هل إدارة الموارد البشرية هي أكثر وظيفة تحتاج لمهارة التحليل؟

4 دقائق

لطالما رأيت على مدى العقد الماضي أنّ وظيفة الموارد البشرية يُحتمل أن تصبح إحدى الوظائف الرائدة في مجال التحليلات، وكانت الكلمة المفتاح في اعتقادي هي أنّ ذلك محتمل، ولكن ليس بعد. يشير استبيان عالمي نُشر في الآونة الأخيرة، وتعاونت فيه مع شركة أوراكل، إلى أنّ إدارةالموارد البشرية تُجاري معظم الوظائف التحليلية في الأعمال - بل وتتقدّم قليلاً على تتركز على البيانات الكمّية مثل إدارة الشؤون المالية. فالكثير من أقسام الموارد البشرية يستخدم الأساليب التحليلية المتقدمة مثل النماذج التنبؤية والتوجيهية والذكاء الاصطناعي.

يُعتبر هذا تغييراً كبيراً خلال عقد من الزمن، عندما بدأت دراسة استخدام تحليلات المواهب. (جين هاريس وجيريمي شابيرو وأنا نشرنا مقالة في هارفارد بزنس ريفيو حول هذا الموضوع في عام 2010). في ذلك الوقت، كانت تحليلات الموارد البشرية المتطورة فعلاً التي اكتشفناها هي تحليلات جوجل وربما هاراز (Harrah’s) (التي تغيّر اسمها الآن إلى كايسارز Caesars). كان هناك قدر لا بأس به من عمليات تقديم التقارير الجارية وقدر قليل من التنبؤ، حتى أنّ مؤسسات إدارة الموارد البشرية قليلاً ما كان لديها شخص مخصص للتحليلات. وكانت "تحليلات الموارد البشرية" تعني عادة النقاش حول عدد الموظفين الذي تضمه المؤسسة أو أفضل طريقة لقياس تفاعل الموظفين.

كنت أظن أن الأمور مختلفة جداً اليوم حتى قبل أن تظهر نتائج الاستبيان الجديد. تضم معظم الشركات الكبيرة مجموعة صغيرة على الأقل من الأشخاص أو المواهب أو القوى العاملة أو محللي الموارد البشرية، كما أنّ هناك الكثير من المؤتمرات حول هذا الموضوع، ومن الشائع جداً للمؤسسات اليوم أن تصمم نماذج نمو القوى العاملة والاستنزاف والتفاعل والمتغيرات الرئيسية الأخرى.

شمل الاستبيان 1,510 مشاركين من 23 دولة في خمس قارات، من بينهم مدراء كبار ومدراء عاديون ونواب مدراء من الموارد البشرية (61%)، والشؤون المالية (28%)، والإدارة العامة (10%)، وكان كل المدراء التنفيذيين من شركات تحقق عائدات تساوي أو تفوق 100 مليون دولار أميركي. ولقد عُيّنتُ أنا للمساعدة في تصميم الاستبيان وتحليله وتقديم تقرير عنه. يمكنكم الاطلاع على تفاصيل النتائج من هنا.

على الرغم من أنّ الموارد البشرية تسير بوضوح في اتجاه تحليلي، إلّا أنّني لم أتوقع المستوى العالي جداً للنشاط التحليلي المتطوّر في الاستبيان. وفيما يلي بعض النقاط البارزة:

  • قال 51% من المستطلَعين في مجال الموارد البشرية إنّهم يستطيعون أداء التحليلات التنبؤية أو التوجيهية، في حين لم تتخط نسبة المستطلعين في مجال المالية الذي يمكنهم تولّي هذه الأشكال الأكثر تقدماً من التحليل نسبة 37%.
  • وافق 89% أو وافقوا بشدة على أنّ "وظيفة الموارد البشرية على درجة عالية من المهارة في استخدام البيانات لتحديد خطط القوى العاملة المستقبلية في الوقت الحالي (مثل المواهب المطلوبة)"، فيما خالف ذلك 1% فقط.
  • وافق 94% على "أنّنا قادرون حالياً على التنبؤ باحتمالية دوران الموظفين في الأدوار الهامة بدرجة عالية من الثقة".
  • وافق 94% أيضاً على أنّ "لدينا حالياً رؤى دقيقة وفي الوقت الفعلي حول أهداف التطور الوظيفي لدى موظفينا".
  • رداً على سؤال "أي تحليل تستخدم من التحليلات التالية؟" حصل "الذكاء الاصطناعي" على النسبة الأكبر مع 31%. ولدى طلب مزيد من التفاصيل حول كيفية استخدام الأشخاص المستطلَعين للذكاء الاصطناعي، كانت الردود الأكثر شيوعاً هي "تحديد المواهب المعرضة للخطر من خلال نمذجة الاستنزاف"، و"التنبؤ بالمرشحين للوظائف ذوي الأداء العالي"، و"تحديد مصادر المرشحين الأنسب عن طريق تحليل السيرة الذاتية".

كان هذا المستوى من القدرة على التقييم الذاتي لتحليل الموارد البشرية مرتفعاً في كل منطقة جغرافية تقريباً وكل سؤال محدد، ولكنّه كان أقل بعض الشيء في المؤسسات الآسيوية والأوروبية والأسترالية، بينما كان أعلى عموماً في الولايات المتحدة والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية. وبالنسبة إلى القطاعات، كان هذا المستوى متدنّياً في فئات "الضيافة والسفر والترفيه" و"الإعلام والترفيه". أما القطاعات ذات المستوى العالي فضمّت قطاعات الخدمات المالية والطاقة والمرافق العامة والخدمات المهنية والتوزيع بالجملة.

لماذا تُعتبر إدارة الموارد البشرية متوائمة مع التحليلات المتقدمة أكثر من إدارة الشؤون المالية التي كانت دائماً وظيفة تقوم على الأرقام؟ لقد لاحظت منذ سنوات أنّ المؤسسات المالية والمدراء الماليين الذين يقودونها قد وجدوا صعوبة في تحويل التحليلات الوصفية السابقة وعملية كتابة التقارير السابقة - وهو ما يتقنون فعله - إلى تحليلات أكثر تقدماً. ثمّة بالتأكيد استثناءات لهذه القاعدة، ولكنها تساعد في تفسير سبب سرعة نموّ التحليلات المتقدمة في مجال الموارد البشرية.

لا توجد وظيفة في أي شركة قائمة بذاتها تتمحور حول البيانات والتحليلات. وبالتالي كان أحد الأسباب التي دفعت شركة أوراكل إلى استبيان المدراء التنفيذيين في أقسام الموارد البشرية والمالية على حد سواء يتمثّل في أنّ ثمّة حاجة للتعاون بين هاتين الوظيفتين. فالإنفاق على القوى العاملة غالباً ما يكون من بين أعلى التكاليف التي تتكبدها المؤسسة، والوضع المالي للشركة هو الذي يؤدي إلى تقلّبات في حجم القوى العاملة وتركيبتها. وجد الاستبيان مستويات عالية من التعاون والاحترام المتبادلين بين أقسام الموارد البشرية والمالية كما وجد أنّ ثمّة حاجة متزايدة للتعاون. على سبيل المثال، بالنسبة لمسألة "اعتبار دمج بيانات الموارد البشرية والبيانات المالية أولوية قصوى بالنسبة لنا هذا العام"، وافق عليها أو وافق عليها بشدة 82% من المستطَلعين بينما عارضها 5% فقط منهم. ومع ذلك، كشفت المقابلات الكثيرة التي أجريت بعد الاستبيان أنّه لا يزال هناك الكثير من الفرص لزيادة تبادل البيانات والتعاون في مجال التحليلات.

بالطبع، ليست كلّ الأمور وردية في عالم تحليل الموارد البشرية. كنت مهتماً جداً برؤية الاستخدام الوظيفي للأدوات التحليلية يفوق القدرة على تفسير هذه الأدوات والتصرّف بناء عليها. عند سؤال المستطلعين عن المجال "الذي تشتد الحاجة فيه إلى تطوير أو تحسين" المهارات التحليلية من أجل الموارد البشرية، كان الخيار الذي احتل المركز الأول هو "الاعتماد على البيانات والتحليلات من أجل حل القضايا". كما وقع كل من "غرس التحليل الكمي ومهارات التفكير المنطقي" و"تقديم المشورة لقادة الأعمال عن طريق سرد قصة ما بالاعتماد على البيانات" في مرتبة متقدمة أيضاً. وهذه المهارات تفتقر إليها وظائف أخرى بالقدر نفسه، بحسب ما أعرفه من خلال خبرتي. ولعل ذلك علامة أخرى على النضج التحليلي للموارد البشرية التي تواجه النقص في المهارات البشرية نفسه الذي أفسد مستخدمي تحليلات المستخدمين في الشركات منذ وقت طويل.

اقرأ أيضاً في المفاهيم الإدارية: تعريف إدارة الموارد البشرية

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي