تقرير خاص

ما الذي يحدث في الأسواق المالية في أثناء التضخم؟ 

3 دقائق
الأسواق المالية
shutterstock.com/Travis Wolfe

"التضخم قاتل صامت". تصف هذه المقولة الشهيرة في عالم الاقتصاد الضرر الذي يسببه التضخم لجميع الأطراف من مواطنين وشركات ومستثمرين وحتى أسواق، ولا سيما الأسواق الحسّاسة مثل الأسواق المالية التي تشهد تقلبات غير متوقعة تجاه أي تلميح عن تغيّر اقتصادي ما.

على مدار الشهور الأخيرة، شهد معدل التضخم ارتفاعاً في الأسواق العالمية والعربية على السواء. هذا الوضع سبب ارتباكاً للمستثمرين في الأسواق المالية أو المواطنين الذين يدفعهم التضخم إلى البحث عن مجالات آمنة لاستثمار أموالهم التي تتناقص قيمتها مع الوقت. فما الذي يحدث للأسواق المالية خلال فترات التضخم؟

كيف يؤثر التضخم في الاقتصاد؟

يُقصد بالتضخم حالة الارتفاع العام في أسعار المنتجات والخدمات، وينتج عنها ضعف القوة الشرائية للمستهلكين، وارتفاع تكاليف الإنتاج بالنسبة للشركات ما يجبرها على التوقف عن التوظيف فترتفع نسبة البطالة، وتقل أرباحها فتسبب قلقاً للمستثمرين بها.

تحاول البنوك المركزية التعويض عن الانخفاض في القوة الشرائية برفع أسعار الفائدة على الودائع والقروض لتحفيز المستهلكين على الادخار في البنوك وتقليل الاستهلاك، وبالتالي كبح السيولة الزائدة في الاقتصاد، وفي المقابل زيادة تكلفة الاقتراض ما يؤدي إلى انخفاض مستويات الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار التجاري.

ما الذي يحدث للأسواق المالية العربية خلال التضخم؟

تتأثر الأسواق المالية بشكل خاص، بسبب حساسيتها تجاه هذا النوع من التغييرات الاقتصادية التي تطول الشركات والأفراد معاً، إذ تنخفض سوق الأسهم بشكل ملحوظ خاصة في الأسواق الناشئة، مثل السوق العربية، حيث يكون تقلُب الأسهم أكبر مما هو عليه في الأسواق المتقدمة. وقد خلصت دراسة بعنوان "تأثير التضخم على أسواق الأسهم العربية" إلى أن التضخم يؤثر سلباً معنوياً في قيمة الأسهم المتداولة في الأسواق العربية.

يوضح المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة في أي ماركتس (VI Markets)، المنصة المتخصصة في أعمال الوساطة العالمية، طلال العجمي، ما الذي يحدث للأسواق المالية تحديداً خلال التضخم:

انخفاض ربحية الشركات: هناك عدة أنواع من التضخم. الأول: ينتج عن زيادة الطلب على المنتجات والخدمات ما يرفع سعرها، وبالتالي تزداد ربحية الشركات، مثل ما حدث مع المنتجات المُطهرة خلال ظهور "Covid-19". والثاني: ينتج عن ارتفاع التكاليف بسبب اضطرابات في توريد المنتجات ما يسبب نقصاً في جانب العرض فترتفع أسعارها مثلما حدث مع أسعار بعض السلع الزراعية بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

ويشير العجمي، الذي حاز لقب "أفضل رئيس تنفيذي ناشئ للتداول لعام 2022" من قِبل غلوبال بزنس أوتلوك (Global Business Outlook)، إلى أنه في التضخم من النوع الثاني، قد تتحمل الشركات عبء ارتفاع تكاليف الإنتاج، وحينها تنخفض أرباحها بشكل كبير، ما يؤثر على سعر سهمها. وقد يتحمّل المستهلكون العبء، فيقل دخلهم المتاح، وبالتالي تقل الأموال المتاحة للاستثمار من ناحية، ويقل معدل الإنفاق الاستهلاكي لهم.

وسواء تحمَّل العبء الشركة أو المستهلك، فإن أرباح الشركة ستنخفض، وسيميل العديد من المستثمرين إلى بيع أسُهمهم فيها، ما يؤدي إلى انخفاض أسعارها. والنتيجة هي انخفاض سوق الأسهم ككل مع ارتفاع التضخم.

تخبط المستثمرين: تميل فترات التضخم المرتفع إلى خلق تقلبات في الأسواق المالية، حيث يقوم العديد من المستثمرين ببيع بعض الأسهم والانتقال إلى أخرى، أو بيع أسهمهم بالكامل والتركيز على فئات الأصول الأخرى.

وفي الحقيقة، فإن العلاقة بين التضخم وأسعار الأسهم ليست مباشرة، ولا يمكن تطبيق قاعدة واحدة شاملة. إذ نظرت دراسات كثيرة في تأثير التضخم على عوائد الأسهم وأسفرت عن نتائج متضاربة.

هل هناك أسهم تستفيد من التضخم؟

يوضح طلال العجمي، الذي اختير ضمن قائمة فوربس لـ "أقوى الرؤساء التنفيذيين في الشرق الأوسط 2022"، أن هناك نوعين من الأسهم يختار المستثمر بينهما، أسهم القيمة وأسهم النمو، ولكل منهما ميزاته وعيوبه. وباختصار، أسهم النمو هي الأسهم التي يُتوقَّع أن ترتفع قيمتها وتتفوق على السوق، وهي أسهم الشركات أو القطاعات التي من المتوقع أن تتوسع في المستقبل. بينما أسهم القيمة هي أسهم الشركات التي تكون مقوّمة بأقل من قيمتها الحقيقية، وقد تعدل قيمتها لاحقاً إلى القيمة الحقيقية.

حينما ترتفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم المرتفع تعاني أسهم النمو أكثر، خاصة أنها معروفة بالتقلب والمخاطر الأعلى، وهنا تصبح أسهم القيمة ملاذاً أكثر أمناً خلال هذه الفترة المضطربة.

وفيما يتعلق بأفضلية الأسهم بقطاعات محددة، فقد سجلت أسهم الطاقة وأسهم السلع الاستهلاكية الأساسية أداءً جيداً خلال فترات التضخم المرتفع.

كما يمكن أن تعمل الأسهم عموماً كإجراء وقائي ضد التضخم على المدى الطويل، إذ إن قيمة الأسهم يمكن أن ترتفع خلال التضخم، بحيث تظل الثروة التي تخزنها، سواء السلع أو الخدمات التي يمكن مبادلتها بها، ثابتة على الرغم من ارتفاع الأسعار.

وفي النوع الثاني من التضخم، الناتج عن ارتفاع تكاليف المدخلات، فبمجرد أن يكون لدى الشركات الوقت الكافي للتكيف مع الضغوط التضخمية وتعديل أسعارها، ستزداد الإيرادات وتستأنف معدلات أرباحها.

في ظل هذه المعطيات، من المهم أن يمتلك المستثمرون محفظة متنوعة بدلاً من سهم فردي، إضافة إلى استشارة خبراء الوساطة المالية للحصول على آراء وتحليلات دقيقة لتقلبات السوق مثل التحليلات التي تزود بها في أي ماركتس عملائها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي