هل تخرّجت في الجامعة مؤخراً وتواجه صعوبة في العثور على وظيفة؟ لا تيأس
بمجرد انتهاء احتفالات التخرج، يحين وقت وداع الأصدقاء والأماكن التي قضى فيها الطلاب سنوات الدراسة للانطلاق إلى بدايات جديدة في حياتهم المهنية وكذلك الشخصية. يتوجه العديد من الخريجين الجدد إلى المدن الكبرى بحثاً عن وظيفتهم الأولى بعد التخرج أو لاستكمال دراساتهم في برامج الدراسات العليا.
لكن بالنسبة للخريجين الجدد الذين لا يملكون خططاً لمواصلة دراستهم أو لم يحصلوا على عرض عمل بعد، فإنهم يواجهون حالة من الغموض وعدم اليقين والقلق فيما يتعلق بمسارهم المهني المستقبلي. هل ستبقى في المدينة التي قضيت فيها حياتك الجامعية، أم أنك ستعود إلى مدينتك، أم أنك ستتبع أصدقاءك إلى وجهات قد تكون فيها فرص العمل أفضل؟ كيف يجب عليك أن تقضي وقتك الآن بعد انتهاء مرحلة الدراسة الجامعية؟ كيف تشرح كيفية قضاء وقتك بعد التخرج لصاحب العمل المحتمل؟
على الرغم من أن دفعة عام 2024 لم تتخرج خلال مرحلة الركود الاقتصادي التي كان يخشاها بعض خبراء الاقتصاد، فإن خريجيها لا يزالون يبحثون عن وظائف في سوق العمل التي تقدّر المهارات على حساب الشهادات العلمية، وتفضّل العمل بدوام جزئي على العمل بدوام كامل.
إذا كنت أحد الخريجين الجدد الذين لم يحصلوا على وظيفة بعد التخرج، فإليك 4 نصائح يوصي بها خبراء التوظيف يجب اتباعها خلال الأشهر التي تلي التخرج:
1) تذكّر قيمتك
قبل جائحة كوفيد-19، كان معدل البطالة بين الخريجين الجدد في الولايات المتحدة أقل من معدل البطالة بين السكان عموماً. على الرغم من ذلك، فقد شهدت معدلات البطالة ارتفاعاً بين الخريجين الجدد منذ عام 2021.
تقول مؤلفة كتاب "سوّق نفسك: كيفية إنشاء علامة تجارية شخصية قوية وتجسيدها وترويجها" (Sell Yourself: How to Create, Live, and Sell a Powerful Personal Brand) والرئيسة التنفيذية لشركة الاستشارات أورانج ليف كونسلتنغ (Orange Leaf Consulting)، سيندي ماكغوفرن: "لا أريد أن تؤثر الظروف الاقتصادية سلباً على معنويات الخريجين الجدد". تؤكد ماكغوفرن أن عدم الحصول على وظيفة مباشرة بعد التخرج ليس أمراً طبيعياً، وفي الوقت نفسه لا يُعد أمراً غريباً. تقول: "هذا هو واقعنا الحالي الذي يعكس الوضع العام للسوق والظروف الراهنة".
بعبارة أخرى، فإن الطلب على العمالة يتغير باستمرار ويختلف من قطاع إلى آخر. عندما يكون الاقتصاد في حالة ركود، فمن الممكن أن يبدو البحث عن وظيفة أمراً محبطاً، لكن في النهاية، تذكر أن مثل هذه العوامل خارجة عن سيطرتك، وللحفاظ على معنوياتك وحماسك، من المفيد الاعتراف بذلك وتذكير نفسك باستمرار بأن صعوبة الحصول على وظيفة لا تعكس بالضرورة قيمتك أو مهاراتك الفردية.
نصيحة احترافية
إذا كنت تفتقر إلى خبرة عمل طويلة المدى، فلا تدع ذلك يحبطك. يبدأ كل فرد مسيرته المهنية من الصفر، وفي كثير من الأحيان، يتمتع الشخص المبتدئ بمزايا وفوائد معينة. تقول ماكغوفرن: "أفضّل توظيف شخص شاب وطموح ومفعم بالحماس، بدلاً من توظيف شخص لديه خبرة تمتد لأكثر من 15 عاماً، الذي سيكرر الأداء نفسه وما تعلّمه سابقاً، لكن يجب عليك إقناعي بأنك تمتلك الحماس والطموح اللازمَين للنجاح". توضح ماكغوفرن أنه يمكنك تعليم أي شخص المهارات اللازمة للوظيفة، لكن لا يمكنك تعليمه الدافع والرغبة الداخلية للعمل.
2) فكّر فيما تريده حقاً
عند دخولك سوق العمل، قد تشعر برغبة في الاندفاع إلى العمل والحصول على وظيفة بسرعة؛ فتقبل أول عرض عمل يُقدم إليك دون تفكير كافٍ، أو قد تفكر في اللحاق بأصدقائك في المدن الكبرى التي تبدو فيها الفرص المهنية وفيرة للغاية. من المؤكد أن الحصول على وظيفة جيدة ومناسبة، وما يصاحبها من فوائد كثيرة، يُعد أمراً مُلحاً وواقعياً. وفقاً للمدربة المهنية لدى شركة آر كيه إي بارتنرز (RKE Partners)، ليز ساستر، فإنه من المفيد قبل اتخاذ أي إجراءات أن تقلّل من اندفاعك وتقيّم رغباتك وقدراتك.
على الأرجح، لن تحدد وظيفتك الأولى بعد التخرج مسار حياتك المهنية بالكامل، لكنها يمكن أن تكون خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح. عادة، يستغرق العثور على وظيفة من 3 إلى 6 أشهر تقريباً، وهي فترة كافية للتفكير فيما تريده حقاً. حاول كتابة أهم مهاراتك ونقاط قوتك، بالإضافة إلى طريقة إبراز هذه المهارات وتجسيدها على أرض الواقع لتحقيق النجاح في هذه الوظيفة. فكر في أنواع المشاريع التي تفضّلها وتستمتع بتنفيذها والمهام التي تنجزها بسهولة، بالإضافة إلى النتائج التي حققتها باستخدام تلك المهارات (سواء كان ذلك في أثناء الدراسة، أو خلال التدريب الداخلي على العمل، أو في الوظائف السابقة). يمكن أن تساعدك هذه المعلومات على توجيه عملية البحث عن وظيفة بطريقة أفضل: ما هي أنواع الوظائف والمسؤوليات التي تتوافق مع ما كتبته؟
بالإضافة إلى ذلك، اقترحت ساستر أن يكون الشخص واقعياً، سواء من الناحية المالية أو غيرها، عند اتخاذ قرارات الانتقال للعمل من حيث المكان والتوقيت. يمكن أن يشمل ذلك البقاء في المنزل والادخار حتى تحصل على وظيفة مستقرة، أو أن تكون مستعداً للانتقال إلى مكان غير متوقع عندما تجد عملاً يُشعرك بالحماس أو الأهمية.
نصيحة احترافية
عندما تفكر في نقاط قوتك والنتائج القابلة للقياس التي حققتها من خلالها، احرص على تضمين هذه الأرقام في سيرتك الذاتية، على سبيل المثال يمكنك القول: "أدت الجهود التي بذلتُها إلى زيادة الأرباح بنسبة 25%". إذا لم تتوفر لديك تلك البيانات، فتمكنك مشاركة أمثلة على إنجازاتك والملاحظات الإيجابية التي تلقيتها من المدراء أو الأساتذة الجامعيين السابقين.
3) استمر ببناء شبكة علاقاتك المهنية
تشير ساستر إلى عدم قدرة الخريجين من دفعة عام 2024، الذين بدؤوا دراستهم الجامعية افتراضياً، على تكوين العلاقات التي تساعد على بناء المسيرة المهنية، والتي تتكوّن غالباً بطريقة طبيعية بين الأقران والأساتذة. لذلك، يجب على الخريجين الجدد بذل جهود حقيقية لتنمية هذه العلاقات.
تقول ماكغوفرن: "قد يمتلك الفرد شبكة علاقات تضم 15,000 شخص على منصة لينكد إن، لكن كم عدد الأشخاص الذين يتفاعلون معه ويدعمونه ويتحدثون بطريقة إيجابية عن مهاراته ومؤهلاته؟".
تتمثل إحدى الطرق الفعالة والرائعة للبدء ببناء شبكة علاقاتك المهنية في التواصل مع الموظفين في الشركات التي ترغب في العمل لديها، أو مع الأشخاص الذين يعملون في قطاعات تود استكشافها وطلب إجراء مقابلات إعلامية. عندما تتواصل مع هؤلاء الأشخاص، عرّف عن نفسك، على سبيل المثال، (خريج جديد)، وأخبرهم كيف عثرت عليهم والسبب الذي يدفعك إلى إجراء محادثة معهم. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول:
"مرحباً، اسمي [الاسم] وقد أحالني [اسم صاحب الإحالة] إليك. لقد تخرجت مؤخراً في [اسم الجامعة] حيث درست [اسم التخصص]. خلال دراستي الجامعية، خضتُ تجربة تدريب عملي لدى [جهة العمل السابقة/ برنامج التدريب الداخلي على العمل] حيث كنت أنفذ [المهام والمسؤوليات]. أتطلع إلى توسيع خبرتي وبناء مسيرة مهنية في مجال [القطاع المستهدف].
هل لديك متسع من الوقت لإجراء محادثة عبر منصة زووم (Zoom) مدة 30 دقيقة لمشاركة معرفتك وخبرتك في مجال عملك؟ أخبرني [اسم صاحب الإحالة] بأنك الشخص الأنسب للتحدث إليه حول هذا الموضوع. أرجو إبلاغي بقرارك، وشكراً جزيلاً على الوقت الذي منحته لي".
تجنب استخدام هذه المحادثات لطلب وظيفة. بدلاً من ذلك، انظر إليها على أنها فرص للتعلم واكتساب المعرفة. توصي ساستر بإجراء هذه المحادثات قبل تقديم طلبات التوظيف. وبالتالي، إذا ظهرت فرصة عمل خلال بحثك عن وظيفة في إحدى الشركات التي يعمل فيها أحد هؤلاء الأشخاص الذين أجريتَ معهم محادثات، فستكون لديك بالفعل علاقة تمكنك الاستفادة منها.
نصيحة احترافية
في الوقت الحاضر، يستطيع الجميع إنشاء سيرة ذاتية دقيقة وشاملة باستخدام الذكاء الاصطناعي، لذلك، فقد أصبحت شبكة علاقاتك المهنية هي الوسيلة التي تميّزك عن المتقدمين الآخرين. تقول ساستر: "إن تقديم طلبات التوظيف بطريقة عشوائية يشبه إلى حد كبير إلقاء سيرتك الذاتية في الشارع على أمل أن يعثر عليها شخص ما ويتواصل معك". لذلك، يؤدي التخطيط وتحديد الأهداف وبناء العلاقات دوراً مهماً وحاسماً في هذا الصدد".
4) لا تقلق من وجود الفجوات في سيرتك الذاتية
عند وجود فجوة بين مسيرتيك التعليمية والعملية نتيجة عدم التوفيق خلال عملية البحث عن وظيفة، فقد تتضمن أسئلة المقابلة الشائعة ما يلي: "ماذا فعلت خلال العام الماضي لتحسين معرفتك؟" و"يبدو من خلال سيرتك الذاتية أنك أخذت إجازة دراسية مدة عام، هل يمكنك أن تخبرنا عن سبب ذلك؟". يمكن أن تكون الإجابة عن تلك الأسئلة أمراً صعباً ومربكاً.
الخبر السار هو أن هذه الفجوات لم تعد أمراً غريباً أو يحمل النظرة السلبية والتحفظات نفسها التي كانت سائدة سابقاً. من المهم عرض هذه الفجوات على أنها هادفة، سواء كانت بهدف رعاية الأسرة، أو من أجل التطوير الذاتي، أو من أجل العثور على فرصة تتناسب حقاً مع مهاراتك، كما تجب مشاركة ما تعلمته خلال تلك الفترة. تقول ماكغوفرن: "الأمر المهم هو إظهار أن هذه الفجوة لم تكن انقطاعاً لمسيرة تطويرك الذاتي، بل كانت توقفاً مؤقتاً في مسارك المهني".
نصيحة احترافية
حتى لو استغرق بحثك عن وظيفة وقتاً أطول من المتوقع، فقد يكون من المفيد تعزيز حضورك على الإنترنت في أثناء تقديم طلبات التوظيف. تمكنك الإشارة إلى الأنشطة التي نفّذتها عبر الإنترنت في أثناء عملية المقابلة لإظهار التزامك بالتعلم والمشاركة في المناقشات المتعلقة بمجال اهتمامك. على سبيل المثال، تعلّق ماكغوفرن، التي تحرص على دعم النساء في المناصب القيادية، على المنشورات وتطرح الأسئلة على متابعيها وتعيد مشاركة الاقتباسات حول هذا الموضوع. فهي تعمل على تنظيم حضورها عبر الإنترنت وبناء هويتها الرقمية لإظهار اهتماماتها الشخصية والمهنية على حد سواء.
لكنها تؤكد ضرورة أن يكون هذا العمل صادقاً وحقيقياً. إذا كان المحتوى الذي تنشره وتتحدث عنه في المقابلات لا يعكس اهتماماتك الحقيقية، فسيتمكن متابعوك وأصحاب العمل من معرفة ذلك.
تُعد عملية البحث عن وظيفة أمراً صعباً في كل مرحلة من حياتك، لكن عملية البحث الأولى بعد التخرج يمكن أن تكون أصعبها. تذكّر أن التحديات التي تواجهها في أثناء البحث عن وظيفة لا تعكس قدراتك أو إمكاناتك. لذلك، تذكّر قيمتك في أثناء هذه العملية، وفكر في نوع المهنة التي تريدها حقاً، واستمر في بناء شبكة علاقاتك المهنية. بهذه الطريقة، عندما تحصل على وظيفة، ستدرك أنها الوظيفة المناسبة لك.