الأجور القائمة على الأداء ما زالت مجدية مع المسؤولين التنفيذيين

4 دقائق
الأجور القائمة على الأداء

تعرضت الأجور القائمة على الأداء للنقد منذ الأزمة المالية العالمية. وبالفعل، فإن الأدلة تشير إلى أن الأجور المستندة إلى الحوافز ربما تكون مضرة في العديد من السياقات. لقد ظهر تلخيص لهذا البحث في مقال نُشر مؤخراً لدان كيبل وفريك فيرميلن من كلية لندن للأعمال. ومع ذلك، فإن عدداً بسيطاً جداً من الأبحاث التي تم الاستشهاد بها في هذا البحث قد أُجري فعلياً على المسؤولين التنفيذيين في الشركات. يذهب البحث الذي أُجري على قادة الشركات إلى أن الحوافز المالية يمكن أن تجدي نفعاً، وغالباً ما يكون الأمر كذلك.

وبينما يصدق القول بأن "العلاوات الكبيرة وخيارات الأسهم كانت مسؤولة عن السلوكيات المفرطة في الخطورة وعن الاستراتيجيات قصيرة الأجل"، فإنه لا علم لدي بوجود أي أدلة راجعها الأقران على أن الأزمة كانت بسبب الحوافز الضعيفة، ولم يستشهد مقالهما بشيء في هذا الصدد.

الاعتماد على مقاييس الأداء من أجل دفع الأجور

يقدم كيبل وفيرميلن دليلاً على أن مقاييس الأداء غالباً ما تعكس عنصراً واحداً فقط من مهام الموظف، وبالتالي يكون لها تأثير مشوه على عملهما. على سبيل المثال، قد يتسبب دفع أجور المعلمين وفقاً لنتائج اختبارات الطلاب في حملهم على "التدريس من أجل الاختبار". لا تجدي الحوافز المالية إلا في الوظائف التي يتوفر بها نوع من مقاييس الأداء الشاملة التي تقيم جميع الأبعاد المختلفة بشكل مناسب. ولا يتوفر هذا المقياس بوضوح بالنسبة لكثير من الوظائف.

لكن، بالنسبة للمسؤولين التنفيذيين، فلديهم مثل هذا المقياس وهو سعر السهم على المدى الطويل. وسوف يلقي كل قرار تنفيذي بظلاله على المدى الطويل على سعر السهم. لا يعكس سعر السهم الأرباح الحالية فقط، ولكنه يعكس فقط الأرباح المستقبلية المتوقعة، وفرص النمو، وقوة الميزانية العمومية، وثقافة الشركة، ورضا الزبون، والعلاقات مع أصحاب المصلحة، وما إلى ذلك، ويقيمهم حسب أهميتهم النسبية لقيمة الشركة. على الرغم من وصف النقاد مراراً سعر السهم بأنه اختزالي، فإن الأبحاث تظهر أنه أكثر شمولية من التشويه المبالغ فيه الذي يتعرض له. على سبيل المثال، أظهر البحث الذي أجريته أنه إذا عامل المسؤولون التنفيذيون الموظفين بمسؤولية، فإن هذا يعزز سعر السهم على المدى الطويل، إذ تتفوق أفضل 100 شركة ضمن الشركات التي ينصح بالعمل بها في أميركا على نظرائها بنسبة 2-3% كل عام. وقد وجد آخرون نتائج مماثلة لعوامل غير ملموسة، مثل رضا الزبون، والإدارة الرشيدة للبيئة، والاستشهادات المتعلقة ببراءات الاختراع.

بالطبع، فإن الكلمات الدالة في هذا الصدد هي "على المدى الطويل". لقد أصاب كيبل وفيرميلن في أن المسؤولين التنفيذيين قد "يتلاعبون في السجلات" على المدى القصير، لكن آثار مثل هذه التجاوزات ستظهر على المدى الطويل. على سبيل المثال، تحقق إعادة بيان الأرباح (earnings restatements) عائداً بنسبة -9%. بالنظر إلى المستويات الحالية لتعويض الأسهم، فإن هذا سيكلف الشركة 4.5 مليون دولار للرئيس التنفيذي المتوسط، لكنه لن يكلفها شيئاً إن كان يحصل على راتب ثابت. إن الجانب الآخر للمكافآت عن حسن الأداء هو إتاحتها العقاب عن ضعف الأداء، لكن الرئيس التنفيذي الذي يتقاضى راتباً ثابتاً يسلم من أي مشكلة حتى عندما يعاني المساهمون (لاسيما إذا كان الأداء ليس سيئاً للدرجة التي تؤدي إلى الإبعاد). على سبيل المثال، لقد عانى رون جونسون، الرئيس التنفيذي لشركة "جيه سي بيني" (JC Penney)، من خفض أجره بنسبة 97% في عام 2012 بسبب ضعف الأداء. وخسر جيمي كاين من "بير ستيرنز" (Bear Stearns) أكثر من 900 مليون دولار من جراء انهيار الشركة.

وبالتالي، فبينما يمكن للحوافز ضعيفة التصميم أن تأتي بنتائج عكسية (على سبيل المثال، تلك التي لها فترات استحقاق قصيرة، أو محكومة بالدفع وفق الأرباح الفصلية)، فإن التخلص التام من الأسهم سيكون بمثابة ترك الجمل بما حمل. والحل بسيط، إذ يكمن في تمديد فترة الاستحقاق على المدى الطويل. وهذا فرق آخر بين المسؤولين التنفيذيين وغيرهم من الموظفين. لا يمكنك دفع أجور للموظفين النظاميين وفقاً للأداء خلال 5 إلى 10 سنوات، لأنهم يحتاجون إلى المال الآن للعيش به. يتقاضى المسؤولون التنفيذيون أجوراً عالية للغاية فلا يتأذون بسبب تأجيل نسبة كبيرة من دخلهم.

فوائد الأجر القائم على الأداء بالنسبة للرؤساء التنفيذيين

ليس لدينا طريقة شاملة لقياس أداء الرئيس التنفيذي فحسب، بل أيضاً أدلة تشير إلى أن الأجر القائم على الأداء لكبار الرؤساء التنفيذيين له فوائد.

كشفت دراسة نُشرت في "مجلة المالية" (Journal of Finance) أن الشركات التي تمنح كبار الرؤساء التنفيذيين حوافز عالية الأسهم تتفوق على تلك ذات الحوافز منخفضة الأسهم بنسبة 4-10% في السنة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأداء المتفوق يكون على المدى الطويل، وليس نتاج الحيل قصيرة الأجل، وهو الأكثر وضوحاً في الشركات، حيث سيكون من الأسهل على المدراء النجاح دون عناء (بسبب عوامل مثل ضعف الحوكمة أو المنافسة الضعيفة أو التقدير الإداري العالي).

يجادل كيبل وفيرميلن بأن المسؤولين التنفيذيين لديهم دوافع جوهرية، وأن المحفزات الخارجية مثل الأجور القائمة على الأداء لن تؤدي إلا إلى مزاحمة المحفزات الجوهرية. لكن الأدلة تشير إلى أن المسؤولين التنفيذيين غير المحفزين قد يسعون ببساطة وراء "الحياة الهادئة" ويسمحون باستمرار الوضع الراهن، متجنبين المهام الصعبة مثل عمليات إعادة التنظيم المؤسسي الكبرى، أو المفاوضات الصعبة، أو القرارات غير الشعبية. في الواقع، أظهرت دراسة نُشرت في مجلة "الاقتصاد السياسي" (Journal of Political Economy) أن الرؤساء التنفيذيين الذين يملكون حوافز قليلة (في هذه الحالة، بسبب حماية الاستحواذ) قد فشلوا في إغلاق المصانع القديمة أو إنشاء أخرى جديدة، وحافظوا على استمرارية العمل فيما عانت الإنتاجية والربحية.

بالإضافة إلى أن الحوافز تحرك المسؤول التنفيذي بمجرد وصولها، فإنها تفيد في جذب المسؤولين التنفيذيين المتحمسين بداية. إن من شأن تقديم عقد يؤمّن عدم خفض راتبك أبداً، بغض النظر عن مدى سوء أدائك، أن يجذب "المحافظين على استمرارية العمل" الراغبين في حياة هادئة. أظهرت دراسة أن إدخال مدفوعات الحوافز قد عزز الإنتاجية بنسبة 44%. بينما ترجع نصف الزيادة إلى جهد أكبر مبذول من قبل الموظفين الحاليين، لكن النصف المتبقي يرجع إلى مغادرة المحافظين على استمرارية العمل واستبدالهم بمزيد من الموظفين المتحمسين.

لكن المكافآت ليست فعالة فقط لتحفيز الأداء، إنما أيضاً للإشارة إلى ما هو مهم للمؤسسة. فكر في جائزة نوبل التي تمنح جائزة بقيمة 1.5 مليون دولار. من المرجح أن يكون تأثير حافز المكافأة النقدية صفراً، أي ستكون للجائزة نفس المكانة الرفيعة من دونه. علاوة على ذلك، لماذا تحصل على جائزة أصلاً؟ فمن غير المحتمل أن يعمل أي باحث بقدر أقل من الجهد في غيابها. وهو الأمر نفسه بالنسبة لأفضل الجوائز الورقية إذ تأتي جميعها بمكافآت نقدية. لا تأتي هذه الجوائز بغرض التحفيز، ولكن لإظهار ما يقدره المجتمع الأكاديمي، وبالتالي تشكيل سلوك المجتمع البحثي على نطاق أوسع.

علاوة على ذلك، فإن معرفة ارتباط ثروات الرئيس التنفيذي بنجاح الشركة هو إشارة إيجابية للموظفين والمستثمرين والزبائن والموردين. فأنت ستفضل الارتباط بشركة تستثمر في شخص الرئيس التنفيذي حرفياً من أجل نجاحها عند تطبيق سياسة الأجور القائمة على الأداء.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي