كيف تجعل استقبال المدير الجديد أكثر فعالية؟

17 دقيقة
التعامل مع المدير الجديد

إليكم هذه القصة التي تتحدث عن التعامل مع المدير الجديد. في يوم من الأيام شعر مدير تنفيذي، ولندعه لوكاس جاكوبسن، بأنه جاهز للانتقال لخوض تحدّ جديد. فبعد العمل لأكثر من عقد في واحدة من الشركات في قائمة فورتشن 100 المختصة في التصنيع المتنوع، والتي وصل فيها لمنصب متميز في قيادة تطوير المنتجات في قسم أنظمة الطاقة، قرر لوكاس أن ينتقل إلى تجربة جديدة. فقبل عرضاً ليرأس قسم الأبحاث والتطوير في شركة إنيرجكس، وهي شركة تشهد نمواً سريعاً تعمل في مجال أدوات أنظمة الطاقة. إلا أن خبراته السابقة لم تؤهله للعمل في بيئة عمل كهذه؛ فهي أصغر بكثير من تلك التي اعتاد عليها، كما كان يسود فيها ثقافة الإجماع ورأي الأغلبية عند اتخاذ القرارات. أضف إلى ذلك أن إنيرجكس لم تقدم فعلياً أي دعم له في مرحلة استقبال الموظف وإدماجه في بيئة العمل الجديدة. فبعد أن قام فريق الموارد البشرية وفريق تقنية المعلومات بإدراجه في أنظمتهم وقام مديره بتقديمه لبقية أعضاء الفريق وقدم له لمحة عامة عن وظيفته، كانوا ينتظرون منه أن يكتشف كيف تجري الأمور "على أرض الواقع" هكذا من تلقاء نفسه. وقد كان ذلك تحدّياً كبيراً وثقيلاً عليه، فقد كان لوكاس بأسلوبه الاندفاعي الممتزج مع مفاهيم خاطئة لدى الآخرين عن مهمته، كفيلاً بظهور بعض المصاعب مع زملائه الجدد ووصل به الأمر حدّ تقديم استقالته ومغادرة الشركة الجديدة.

التعامل مع المدير التنفيذي الجديد

تظن العديد من مؤسسات الأعمال أنها تبلي بلاء حسناً حين يتعلق الأمر باستقبال مدير تنفيذي جديد مثل جاكبسون ودمجه في بيئة العمل الجديدة، ولكن الحقيقة غالباً تكون بخلاف ذلك. فكافة الشركات الكبيرة تقريباً تمتلك الكفاءة فيما يتعلق بالأساسيات الإدارية المتعلقة بتوظيف مدراء جدد، ولكن هذا المستوى من عمليات الإدماج يكاد لا يجدي نفعاً في الحيلولة دون ظهور مشاكل عندما يبدأ هؤلاء الأشخاص بالعمل مع الزملاء والزميلات، ويتخبطون بسبب عدم استيعابهم للعرف السائد في الشركة وبعض التوقعات غير المألوفة. تختلف الشركات فيما بينها إلى حد كبير حين يتعلق الأمر بمقدار الجهود التي يخصصونها في دمج العناصر الجديدة، وخاصة من القادة الجدد، ولهذا الأمر آثار جدّية تتعلق بالوقت المستغرق في الأداء، وتعطل الشركة (عند الفصل أو الاستقالة)، والقدرة على استبقاء المهارات.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع مدير مهووس بالسيطرة

ومن أجل مساعدة الشركات على فهم ما يجب على المدراء التنفيذيين فعله لتحقيق الفعالية في أدوارهم الجديدة وتقديم الدعم لهم لإنجاز ذلك بشكل أسرع، قمنا بوضع إطار للتقييم. في هذا النموذج فإن "ما يجب فعله" عبارة عن مجموعة من مهام انتقالية جوهرية للمدراء الجدد. أما "كيف يتم ذلك" فيجري تقسيمها إلى مستويات متمايزة من الدعم الذي يسع الشركة أن توفره. لكن وقبل أن نخوض في هذه التفاصيل دعونا نلق نظرة متفحصة على الجوانب التي عادة ما تخفق الشركات بالالتزام بها في عملية استقبال المدير الجديد ودمجه، ومن المهم أن نستعرض كذلك الإيجابيات التي يمكن تحقيقها عند تغيير هذه الممارسات.

فكرة المقالة باختصار

"ما يجب فعله"

هنالك خمسة مهام جوهرية في المرحلة الانتقالية للمدراء الجدد وهي: تولي القيادة على مستوى العمليات وتولي زمام مسؤولية الفريق والتواصل مع الأطراف المعنية والانخراط في ثقافة الشركة وتحديد المقصد الاستراتيجي.

"كيف يتم ذلك؟" 

بوسع الشركات استخدام الإطار المحدد في هذه المقالة من أجل تقييم وتعديل مقدار الدعم المقدم لكل مهمة من هذه المهام الخمسة. وتتباين المنهجيات بشكل كبير فيما بينها، فبعض الشركات تكتفي بمنهجية "اغرق أو تعلم السباحة" وبعضها يعتمد على الإدماج المسرع عبر النقاشات المعمقة وورش العمل وغيرها من التجارب المخصصة.

من الاستقبال إلى الدمج

لعل كلمة "الاستقبال" تعبر بشكل كاف عن الطريقة التي تدعم بها العديد من الشركات المدراء الجدد في المرحلة الانتقالية، لأن ما يفعلوه في واقع الأمر لا يعدو عن كونه مرافقة هذا المدير التنفيذي إلى أن يحطّ رحاله في مكتبه الجديد بأمان. أما بعد ذلك، فتتوقع الشركة من هذا المدير أن ينجّم من تلقاء نفسه عما يتوجب عليه فعله، أو أن يستكشف الأمور بذاته دون أن يتوفر لديه سوى قدر بسيط من الدعم. بل وحتى هذا الدعم البسيط قد لا يتوفر أحياناً. ولهذا السبب فإننا لا نفضل الآن استخدام كلمة "استقبال" لوصف ما نفعله مع الشركات التي تعتمد علينا في تقديم الدعم للموظفين الجدد، ونفضل أن نستخدم كلمة "الدمج".

اقرأ أيضاً: كيف تتصرف مع مديرك الذي تشتته كل فكرة جديدة؟

كلمة "الدمج" تنطوي على هدف أكثر طموحاً؛ ألا وهو القيام بما يلزم لجعل الفرد الجديد في الشركة عنصراً كامل الفعالية في فريق العمل بالطريقة الأسرع والأكثر سلاسة. وذلك أمر نادر الحصول مع الأسف. أجرت شركة إيجون زيندر (Egon Zehnder) استبياناً على الإنترنت شارك فيه 588 مديراً تنفيذياً على مستوى نائب الرئيس وما فوق، انضموا إلى شركات جديدة في الأعوام القليلة الماضية. وقد مثل المشاركون في الاستبيان شركات عامة وخاصة من أوروبا وأميركا الشمالية وأميركا اللاتينية وآسيا، وثلثهم كانوا من كبار التنفيذيين. وفي هذا الاستبيان أشار 60% منهم تقريباً إلى أنهم احتاجوا ستة أشهر، وقرابة 20% قالوا تسعة أشهر، حتى تمكنوا من أداء أدوارهم على أتم وجه. وأقل من الثلث من هؤلاء المدراء قالوا إنهم تلقوا دعماً كافياً خلال المرحلة الانتقالية للمنصب الجديد، وهذا أمر يثير مشكلة كبيرة، ولاسيما إذا علمنا أن أكثر من 80% من هذه المجموعة المحظوظة يعتقدون أن الدعم الذي تلقوه قد شكل فارقاً كبيراً فيما يتعلق بالأثر المبكر الذي تمكنوا من تحقيقه.

لعل كلمة "الاستقبال" تعبر بشكل كافٍ عن الطريقة التي تدعم بها العديد من الشركات المدراء الجدد في المرحلة الانتقالية، لأن ما يفعلوه في واقع الأمر لا يعدو عن كونه مرافقة هذا المدير التنفيذي إلى أن يجلس على مكتبه الجديد بأمان.

أكبر العوائق أمام القادة الجدد 

وفق استبيان عالمي شارك فيه 588 مديراً تنفيذياً رفيع المستوى انتقلوا مؤخراً إلى أدوار جديدة، فإن ثقافة المؤسسة والعلاقات السائدة بها هي المسؤول الأول عن الفشل، وليس نقص الكفاءات أو المهارات الإدارية. فقد أشار 70% من المشاركين إلى عدم توفر فهم كاف بخصوص الأعراف والممارسات السائدة، مما يؤدي إلى عدم القدرة على الاندماج الثقافي. وحين سُئل هؤلاء المدراء عما يمكن أن يحد من معدلات الفشل، فإنهم قد أكدوا على أهمية التعليقات البناءة والمساعدة في استكشاف الشبكات الداخلية في الشركة وامتلاك صورة واضحة عن ديناميكيات الهيكل التنظيمي وفريق العمل في الشركة.

العوائق التي يعاني منها المدراء الجدد

حين تقدم الشركات الدعم وحين لا تقدمه 

في استبيان عالمي قام 198 مديراً تنفيذياً من أقسام الموارد البشرية بتقييم الجهود المخصصة في شركاتهم لاستقبال الموظفين الجدد. ورأى معظمهم أن شركاتهم لا تقصر في الإرشاد الأساسي ومتابعة الرسميات القانونية والإجرائية مع المدير الجديد. ولكن النصف منهم وحسب قالوا إن شركاتهم فعالة في المساعدة في تشكيل الرابط بين القادة الجدد وفرق عملهم، وأقل من الثلث منهم قالوا إنهم قدموا مساعدة للمدراء التنفيذيين الجدد للتأقلم مع الثقافة السائدة في الشركة وطبيعة العلاقات داخلها. 

تقديم الدعم للمدراء الجدد

يكون المدير التنفيذي الذي يحقق الاندماج المناسب في بيئة العمل أقدر على تحقيق نتائج أفضل خلال فترة قصيرة من بدء عمله لأنه لن يكون مضطراً للخوض في تجارب مربكة إلى أن يتأقلم. وتظهر الدراسات التي أجريناها كيف أن متوسط الوقت اللازم للوصول إلى الأداء الكامل (اتخاذ القرارات الحاسمة وامتلاك المعلومات الصحيحة والأفراد المناسبين للمساعدة في التنفيذ) قد ينخفض إلى الثلث، من ستة شهور إلى أربعة.

إن منهجية "ألقه في الماء كي يتعلم السباحة" تترك للاحتمال مساحة مبالغاً بها. ففي الأدوار التنفيذية المهمة من الناحية الاستراتيجية في الشركة تكون عملية الانتقال البطيئة للمنصب الجديد مكلفة أيضاً. وحتى لو وضعنا التكاليف المالية جانباً، فإن هذه الحالة تؤثر سلباً على "اسم" المدير التنفيذي الجديد وتأثيره القيادي.

اقرأ أيضاً: كيف تخبر مديرك أنّ لديك الكثير من العمل؟

تعتقد معظم الشركات، حتى تلك التي لا تتمتع بمعايير عالية في هذا الصدد، أنها تساعد مدراءها التنفيذيين على الاندماج بفعالية. وحين سألنا مدراء أقسام الموارد البشرية في شركات عالمية إن كانوا يمتلكون نظاماً لاستقبال الموظفين الجدد، فكان الجواب "نعم" طبعاً. لكن حين سألناهم عما يفعلونه من أجل تسريع عملية اندماج المدراء التنفيذيين في أدوارهم الجديدة، تبين لنا أن الدعم الحقيقي يتباين بشكل كبير؛ فقد يكون مكثفاً ومتكاملاً لدى البعض وقد يكون منعدماً فعلياً لدى شركات أخرى. أحد أسباب المشكلة تتعلق في أن كلمة "استقبال" أو "ترحيب" لا تمتلك تعريفاً مناسباً في هذه السياقات أو أنها غير مفهومة بالشكل المطلوب. إذ تشير هذه الكلمة في العديد من الشركات إلى مجرد الانتهاء من إعداد الوثائق المطلوبة، وتخصيص المكتب المناسب للمدير الجديد، وتقديم التدريب الأساسي إن لزم ولاسيما في الجوانب التقنية المتعلقة بقواعد الالتزام في الشركة. وهذه الإجراءات لا تشتمل إلا على القليل ربما من الوقت المستثمر من الإدارة العليا، ولا تجدي نفعاً لمساعدة المدراء الجدد على التخلص من العقبات التي تواجههم في أدوارهم الجديدة، سواء كانت على مستوى ثقافة الشركات أو طبيعة العلاقات التي تحكمها.

يبني المدير الجديد مصداقيته عبر تقديم ما يثبت أنه يمتلك الوعي بالجوانب التشغيلية المهمة، وعبر قدرته على حل المشاكل بسرعة، وتحديد فرص النجاح السريعة وتحقيقها.

انظر في المقابل إلى تلك الشركات التي تخصص قدراً معتبراً من الموارد لمساعدة القادمين الجدد من المدراء على تحقيق الاندماج الكامل. ففي شركة عالمية للاتصالات والخدمات الرقمية تهتمّ بتطوير كفاءة المدراء العامين عبر نقلهم بشكل متكرر من دولة إلى أخرى، نجد أن جميع المدراء في فروع الشركة ينصحون بالانخراط ببرنامج الاندماج المنهجي. والجميع تقريباً يرحبون بهذا الدعم، وهذا أمر جدير بالملاحظة؛ فالقادة يشعرون بارتياح أكبر عند تلقي المساعدة من الشركة التي تؤكد على ضرورة التعلم على كافة المستويات. في بعض الأحيان يسبق البرنامج عملية تقييم للمهارات الشخصية الدقيقة التي يجد معظم المدراء التنفيذيين صعوبة إتقانها في البداية. ومن الأدوات المستخدمة في هذا الصدد الاستبيان الثقافي، والذي يقارن بين ممارسات العمل لدى الشركة التي كان يعمل بها المدير التنفيذي في السابق (أو القسم أو الدولة)، مع تلك التي في الموقع الجديد، وقد يساعد هذا الاستبيان على وضع اليد على المشاكل المحتملة.

إليك مثلاً هذه القضية التي كثيراً ما تحدث: العديد من الفروع التابعة لهذه الشركات المتخصصة بالاتصالات والخدمات الرقمية تمتلك ثقافة لريادة الأعمال، ولكن المدراء الجدد عادة ما يأتون من شركات منافسة كبرى ذات هيكليات أكثر تعقيداً. ففي حين كان التباحث المعمق مع الأطراف أصحاب العلاقة إشارة على الحرص والدقة في الشركة القديمة، فإن ذلك قد يعتبر إشارة إلى التردد في اتخاذ القرار أو عدم امتلاك ما يكفي من العزيمة وحس المبادرة. لا شك أيضاً أن الاختلافات الثقافية من منطقة إلى أخرى لها حضور كبير خاصة حين ينتقل المدير التنفيذي من دولة إلى أخرى. وقد ساعد التحليل المنهجي لمثل هذه الاختلافات وأثرها المحتمل على الحد بشكل كبير من احتمال التأثير على جودة الأداء كما قللت من مقدار الوقت اللازم كي يبرهن المدير على فعاليته في البيئة الجديدة.

يمكن وضع قائمة بالأفراد المعنيين من أجل الحديث حولهم، وذلك على سبيل المثال من أجل تحديد الأفراد الذين يعد اللقاء بهم في المرحلة الأولى أولوية، ومعرفة كيفية التواصل مع بعض الأفراد، وغير ذلك. كما يُنصح المدير التنفيذي بتجهيز كلمة تعريفية لطيفة ليلقيها أمام الفريق الجديد قبل مباشرة مهامه، يلخص فيها السبب الذي جعله يتشجع للانضمام للشركة والإسهامات التي يأمل أن يحققها فيها. ويشير المدراء الجدد إلى أن هذا يوفر لهم طريقة فعالة لتلخيص رسائلهم بكل وضوح، ويمكّنهم من مشاركتها فور انضمامهم للشركة. وقد وجدت الشركة كذلك أن هذا يساعد المدير الجديد على توضيح ما يعزم على القيام به بشكل واضح أمام الفريق الجديد وبقية الزملاء في الأسبوع الأول من استلام المنصب الجديد.

لقد ساعدت جهود الإدماج المركزة في هذه الشركة المدراء الجدد على تجنب العثرات الشائعة في مثل هذه الظروف، كما مكنتهم من تحقيق انطلاقة قوية في العمل، وفي المحصلة كان هذا الإنجاز الفردي ينعكس بشكل إيجابي على الشركة بأكملها.

لقد كان الحد من الإخفاقات في مثل هذه المراحل الانتقالية كفيلاً بزيادة ثقة الموظفين في قدرة شركتهم على تخطيط التغييرات التي تحدثها في المناصب الإدارية، ما يسهّل مهمة إقناع المرشحين من داخل الشركة على قبول الأفراد الجدد والترحيب بهم. ونتيجة لذلك فقد كان برنامج التنقلات الطَّموح الذي ذكرناه آنفاً (والذي يعد أساسياً في خطط النمو للشركة) ناجحاً إلى حد كبير، كما أن المدراء الجدد قد تأقلموا مع أدوارهم الجديدة بسرعة أكبر.

كما اكتشفت هذه الشركة أن جهودها في عملية الإدماج الخاصة بمرشحي الإدارة العامة قد عززت من وعي الموظفين بالمخاطر التي تنطوي عليه المرحلة الانتقالية لمناصب جديدة. كما تبذل الشركة الآن المزيد من الجهود لتلبية احتياجات المدراء الجدد في المستويات المتوسطة من الإدارة، وذلك باستخدام أدوات موحدة وأقل تكلفة والاستثمار في تطويرها. وهكذا يصبح دعم الاندماج جزءاً أساسياً من ثقافة الشركة.

المهام الخمسة 

في الأبحاث التي أجريناها وعلى مدى عقود من الخبرة في العمل مع المدراء التنفيذيين تمكنا من تحديد خمس مهام أساسية يتوجب على القادة القيام بها في الأشهر الخمسة الأولى من تولي مناصبهم الجديدة. وهذه هي الجوانب التي يحتاجون فيها أكبر قدر من الدعم الخاص بالاندماج:

  1. تولي القيادة على مستوى العمليات. حتى لو تم تبادل المعلومات بأفضل شكل ممكن خلال عملية التوظيف، فإن أي قائد في منصب جديد (ولاسيما إن كان من خارج الشركة) لن يمتلك صورة متكاملة تماماً عن أعمال الشركة-جوانب قوتها، وجوانب ضعفها، والفرص والتهديدات التي تواجهها. وعلى القائد الجديد أن يبني مصداقيته عبر تقديم ما يثبت أنه يمتلك الوعي بالجوانب التشغيلية المهمة، وعبر قدرته على حل المشاكل بسرعة، وتحديد فرص النجاح السريعة وتحقيقها. فالقرارات الجيدة للقائد الجديد في الميدان في وقت مبكر سترفع من رصيده كقائد يمتاز بالفعالية.
  2. تولي زمام مسؤولية الفريق. يركز القائد الجديد في العادة على التقارير المباشرة التي تصل إليه، وذلك لأنه يعلم أنه عليه أن يحدد وبسرعة ما إذا كان يجب تثبيت تركيبة فريق العمل وأهدافه أو التعديل عليها. وقد يكون أسهل غالباً اتخاذ قرارات في البداية بخصوص ما إذا كان يلزم تغيير أحد في الفريق أو لا، وذلك لأن تركيبة فريق العمل لا تعتبر حينها أولوية للقائد الجديد. إلا أن هذا الباب سرعان ما يغلق، ولا بد أن يتوجه التركيز والانضباط من أجل جمع المعلومات الضرورية لاتخاذ القرارات السليمة. ومن الأهمية بمكان إتاحة الفرصة للقائد الجديد لكي يلقي نظرة جديدة على المهارات المتوفرة في الفريق دون التأثير على حكمه بشكل مسبق، وإن كان من المهم أيضاً إطلاعه على بعض المعلومات المتعلقة بأداء أعضاء الفريق وتطورهم. وهنا يتطلب تحقيق التوازن المطلوب تخطيطاً وتنسيقاً متكاملين مع مسؤولي الموارد البشرية، والترتيب لجلسة أو جلستين بين المدير الجديد وأعضاء الفريق خلال الأسابيع الأولى. والهدف من ذلك خلق مساحة أمان لكلا الطرفين، وتقديم التعليقات البناءة في الوقت المناسب، وطرح الأسئلة التي قد تثير الإرباك عادة في المراحل الأولى من تكوين علاقات جديدة. وبهذه الطريقة يكون بالإمكان الوقوف على أي فكرة مغلوطة أو فهم غير دقيق حول ما قاله المدير الجديد أو فعله أو القرارات المبدئية التي أقدم عليها، وتوضيح كل ذلك درءًا لتولّد عدم الثقة أو الشك بقدرات هذا المدير الجديد أو قيمه ومبادئه. فبناء الثقة في مرحلة مبكرة مع الفريق يساعد القائد الجديد على اتخاذ قرارات مهمة وهو واثق بأن فريق العمل سيدعمه في ذلك.
  3. التواصل مع الأفراد المؤثرين. يحتاج القائد الجديد أيضاً أن يحصل على الدعم من الأشخاص الذين لا يملك عليهم سلطة، ولاسيما المسؤولين عنه وأقرانه وغيرهم من الزملاء. ولأن القائد الجديد يدخل إلى المنصب الجديد بلا رأس مال كبير من العلاقات، فإن عليه أن يستثمر بعض الطاقة والوقت في بناء علاقات جديدة، وأن يوحي لهذه الأطراف بأن ذلك يحتل أولوية كبيرة لديه. وعلى المدير الجديد بعد تحديد هذه الشخصيات المهمة خارج فريق عمله أن يخصص بعض الوقت لفهم التوقعات لدى زملائه ووضع خطة ليعرف كيف ومتى يتوصل مع الآخرين. وهذا يعني ضرورة معرفة كيف تتم صناعة القرار في الشركة، ومن يمتلك القدرة على التأثير بالقرار، وأين تكمن مراكز القوة في الشركة.
  4. الانخراط في ثقافة الشركة. من المهم كذلك أن يستوعب المدير الجديد القيم والأعراف والافتراضات الأساسية التي تحدد السلوك المقبول في الشركة الجديدة التي انضم إليها. إن عدم تقدير ذلك من البداية قد يؤثر سلباً على نظرة الآخرين للقائد الجديد وأهدافه وقدراته. ولا بد أن يحرص المدير التنفيذي على التوازن بين العمل ضمن ثقافة جديدة ورغبته في تغييرها.
  5. تحديد المقصد الاستراتيجي. وأخيراً، يجب على القائد الجديد أن يبدأ بتشكيل استراتيجيته. في بعض الأحيان يتم الاستعانة بمدير تنفيذي جديد للاستفادة من خبراته في مجال ما، وفي أحيان أخرى يتم اختياره بناء على قدرته لوضع وتنفيذ استراتيجية جديدة متكاملة. فإن كان يلزم وضع استراتيجية جديدة فعلاً، فلا بد من إجراء تحوّل على كافة العناصر ذات العلاقة في المؤسسة من البنية الهيكلية وإدارة المهارات وعمليات تقييم الأداء، وذلك للتمكن من تطبيق الاستراتيجية الجديدة. وعلى كلا الحالتين، لا بد أن يمتلك القائد الجديد وجهة واضحة حول المستقبل.

هذه العمليات الخمسة في المرحلة الانتقالية لمنصب جديد تشكل تحدياً هائلاً، وذلك لأن التعثر في أي جانب قد يؤدي إلى مشاكل وخيمة أو يسبب انقطاعاً في سير العمل. إن الاندماج الفعال عادة ما يتم حين يدرك القادة قبل أن يباشروا أدوارهم الجديدة- مقدار التقدم الذي عليهم إحرازه في كل جانب خلال الأشهر القليلة الأولى. وبهذه الطريقة سيكون بإمكانهم وضع أولوياتهم بطريقة أكثر فعالية.

على المدير الجديد أن يستثمر بعض الطاقة والوقت في بناء علاقات جديدة، وأن يوحي لهذه الأطراف بأن ذلك يحتل أولوية كبيرة لديه.  

نطاق الدعم 

نظراً لحساسية هذه المهام الخمسة لنجاح القائد الجديد، سيكون من اللازم تقييم برنامج الإدماج الذي تمتلكه الشركة عبر النظر إلى مستوى فعالية الدعم الذي يتلقاه المدير التنفيذي الجديد في كل جانب من الجوانب. ويأتي الدعم على أربعة مستويات:

اغرق أو تعلم السباحة. الشركات التي تكتفي بهذا المستوى من الدعم، والذي ندعوه المستوى صفر، لا يقدمون للمدير التنفيذي الجديد سوى مكتب جديد وبعض المصادر الأساسية كالدعم التقني والمساعدين. وتظهر أبحاثنا أن حوالي 5% من الشركات العالمية تقدم مثل هذا الحد الأدنى من الدعم.

الإرشاد الأساسي. هذا هو المستوى رقم 1 في نموذجنا، ويشتمل على تقديم المعلومات بخصوص سياسات الشركة، وتقييمات أعضاء الفريق، وهيكلية الشركة، واستراتيجيتها ونتائج أدائها. وهكذا توفر الشركة بيانات أساسية للمدير الجديد ويقوم هو بدوره بتحليلها وتفسيرها من تلقاء نفسه. فإن حصل المدير التنفيذي الجديد على أي معلومات نوعية، فليس هنالك ما يضمن أنه سيدرك أهميتها كما ينبغي. وتظهر الأبحاث التي أجريناها أن حوالي ثلثي الشركات العالمية ما تزال تعتمد هذه المنهجية.

الدمج الفعال. في هذا المستوى رقم 2، تقوم الشركة بتنظيم لقاءات مع الأطراف الأساسية المعنية من أجل تسريع مشاركة معرفة أعمق بخصوص أعمال الشركة، والفريق، وثقافة الشركة وأولوياتها الاستراتيجية. وحسب الأبحاث التي قمنا بها، فإن ثمة 25% على الأكثر من الشركات العالمية قد استثمرت في هذا المستوى من الدعم. وعلى الرغم من أن هذه النسبة تتجاوز الحد الأدنى، إلا أنه إن لم يتوفر فهم مشترك للاختلافات الأساسية بين السياق السابق الذي عمل فيه المدير التنفيذي والسياق الجديد الذي هو فيه، فقد يكون من الصعب تحديد القدر الكافي من الاجتماعات. وهنالك احتمالية بأن يهمل المدير التنفيذي الجديد بعض القضايا الحساسة التي يتوجب عليه التعامل معها إن لم يكن قد أبلغ بشأنها بشكل مسبق.

الدمج المعجل. في المستوى رقم 3، وهو المستوى المثالي، تقوم الشركة بإعداد تجربة مصممة خصيصاً من أجل مساعدة القائد الجديد على الاندماج على أتمّ وأسرع وجه. وقد تشتمل هذه العملية على ورش عمل خاصة ببناء الفرق ونقاشات معمقة بخصوص الاستراتيجية. وتساعد المؤسسة المدير التنفيذي على تحديد التحديات الثقافية التي قد يلزمه التعامل معها، على غرار ما تفعل شركة الاتصالات التي سبق الحديث عنها عن طريق الاستبيان الذي لديها بخصوص أساليب العمل في الشركة السابقة. وبالرغم من القيمة الواضحة التي يتم تحصيلها عبر هذه المنهجية، فإن الأبحاث التي أجريناها ترى أن 2% على الأكثر من الشركات العالمية تتعامل مع قضية اندماج المدير بهذا الشكل المنهجي.

ونجد على المستوى العملي أن الدعم يتباين من مهمة انتقالية إلى أخرى. فعلى سبيل المثال، قد تقوم شركة بتنظيم بعض اللقاءات (المستوى 2) من أجل مساعدة مدير تنفيذي على مباشرة مهامه العملية والتنسيق مع الأطراف المعنية، ولكنها قد تكتفي بتقديم المعلومات الأساسية لمساعدته على إدارة الفريق (المستوى 1)، وقد لا تفعل أي شيء (المستوى 0) لمساعدة المدير الجديد على التأقلم مع ثقافة الشركة أو تحديد الوجهة الاستراتيجية. ويظهر التقييم الشامل نقاط القوة والضغط عبر المهام الخمسة الأساسية (انظر الملحق "تقييم فعالية عمليات الدمج في الشركة").

في الوضع المثالي تقوم الشركة بإعداد تجربة مصممة خصيصاً من أجل مساعدة القائد الجديد على الاندماج على أتمّ وأسرع وجه. وقد تشتمل هذه العملية على ورش عمل خاصة ببناء الفرق ونقاشات معمقة بخصوص الاستراتيجية.

تقييم فعالية إجراءات إدماج المدراء الجدد في شركتك 

ستساعدك هذه الأداة على تقييم مستوى التزام شركتك بالإرشاد الأساسي (إجراءات التوظيف الأساسية وبيان الأدوار والهيكلية التنظيمية)، والإدماج الفعال (القيام ببعض الجهود السريعة لمساعدة المدير الجديد على فهم ثقافة الشركة وطبيعة العلاقات فيها)، والإدماج المسرع (استثمار المصادر لضمان إدماج المدير الجديد بشكل فعال وسريع). 

كيف تستخدم الأداة؟ 

1- في كل عمود ضع إشارة على العناصر التي تشتمل عليها عملية الإدماج في شركتك.

2- اجمع عدد الإشارات التي وضعتها في كل عمود لتعرف نتيجة شركتك في الإرشاد الأساسي، وفي الإدماج الفاعل، وفي الإدماج المسرع. قارن النتائج بالمعدلات لدى الشركات التي درسناها.

3- اجمع عدد الإشارات التي وضعتها في كل صف لتعرف نتيجة شركتك في دعم كل مهمة من المهام الأساسية الخمسة، ثم قارن المجموع بالمعدلات لدى الشركات التي درسناها.

4- احسب ناتج مجموع الصفوف لمعرفة النتيجة الكلية للشركة. (بما أنك تضيف القيم في مصفوفة، فإن ناتج مجموع الصفوف سيكون نفس ناتج المجموع من الأعمدة).

5- إن كان عدد الإشارات التي وضعتها في الجدول قليلاً، فهذا يعني أن شركتك تعتمد على منهجية "اغرق أو اسبح" فيما يتعلق بالإدماج.


الإرشاد الأساسي
الإدماج الفاعللإدماج المسرع
تولي القيادة على مستوى العملياتالخطط التشغيليةالتعريف المنهجي على الجوانب الأساسية من أعمال الشركة توفير فرصة المشاركة في اجتماعات مهمة ذات علاقة بأعمال الشركة قبل اليوم الأول من بدء العمل
جولة تعريفية على المواقع الأساسية للشركة توفير تجربة مكثفة بخصوص الجوانب غير المألوفة للمدير الجديد من أعمال الشركة
تولي زمام مسؤولية الفريقالسير المهنية لأهم أعضاء الفريق بيانات الأداء و/أو التقييم الخاصة بأعضاء الفريق
عقد لقاءات مع المدير الجديد لمناقشة بعض المعلومات الحصرية عن أعضاء الفريق
التواصل مع الأطراف المعنيةتقديم بيانات عن هيكلية الشركة تقديم قائمة بأهم الأطراف المعنية داخل الشركة
لقاءات تعريفية بأهم الأطراف المعنية داخل الشركة
الانخراط في ثقافة الشركةبيان فلسفة الشركة وقيمها تقديم توضيح بخصوص ثقافة الشركة والأساليب المتبعة في إنجاز الأعمال توفير إمكانية تفسير الجوانب المختلفة من ثقافة الشركة عبر التواصل مع شخص مختص
المشاركة في بعض الفعاليات لفهم ثقافة الشركة إجراء تقييم لتسليط الضوء على جوانب الاختلاف بين ثقافة الشركة الجديدة وثقافة الشركة السابقة
تحديد المقصد الاستراتيجيتقديم خطط العمل بيان الخطط الاستراتيجية للعمل (الرؤية والأولويات على المدى الطويل) توفير فرصة المشاركة في الاجتماعات الاستراتيجية التي تعقد خارج الشركة
نقاشات مع الأطراف المعنية حول التحديات الاستراتيجية التي تواجهها الشركة تخصيص ورش عمل للتباحث حول الاستراتيجية والخطط الحالية للشركة

كيف يمكن الاستدلال على التقدم؟ 

حين تشرع الشركة بجهود إدماج المدير التنفيذي الجديد بشكل أكثر فعالية، فإنها تفعل ذلك على الأغلب لاضطرارها إليه بسبب مجموعة من العوامل الخارجية والداخلية. ولننظر معاً إلى المثال الآتي:

في السنوات السبعة الماضية قامت شركة للبضائع الاستهلاكية تعمل في أوروبا وآسيا وأفريقيا بتكثيف جهودها في عمليات الإدماج، وانتقلت عبر المستوى الأول وصولاً إلى الثالث في معظم الجوانب. ولعدد غير قليل من السنوات قبل الأزمة الاقتصادية عام 2008، قامت الإدارة العليا في الشركة بتنمية وتعزيز ثقافة تعطي الأولوية لتنمية المهارات الداخلية لديها. وقد استخدمت الشركة نموذج العمل الذي يعتمد على تداخل المهام من أجل تعزيز قدرات الموظفين وبما يتيح الفرصة لترقية المدراء من الداخل. وهكذا كان معظم المدراء التنفيذيين الذين أصبحوا مدراء عامين قد حققوا هذا التقدم المهني من داخل الشركة. ونظراً لتنوع الأسواق التي تعمل بها الشركة (في الدول النامية والمتطورة) ومنهجية الشركة المعتمدة على الإجماع فيما يتعلق باتخاذ القرارات، لمس كبار المدراء ومدراء الموارد البشرية الحاجة لوجود عملية إرشاد أساسية. وكان المنطلق الأساسي لذلك هو مساعدة المدراء الجدد على التكيف مع الوضع الجديد عبر مشاركة المعلومات حول بيئة الأعمال المحلية وتحديد الأطراف المعنية الأساسية، ولاسيما أعضاء الفريق، بحيث يتمكن القادة من وضع جدول للقاءات اللازمة في الأيام الأولى من بدء عملهم (المستوى 1).

لكن وبعد الأزمة المالية عام 2008 انتقلت الإدارة العليا للاعتماد على نموذج تشغيلي جديد يتضمن تنظيماً أكثر تعقيداً وتداخلاً. ومع إدراك الحاجة لإمكانات جديدة للإدارة الفعالة للشركة فإنها قد قامت بإعادة تصميم برامج تطوير المهارات الداخلية فيها. وفي الوقت ذاته قرر الرئيس التنفيذي وفريق المدراء التنفيذيين في الشركة أنه يلزمهم القيام بعدد من التعيينات الاستراتيجية من خارج الشركة لاستقدام مدراء عامين يمتلكون المهارات اللازمة. وسرعان ما تبين كم كان صعباً على القادمين من خارج الشركة أن يدركوا متى تكون لديهم القدرة على اتخاذ القرارات دون الرجوع للإدارة العليا ومتى يكون من الضروري التواصل إلى إجماع مع المكتب الرئيسي. وهكذا بدأت الشركة تقديم التدريب على عمليات اتخاذ القرارات وإدارة العلاقات من الأطراف المعنيين، وطلبت من المدراء المباشرين أداء دور فاعل في هذا الصدد. وحين قام الرئيس التنفيذي بتعيين مدير تابع له مباشرة من خارج الشركة (وكان ما يزال حدوث ذلك أمراً استثنائياً)، فإنه قد استثمر بشكل كبير في عملية دعم اندماج ذلك المدير التنفيذي الجديد وطلب من بقية الفريق في الإدارة العليا أن يركزوا جهودهم على هذا الجانب. وقد عمل الرئيس التنفيذي عن كثب مع القائد الجديد ومع طرف ثالث من أجل تحديد المشاكل المحتملة والتعامل معها بشفافية ووضوح.

لقد كان ذلك علامة فارقة في تطور الشركة: فقد وصل الدعم لبعض المهام الانتقالية إلى المستوى 2 بفضل اهتمام القيادة العليا بذلك. كما تم تشجيع المزيد من المدراء الجدد على إجراء ورش عمل مع فرق العمل فور توليهم مناصبهم الجديدة، كما تم إطلاعهم على أولويات الأطراف ذات العلاقة والمحددات القائمة الهيكلية التراتبية. لكن ما تزال الجهود متباينة إلى حد كبير عبر الشركة، كما كانت النتائج مختلفة. ففي حين كان بعض المدراء الجدد من خارج المؤسسة ناجحين بشكل كبير، إلا أن آخرين لم يكونوا كذلك، بالرغم من أنهم نجحوا في مناصب جديدة في سواها من الشركات.

واستجابة للحظة الوعي تلك بأهمية هذا الأمر، فقد قام مسؤولو الموارد البشرية والإدارة العليا بدراسة كافة الصعوبات التي يواجهها المدراء الجدد، ولاسيما فيما يتعلق بتحديات السوق الجديدة، وقرروا أن يعتمدوا بشكل عام على أفضل الممارسات التي أرساها الرئيس التنفيذي. وبناء على ذلك قدموا برنامجاً متكاملاً لدعم الاندماج موجهاً للمدراء العامين الجدد، لاسيما أولئك الذين يجري نقلهم داخليا من سوق إلى آخر. كما قاموا بمراجعة الحالات الفردية الناجحة، والتي دلت بعد تقديم تعليقات شاملة حولها على أن المدير التنفيذي قدد حقق فعالية تامة في نصف الزمن المطلوب عادة، وذلك لمعرفة كيف تمّ تفادي المخاطر والتحديات المتعلقة بعملية الإدماج. لقد كان الدعم المنهجي استثماراً، ولكن أثره سرعان ما ظهر. وهذا ما دفع الشركة إلى بذل المزيد من الجهود لتعزيز هذه البرامج الداخلية، واستعانت بمدربين خبراء من الخارج.

لقد عالجت هذه البرامج مجتمعة كافة المهام الانتقالية في الشركة. وقد تم تحديد كثافة الدعم في كل جانب ليكون في المستوى 2 أو المستوى 3، اعتماداً على احتياجات المدير التنفيذي المعني. ويتم تقديم الدعم لكل قائد جديد في خطة تعليم مصممة خصيصاً له وعقد ورش عمل مع الفريق في الأسابيع الأربعة إلى الثمانية الأولى، كما يتم تزويده بمعلومات خاصة حول بعض الأطراف المعنيين بالإضافة كذلك إلى بعض المعلومات عن الجوانب التي قد يجد صعوبة في التأقلم معها في ثقافة الشركة.

وباتت عمليات دعم الاندماج في هذه الشركة ممارسة راسخة لديها. فعبر مساعدة قسم الموارد البشرية تقوم اللجنة التنفيذية بتحديد مستوى الدعم الذي يلزم تقديمه في كل حالة. كما تقوم اللجنة كل شهرين بمراجعة 30 حالة بالمعدل، فينظرون في التقارير حول التقدم الذي يحرزه القادة (بناء على ملاحظات من المدربين وأشخاص آخرون مسؤولين عن متابعة هذا الأمر) ثم يحددون إن كان هنالك أية إجراءات يلزم القيام بها.

كما صارت هذه الجهود محل قبول على المستوى الداخلي؛ فالقادة الجدد والأشخاص الذي يطمحون للحصول على مناصب إدارية أعلى يدركون مكانتهم بوضوح، تماماً كما يدرك ذلك الأشخاص الذين يعملون معهم أو يعتمدون عليهم. كما تدرك الأطراف المعنية في الشركة تحديداً الأدوار التي تضطلع بها في تسهيل العملية الانتقالية للمدير الجديد. وبالرغم من الضغط المتزايد على ميزانية الشركة إلا أن الإدارة العليا ما تزال ترى أن عمليات دعم الإدماج استثمار لا غنى عنه لتطوير المهارات الداخلية في الشركة التي تحقق نتائج إيجابية ملموسة لصالح الشركة وللمدير التنفيذي أيضاً.

ومع أن منافع عمليات دعم الإدماج واضحة في هذه الشركة وغيرها من الشركات التي درسناها، إلا أن قصص النجاح في هذا الصدد ما تزال نادرة. ولعل هذا عائد إلى أن الشركات توجه جل تركيزها على اختيار القائد المناسب في المناصب الأساسية إلى درجة أنهم يغفلون عن الحاجة لمساعدتهم في عملية الانتقال إلى المنصب الجديد، أو أنهم لا يخصصون ما يكفي من مصادر لهذا الأمر. لكن إن تم إدراك أهمية جهود الإدماج في استراتيجية تطوير المهارات داخل الشركات فسيكون بالإمكان تحقيق الاستفادة القصوى من إمكانات القائد الجديد ولمس تأثيره الإيجابي بشكل أسرع عند التعامل مع المدير الجديد.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي