عندما توافق على حضور اجتماع للتعارف دون أن تعلم ماذا ستقول فيه

4 دقائق

بالنسبة لبعض اجتماعات التعارف، يكون جدول الأعمال عادة واضحاً: شركتاكما أنت ومن تقابله تدرسان الدخول في شراكة تجارية معاً، أو أنك تبحث عن فرصة عمل وهذا الشخص قد يساعدك في العثور على هذه الفرصة. لكنّ العديد من العاملين في قطاع المهن الفكرية يجدون أنفسهم في اجتماعات للتعارف دون أهداف واضحة تماماً. فربما يكون أحد أصدقائك قد اعتقد بأنك ستحقق مكسباً من شخص ما وعرّفك عليه، أو ربما تكون قد قابلت شخصاً في لقاء وجيز في مناسبة ما وأتبع هو ذلك اللقاء باجتماع معك لأسباب غير محدّدة. في بعض الحالات، قد ترفض الدعوة. ولكن إذا بدا بأنّ هذا اللقاء واعد، فقد تقرّر أن توافق عليه لترى إلى أين سيقود.

فيما يلي أربع طرق تساعدك على ضمان أن يكون اجتماعك مثمراً ومفيداً، حتى لو كان جدول أعماله غير واضح المعالم.

أولاً، من المهم أن تكون الأسباب التي دعتك لقبول الاجتماع واضحة في ذهنك. فقد يكون السبب هو أنك تريد إسداء خدمة لصديق ما. كأن يطلب منك هذا الصديق أن تقدّم النصائح إلى أخت زوجته بخصوص الفرص المهنية المتاحة أمامها. أو قد تكون لديك أهداف تخص الحصول على المعلومات (ربما يكون ذلك الشخص من العاملين في قطاع معيّن أنت تريد التعرّف عليه أكثر)، أو قد تكون أهدافك اجتماعية (أنت تعتقد بأن ذلك الشخص يمكن أن يصبح صديقاً مثيراً لاهتمامك)، أو ربما تكون لديك أهداف تجارية بعيدة المدى (هناك إمكانية لحصول تعاون ما بينكما في يوم من الأيام، لكنك لست واثقاً متى يحصل ذلك وكيف). صحيح أنّ إمكانية تكوين صداقة مع شخص ما أو اكتساب المزيد من المعلومات حول الذكاء الاصطناعي لا يُعتبرُ بالضرورة بمثابة "جدول أعمال" لاجتماع، لكنّه قد يساعدك في تذكر السبب الذي جعلك توافق على عقد الاجتماع وهذا سيساعدك بالتالي في توجيه دفّة الحديث، وسيجعلك تشعر بأنّ الاجتماع كان ناجحاً عوضاً عن أن تعتبره بمثابة هدر لوقتك.

في الخطوة التالية، يجب عليك أن توائم أهدافك الشخصية مع نوع الاجتماع ومدّته. فإذا كانت تسدي معروفاً إلى صديقك، فإن قضاء عدّة ساعات في اجتماع مباشر مع الشخص المعني سيكون أمراً مبالغاً فيه للغاية، وسيكون إجراء مكالمة هاتفية مع ذلك الشخص كافياً على الأغلب. ولكن عوضاً عن ذلك، إذا كنت تعتقد بأنّ الشخص يمكن أن يصبح صديقاً شخصياً، فلربما من الأفضل بالنسبة لك في هذه الحالة أن تدعوه إلى اجتماع أقل رسمياً ممّا يسمح لك بالتعرّف عليه بطريقة أفضل. فأنا شخصياً وخلال الأسبوع الماضي عندما وجدت أنّ لديّ بطاقة إضافية لحضور مباراة للهوكي، دعوت أحد زملاء العمل وهو شخص كنت أقضي معه وقتاً طويلاً خلال اجتماعات فريق العمل الأوسع لكن لم تتح لي الفرصة من قبل لاجتمع به شخصياً وعلى انفراد.

لقد أصبح مبدأ "الاجتماع لاحتساء فنجان من القهوة" واحداً من الثوابت الأساسية في عالم الأعمال، ولكن ليس بالضرورة أن يكون ذلك هو الشكل الوحيد للتعرّف على الناس. تذكّر بأنك قادر، وبحسب مقدار رغبتك بالاستثمار في العلاقة، على اقتراح مجموعة من الخيارات الأخرى التي تتفاوت من حيث حجم الوقت والطاقة المطلوب منك استثمارهما، بما في ذلك إجراء مكالمة هاتفية لمدة 30 دقيقة، أو حتى 60 دقيقة، أو الاجتماع مع الشخص المعني ضمن مجموعة صغيرة (لتناول الغداء أو العشاء)، أو إقامة حفل لمجموعة كبيرة (كحفل استقبال مثلاً)، أو احتساء فنجان قهوة أو تناول وجبة أنت والشخص المعني فقط.

خلال الاجتماع، تأكّد من طرح الأسئلة الصحيحة. فحتى مع غياب جدول أعمال رسمي، من المهم أن تستثمر لقاءك مع الشخص وفقاً للأسباب التي دعتك إلى قبول الدعوة. فإذا كنت تسدي معروفاً إلى شخص ما، دعه يتولى زمام الأمر؛ بوسعك أن تطرح عليه سؤالاً بسيطاً على النحو التالي: "كيف يمكنني أن أقدّم لك أكبر مساعدة ممكنة؟"
إذا كنت مهتمّاً بالتعرّف على بعض المعلومات منه أو كانت لديك أهداف تخص جمع المعلومات، اطلق العنان لفضولك المعرفي ولتكن لديك قائمة جاهزة بالأسئلة. إذا كانت السيدة التي ستقابلها تعمل في وكالة ناسا الأميركية للفضاء، على سبيل المثال، بوسعك أن تسألها ما يلي: "كيف يجري تعيين الموظفين لديكم؟ ما هو أكثر مشروع يثير اهتمامك في الوكالة ولماذا؟ ما هو شكل يومك المعتاد؟ كيف يجري اختيار الأشخاص الذين سيصبحون روّاد فضاء؟ ما رأيك بدخول شركات من القطاع الخاص إلى عالم استكشاف الفضاء؟ تذكّر بأنّ الناس يستمتعون عموماً بتلقي الأسئلة التي تخص مجالات خبرتهم وعملهم، وإذا كانت أسئلتك محددة ودقيقة بما يكفي، فإنك ستضمن لقاءً مثيراً للاهتمام بكل تأكيد.

إذا كنت تعتقد بأن شخصاً معيّناً قد يتحوّل إلى صديق محتمل أو إلى شريك تجاري على المدى الطويل، فإنّ هدفك هو تلمّس مدى الانسجام بينكما وحجم "الكيمياء" والألفة التي تجمع بينكما. هل هو شخص من السهل الحديث معه؟ هل تجد بأن الحديث قادر على إثارة اهتمامك لفترة طويلة؟ هل تشعر بأنّ هذا الشخص يستحق ثقتك؟ هل هو شخص كفء؟ وبما أنّك لا تخطط للاندفاع نحو علاقة رسمية، فليس بالضرورة أن تتّخذ قرارات فورية؛ فالهدف الرئيسي هو البدء بعملية تقويم وتحديد ما إذا كنت تريد قضاء وقت أطول معه مستقبلاً أم لا.

أخيراً، هناك الكثير من الاجتماعات التعارفية المهدورة لأن الاجتماع يُعاملُ على أساس أنه اجتماع واحد فقط لن يتكرّر. وإذا لم تكن هناك متابعة لاحقة، فحتى الشخص الذي تكون قد عقدت معه اجتماعاً معمقاً سوف يُنسى بسرعة. إذا كنت تلتقي مع شخص معيّن على سبيل المعروف البحت الذي تسديه إلى شخص آخر، فلا داعي للقلق بهذا الشأن، لأن هدفك لا يتمثّل في إقامة علاقة مع من تقابله أصلاً، بما أنّ الغاية هي أن تقوّي علاقتك مع الصديق المشترك. ولكن بالنسبة للأشخاص الآخرين، وإذا استمتعت بالصحبة، فمن المفيد أن تضع خطتك الخاصة بك لمتابعة العلاقة معهم.

هناك أنظمة لإدارة أرقام الهواتف وعناوين البريد الإلكتروني مثل برنامج (Contactually) يمكن أن تساعدك في البقاء شخصاً منظماً، أو بوسعك أن تستخدم تقويمك الخاص وخاصية التذكير الموجودة فيه. خلال الاجتماع، حاول أن تتعرّف على شيء واحد على الأقل عن ذلك الشخص يمكن أن يشكل مدخلاً لإعادة التواصل معه. فعلى سبيل المثال، إذا كان هذا الشخص يحبّ الرياضة، ربما قد يكون بوسعك دعوته إلى مباراة في المستقبل؛ وإذا كان يرغب بلقاء المزيد من الناس في عالم الاستشارات، يمكنك أن تعاود الاتصال به في الشهر التالي وأن تعرض عليه الانضمام إليك أنت وصديقك الاستشاري لتناول طعام الغداء معاً. هذه المبادرات المدروسة، والتي تتكرّر عبر الوقت، سوف تجعل حتى أوهى العلاقات المبدئية تدوم لفترة أطول.

يحتاج التعارف بشكل متميز وناجح إلى مقاربة طويلة الأجل؛ بوسعك أن تكون على سجيتك وأن تتعرّف على الآخرين بطريقة مفعمة بالصدق لأنك لست منهمكاً في عقد "صفقة بيع" فورية. قد تبدو الموافقة على اجتماع تعارفي دون وجود جدول أعمال رسمي ضرباً من هدر الوقت، ودون أي عوائد يمكنك تحقيقها على استثمارك. ولكن إذا ما استخدمت المقاربة المقترحة في هذه المقالة، فإنك ستكون قادراً على وضع مقاييسك الخاصة بالنجاح وأن تقيم علاقات محتملة قد تدوم مدى الحياة أو قد تغيّر مسارك المهني حتى.

 اقرأ أيضا:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي