إعادة الهيكلة أم إعادة التشكيل ما هو الفارق في التأثير؟

9 دقائق
إعادة الهيكلة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لمواكبة ظروف السوق المتغيرة باستمرار، غالباً ما يتعين إعادة الهيكلة داخل الشركات وإعادة تنظيم نفسها، إلا أن القادة عادة ما يتلقون مشورات متضاربة حول متى وكيف يفعلون ذلك. وهل تحتاج الشركة إلى هيكل جديد أم ينبغي لها تعديل الهيكل الحالي؟ وهل فوائد عملية إعادة التنظيم ستفوق التكاليف؟ وهل يمكن إنجاز العمل قبل تغير ظروف السوق مجدداً؟ وإلى أي مدى ينبغي أن تصل التغيرات؟

على مدار العقود الثلاثة الماضية، سعينا إلى مساعدة المسؤولين التنفيذيين في إجابة تلك الأسئلة، من خلال إجراء بحوث نوعية وكمية حول النوعين الرئيسين لعملية إعادة التنظيم، وهما إعادة الهيكلة وإعادة التشكيل. تنطوي إعادة الهيكلة على تغيير النموذج الأصلي لهيكل الشركة الذي تُصنَّف الموارد والأنشطة وتُنسَّق على أساسه. عادة ما تنظَّم الشركات على أساس الاختصاصات أو الاتجاه المهني أو شرائح المستهلكين أو المنصات التقنية أو الاعتبارات الجغرافية أو مجموعة مرتبطة شبكياً مع تلك الأشياء. ويُعد تحول شركة “مايكروسوفت” (Microsoft) عام 2013 من استخدام هيكل تنظيمي يركز على الاتجاه المهني إلى هيكل تنظيمي يتمحور حول الاختصاصات بما يشمل الهندسة والتسويق وتنمية الأعمال التجارية والترويج والاستراتيجية والبحوث المتقدمة، مثالاً جيداً على ذلك. أما إعادة التشكيل فتنطوي على إضافة وحدات عمل أو تجزئتها أو دمجها أو حلّها دون تعديل الهيكل الأساسي للشركة. أعادت شركة “نوفارتس” (Novartis) تشكيل أربعة أعمال تجارية عالمية لتصبح خمسة في 2016 من خلال تقسيم قسم المستحضرات الدوائية إلى قسمين: قسم دراسة الأورام وقسم المستحضرات الدوائية.

إعادة الهيكلة

عادة ما تكون أهداف نوعي عملية إعادة التنظيم متماثلة: دعم الابتكار، وهو ما بدوره يُحسّن الأداء المالي. ولكن تشير بحوثنا إلى أن النجاح في أغلب الأحيان ظرفي، ويجب على الشركات إعادة تنظيم هياكلها بصفة دورية للحد من الأشياء التي تقوض النمو تدريجياً، مثل الجمود والإجراءات الروتينية الصعبة والإقطاعيات، أو لتغيير التوجه الاستراتيجي لمواجهة التحولات في الكبرى في المجال. وأثناء الفترات التي تتمتع بها بمزايا تنافسية مؤقتة، يجب عليها أن تواصل التكيف مع تغيرات السوق بإجراء عمليات إعادة تشكيل على نطاق أصغر. ولا ينبغي للمسؤولين التنفيذيين الاختيار بين التطور وإحداث ثورة، بل يجب أن يفعلوا الأمرين بالطريقة المناسبة وفي الوقت المناسب.

ولكن كيف يُمكن للمسؤولين التنفيذيين استخدام كل نوع من نوعي عملية إعادة التنظيم بقدر أكبر من الفاعلية؟ بناءً على تحليلنا للدراسات السابقة، وعمليات ونتائج أداء مئات من عمليات إعادة الهيكلة وإعادة التشكيل، وضعنا إطاراً يتألف من أربعة أجزاء.

ضع ظروف الشركة في عين الاعتبار

لتحديد ما إذا كنتَ تحتاج إلى التخلص من الهيكل التنظيمي الحالي أم تعديله، هناك عاملان ينبغي أخذهما في الاعتبار: مستوى الدينامية أو الاضطراب في مجال عمل الشركة ومدى الحاجة الملحة إلى إجراء عملية إعادة توجيه استراتيجية.
تُشير بحوثنا إلى أنه في الأسواق سريعة الحركة، التي تتصف بأنها متغيرة الحجم ومفتوحة أمام مختلف أنواع المنافسين الجدد، عمليات إعادة التشكيل التي تنطوي على تغيرات سريعة وأصغر حجماً هي أفضل ما يُتيح للشركات اقتناص الفرص العابرة، لأن عمليات إعادة الهيكلة بطيئة ومرهقة للغاية في مثل هذه البيئات. كما تُبين بحوثنا، التي أُجريت على طائفة من الشركات الصغيرة وشركات أوروبية كبيرة والشركات الأميركية المدرجة في قائمة فورتشن 50″ ما يلي: خفّضتْ عمليات إعادة الهيكلة الأرباح بنسبة 2.6% (في المتوسط بلغ حجم الانخفاض 57.1 مليون دولار بالنسبة إلى أكبر الشركات التي أجرينا عليها البحث)، بينما أثمرت عمليات إعادة التشكيل عن زيادة ضئيلة في الأرباح بنسبة 0.4% (وهو ما يبلغ في المتوسط 9.6 مليون دولار بالنسبة إلى أكبر الشركات التي أجرينا عليها البحث). وفي القطاعات الدينامية، مثل تجارة التجزئة والصيرفة والتكنولوجيا، تنزع الشركات إلى إجراء عمليات إعادة التشكيل أكثر من تلك التي تعمل في قطاعات مستقرة وتضع إجراءات اعتيادية فعالة لإدارة هذا النوع من التغيير.

عندما تواجه شركتك زعزعة كبرى في قطاعها، لن تكون عمليات إعادة التشكيل كافية، ومن الضروري إجراء إعادة هيكلة. وفقاً لما قاله جون تشامبرز رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لشركة “سيسكو” (Cisco)، التحول الحقيقي لا يُمكن أن يحدث دون تغيير جذري وشامل. وقد اتبعتْ شركة “آي بي إم” (IBM) هذا المبدأ لسنوات عدة، ثم توقفتْ عن التركيز عليه، ومؤخراً عادت لتركز عليه من جديد. في عام 1995، عندما كانتْ الشركة تناضل للتكيف مع نهاية عصر الحواسيب الكبيرة، استجاب الرئيس التنفيذي وقتها، لويس غريستنر، وفريقه إلى هذا الأمر بوضع استراتيجية جديدة للخدمات والحلول مدعومة بهيكل “أمامي خلفي”. في هذا الهيكل الجديد، تطوِّر الواجهة الخلفية للمؤسسة (المتمثلة في التقنيات والنُظم الشخصية والخادم ومنصات تكنولوجيا البرمجيات) حلولاً تعمل الواجهة الأمامية التي تتعامل مع العملاء مباشرة (والمتمثلة في فريق جديد للمبيعات والخدمات على الصعيد العالمي) على تسويقها. والهدف هو تقسيم وحدات العمل المنفصلة، وتلبية احتياجات العميل على نحو أفضل، وبهذا تُحقق عملية إعادة التنظيم نجاحاً كبيراً.

ورغم ذلك، خلال العقد الأول من الألفية، حاولتْ “آي بي إم” استكشاف دينامية قطاعها بالاعتماد على عمليات إعادة التشكيل. فقد قلصتْ حجم الأعمال ذات الصلة بالأجهزة ذات هوامش الربح الأدنى، عن طريق إغلاق الوحدات وتصفيتها، كما ضاعفت جهودها الرقمية من خلال إضافة وحدات جديدة كالتجارة والأمن والتحليلات المحوسبة ونظام “واتسون” (Watson) والخدمات السحابية والرعاية الصحية. رغم أن الشركة لا تزال تطمح في أن تكون أيقونة للتقنيات المتطورة، تسببت استراتيجيتها ذات التغيرات المتواضعة في عدم تحقيقها لهذا الهدف كما أن أداءها تضاءل. واليوم تسعى جين رومتي، الرئيسة التنفيذية للشركة، إلى إجراء عملية إعادة هيكلة كبيرة لدعم عملية إعادة توجيه استراتيجية صوب تقنيات الحوسبة الإدراكية التي تُمكّن “إنترنت الأشياء”. وقد بدأت الشركة في تفكيك المنصات التقنية وإحلال وحدات العمل المتكاملة التي تركز على قطاعات محددة محلها.

اضبط وتيرة العمليات

نظراً إلى الاضطرابات والتوترات التي تسببها عمليات إعادة الهيكلة الكبيرة، لا ينبغي إجراؤها كثيراً. علاوة على ذلك، تستغرق عمليات إعادة الهيكلة بعض الوقت لتؤتي ثمارها: فتشير بحوثنا إلى أن أكثر عمليات إعادة الهيكلة نجاحاً تستغرق من 3 إلى 4 سنوات لتؤثر إيجابياً على الأرباح. لذا، نوصي بالانتظار مدة خمس سنوات على الأقل بين تلك العمليات، أو لفترة أطول، إذا كانت استراتيجيتك تحتاج فقط إلى تعديل وليس تحولاً جذرياً. فعندما تُجرب المؤسسات عدداً كبيراً للغاية من الهياكل بشكل سريع للغاية، أو تستخدم الهياكل القديمة تارة، والجديدة تارة أخرى، يتسبب ذلك في حدوث ارتباك ويتداعى الاندماج والابتكار والأداء.

عندما يتعلق الأمر بعمليات إعادة التشكيل، فإن وتيرة إجرائها تكون الأقرب لتحقيق التوازن، فإذا أجريت القليل جداً منها، لن تجد ما يكفي من الممارسات لتجريها بشكل جيد، وإذا أجريتَ الكثير جداً منها، سينتهي الأمر بك إلى قياس النتائج بشكل متسرع أو معيب، وستركز داخلياً بصورة تنذر بالخطر، وسوف تُصاب بالسأم من التغيير. في بعض الحالات، قد تتضخم عمليات إعادة التشكيل المتعددة لتتحول إلى عملية إعادة هيكلة غير مقصودة، وهو ما يضر بالأداء. وقد وجدنا أنه عندما تُضاعف الشركات حجم عمليات إعادة التشكيل التي تُجريها في سنة معينة، يُسفر ذلك عن انخفاض في الأرباح بنسبة 1% (وهو في المتوسط انخفاض قدره حوالي 22 مليون دولار بالنسبة إلى أكبر الشركات التي أجرينا عليها البحث). فقد انخرطتْ بعض الشركات في دورات التغيير المطولة والمتواصلة هذه لدرجة أنها لم يصبح لها وجود. ومن أمثلة ذلك، شركة “تكساكو” (Texaco)، وشركة “ديجيتال إكويبمنت كوربوريشن” (Digital Equipment Corporation)، وشركة “ماكدونل دوغلاس” (McDonnell Douglas).

تستغرق أكثر عمليات إعادة الهيكلة نجاحاً من 3 إلى 4 سنوات لتحقق نتائجها المرجوة.

إحدى المؤسسات التي يبدو أنها اهتدت إلى التوازن والوتيرة المناسبين لعمليات إعادة الهيكلة وإعادة التشكيل على مر السنين هي شركة “داو كيمكال” (Dow Chemical)، فبعد إعادة هيكلة ناجحة في 1985 و1995 و2000، أجرت الشركة واحدة أخرى عام 2009، لتعكس توجهاً استراتيجياً جديداً عقب عملية الاستحواذ على شركة “روم آند هاس” (Rohm and Haas) المتخصصة في التصنيع الكيميائي. وقد استخدمت هيكلاً مصفوفياً يضم خمسة أقسام ومناطق جغرافية للأعمال التجارية، مدعومة بمجموعة عامة لخدمات الأعمال التجارية واختصاصات مركزية أكثر قوة (مثل الهندسة والتصنيع). وفي الوقت نفسه، نفّذتْ الشركة مجموعة متنوعة من عمليات إعادة التشكيل. منذ عام 2009، حلّت الشركة وحدتين على الأقل سنوياً لتركز على التخصص والتقدم في مجال المواد الكيميائية، وعلى الأقل مرة واحدة في السنة، جزّأت الأعمال التجارية لتشكيل وحدات قائمة بذاتها مركزة على الأسواق (مثل المجموعة الجديدة لحلول البنى التحتية)، كما دمجت وحدات (مثل إدماج قسمي المواد الكيميائية والطاقة في مجموعة واحدة). بحلول عام 2013، تضاعفت أرباح “داو” تقريباً.

العب على نقاط قوتك وتميّز عن المنافسين

سواء كنتَ تُجري إعادة هيكلة أو إعادة تشكيل، يجب أن تلعب الطريقة التي تجمع الأنشطة والموارد وتُخصصها بها على نقاط قوتك وتُميز شركتك عن الشركات المنافسة. قد يبدو هذا واضحاً، ولكن ليست الشركات جميعها تملك الجرأة لتتبع هذا المبدأ التوجيهي، أو حتى أن تفهم أياً من الممارسات تناسب وضعها على أفضل نحو.

إذ يعمل التغيير الهيكلي بشكل أفضل عندما يعزز النقاط الفريدة التي تميز الشركة بدلاً من محاولة تقليد استراتيجيات المنافسين. ومن الأمثلة على ذلك، البنكان العالميان “سيتي بانك” (Citi) و”آتش إس بي سي” (HSBC). بينما يُنظم بنك “سيتي” أنشطته وفقاً لمجالات الاختصاص، يعتمد بنك “آتش إس بي سي” على هيكل ثلاثي الأبعاد (الخدمات التجارية والجغرافية والوظيفية المشتركة). يُعد هيكل “آتش إس بي سي”، الذي بدأ البنك في استخدامه عام 2011، أكثر تعقيداً وتكلفة للحفاظ عليه، ولكن لأن استراتيجية البنك تقدم للعملاء خدمات مالية سلسلة وعابرة للحدود، وتفرض نفقات في مقابل هذا، تؤمن الإدارة أن المنافع تفوق التكاليف.

وهناك أيضاً شركة الخدمات المهنية “أكسنتشر” (Accenture). بدلاً من تصنيف الدول حسب المنطقة، كما يفعل العديد من الخبراء الاستشاريين، نظمت “أكسنتشر” على أساس الفروق الاستراتيجية الجغرافية بشكل أكبر. فيركز هيكل “السوق الأساسية” الخاص بها على اقتصادات البلدان متقدمة النمو، ويعزز الكفاءات والتوحيد القياسي عبر الحدود، بينما يركز هيكل “أسواق النمو” الخاص بها على الاقتصادات الناشئة، وهو ما يسمح بالمزيد من التكيف المحلي والاستقلال الذاتي. استخدمت شركة “بروكتر آند غامبل” (Procter & Gamble) عملية إعادة الهيكلة التي أجرتها، والتي أطلقت عليها اسم “المؤسسة 2005” (Organization 2005)، لتنأى بنفسها عن المنافسين بطريقة مختلفة، من خلال إضفاء الطابع المركزي على مواردها وأنشطتها إلى حد أبعد بكثير مما اعتقد مراقبو القطاع أنه ممكن.

تُحقق عمليات إعادة التشكيل نتائج أفضل عندما تُصمَّم خصيصاً للاستفادة من مواطن القوة الاستراتيجية للشركة وتعزيز أوجه الترابط. ومن الأمثلة على ذلك، القرار الذي اتخذته شركة “جونسون آند جونسون” (Johnson & Johnson) بدمج وحدتين من وحداتها، ألا وهما “آربروك” (Arbrook, Inc.) و”جيلكو لابوراتوريز” (Jelco Laboratories) في السبعينات. كانت كلتاهما بالفعل من الشركات الرائدة في السوق فيما يتعلق بالضمادات ومعدات التعقيم والحقن والإبر والأدوات المستخدمة في جمع الدم، لكن بعد دمجهما أصبحت المجموعة أكثر ابتكاراً (وربحية)، وصممت الأنظمة الأولى لحقن السوائل للتعقيم الجراحي.

تتمثل أفضل الممارسات الأخرى فيما يتعلق بعمليات إعادة التشكيل في وضع وحدات العمل المتطورة في الأساس مع الوحدات التي تم الاستحواذ عليها، وهو ما يضمن أن الوحدة المشتركة تتمتع بكل من الحمض النووي للمؤسسة ودماء جديدة على حد السواء. حققت “جونسون آند جونسون” نجاحاً أقل في السنوات الثمانية التي قضتها في شراء مختلف شركات صمامات القلب المستحوذ عليها ودمجها وتقسيمها، لأنها كانت دائماً تُدار بمعزل عن المؤسسة الحالية، وفي نهاية المطاف خرجت من المجال عام 1986.

الشركات التي تُجري أياً من نوعَي عمليات إعادة التنظم يجب أن تضع في اعتبارها أنه عندما يُعاد إسناد الأنشطة يجب أن يعقب ذلك تخصيص الموارد اللازمة لدعمها. ففي “جونسون آند جونسون”، يحدد المسؤولون التنفيذيون مسبقاً أياً من الأصول المادية (على سبيل المثال، منشآت التصنيع ومرافق البحث والتطوير)، والأشخاص (تحديداً المسؤولين التنفيذيين ذوي الخبرة في عمليات إعادة التنظيم) يجب نقلهم عندما تُنقَل الوحدات. وقد وجدنا أن الشركات التي تدعم الوحدات المنشأة حديثاً أو الوحدات المدمجة بالمرافق وخدمات الدعم التي تلزمها، كانت أكثر ابتكاراً من الشركات التي فشلتْ في فعل هذا (فقد كانت الاستشهادات ببراءات الاختراع المسجلة باسمها أكثر بمقدار 17%).

حدد ما هي النُظم الأخرى التي تحتاج إلى تغيير

عندما تُجري شركة ما عملية إعادة هيكلة، يجب أن يتغير العديد من الجوانب الأخرى المتعلقة بالتنظيم أيضاً، وهذا يشمل عمليات الإدارة ونُظم تقنية المعلومات والثقافة والحوافز والمكافآت وأساليب القيادة، وأيضاً يجب أن يحدث ذلك بسرعة، إن لم يكن على نحو متزامن، لا سيما في الأسواق سريعة التحرك. وعمليات إعادة الهيكلة التي تُجرى بشكل منفصل غالباً ما تُسفر عن حدوث اختلال قد يؤدي بدوره إلى شل حركة الشركة.

وقد سعى بنك “آتش إس بي سي” إلى تجنب هذا الفخ عندما قدَّم المسؤولون التنفيذيون الهيكل المصفوفي مرتبطاً بالاستراتيجية الشاملة الجديدة لإدارة حسابات العملاء، وبذلك فهم لم يفككوا وحدات العمل المنفصلة القطرية الحالية فحسب، ولكن أيضاً دربوا المدراء على كيفية غرس ثقافة تنطوي على قدر أكبر من التعاون، فقد عرّفوا الموظفين على قيمتين أساسيتين جديدتين سيتم تقييمهم بناءً عليهما، ألا وهما الانفتاح والتواصل، وأعادوا تنظيم المكافآت مع ربط العلاوات بأهداف البيع المتقاطع والأداء العام للشركة بدلاً من مجرد تقسيم الأرباح. كما أوضح المسؤولون التنفيذيون الأدوار والمسؤوليات في ظل الهيكل الجديد، على سبيل المثال، ستضع وحدات الأعمال العالمية مبادئ توجيهية للتسعير، لكن الفرق المحلية هي المخولة بتكييف الأسعار ضمن تلك الحدود. وقد سارعوا إلى دمج نُظم تقنية المعلومات المتعددة الخاصة بالبنك، وأيضاً إلى الاستثمار في الأدوات الرقمية التي ستعزز تبادل المعلومات. وربما الأهم من ذلك، أنهم تحدثوا بصراحة وشفافية حول التغييرات، وأوضحوا وجهات نظرهم، ووضعوا خططاً، واحتفلوا بنجاحاتهم على طول الطريق.

وعلى العكس من ذلك، من المرجح أن تنجح عمليات إعادة التشكيل عندما يتأكد المسؤولون التنفيذيون من أن التغييرات تؤثر فقط على الوحدات المستهدفة مع الحفاظ على الاستمرارية في المجالات الأخرى للمؤسسة، وهذا لأن الممارسات والعمليات على مستوى المؤسسة التي اعتاد الجميع عليها بالفعل يمكن أن تخلق أرضية مشتركة عندما تُدمَج الوحدات أو تُنقَل.

فلنعد إلى “أكسنتشر” مرة أخرى. في عام 2014 أعادت تشكيل منصات النمو الثلاثة الخاصة بها لتصبح أربع منصات (استراتيجية ورقمية وعملياتية وتقنية) في إطار هيكلها المصفوفي الحالي. وقد أُجريت التغييرات بسلاسة نسبياً بفضل مجموعة من الممارسات والعمليات المتبعة ومنها: النموذج الموحد الذي يستخدمه الخبراء الاستشاريين كلهم للتواصل مع العملاء وتحقيق قيمة، وتقويم الأداء المشترك، والتطور المهني، وإدارة المعارف، والشبكة الداخلية، ونُظم تقنية المعلومات الخاصة بالشركة، وبناء ثقافة وبيئة مكتبية متماثلة في مختلف أنحاء العالم.

الخلاصة

مصطلح “إعادة التنظيم” جامع وشامل لعمليتي تغيير منفصلتين: إعادة الهيكلة وإعادة التشكيل. وكلتاهما تحقق قيمة إذا اتُبعت بالطريقة الصحيحة، ولتحديد النهج الأفضل لك، يجب أولاً أن تراعي ظروف شركتك: في القطاعات الدينامية، تُعد عملية إعادة التشكيل هي الأفضل، ما لم تحدث زعزعة في القطاع تتطلب إجراء تغيير كبير في الاستراتيجية وإعداد هيكل جديد لمواكبتها. وتذكّر أن تُباعد بين عمليات إعادة التنظيم: أعدّ الهيكلة بحذر شديد، وأعدّ التشكيل على نحو أكثر تواتراً، ولكن ليس كثيراً لدرجة أن تسود الفوضى. استخدم عمليات إعادة التنظيم بوصفها وسيلة للعب على نقاط قوتك وتمييز أعمالك عن أعمال المنافسين، وحدد بوضوح نطاق التغيير. في عمليات إعادة الهيكلة غالباً ما تكون هناك حاجة إلى ثقافة وممارسات وعمليات ونُظم جديدة، بينما في عمليات إعادة التشكيل، الاستمرارية والقواسم المشتركة هي المفضلة. لن تضمن هذه المبادئ التوجيهية إجراء عملية إعادة التنظيم بشكل سلس، ولكن ينبغي أن تُحسّن فرصك في تحقيق نتائج موفقة.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .