تنضم النساء ذوات البشرة السمراء إلى القوة العاملة بأعداد أكبر من ذي قبل، حيث تجلبن في جعبتهن تعليماً وطموحات وأفكاراً وتجارب متنوعة. ونتيجة لذلك، فهن يقدّمن للمؤسسات قوة مؤثرة للرؤى الثاقبة والابتكار ستستدعيها الحاجة على نحو متزايد لتلبية احتياجات قاعدة الزبائن المتنوعة. ولكن، على الرغم من القيمة التي تمثلها النساء ذوات البشرة السمراء للشركات، نادراً ما يُمنحن مناصب قيادية، ناهيك عن المناصب التنفيذية العليا. حالياً، لا توجد امرأة سمراء البشرة أو لاتينية واحدة تشغل منصب الرئيس التنفيذي لأي من الشركات الخمسمائة المدرجة على قائمة مجلة "فورتشن"، فكيف يمكن إيجاد مكان عمل يحتضن الجميع دون استثناء؟
لمدة 15 عاماً، أجرى "مركز ابتكار المواهب" (Center for Talent Innovation) أبحاثاً على الديناميات النوعية والعرقية في مكان العمل. لدينا أدلة كثيرة على أن النساء ذوات البشرة السمراء يواجهن معوقات جسيمة عطلت مسيرة تقدمهن تاريخياً. في تقريرنا الصادر عام 2016 تحت عنوان "اللاتينيون في مكان العمل"، اكتشفنا أن 59% من الرجال والنساء من أصل لاتيني واجهوا حالات ازدراء وتعالٍ في مكان العمل، وهي النسبة التي تقفز إلى 67% إذا ما نظرنا فقط إلى اللاتينيات. وفي الدراسة نفسها، وجدنا أن 63% من الرجال والنساء من ذوي الأصول اللاتينية لا يشعرون بالترحاب والاندماج، أو أنهم مدعوون إلى مشاركة أفكارهم، أو لا يشعرون بالثقة بأن أفكارهم مسموعة وذات قيمة في محل العمل، وهي النسبة التي ترتفع إلى 78% للنساء من أصل لاتيني فقط.
ولا تختلف أحوال النساء ذوات البشرة السمراء عن هؤلاء. ففي دراستنا التي جرت عام 2015 تحت عنوان "نساء ذوات بشرة سمراء: متأهبات للقيادة"، اكتشفنا أن 46% من النساء ذوات البشرة السمراء يشعرن أن أفكارهن تُقابل بالتجاهل أو لا يُعترف بها. ومن المستبعد بقدر أكبر أيضاً، مقارنة بالرجال بيض البشرة، أن يؤيد أحد أفكارهن. فضلاً عن ذلك، تشعر النساء ذوات البشرة السمراء بأنهن غائبات عن المشهد: من الأرجح أن يشعرن بأن رؤسائهن لا يعترفوا بمواهبهن مقارنة بالنساء بيض البشرة (بواقع 26% في مقابل 17%). ولا عجب أن النساء ذوات البشرة السمراء من الأرجح بكثير أن يشعرن بالتعثر في مسيراتهن المهنية مقارنة بالنساء بيض البشرة (بواقع 44% في مقابل 30%).
علاوة على ذلك، فمن الأرجح أن تشعر النساء ذوات البشرة السمراء، مقارنة مع بيض البشرة، بأنه عليهن التنازل عن أصلهن إن أردن أن يصبحن قائدات. وفي بحثنا، صرح 72% من النساء ذوات البشرة السمراء و53% من النساء من أصل لاتيني و52% من الآسيويات بأن "الوجود في المناصب التنفيذية" في شركاتهن يُحدّد عادة بالامتثال لمعايير الذكور بيض البشرة. وفي المقابل، فقد تبين أن 44% فقط من النساء بيض البشرة تخالجهن مشاعر مثيلة.
كيفية إيجاد مكان عمل يحتضن الجميع
وأي شركة تريد تحقيق الإمكانات الكاملة لموظفيها ينبغي أن تتخذ الآن، وأكثر من أي وقت مضى، إجراءات لخلق أماكن عمل آمنة وحاضنة للجميع تستطيع فيها النساء ذوات البشرة السمراء تحقيق كامل إمكاناتهن. ولقد جمعنا بضع حقائق يستطيع أرباب الأعمال والقادة والمدراء استخدامها:
التأكيد على المسوغات التجارية للتنوع والشمول
هناك عدة مسوغات تبرر وجوب تغير أماكن العمل الأميركية، ولكن من بين المبررات القوية التغير الديموغرافي الطارئ على البلد، بحسب ما يُظهر تقرير حديث لمكتب "إحصاءات العمل" الأميركي. وبالتالي، فإن الشركات بحاجة إلى قادة متنوعين يعكسون السوق المتغيرة. ويكشف بحثنا أنه عندما تكون فِرق محل العمل انعكاساً لتركيبة زبائنها المستهدفين، فمن الأرجح أن يبدع الفريق لأجل مستخدميه النهائيين بفعالية بأكثر من ضعفي إبداعه لو لم يعكس تركيبة زبائنه.
تمييز التحيز
مهما كانت النساء ذوات البشرة السمراء متأهبات، فلن يشغلن مقعداً حول طاولة صناعة القرار ما لم يسمح لهن الجالسون حولها بسحب كرسي. تستطيع الشركات أن تتخذ خطوات لتحقيق ذلك. على سبيل المثال، طورت إحدى الشركات متعددة الجنسيات برنامجاً للقادة لا يضع الموظفين ذوي الإمكانات العالية فقط على المسار الإداري، وإنما يستهدف أيضاً المشرفين الذين يختارون المرشحين. في تدريبات نبذ التحيز، تعلم المشرفون تمييز نزعاتهم التي تدفعهم إلى اختيار مرشحين أمثالهم والسيطرة عليها، والإقرار بدلاً من ذلك بالمرشحين العظماء ذوي البشرة السمراء. ولقد أعربت النساء ذوات البشرة السمراء اللائي شاركن في هذا التدريب عن شعورهن بالاندماج بقدر أكبر، وأنهن في وضع أفضل يتيح لهن فرصاً للتقدم والترقي. والأهم من ذلك أن المشرفين عليهم التزموا بإعطاء هؤلاء النسوة فرصاً قيادية في غضون عام واحد.
ممارسة القيادة الشاملة
إن القادة بحاجة إلى خلق بيئة جماعية آمنة يستطيع فيها جميع الموظفين التعبير عن آرائهم بحرية وإيصال أصواتهم والشعور بأنهم محل ترحاب. وعليهم احتواء مساهمات الموظفين الذين تختلف خلفياتهم أو خبراتهم عنهم، وتعزيز التعاون بين الموظفين على اختلافهم، وطرح أسئلة على جميع أعضاء الفريق، وتيسير النقاشات البناءة، وإعطاء ملاحظات قابلة للتنفيذ، والتصرف بناء على مشورة الموظفين المتنوعين. فضلاً عن ذلك، يستطيع القادة أن يُشعروا النساء ذوات البشرة السمراء بأن لهن قيمة عظيمة وأنهن جزء من الفريق، وذلك عن طريق تقدير أصولهن وتقديمها على قيم الامتثال، والعمل انطلاقاً من إدراك قدرة مجموعة أساليب العرض والتواصل على أن تُكلل بالنجاح في محل العمل.
تقديم برامج الرعاية
ابتكرت مؤسسات مثل "أميركان إكسبرس" (American Express) و"بنك أوف أميركا" (Bank of America)، برامج سرّعت تقدم النساء والأشخاص ذوي البشرة السمراء بإقرانهم برعاة يساعدونهم على اكتساب خبرات جديدة، لا في الأسابيع أو الأشهر الأولى لهم في العمل وحسب، ولكن على المدى البعيد أيضاً. وأثبت بحثنا أن مشورة الموجه ونصائحه ليست كافية، وأن المناصرة الهادفة للراعي تصنع الفارق كله. على سبيل المثال، كشف بحثنا عن أن النساء ذوات البشرة السمراء اللاتي يصرحن بأن لديهن رعاة من الأرجح بنسبة 81% أن يشعرن بالرضا عن تقدمهن الوظيفي مقارنة بالنساء اللائي ليس لديهن رعاة.
مساءلة القادة
احرص على أن يكون الشمول قيمة أساسية من قيم المؤسسة، لا مجرد خطوة تُقدم عليها "لاستيفاء الإجراءات" فحسب. على سبيل المثال، عندما ترأست باتريشيا فيلي كروشيل، الرئيسة التنفيذية لـ "مركز ابتكار المواهب"، قسم الموارد البشرية في شركة "تايم وارنر" (Time Warner)، كانوا قد وضعوا نظاماً للتتبع وتقديم التقارير بغية قياس التقدم الذي تم إحرازه في مقابل أهداف التنوع والاندماج لكل قسم. وكان القادة يُحاسبون، حيث ارتبطت 10% من علاواتهم بأهدافهم.
وفي نهاية الحديث عن كيفية وجود مكان عمل يحتضن الجميع دون استناء، إذا كان للشركات أن تنمو وتزدهر الآن ومستقبلاً، فلا بد من رفع أصوات النساء ذوات البشرة السمراء وإزالة العوائق المؤسسية التي تعترض طريق نجاحهن. ولإنجاز ذلك، لا بد أن يتعاطى قادة الشركة عن عمدٍ مع التيار المعاكس للتمييز الذي لا يرحم والذي يستمر في إعاقتهم عن أداء وظائفهم. علينا أن نطلق العنان لجميع المواهب، وفي نفس الوقت نحقق المزيد من الأرباح والمساواة، ونخلق عالماً أفضل.
اقرأ أيضاً: