كيف تتعامل مع الخلافات بين أعضاء فريقك؟

7 دقائق
التعامل مع الخلافات بين الموظفين

عندما تكون مديراً لفريق من عدة أشخاص، لا يمكنك ضمان تعايشهم مع بعضهم دائماً، نظراً إلى تضارب المصالح والاحتياجات والأجندات. وتجد ضمن الفريق شخصين لا يتوافقان أبداً. ماذا سيكون دورك كمدير في مثل هذه الحالات؟ هل عليك التدخل أم تركهم لحل مشاكلهم بأنفسهم؟ إليك كيفية التعامل مع الخلافات بين الموظفين.

في الوضع المثالي، ستكون قادراً على تدريب زملائك على التحدث مع بعضهم وحلّ خلافاتهم دون تدخل منك، مع توضيح أن مثل هذه الخلافات تضرّ بمصلحتهم ومصلحة المؤسسة. ولكن هذا الحل ليس ممكناً دائماً، حيث إنه في هذه المواقف تكون عملية التدخل مهمة، ولكن ليس كمدير بل كوسيط. وللتأكيد على ماهية دورك، فإنك لن تكونَ وسيطاً محايداً ومستقلاً طالما أنك مهتمّ بالنتيجة، ولكن من المحتمل أن تكونَ أكثر فعالية في تلبية مصالح الجميع- مصالحك ومصالحهم ومصالح المؤسسة- إذا استخدمت مهارات الوساطة بدلاً من استخدام صلاحياتك في سبيل معرفة كيف يمكننا حل الخلافات.

أسئلة مهمة من أجل معرفة كيفية التعامل مع الخلافات بين الموظفين

لماذا عليك الاعتماد على الوساطة وليس على الصلاحيات من أجل؟

من الأرجح أن يتخذ زملاؤك القرار ويُنهون الخلاف إذا شاركوا في عملية صنع هذا القرار. أما إذا أمليت عليهم ما يجب عليهم فعله، فلن يكونوا بذلك قد تعلموا أي شيء عن حلّ خلافاتهم بأنفسهم. وبدلاً من ذلك، يصبحون أكثر اعتماداً عليك لحل هذه الخلافات.

بالطبع ستواجه حالات تتخلّى فيها عن دورك كوسيط وتقرّر كيفية حلّ الخلاف، إذ يحصل هذا، على سبيل المثال، في الحالات التي توجد فيها مسائل إدارية مهمة معنية في المشكلة أو سياسة خاصة بالشركة، حينها يكون الخطر وشيكاً. أو في حالة فشل جميع الطرق الأُخرى لحلّ الخلاف. ولكن هذه الحالات قليلة ومتباعدة.

اقرأ أيضاً: إدارة الاختلافات: التحدي الأبرز في الاستراتيجية العالمية

ماذا إذا كان زملاؤك يتوقعون منك أن تتدخل كمدير من أجل التعامل مع الخلافات بين الموظفين؟

ستكون خطوتك الأولى في هذه الحالة معرفة ما هي صلاحياتك، ولكن مع شرح عملية الوساطة التي تفكر فيها. إذ يمكن أن تخبرهم أنك على الرغم من امتلاكك الصلاحية لأن تفرض عليهم النتائج كمدير، فإنك تأمل أن يتوصّل الطرفان إلى حلّ يُرضي الجميع. كما يمكنك إخبارهم أيضاً أنكم عندما تجتمعون، على الطرفين أن يكرّسا طاقتهما للتوصل إلى اتفاق بدلاً من قيام كلّ منهما بإقناعك بضرورة الأخذ بوجهة نظره.

هل عليك بداية أن تجتمع مع كل زميل بشكل منفصل أم مشترك؟

هناك إيجابيات وسلبيات للطريقتين. ولكن الهدف هو فهم موقف كلّ منهما (ما الذي يدّعيه أحدهما ويرفضه الآخر) ومصالحهما (لماذا يدّعي أحدهما شيئاً ولماذا يرفضه الآخر).

غالباً ما تحمل الخلافات كمية من العواطف، فقد يكون أحد الزميلين أو كلاهما في حالة من الغضب. ويشعر أحدهما أو كلاهما بالخوف من الآخر. ولذلك، فإن الاجتماع مع كلّ منهما بشكل منفصل يُعطي الطرف الغاضب فرصة للتنفيس عن غضبه، ويُعطيك الفرصة لجعل الزميل الخائف مطمئن بأنك ستستمع إليه وأنك تُظهر بعض المعلومات التي ستكون مفيدة لحل الخلاف، تلك المعلومات التي لم يتشاركها الزميلان مع بعضهما أو أنهما لم يسمعانها عند مشاركتها.

إذا جلست في البداية مع كل منهما على حدة، فلا تركّز النقاش على حل الخلاف، بل على فهمك للخلاف الحاصل واستعدادك لسماعهما وحرصك على فهم مخاوفهما من أجل التعامل مع الخلافات بين الموظفين.

أظهر البحث أن الاجتماعات الأولية المنفصلة تكون أكثر نجاحاً إذا قضى المدير بعض الوقت في بناء التعاطف وفهم المشكلة. وسيكون هناك الكثير من الوقت في الاجتماعات اللاحقة للحديث عن كيفية حلّ الخلاف. وتأكد خلال الاجتماع الأولي من استخدامك لهذا النوع من التعاطف (الذي لا بدّ أن يكونَ صعباً عليك) وليس الشفقة (أشعر بالأسف لما مررت به)، حيث إن تعبيرك عن التعاطف يدلّ على احترامك وحياديتك نسبياً، ولا يعني دعمك لموقف الشخص.

بينما تكمن الخطورة في البدء باجتماع منفصل هو أن كل طرف سيظنّ أن الآخر يحاول التأثير عليك لتقبل وجهة نظره. ويمكن تجنّب حصول هذا عن طريق شرحك بأن الهدف من هذا الاجتماع هو فهم ما يجري من وجهة نظر الطرفين، وليس من أجل أن تكوّن رأياً حول المُخطئ والمصيب.

اقرأ أيضاً: كيف تستطيع فرق العمل المدارة ذاتياً تسوية النزاعات؟

كما أن الاجتماع المشترك له جوانب إيجابية أيضاً. تتمثل في إعطاء فرصة لكلا الطرفين من أجل التنفيس عن غضبهما من خلال التحكّم في جلسة مشتركة ما يُصفّي الجو بينهما. ولكن عليكَ التحقق من موافقة كلا الطرفين قبل اقتراح هذه الطريقة لأنك تريد ضمان قدرتهما على المشاركة في هذه الجلسة دون فقدانهما الهدوء، ما يصعّب التوصلّ إلى حل. وعليكَ التأكد أيضاً من وضع قواعد أساسية قبل بدء الجلسة، مثل أنه سيكون هناك دور لكل طرف وأنه لا مكان للمقاطعات. وكُن مستعداً للسيطرة تماماً على الجلسة حتى إذا اضطررت إلى إيقافها إن لم يعد بإمكانك السيطرة عليها، وستتحوّل الجلسة إلى العنف.

وهناك أيضاً إيجابية أُخرى لجمع الطرفين معاً، وهو أنهما بحاجة إلى المشاركة في إيجاد حل للخلاف بأنفسهما، وإلى تطوير قدرتهما على التحدث إلى بعضهما عند نشوء خلافات مستقبلية. وبالتأكيد فإن خطر الاجتماع المشترك هو أنك لن تكون قادراً على السيطرة على العملية، ما يؤدي إلى تصعيد الخلاف.

ولكن تذكّر أنك لستَ مضطراً إلى اختيار طريقة واحدة للاجتماعات والاستمرار عليها إلى نهاية العملية، بل يمكنك التبديل ما بين الخيارين. على أي حال، يُظهر بحثنا أن البدء باجتماع منفصل وبناء التعاطف القائم على التفهّم ومن ثم الانتقال إلى الاجتماع المشترك أكثر فعالية في حلّ الخلاف من البدء باجتماع مشترك ومن ثم التحول إلى اجتماع منفصل.

ما الذي عليك أن تُنجزه في الاجتماع الأول؟

هناك عدة أمور يجب فعلها في الاجتماع الأول، سواء أكان الاجتماع مشتركاً أم لا. أول هذه الأمور هي أن تشرح للطرفين دورك المتمثل في المساعدة للتوصّل إلى حل مقبول لهما، ولكن مع ضمان عدم وجود آثار سلبية لهذا الحل على الفريق أو المؤسسة. وإيضاح أن قبول اتفاقية معينة يتطلّب تأييدك وتأييد طرفي الخلاف. وبعد ذلك ضع بعض القواعد الأساسية لكل اجتماع يجمعكم، مثل الاحترام وعدم المقاطعة.

إذن، الهدف من الاجتماع الأول هو أن يغادر المعنيّون من الاجتماع بعد أن تكون مشاعرهم قد هدأت وشعروا باحترامك لهم، أما إذا لم يشعروا باحترامهم لبعضهم بعد. بتحقيق هذا الهدف، فيمكنك الجمع بينهم (إذا لم يكن الاجتماع الأولي مشتركاً) والتركيز على المعلومات التي يحتاجها الجميع لحلّ الخلاف.

ما هي المعلومات التي تحتاج إلى الحصول عليها للاجتماعات المقبلة من أجل حلّ الخلاف؟

عليك أن تفهم موقف كلّ الأطراف (ما الذي يريده كل شخص) ومصالحهم (لماذا يتخذ كل طرف ذلك الموقف تحديداً، وكيف يعكس موقفه مخاوف احتياجاته) وأولوياتهم (ما هو الأكثر والأقل أهمية لكل منهم، ولماذا).

يمكنك جمع هذه المعلومات عن طريق عدة أمور، منها: طرح أسئلة مثل "لماذا" أو "لمَ لا"، للكشف عن المصالح المبنيّة عليها مواقف الأطراف، والاستماع بعناية لتحديد هذه المصالح لإعادة صياغة ما تظنّ أنك فهمته عن مصالح أحد الطرفين لتضمن أنك فهمت فعلاً وأن الطرف الآخر يستمع إليه أيضاً.

ما هي العثرات التي يجب تجنبها؟

يمكن لمثل هذه النقاشات أن تسير بشكل خاطئ بعدة طرق. منها محاولة أحد الطرفين إقناعك بأن وجهة نظره هي وجهة النظر الصحيحة الوحيدة، وأن موقفه هو الموقف الصحيح، أو أنه يجب أن ينتصر لأنه أقوى. ونحن نسمي هذه حجج الوقائع والحقوق والقوة، وهي مؤذية لأنها تصرف الجميع عن الحلّ الذي يُلبّي مصالح الجميع.

اقرأ أيضاً: حضر فريقك للبدء بالعمل وإنهاء النزاعات

تُعتبر حجة الوقائع مثيرة للاهتمام من أجل التعامل مع الخلافات بين الموظفين

فعلى الرغم من مرور الزميلين بالموقف نفسه، فإن كلاً منهما يتذكره بشكل مختلف. ويعتقد كلاهما أنه لو استطاع إقناعك وإقناع الطرف الآخر بوجهة نظره سينتهي الخلاف بذلك. لكن المشكلة أنك حتى لو كنت حاضراً في الموقف، فإن محاولتك لإقناع الآخرين بوجهة نظرك سيكون لها نتائج عكسية، لأنك إذا لم تُقدّم معلومات موثوقة جديدة، فمن غير المحتمل أن يغيروا آراءهم حول ما حدث. والطريقة الأفضل للخروج من هذا المأزق هي الموافقة على عدم الموافقة ومن ثم المضي قدماً.

أما بالنسبة لحجة الحقوق فقد تأتي على شكل الدعوة إلى العدل أو الممارسات السابقة

والمشكلة أن مقابل كل حجة من هذا النوع يقدّمها أحد الطرفين، يمكن للطرف الآخر تقديم حجة مختلفة تدعم موقفه الخاص به. وما يراه أحد الأطراف عدلاً يراه الآخر ظلماً والعكس صحيح. لذلك إذا احتكما إلى قضية العدل، فمن الأفضل تأجيل المناقشة مؤقتاً ريثما تقوم بعمل بحث مشترك عن المعلومات التي تساعد في حل الخلاف.

أما حجة القوة فتُعدّ بمثابة تهديدات

كأن يقول أحدهم: "إذا لم توافق على موقفي، فسأقوم (بـ…)"، إذ إن شعور الناس بالتهديد يجعلهم دفاعيّن ومُرتابين، ما ينفّرهم من مشاركة معلومات حول الموقف والمصالح والأولويات. وإذا شكّلت الأمور المتعلقة بأحد الأشخاص تهديداً، سواء تهديد صريح أو ضمني، فعليك تذكير زملائك بقواعد الاحترام الأساسية. كما يمكنك إعادة التذكير بالهدف الذي تحاول إنجازه من خلال مشاركة المعلومات المهمة للتوصّل إلى حل، وعبر ذلك النقاش الذي يوضحّ ما الذي يمكن فعله، هذا إذا لم يكن هناك تسوية لها نتائج عكسية على الحل في هذه المرحلة.

كيف يمكنك المواصلة نحو التوصّل إلى اتفاق من أجل التعامل مع الخلافات بين الموظفين؟

ربما يكون إيجاد تسويات محتملة أمراً سهلاً إذا أوضحت لزملائك أن الخلاف ما هو إلا سوء تفاهم أو أن هناك طريقة تحترم مصالح الطرفين في أثناء محاولتك المساعدة على فهم مواقفهم المختلفة ومصالحهم. فإذا اتضح للطرفين أن مصالحهما معنية في الخلاف بالقدر نفسه الذي تُعنى به مواقفهما، فسيصعب التوصل إلى تسوية مرضية، ولكن عليك ألا تستسلم.

يُظهر بحثنا أن هناك الكثير من الطرق لتسهيل التوصل إلى اتفاق في هذه الحالة. وبشكل مفاجئ غالباً ما يوافق الطرفان ببساطة على طريقة تفاعلهما أو معالجة مشاكلهما في المستقبل. فهما يضعان الماضي خلفهما ويتقبلان فكرة أن الممارسة السابقة لم تكن ناجحة بالنسبة إلى أحد الأطراف أو لكليهما ويمضيان قدماً. ومع هذا فقد يكون الوضع صعباً، لأنه في بعض الأحيان يكون أحدهما مستعداً للمشاركة في اتفاق مستقبلي كهذا، ولكن لا يثق بالطرف المقابل وباستعداده على إنهاء الخلاف. لذلك، في مثل هذه الحالات عندما يكون الشك مصدراً للقلق، يمكنك تجربة أحد هذه الأنواع من الاتفاقيات:

  • المدة المحدودة: جرّب شيئاً لفترة محدودة ثم قيّمه قبل أن تتابعه.
  • الاشتراط: الاتفاقيات التي تعتمد على عدم وقوع حدث مستقبلي. إذا وقع هذا الحدث المستقبلي، فسيتم تنفيذ اتفاق بديل.
  • وضع غير مسبوق: الاتفاقيات التي تحمي من المخاطر عبر موافقة الأطراف على أن هذه التسوية لن تشكّل سابقة لحصول خلاف مماثل في المستقبل.

وأفضل حالة عند التعامل مع الخلافات بين الموظفين هي أن يقدم زملاؤك حلولاً تلبّي مصالحهم ومصالح الطرف الآخر. وربما تكون قادراً على تدريبهم لتقديم مثل هذه الاقتراحات عن طريق تلخيص المصالح والأولويات كما سمعتها. ومن ثم يمكنك الطلب من كل زميل أن يقدم اقتراحاً يأخذ مصالح الطرف الآخر وأولوياته بعين الاعتبار. كما عليك منعهم من تقديم اقتراحات غير واقعية تُسيء إلى الآخرين. بالإضافة إلى تحذيرهم من تقديم عروض يعجزون عن تبريرها منطقياً، لأن هذا سيضر بمصداقيتهم.

إذا لم تتمكّن من التوصّل إلى اتفاق على الرغم من جهود جميع الأطراف، فقد تحتاج إلى التحدث مع كل طرف على حدة عن عواقب عدم التوصل إلى حل. إذ يمكن أن تطرح سؤالاً مثل: ما الذي تعتقد أنه قد يحدث إذا لم نتوصل إلى حل؟ وسيكون الجواب بالتأكيد أنهم لا يعرفون ما سيحدث. إن الطريقة الوحيدة للتحكم بنتيجة الخلاف هي قيام الأطراف المعنيّون حلّه بأنفسهم.

وفي نهاية الحديث عن التعامل مع الخلافات بين الموظفين إذا لم يكن هناك تسوية، فقد تكون بحاجة إلى التخلي عن دورك كوسيط، وفرض نتيجة معينة كمدير تلّبي مصلحة المؤسسة على أفضل وجه. وتأكّد من شرح أسبابك وإيضاح أن ليس هذا ما ترغب به. كما عليك الإشارة إلى أن هدفك من جعلهم يبذلون جهداً في حل خلافهم هو أن يكونوا أكثر جاهزية لفعل هذا في المستقبل، وأن هذا الهدف لم يتحقق تماماً. ولكن لا تدعهم يذهبون وهم يفكّرون بأن علاقتهم محكوم عليها بالفشل. بل قدّم آراء لكلا الطرفين حول ما يمكنهما فعله بشكل مختلف في المرة القادمة، مع توضيح أنك تتوقع منهم حل خلافاتهما بأنفسهما في المرة القادمة التي يتشاجران فيها.

اقرأ أيضاً: هذا ما ستخسره إذا بالغت بالاعتقاد حول حجم الخلافات بين الأجيال في مكان العمل

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي