساء والمدراء التنفيذيين التصرف بطريقة تخدم المصالح الفضلى للشركة. وكل عمليات اتخاذ القرار في الشركة يجب أن تنبع انطلاقاً من هذا الواجب. ولكن بطبيعة الحال، التزام المدراء بتنفيذهم لمهامهم تلك لا يعني عدم الاهتمام بمصالح الزبائن وغيرهم من أصحاب المصلحة الرئيسيين.
على الرغم من أن الغايات والأهداف الواضحة ليست بديلاً عن الاستراتيجية، فإنكم بحاجة إلى أن تصمموها، بحسب كل مجموعة من مجموعات أصحاب المصلحة الرئيسيين بالنسبة للشركة، قبل أن تتمكنوا من صياغة استراتيجية ذكية لكل مجموعة منها. وإلا فإن أي استراتيجية قديمة ستكون كافية. ولكن للأسف، فإن الاستراتيجيات غالباً ما توضع من فراغ. وهي لن تكون ذات مغزى ومعنى إذا لم تقرروا ما تريدون لها أن تحققه.
اعرفوا ما الذي يريده منكم أصحاب المصلحة المهمّون لشركتكم
عندما تندفع فرق الإدارة بسرعة زائدة باتجاه حل المشاكل، فإنها تضع افتراضات معينة. فهي تعتقد بأنها تعرف أصلاً ما هو جيد بالنسبة لأصحاب المصلحة لديها. ونتيجة لذلك، فإن شركتهم ينتهي بها المطاف وقد وضعت منتجات وخدمات لا تجد من يشتريها أو يرغب بها.
اقرأ أيضاً: هل تتسق استراتيجية شركتك مع نموذج ملكيتها؟
عندما تعبرون عما يريده أصحاب المصلحة، فإنكم بذلك تعرفون ما اسميه أنا "العوامل الاستراتيجية" (وهي تختلف عن "العوامل الأساسية للنجاح" – وهو تعبير ربما تستعملونه. ومن يضع هذه العوامل عادة هو فريق الإدارة، في حين أن العوامل الاستراتيجية يضعها أصحاب المحصلة لديكم). إن العوامل الاستراتيجية تعكس الرأي الخارجي. وهي الأشياء القليلة التي يجب أن تتميزوا بها إذا كنتم تريدون تحقيق ميزة تنافسية، وفي الوقت نفسه، تحقيق أهداف مؤسستكم.
وفيما يلي قائمة بالعوامل الاستراتيجية التي وضعتها شركة تدير ميناءً وتطمح إلى اجتذاب أكبر عدد ممكن من مشغّلي السفن البحرية:
• قدرة الميناء البحري (مدى ملاءمته لحجم السفن والشحنات البحرية)
• توفّر الشحنات البحرية (لتأخذها السفينة في طريق عودتها)
• الاكتظاظ (سرعة تفريغ السفن وتحميلها في الميناء)
• الموقع (والذي يؤثر على "زمن الملاحة" أو الوقت المطلوب بين وجهتين)
• السعر (الرسوم التي يتقاضاها الميناء مقابل رسو السفينة)
لاحظوا كيف أن هذه العوامل معرّفة من وجهة نظر أحد أصحاب المصلحة، وليس من وجهة نظر الإدارة. إذا لم تكونوا متأكدين منهم (وهذا ما يحصل عادة)، فقابلوا أصحاب المصلحة لديكم حتى يكون فهمكم لقصصهم واحتياجاتهم أفضل.
إذا واجهتم صعوبة أثناء وضع الاستراتيجية وكتابة خطتكم الاستراتيجية، فإن ما كنتم تفتقرون إليه حتى الآن هو الطريقة. وبالتالي فإن هذه الخطوات عن الأهداف والاستراتيجية ستساعدكم. فالجراحون لا يجرون عمليات فتح القلب أو الدماغ دون إجراءات واضحة. وعليه، فلا يجب أن تتوقعوا بدوركم تصميم استراتيجية فعالة دون الالتزام بعملية معينة.
اقرأ أيضاً: 5 استراتيجيات لإنجاز المزيد من العمل في زمن أقصر