ملخص: أفرزت جائحة كوفيد-19 تغييرات هائلة في طريقة عملنا، وعززت أهمية دور قسم الموارد البشرية داخل المؤسسات، إذ تشير البحوث إلى أن 73% من الموظفين يعتمدون على مدرائهم للحصول على الدعم للاستعداد لمستقبل مسارهم المهني. وتماماً كما اتسع نطاق عمل الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية منذ الأزمة المالية التي وقعت عام 2008، فإن الرؤساء التنفيذيين لشؤون الموارد البشرية أيضاً تعاظمت أهميتهم داخل الشركات وأصبحوا جهات فاعلة مركزية في المناصب التنفيذية العليا، ما نتج عنه مناصب أو مسميات وظيفية مبتكرة تلبّي الحاجات المتنامية للموظفين، ولا سيما موظفي الجيل زد. اخترنا لكم 5 مسميات وظيفية مبتكرة حديثة من المتوقع أن تنتشر في قادم السنوات.
سابقاً، كانت الإدارة تنظر للموظف على أنه عبء وتصنِّف تكلفته مُحاسبياً ضمن نفقات الشركة، لكن هذا الأمر تغيّر مع نهاية القرن الـ 20 وأصبحت تنظر له على أنه أصلٌ قيّم يُسهم إسهاماً مباشراً في نجاح الشركة واستمراريتها، ولا سيما مع انتشار النظريات التي تفسر القدرة على التنافسية من خلال حافظة المهارات والقدرات البشرية التي تتمتع بها الشركة "مقاربة الموارد والكفاءات" (RVB)، لذلك ازداد الاهتمام بمختلف شرائح الموظفين على اختلاف حاجاتهم الجسدية والنفسية والعاطفية، وانعكس هذا الاهتمام على المسميات الوظيفية الجديدة، التي اخترنا لكم منها 5 مسميات بدأت بالانتشار على مستوى بعض الشركات المبتكرة:
1. مترجم الإيموجي (Emoji Translator): المسؤول عن تفسير سوء فهم استخدام الصور المصغرة أو الرموز التعبيرية بين الثقافات المختلفة، وإعداد التقارير عن الاتجاهات شهرياً. وتحسب الشركات أجره مقابل ترجمة الكلمة أو الإيموجي، أما البحث في تغيّر اتجاهات استخدام الإيموجي فتحسبه الشركات بالساعة.
كانت شركة توداي ترانسليشنز (Today Translations) البريطانية هي أول من أطلق المسمى الوظيفي لمترجم الإيموجي، ونشرت إعلاناً عنه في عام 2017، إذ ظهرت الحاجة إلى ترجمة الرموز التعبيرية، بسبب استخدامها على نحو متناقض؛ على سبيل المثال، يُفسر الناس استخدام إيموجي "التلويح باليد" للدلالة على الترحيب أو الوداع، لكنه يعني في الصين انتهاء علاقة الصداقة، إضافة إلى الوداع، ويتراوح تفسير إيموجي "دموع الفرح" من شخص لآخر، إذ يمكن أن يشير إلى الضحك الشديد، أو النقد الذاتي، أو الشماتة بأحد ما.
2. مسؤول التنوع الجيني (Genetic Diversity Officer): يهتم شاغل هذا المنصب بتطوير سياسات مؤسسية تضمن المساواة والاعتماد على معيار الكفاءة في التوظيف بغض النظر عن خصائص المتقدم العرقية أو الثقافية أو الاجتماعية أو الدينية أو غيرها من الخصائص، كما يمثل الشركة في الملتقيات التي تدعم التنوع وتقبّل الآخر، ويقيم علاقات خارجية مع المجتمع الأكاديمي لنشر أفضل الممارسات التي تتبعها الشركة في مجال التنوع الجيني، ويشجع القادة على إثراء القوى العاملة بموظفين من خلفيات مختلفة، ويبيّن لهم أثر ذلك في الإبداع والابتكار.
3. ربّان التغيير (Chief Change): يسميه المتخصصون أيضاً "الرئيس التنفيذي للتغيير" (Chief Change Officer. CCO)، وهو من المناصب الوظيفية التي ينادي الكثيرون باستحداثها في الشركات لدوره المحوري في نشاط التغيير التنظيمي، إذ يساعد ربّان التغيير من منطلق منصبه المتعدد التخصصات الوظيفية الشركة كلها على الاستعداد لمستقبل يشهد تغيرات متلاحقة، ويسترشد تصميم هذا المنصب بمبادئ التغيير بما يمكّن متقلده من متابعة التطور بمرور الوقت.
يسهم ربّان التغيير في مساعدة الموظفين كافة على تطوير عقلية مجاراة التغيير وتحسين علاقتهم بالتغيير، ويرتبط بعلاقة متداخلة بين أصحاب المناصب التنفيذية العليا وقسم الموارد البشرية وكبير مسؤولي الثقافة ومجلس الإدارة، وتعدّه الشركات مسؤولاً عن توجيه هذه الوظائف وتقديم المشورة لها. ويتمثل دوره في إعداد الشركة أو المؤسسة لمستقبل مُحاط بالمجهول إلى حد كبير؛ بما في ذلك العوامل التي يمكن أن تسرّع أعمال الشركة أو تفاجئها أو تطغى عليها أو حتى تدمرها؛ ولكنها تتجاوز العمليات اليومية، كما يتمثل جزء من هذا الدور في قيادة عملية تخطيط السيناريوهات التي تعزز الاستعداد المؤسسي لعدد من العقود المستقبلية المحتملة.
4. مدرب التحكم في المشتتات (Distraction Prevention Coach): يهتم شاغل هذا المنصب بتطوير نماذج تقييمات فردية وجماعية لقياس مستوى الذكاء العاطفي في فِرق العمل، ويصمم منشورات شهرية (ورقية أو إلكترونية) حول عوامل الإلهاء والتشتت في مكان العمل والانحرافات الناجمة عنها بالإضافة إلى الفرص الضائعة المرتبطة بها، مع عرض أفضل الممارسات التي تساعد في تحديد هذه المشتتات والتحكم فيها، كما تقع على عاتقه مسؤولية إنشاء برنامج تدريب مستمر للمدراء لضمان استمرار تركيز فرقهم على تحقيق الأهداف، وتحديد أولويات العمل المهم والقضاء على المشتتات، ويسهر على تعزيز الوعي بمخاطر الانحرافات التي يسببها الاستخدام المبالغ للتكنولوجيا والأجهزة الرقمية.
5. مدير الرفاهة (Director of Well-Being): أحد المسميات الوظيفية التي من المتوقع أن تظهر في مجال الموارد البشرية بين عامي 2020 و2030، والدافع وراء ظهور هذا المنصب هو تدابير العمل عن بُعد التي جرى اتخاذها على الصعيد العالمي استجابة لجائحة كوفيد-19، التي أدت إلى نمو الاقتصاد الرقمي على نحو أسرع من أي وقت مضى، إلى جانب ثقافة "العمل المستمر" وضغوط إدارة التوازن بين العمل والحياة. أدت هذه التحديات إلى التركيز مجدداً على أهمية الحفاظ على الصحة النفسية ورفاهة العاملين وليس فقط على صحتهم البدنية.
بالنسبة إلى موظفي الموارد البشرية، فهذا يعني أن مستقبل العمل سينطوي على تركيز أقوى ورؤية أشمل لرفاهة الموظفين بحيث تتضمن كلاً من الصحة العاطفية والعقلية والروحية إلى جانب صحتهم البدنية. وقد أفادت شركة غالوب (Gallup)، حتى قبل اندلاع جائحة كوفيد، أن ثلثي الموظفين بدوام كامل يعانون مشكلة الاحتراق الوظيفي. وهذا يمهد الطريق أمام ظهور دور وظيفي جديد في الموارد البشرية يركز على زيادة معدل الحفاظ على الموظفين وليس على زيادة المزايا المقدمة لهم فقط. على سبيل المثال، يمكن أن يساعد دور "مدير الرفاهة" في إدارة رفاهة الموظفين وعافيتهم وتصميم خدمات وممارسات لتعزيز صحة جميع الموظفين العاطفية والبدنية والعقلية والروحية. نرى بالفعل بعض الشركات تُعيّن مدراء للرفاهة ونتوقع أن نرى المزيد من هذه الوظائف في غضون عقد من الزمن.