أكثر تكتيكات التفاوض استخداماً قد يصبح خارج اللعبة

5 دقائق
أفضل بديل للاتفاق التفاوضي

يثني المفاوضون والباحثون المحترفون على حد سواء على نهج البديل الأفضل من الاتفاق التفاوضي الذي يعرف اختصاراً باسم "باتنا" (BATNA) أو "نتيجة "الانسحاب" (walk away)، كمصدر رئيس للقوة النسبية لدى المفاوض. لكن الاعتماد حتى على أفضل البدائل كمصدر قوة قد يطرح مشكلة، فهل يوجد أفضل بديل للاتفاق التفاوضي؟

قوتك النسبية في التفاوض هي قدرتك على استخدام الموارد للتأثير على ظروف الآخرين، ودور نهج البديل الأفضل من الاتفاق التفاوضي أو "باتنا" في هذا الإطار يمكن أن يتراوح بين أن يكون مؤثِّراً إلى أن يكون معدوماً. فكِّر في التحدي الواضح الذي يواجهه مفاوض يعتقد أنه يملك بديلاً قوياً جداً ثم يكتشف أن لدى الجانب الآخر بديلاً أقوى منه نسبياً. يمكن أن يظهر هذا النوع من عدم التكافؤ في قوة "باتنا" بأشكال عدة (على سبيل المثال: عدم توفر بديل مقابل بديل قوي، أو صفقات تكون فيها الحوافز لدى كل جانب مختلفة تماماً). قوة المفاوض المستندة إلى البديل الأفضل في هذه المواقف لا معنى لها تقريباً، مثل أي استراتيجية مقابلة تعتمد على الشيء نفسه.

تساعد البدائل الأفضل في الاتفاق التفاوضي المفاوضين على تحديد الحد الأدنى أو الحد الأقصى الذي يفقد بعده أي اتفاق مع مفاوض معين قيمته. فالبدائل الأفضل هي في جوهرها، خط دفاعي لصد أي اتفاق أدنى من السقف المطلوب. وهي ليست مصممة لتسهيل بناء العلاقات أو الاستكشاف أو الإبداع أو التعاون التي يتفق معظم الباحثين والممارسين على أنها جميعها ضرورية للوصول إلى الاتفاق الأمثل أو الأكثر فاعلية المبتغى في أكثر الأحيان، ولكن نادراً ما يتحقق.

الاعتماد على منهج يتضمن نجاح المفاوضات

من هنا، يمكن للمفاوضين اتخاذ خطوات عملية نحو اتباع نهج يتضمن مزيداً من الإيجابية تحقيقاً للفرص التكاملية القصوى لمفاوضاتهم:

فكر في الاعتماد المتبادل، وليس فقط في البدائل:

يُعد التثبت من السبب وراء مدى حاجة الطرف المقابل إلى ما تقدمه أمراً أساسياً عندما يتعلق الأمر بالقوة النسبية: فكلما زادت حاجته إليك أو إلى منتجك أو خدمتك، زادت قوتك، والعكس صحيح. سيكون من المفيد لك وللطرف الآخر أن تصبا جهودكما على القوة الكامنة على اعتماد كل منكما المتبادل على الآخر. يُحدد الاعتماد المتبادل من خلال مجموع أو متوسط ​​اعتماد الطرف (أ) على الطرف (ب)، واعتماد الطرف (ب) على الطرف (أ). العلاقة بين الاعتماد المتبادل والقوة هي علاقة مباشرة، وهي موجودة في كل أنواع المفاوضات.

التركيز على الاعتماد المتبادل يوجه انتباهك نحو التحقق والاستكشاف، وهو ما يمضي بالمحادثة قدماً من: "إلى أي مدى يمكنني الحصول من هذه الصفقة على ما يتجاوز أفضل بديل بالنسبة إليّ؟" إلى "ما عدد الطرق التي تتيح لي إظهار قيمة شركتي لهذا الفرد استناداً إلى احتياجاته (أو احتياجاتهم)؟".

هكذا بالضبط تمكن رجل الأعمال جون سيتلز، أحد مالكي شركة جديدة نسبياً متخصصة في الاستدامة، من إقناع حي به مدرسة مجاورة بالاستعانة بخدمات شركته. لم يكن لدى جون علاقة سابقة مع المشتري وكان نشاطه التجاري حديثاً ورصيده محدوداً. في حين كان بين منافسيه شركات أكبر وأقدم في السوق، وكانت البدائل لديه غير ذات صلة. ركز جون عن جدارة على طرح أسئلة استيضاحية، وتمكّن من شرح كيف كانت شركته في وضع فريد ليس فقط لتلبية الاحتياجات الفورية للحي، لكنه صمم أيضاً خطة ذات عدة مستويات عمقت اهتمام المشتري بخدمات شركته وحاجته إليها. حول جون المحادثة نحو طرق يمكن أن تكون مفيدة بشكل متبادل في تلك المجالات التي تتداخل فيها احتياجات الطرفين المتبادلة. وصل الاثنان معاً إلى اتفاق أفضل، حقق لشركته 25% أكثر من ذاك الذي التقيا بالفعل لمناقشته.

احصل على القوة في سياق عملك، وليس في مشاعرك:

ستسمع في كثير من الأحيان العبارة التالية: "عندما أشعر أن لدي قوة أكبر في التفاوض، أفاوض بشكل أفضل، لكن عندما يحصل العكس، لا أُحسن ذلك". تناولت أبحاث محدودة مسألة تصور المفاوضين عن القوة وكيف تؤثر تلك التصورات على النتائج، وكشفت بعض الأدلة عن وجود علاقة إيجابية بين تصورات المفاوضين حول قوتهم ودرجة مشاركتهم في التفاوض التكاملي.

في حالة تقلب القوة مع المشاعر، يكمن التحدي في أن هذا النوع من القوة غالباً ما ينتج عنه وضع يسعى فيه المفاوضون إلى الحصول على قيمة وإلى استخدام قوتهم للتصرف بشكل أكثر انتهازية، وترك الجانب الآخر يشعر وكأنهم لا يعيرون أي اهتمام لمصالحه. من ناحية أخرى، فإن "تحليلات المشاعر" يمكن أن تجعل المفاوضين يشعرون بعدم الأمان وبأنهم ليسوا حازمين بما فيه الكفاية. القوة خلال التفاوض لا تعتمد على نظرتك الفردية والمحدودة لما لديك لتقدمه، بل على الواقع الموضوعي لما لديك لتقدمه فيما يتصل باحتياجات الطرف الآخر. الشعور بالقوة لا صلة له هنا بالأمر.

يمكن أن يكون التركيز على الاعتماد المتبادل مفيداً هنا أيضاً، مما يوفر قوة نفسية أكبر في الحالات التي تكون فيها القوة الموضعية (أو قوة الدور) وقوة البديل الأفضل غائبة. على سبيل المثال، شارك العديد من الطلاب الجامعيين والخريجين قصصاً عن مفاوضات التوظيف والترقيات الصعبة حيث كان لدى هؤلاء الطلاب خيار أفضل ضعيف أو لا خيار لديهم، وشعروا أن صاحب العمل كان في موقع أقوى. لكنهم لم يشعروا بالعجز عندما ركزوا على القوة الموجودة في احتياجات كل من الشركات المعنية بالنسبة إلى مهاراتهم. لقد صاغوا خطابهم بشكل استراتيجي حول قيمة المكاسب المتبادلة التي يمكن تحقيقها عن طريق توظيفهم أو ترقيتهم. تضمنت النتائج زيادات بنسبة 10% إلى 30% في عروض رواتبهم الواردة ومكافآت أعلى ومناصب أفضل ومزيداً من أيام الإجازة المدفوعة. علاوة على ذلك، أشاد مدراء التوظيف مراراً وتكراراً بهؤلاء المرشحين لما أبدوه من حزم. لقد شعروا بثقة أكبر إزاء توظيف شخص يناضل بصورة محترمة وبارعة ومقنِعة لنيل ما شعر أنه يستحقه.

التركيز على التعلم، وليس على الشراء أو البيع:

يجب أن تُحدد في أثناء التفاوض ثلاث أولويات:

  • جمع معلومات قدر الإمكان عن الفرد الذي تتعامل معه.
  • معرفة أكبر قدر ممكن عن الكيان الذي تتعامل معه.
  • الاستيضاح قدر الإمكان عن ظروفه أو ظروفها.

من هو هذا الفرد؟ كم سنة مضت عليه وهو يعمل في هذا القطاع؟ منذ متى وهو يعمل مع هذه الشركة أو المؤسسة؟ كيف يكافأ هذا الفرد في شركته أو مؤسسته؟ هل هذا مشروع كبير بالنسبة إلى هذا الفرد أو المؤسسة، أم مشروع صغير قليل الأهمية نسبياً؟ كم عدد المشاريع المماثلة التي ينفذونها حالياً؟ ستكون الأسئلة ذات الصلة: أي نوع من الشركات أو المؤسسات هذه؟ منذ متى وهي تنشط في القطاع؟ كيف تحدد سوقها، أو في حالة كانت مؤسسة غير حكومية أو مؤسسة حكومية ما هدفها الرئيس؟ ما مكانها الحالي في السوق، وماذا تريد أن يكون مكانها الاستراتيجي في السوق في المستقبل القريب وعلى المدى البعيد؟

يجب صياغة الأسئلة الأولى لتكون أسئلة عامة. فأنت لا تريد أن تدخل في الموضوع بصورة حادة، خصوصاً مع المفاوضين الأقل ميلاً إلى الإجابة عن الكثير من الأسئلة. مع تقدم المفاوضات، يمكنك الانتقال إلى أسئلة أكثر تحديداً. تذكَّر، نحن نعرف أن الطرف الآخر يحتاج إلى منتجك أو خدمتك، ولكن لماذا؟ كيف يمكنك تلبية احتياجات هذا الطرف وجعله أكثر اعتماداً من الناحية المالية أو غير ذلك، عليك أو على منتجك؟

عامل المجهول كمكان يحفل بإمكانات خفية، وليس كحقل ألغام مخيف:

تُكسَب معظم المفاوضات خلال مرحلة الإعداد، وليس حول طاولة المفاوضات. اعرف السوق جيداً وكذلك الفرد والكيان، وما إلى ذلك... ولكن لا تجعل تلك المعلومات تقيِّدك. فالحقائق التي لديك تشير فقط إلى بعض الاحتمالات، ولكن بالتأكيد ليس كل الاحتمالات.

الجانب الذي يمثل أكثر التحديات العاطفية في مرحلة الإعداد ينطوي على احتضان المجهول كمكان للفرص والإمكانات خلال التفاوض. السؤال الحاسم هو: "ما الذي لا أعرفه وأحتاج إلى معرفته؟" في حين أن عدم تناسق المعلومات يمكن أن يكون أكثر الجوانب المقلقة للتفاوض، فإنه قد يكون الأكثر إثارة للاهتمام. وذلك لأن اكتشاف المعلومات على جانبي الطاولة يوفر فرصاً للحلول الإبداعية. عندما يتسبب الخوف في إخفاء المفاوض للمعلومات، يعمل ذلك المفاوض (وربما نظيره كذلك) ضد التوصل إلى اتفاق، وليس من أجل ذلك. لذلك، لا تقضِ كل وقتك المخصص للإعداد في كيفية تحديد شروط الاتفاق. بدلاً من ذلك، اقضِ بعض الوقت في العصف الذهني وتحديد الأسئلة التي ما إن تحصل على إجابات لها ستساعدك على إطلاق الأفكار.

يتطلب فن التفاوض بطبيعته التوصل إلى حل وسط، وهذا يعني أنه لا يوجد شيء اسمه القوة المطلقة في المفاوضات. كل مفاوض لديه بعض القوة وهناك دائماً درجة من الاعتماد المتبادل. لذا احرص على عدم تعطيل مصدر الطاقة الرئيس لديك لأنك تركز بشدة على مصادر الطاقة البديلة. يمكن أن يساعدك منهج البديل الأفضل لتحديد ما هو محتمل إذا فشلت الصفقة الحالية، ولكنه غير قادر على الكشف عن الإمكانات الكاملة للصفقة. فقط أنت ونظيرك يمكنكما من خلال عملكما معاً حول الطاولة التوصل إلى اتفاق لا يتجاوز أفضل بديل للاتفاق التفاوضي فحسب، بل ربما يجعله غير ملائم تماماً.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي