تسويق: كيف تستعيد زبائنك الذين خسرتهم؟

13 دقيقة
استعادة الزبائن

تعيين الموظف المثالي

كيف تستهدف زبائنك السابقين الذين من المرجّح أن يعودوا إليك وكيف تغريهم وتستقطبهم؟ إليك كيفية استعادة الزبائن بطريقة صحيحة.

بالنسبة لأي شركة خدمات تحصل على إيرادات متكرّرة من زبائنها، يُعتبرُ أحد العناصر الأساسية هو النسبة المئوية السنوية للزبائن الذين تخسرهم، والذين يتوقفون عن التعامل معها. وفي العديد من القطاعات التي تشهد تنافساً شديداً قد تكون هذه النسبة المئوية كبيرة. فبعض شركات خدمة الانترنت اللاسلكي، على سبيل المثال، تخسر 3% من مشتركيها كلّ شهر. (ومن القطاعات الأخرى التي ابتليت بهذه الخسارة شركات التأمين، ونوادي اللياقة البدنية، وخدمات البث الإذاعي والتلفزيوني عبر الإنترنت). وغالباً ما تنفق الشركات التي لديها نسبة عالية من الزبائن الذين تخسرهم سنوياً مبالغ طائلة على التسويق بهدف استقطاب زبائن جدد يعوّضون الزبائن الذين فقدتهم. وقد أظهرت أبحاث جديدة بأنّ هناك طرقاً أفضل يمكن لهذه الشركات تطبيقها وتتمثّل باتّباع استراتيجيات ذكية تهدف إلى استعادة الزبائن الذين خسرتهم ليعاودوا التعامل معها من جديد.

اقرأ أيضاً في المفاهيم الإدارية: مفهوم المزيج التسويقي ومكوناته

يذكر البروفيسور في كومار (V. Kumar)، وهو أستاذ التسويق في جامعة ولاية جورجيا والمتخصّص باستراتيجيات "استعادة الزبائن" ثلاثة أسباب يجب أن تدفع الشركات إلى بذل جهد أكبر للتركيز على الزبائن الضائعين. أولاً، هؤلاء الناس كانوا قد أظهروا حاجتهم إلى الخدمة، وهذا يعني بأنّهم زبائن محتملون أفضل من الأسماء العشوائية الموجودة على قائمة بأسماء أناس لم يظهروا أي اهتمام بالخدمة. ثانياً، هؤلاء الزبائن السابقون يعرفون الشركة جيّداً، وبالتالي لا حاجة لتعريفهم على العلامة التجارية للشركة وإطلاعهم على منتجاتها، ممّا يقلّل من تكاليف التسويق لهم. السبب الثالث والأهم، هو أنّ التكنولوجيا الحديثة، وتحديداً قواعد البيانات الأكثر تعقيداً التي تضمّ أسماء الزبائن، تسمح للشركات بالاستفادة من المعلومات المتاحة عن هؤلاء الزبائن وعن الكيفية التي استعملوا بها الخدمة في المرّة الأولى، ممّا يساعد تلك الشركات على تقديم عروض أكثر نجاحاً لاستعادة هؤلاء الزبائن، وبالتالي تحديد أكثر الزبائن القدامى قدرةً على تحقيق الربحية للشركة ومحاولة الاتصال بهم.

أسئلة حول إمكانية استعادة الزبائن

درس كومار واثنان من زملائه كل البيانات التي تخصّ 35 ألف زبون كانوا قد تركوا إحدى شركات الاتصالات على مدار فترة تصل إلى سبعة أعوام. وبغية مساعدة الشركة في تركيز جهودها المستمرّة على استعادة هؤلاء الزبائن، درس الباحثون سلوك كلّ زبون ترك الشركة قبل إلغاء اشتراكه معها، والسبب الذي دفعه إلى ذلك الإلغاء (حيث أنّ العديد من الشركات تطرح هذا السؤال على الزبائن الذين يغادرونها)، وكيف تجاوب كلّ زبون مع العروض المقدّمة إليه ليعود إلى الشركة، ومقدار الأرباح التي حققها لاحقاً للشركة كل واحد ممّن عادوا للاشتراك بخدماتها. وفي معرض تنقيب الباحثين في البيانات، حاولوا الإجابة عن الأسئلة الأربعة التالية.

ما مدى احتمال عودة زبون معيّن إلى الشركة؟

تحاول شركات عديدة استعادة كلّ زبون سبق لها أن خسرته، لكنّ ذلك قد يستنزف الأموال المخصّصة للتسويق؛ وبالتالي سوف تكون الشركات أكثر كفاءة إذا ما ركّزت جهودها على الناس الذين ينبئ سلوكهم السابق بوجود استعداد مسبق لديهم للعودة. وقد وجد الباحثون بأنّ الزبائن الذين أوصوا الآخرين باستعمال خدمات الشركة، أو الذين لم يسبق لهم أن تقدّموا بأيّ شكوى، أو الذين كان لديهم شكاوى حلّتها الشركة بطريقة مرضية، هم أكثر زبائن يمكن المراهنة على استعادتهم. كما أنّ الأسباب التي دعت الزبائن إلى ترك الشركة تُعتبرُ مؤشراً جيّداً في تحديد من يمكن استعادته. فالزبائن الذين ألغوا اشتراكاتهم بسبب السعر أميل إلى العودة مقارنة بالزبائن الذين غادروها بسبب سوء الخدمة. أمّا الأشخاص الذين قالوا بأنهم تركوا الشركة للسببين السابقين معاً فقد كان احتمال عودتهم هو الأقل مقارنةً بجميع الفئات الأخرى. وقد زار كومار شركات الاتصالات في أنحاء العالم ليستكشف الاستراتيجيات التي تتّبعها بهدف استعادة الزبائن ووجد بأنّ العديد منها تجرّب نماذج شبيهة بهذا النموذج الذي يعتمد على ميول الزبائن وتوجهاتهم. لكنّ قلّة منها فقط تحاول الاستقصاء لمعرفة أي الزبائن يجلبون قيمة أكبر وتنبغي استعادتهم – وهي المسألة التي تحاول الأسئلة التالية معالجتها.

ما هي المدّة التي سيقضيها الزبون المُستعاد مع الشركة، وما حجم الأموال التي سينفقها؟

ليس هناك من سبب وجيه لإقناع شخص ما بالعودة إلى الشركة إذا كان سوف يغادرها مجدّداً بعد بضعة أشهر. لذلك من المفيد أن تكون الشركة قادرة على التنبّؤ بطول المدّة التي سيقضيها الزبون العائد معها. لقد توقّع الباحثون بأنّ الزبائن الذين انشقّوا سوف يغادرون بسرعة خلال الجولة الثانية. لكنّ الذي تبيّن في واقع الأمر هو أنّهم يبقون عموماً لفترات أطول. أمّا الزبائن الذي تركوا الشركة بسبب السعر – وهو سلوك يتّبعه عادة الأشخاص الباحثون عن أفضل الصفقات المتوفّرة – فقد كانوا يظلون مع الشركة لأطول فترة مقارنة مع أي فئة أخرى. فقد بلغت القيمة الوسطية للمبلغ الذي أنفقه الزبائن العائدون للمرّة الثانية طوال حياتهم مع الشركة 1.410$، في مقابل 1.262$ خلال المرّة الأولى التي اشتركوا خلالها في الخدمة. وهذا الأمر يسلّط الضوء على أهمية المكسب الذي يمكن تحقيقه من تطبيق استراتيجيات استعادة الزبائن.

تقديم العرض الصحيح من أجل استعادة الزبائن

ما هي العروض التي يجب أن تُقدّم إلى كلّ فئة من الفئات؟

تمتلك شركات عديدة نظاماً موحداً للحوافز التي تقدّمها إلى جميع الزبائن بصيغة واحدة ودون تمييز أو مفاضلة بينهم. وكانت شركة الاتصالات المدروسة قد استهدفت 40 ألف زبون قديم ممّن أشار سلوكهم السابق إلى احتمال عودتهم. وبمساعدة الباحثين، اختبرت الشركة أربعة حوافز مختلفة معهم. فقد قدّمت حسماً إلى زبائن المجموعة الأولى، بينما حصل زبائن المجموعة الثانية على ترقية مجانية للخدمة، مثل الحصول على بث قناة تلفزيونية مأجورة مجاناً. أمّا المجموعة الثالثة فقد حصل أفرادها على عرض مزدوج تمثّل بحسم وبترقية للخدمة في الوقت ذاته. أمّا زبائن المجموعة الرابعة فقد حصلوا على عروض تتناسب مع السبب الذي تركوا الشركة من أجله – فالزبون الذي غادر بسبب السعر حصل على حسم، أمّا الزبون الذي ترك بسبب سوء الخدمة فقد حصل على ترقية للخدمة. وقد حقّق العرض المزدوج أعلى نسبة استعادة للزبائن بلغت 47%، تلاه العرض المفصّل بحسب وضع الزبون والعرض القائم على تقديم حسم (بنسبة بلغت 45% لكلا العرضين). أمّا العرض الذي تضمّن ترقية للخدمة فقط فلم يحقق إلا نسبة تبلغ 41%.

ما هي أكثر استراتيجيات استعادة الزبائن تحقيقاً للربحية؟

لا يكفي أن تعرف ما هي أنواع العروض التي تغري معظم الزبائن بالعودة؛ فالتكاليف والعوائد المرتبطة بكل زبون تُعتبرُ مهمّة أيضاً. فرغم أنّ العرض الذي تضمّن ترقية للخدمة قد نال أدنى علامات النجاح، إلا أنّه كان الاستراتيجية الأرخص ثمناً والتي حققّت أعلى عائد على الاستثمار. ورغم أنّ العرض المزدوج كان قد حقّق أعلى نسبة نجاح، إلا أنّه كان الأكثر تكلفة والأقل تحقيقاً للعائد على الاستثمار. ويلحظ كومار بأنّ الشركات لا تختار دوماً الاستراتيجية التي تحقّق لها القدر الأقصى من الأرباح، لأنّ العديد منها يعمل في قطاعات تُعتبرُ الحصّة السوقية فيها هي الشيء الأهم. فبالنسبة لمعظم الشركات التي تتبنّى نماذج قائمة على الاشتراكات، حسبما يقول كومار: "فإنّ محللي الأسواق الأمريكية يكافئون الشركات على معدّل الاستحواذ على الزبائن – فهم يسألون أيّ شركة عن عدد الزبائن الذين أضافتهم في كلّ فصل مالي – وليس عن حجم الأموال التي جنتها الشركة من هؤلاء الزبائن". ويعتبرُ كومار بأنّ هذه الفكرة تنمّ عن قصر النظر، ولكنها تفسّر السبب الذي يجعل الشركات تلجأ إلى تطبيق الاستراتيجية التي يُحتمل أن تجتذب أكبر عدد من الزبائن المتكرّرين، حتّى لو جاء ذلك على حساب الأرباح.

هناك العديد من الشركات التي تحتاج إلى تعلّم الكثير حول كيفية استعادة الزبائن الذين خسرتهم. وبالتالي فإن تحديد أكثر الأشخاص ميلاً إلى معاودة الاشتراك بخدمات الشركة، عوضاً عن محاولة استمالة كل زبون سابق منشق، يمكن أن يزيد من معدّل استعادة الزبائن بمقدار ثمانية أضعاف. ويمكن لأيّ شركة كبيرة تقدّم عدداً من المنتجات في الوقت ذاته، مثل شركة الاتصالات التي تقدّم خدمات الهاتف الأرضي الثابت، وبث الأقنية التلفزيونية (الكيبل)، والانترنت اللاسلكي، والأمن المنزلي، أن تستفيد من الطرق الأعقد التي باتت متاحة في مجال تحليل سلوك الزبائن لتقدّم لهم حزم خدمات مغرية. يقول كومار: "ثمّة شركات كثيرة تلهث وراء كلّ شخص سبق له أن تخلّى عن خدماتها، بحيث تقدّم لهم كلّ هذه العروض، على أمل أن ينجح واحد منها في تحقيق الهدف. لكنني آمل أن تساعد هذه الدراسة التي أجريناها في تغيير طريقة عمل هذه الشركات".

نبذة عن البحث"استعادة الزبائن الذين "خسرتهم": القوّة التنبئية لسلوك الزبائن في تجربتهم الأولى مع الشركة، وسبب تخلّيهم عن خدماتها، وطبيعة العرض المقدّم لاستعادتهم". (Regaining “Lost” Customers: The Predictive Power of First-Lifetime Behavior, the Reason for Defection, and the Nature of the Win-Back Offer) تأليف في كومار (V. Kumar) وياشودا باغوات وشي (آلان) جان (المجلة العلمية للتسويق، يوليو/ تمّوز 2015).

ترجمة الفكرة على أرض الواقع

"هذا الشيء هو مزيج من الفن والعلم"

تنشط شركة كوكس كوميونيكيشنز (Cox Communications)، وهي ثالث أكبر مزوّد لخدمة بث الأقنية التلفزيونية (الكيبل) في قطاع يتميّز بنسبة خسارة مرتفعة جدّاً للزبائن، وبالتالي تُعتبرُ الاستراتيجيات الرامية إلى استعادة هؤلاء الزبائن أمراً في غاية الحيوية.
وقد أجرت "هارفارد بزنس ريفيو" مؤخراً مقابلة مع مارك غريتريكس (Mark Greatrex)، مسؤول التسويق والمبيعات في شركة كوكس تحدّث فيها عن الجهود المستمرّة التي تبذلها الشركة لإغراء الزبائن الذين تخلّوا عنها بالعودة إليها. وفيما يلي بعض المقتطفات من هذه المقابلة.

كيف تغيّرت استراتيجياتكم الرامية إلى استعادة الزبائن؟

لقد باتت برامج تحليل البيانات الضخمة التي نستعملها أكثر قدرة وتعقيداً، وهذا الأمر يساعدنا في دراسة الزبائن ومعرفة كيف كانت تجربتهم معنا في المرّة الأولى قبل أن يتركونا. وبالتالي أصبحنا قادرين الآن على التسويق الشخصي ولكن على نطاق واسع، أيّ أنّنا أصبحنا نصمّم الرسالة، والعرض، والسعر، بحسب طبيعة كل زبون واحتياجاته. وأصبحت لدينا خدمات جديدة، مثل توفير الإنترنت بسرعة 1غيغابايت، وكذلك خدمات الأتمتة المنزلية وأنظمة الأمن والحماية، وهذه أمور تعطي الزبائن الذين خسرناهم من قبل سبباً ليعيدوا النظر ثانية في قرارهم السابق. لقد اكتشفنا بأنّ الناس أميل إلى العودة إلينا إذا قمنا بتحسين قيمة العرض المقدّم لهم. وقد باتت استعادة الزبائن السابقين وبكل تأكيد أكثر أهمية الآن، ونحن أصبحنا أفضل في تطبيق استراتيجيات استعادتهم.

كيف تقرّرون طبيعة العرض الذي ستقدّمونه للزبائن الذين خسرتموهم من قبل؟

عندما نفهم لماذا قرّرت أسرة معيّنة إلغاء اشتراكها بخدماتنا، سنكون قادرين على الإمساك بطرف الخيط والتجاوب مع هذه الحالة. وهذا الأمر لا يساعدنا فقط في استعادة الزبائن السابقين، بل نحن أيضاً نطبّق برنامجاً معقّداً يهدف إلى المحافظة على الزبائن الحاليين أيضاً، وعندما نلتقط معلومات عن سبب نيّة بعض الزبائن لمغادرتنا، فإنّنا نستعمل محرّكات قادرة على اتخاذ القرارات بشكل آني لكي تساعدنا في الحوار مع هؤلاء الزبائن، وفي محاولة المحافظة عليهم. وهذا الشيء هو مزيج من الفن والعلم وليس مجرّد معادلات حسابية بحتة. فهو يتطلّب عقلية قائمة على الابتكار والإبداع.

هل غيّر هذا العمل من طريقة تعاملكم مع الزبائن الذين لم يغادروا الشركة؟

نعم. فالبرمجيات التحليلية التي تُعتبرُ الجزء الأساسي من جهودنا الرامية إلى استعادة الزبائن السابقين ساعدتنا في فهم تجارب زبائننا فهماً أفضل. فعلى سبيل المثال، بتنا أكثر انتباهاً لبعض سلوكيات الزبون خلال اشتراكه معنا للمرّة الأولى، وبتنا نعرف الأشياء التي تدفعه إلى التصرّف بطرق معيّنة، مثل حالة الزبون الذي يمدّد اشتراكه معنا بعد أن نكون قد قدّمنا له عرضاً أولياً يتضمّن حسماً كبيراً. ونحن نولي هذه اللحظات الحاسمة اهتماماً كبيراً، لأننا ندرك تماماً الفرق بين تكلفة الاحتفاظ بالزبائن وتكلفة الاضطرار إلى استعادتهم مجدّداً في حال مغادرتهم لنا.

الأجهزة الحاسوبية والبرمجية للشركات

التسعير

الحسومات الممنوحة على الإنترنت:
من يتصدّر السباق نحو الهاوية؟

تُعتبر المبادئ الإرشادية الخاصّة بالحدود الدنيا للأسعار المُعلنة (Minimum Advertised Pricing)، وهي عبارة عن سياسات تحدّد الأسعار الدنيا التي يجب على أصحاب متاجر التجزئة أن يسوّقوا أي منتج عندها، من الظواهر الشائعة في الكثير من القطاعات من الإلكترونيات وألعاب الفيديو إلى الأواني المنزلية والسباكة. وهي تساعد الشركات الصانعة على التنسيق بين مختلف أقنية البيع بالتجزئة والتحكّم بها، كما تساعدها في المحافظة على سمعة العلامة التجارية للمنتج، وفي الحيلولة دون استعمال منتجاتها كسلع تباع بخسارة بهدف اجتذاب الزبائن. وقد تحصل متاجر التجزئة المتعاونة مع هذه الشركات الصانعة على مكافأة جرّاء تعاونها، تتمثّل ببعض الأموال الإعلانية أو بالميزات التفضيلية في الحصول على منتجات الشركة. لكن التطبيق العملي يتفاوت عادة. فبحسب بعض التقديرات، فإنّ 30% تقريباً من أسعار المنتجات المُباعة على الانترنت في الولايات المتحدة الأمريكية تقع دون الحدود الدنيا للأسعار المُعلنة، كما أنّ رصد الباعة ومراقبتهم هو إحدى أعقد القضايا التي تواجهها شركات مصنّعة عديدة. ولكنّ هناك دراسة جديدة قد تسهّل على هذه الشركات المَهمّة من خلال تسليط الضوء على الأماكن التي تحصل فيها هذه الخروقات وكيفية حصولها، وكذلك حجم الحسومات الممنوحة. ففي أوّل تحليل تجريبي واسع النطاق للحدود الدنيا للأسعار المُعلنة، درس الباحثون البيانات التي تخصّ مئات المنتجات المُباعة عن طريق الانترنت عبر مئات الوكلاء في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بلغ عدد المنتجات المراقبة أكثر من مليون قطعة إجمالاً. وقد قارن الباحثون معدّلات الالتزام بين الوكلاء المعتمدين والباعة غير المعتمدين، وأجروا تقويماً لعدد من المتغيّرات بما في ذلك تنوّع خطوط المنتجات التي يعرضها باعة التجزئة وما إذا كان الشحن مجّانياً أم لا. وقد جاءت بعض النتائج التي توصّلوا إليها متوافقة مع المعتقدات السائدة بين أوساط المدراء، حيث تبيّن بأنّ الخروقات أقل شيوعاً في أوساط باعة التجزئة المعتمدين (15%) مقارنة مع باعة التجزئة غير المعتمدين (54%)، وعندما تُمنح الحسومات، فإنّها أقل لدى باعة التجزئة المعتمدين مقارنة مع باعة التجزئة غير المعتمدين (9% مقابل 16%). وكما هو متوقع أيضاً، فإنّ الخروقات لها تأثير معدٍ، حيث أنها تنتشر من بائع تجزئة إلى آخر. أمّا النتائج الأخرى فقد جاءت مخالفة للحكمة التقليدية السائدة: أولاً، رغم أنّ المدراء يميلون إلى الاعتقاد بأن الخروقات التي يرتكبها الباعة غير المعتمدين للحدود الدنيا للأسعار المُعلنة تغري الباعة المعتمدين للسير على خطاهم، إلا أنّ الدراسة لم تكشف عن وجود ارتباط واضح في هذا المجال؛ فالعدوى على ما يبدو لا تحصل بصورة رئيسة إلا "ضمن" المجموعات. وهذا أمرٌ هام، لأنّ الشركات تحاول غالباً حلّ المشاكل مع الوكلاء المعتمدين من خلال محاربة الباعة غير المعتمدين. ثانياً، على الرغم من أنّ المدراء غالباً ما يلومون أمازون (Amazon) وإيباي (eBay) على احتضانهما للجهات التي تقدّم الحسومات، إلا أنّ التحليل أظهر بأنّ معظم المخالفات تحصل على المواقع الإلكترونية التابعة للباعة أنفسهم.

ثمّة نتائج أخرى عديدة يمكن أن تساعد الشركات المصنّعة في تركيز جهودها الرامية إلى البحث عن المخالفين. فبين صفوف الوكلاء المُعتمدين، يُعتبر احتمال قيام البائع الذي يعرض تشكيلة واسعة من منتجات الشركة المصنّعة بخفض سعر أي منتج من هذه المنتجات دون الحدّ الأدنى للأسعار المُعلنة احتمالاً أقل، ويعود السبب المفترض لذلك إلى أنّ لدى هذا البائع الكثير ليخسره إذا ردّت الشركات المصنّعة على خطوته تلك بالحدّ من عدد المنتجات التي تزوّده بها. أمّا بين صفوف الباعة غير المُعتمدين، فإنّ من لديهم متاجر حقيقية يرتكبون عدداً أقل من الخروقات مقارنة بالباعة الذين يبيعون المنتجات حصرياً عن طريق الانترنت. كما أنّ معدلات الالتزام بين صفوف جميع بائعي التجزئة تكون أعلى بين كبار البائعين وبين من يعرضون منتجاً معيّناً لفترة طويلة نسبياً من الزمن.

أخيراً، تُعتبرُ الخروقات أكبر عدداً بكثير بين صفوف الباعة الذين لا يقدّمون خدمة الشحن المجاني. فوفقاً للباحثين، ربما يلجأ هؤلاء التجار إلى الاستفادة من تكاليف الشحن لتعويض الحسومات الكبيرة التي يقدّمونها، مع المحافظة في الوقت ذاته على "مظهرهم" كجهة تقدّم أدنى الأسعار الممكنة.

لقد تفاجأ واضعو الدراسة بأنّ أي بائع غير معتمد، ناهيك عن أكثر من 50% منهم، يلتزم بالمبادئ الإرشادية الخاصّة بالحدود الدنيا للأسعار المُعلنة، بما أنّ الشركات الصانعة لا تمتلك سلطة مباشرة عليهم. يقول المؤلفون: "قد يتوقّع المرء بأن تكون نسبة الخرق لدى هؤلاء الباعة هي 100% من أسعارهم. أمّا سبب التزامهم بالمبادئ الإرشادية الخاصّة بالحدود الدنيا للأسعار المُعلنة فيظل سؤالاً مفتوحاً بحاجة إلى من يجيب عنه."

نبذة عن البحث "الحدود الدنيا للأسعار المُعلنة: أنماط الخروقات الموجودة في أسواق التجزئة التنافسية"  (Minimum Advertised Pricing: Patterns of Violation in Competitive Retail Markets”)، من تأليف آيليت إزرايلي (Ayelet Israeli)، وإيريك آندرسون (Eric T. Anderson)، وآن كولان (Anne T. Coughlan) مقالة ستصدر لاحقاً في مجلة علوم التسويق (Marketing Science).

الكفاءة مقابل السلطةالفِرَقْ

عندما تتفوّق السلطة
على الكفاءة

عندما نختار القادة، فهل نحن أيضاً مستعدّون لمنح مقاليد الحكم للناس الذين تظهر عليهم علامات الثقة والسلطة؟ وهل يجب أن نولي اهتماماً أكبر للخبرات الفنية أي المعارف المتخصّصة الضرورية لإنجاز المطلوب؟

تشير دراسة جديدة إلى أنّ الإجابة هي نعم. فقد قام الباحثون في تجربة مخبرية بتوزيع 294 طالباً توزيعاً عشوائياً على فرق مؤلفة من ثلاثة إلى خمسة أشخاص للعمل على سيناريو افتراضي يقوم على فكرة أنّهم عالقون في الصحراء ويجب عليهم البحث عن طريقة للبقاء على قيد الحياة. وقد طلب الباحثون من نصف الفرق بأن يعمل أعضاؤها معاً، ولكن لم يطلبوا منهم اختيار قائد من بين صفوفهم. أمّا بقيّة الفرق فقد طُلِب من أعضائها اختيار قائد لإدارة النقاشات واتخاذ القرارات في حال نشوء أي خلافات في الرأي. وقد طُلِب من أعضاء كل فريق، كأفراد وكمجموعة، تصنيف 12 شيئاً من حيث أهميتها، حيث شملت قائمة الأشياء هذه سكيناً، وصندوقاً للإسعافات الأولية، وخارطة. وبعد مرور دقائق على انطلاق المهمّة، أخبر الباحثون الفرق التي كان لديها قادة بمدى التشابه بين قوائمهم الفردية والجماعية، وبين خيارات الخبراء في مجال البراري، وبعد ذلك سمحوا لهم باختيار قادة جدد.

وعندما جرى منح العلامات للقوائم النهائية للفرق، كان الأداء الأفضل هو أداء المجموعات التي تمتلك أفضل القادة قدرة (أي القادة الذين كانت تصنيفاتهم الفردية للأشياء المهمّة قريبة جدّاً من تصنيفات الخبراء)، بينما حلّت الفرق التي تفتقر إلى القادة بعدهم. أمّا الفرق الأقل نجاحاً فقد كانت تلك التي يترأسها أشخاص كانت تصنيفاتهم للأشياء المهمّة غير متشابهة إلا بالحدّ الأدنى مع خيارات الخبراء. ولا تُعتبرُ هذه النتائج مفاجئة. ولكن عند اختيار قادة جدد بعد الحصول على رأي الباحثين بخصوص القائمة الأولية لكل شخص، لم تتمكّن سوى 55% من المجموعات فقط من اختيار أكثر الأعضاء كفاءة ضمن فرقها. أمّا البقيّة فقد وقع اختيارهم على أناس كانوا الأطول أو الأعلى صوتاً أو على أناس بدوا أكثر إيحاءً بالثقة من زملائهم الآخرين في الفريق، أي بعبارة أخرى وقع الاختيار على الأشخاص الذين "بدا عليهم" بأنّهم يتمتّعون بالسلطة.

كما بحثت الدراسة أيضاً في العلاقة بين السمات القيادية والأداء ضمن فرق تعمل على إجراء تحقيقات بوجود احتيال في شركة مالية دانماركية. وقد دعمت النتائج الميدانية التجربة المخبرية: فالفرق التي يترأسها قادة كانوا يُعتبرون من ذوي الكفاءة الكبيرة كانت أميل إلى تقديم أداء أفضل.

يقول الباحثون بأنّ نتائجهم تظهر وجود إهمال مرعب للخبرة عند اختيار القادة. وتأتي دراستهم هذه لتكمّل العمل الذي قام به كلّ من ‬ديفيد‭ ‬دنينغ وجاستين كروغير (Justin Kruger) من جامعة كورنيل، واللذين توصّلا إلى أنّ طلاب الجامعة غير المتخرّجين واللذين كانوا لا يتمتّعون بالكفاءة حسبما تبيّن في عدد من الاختبارات (مثل اختبار التفكير المنطقي واختبار القواعد اللغوية) قد بالغوا وبشكل كبير في تقدير خبراتهم الذاتية، في حين أنّ أكثر الطلاب كفاءة قللوا من شأن خبراتهم الذاتية. فما هي العبرة الأساسية التي نستخلصها هنا؟ الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم خبراء ويُظهرون أكبر قدر من الثقة قد يكونون هم أكثر من يجب أن نشكك في خبراتهم.

يقول ليندريد غرير (Lindred Greer)، الأستاذ في جامعة ستانفورد، وأحد الباحثين الذين شاركوا في الدراسة ناصحاً: "لا تنخدعوا بقدرة الشخص الذي أمامكم على الإقناع أو بظهوره بمظهر الشخص صاحب السلطة. فبعض هذه الأشياء قد يكون مفيداً، لكنّ الكفاءة تأتي أولاً"

نبذة عن البحث "متى يكون التفاوت في السلطة مفيداً أو مؤذياً لأداء المجموعة؟" (When Does Power Disparity Help or Hurt Group Performance?) من تأليف مرات تيراكشي (Murat Tarakci)، وليندريد غرير (Lindred Greer)، وباتريك غرونين (Patrick J.F. Groenen) (مجلّة علم النفس التطبيقي، نوفمبر/ تشرين الثاني 2015)

التلاعب بالأرباح

المبيعات

هل تجيد توقّع النتائج المالية المستقبلية لشركتك؟

يُعتبرُ التنبؤ بالإيرادات واحداً من أبرز المهام الأساسية التي تقع على عاتق مندوبي المبيعات، ولكن إتقان هذه المهمّة قد يكون صعباً. وبهدف التعرّف على الأسلوب الذي يستعمله أقدر الأشخاص على التوقع، والذين يعتمدون على الجمع بين المقاييس، والمعلومات النوعية، والحدس، أجرى ستيف مارتن (Steve W. Martin)، وهو محاضر في جامعة جنوب كاليفورنيا، استطلاعاً شمل أكثر من 350 مديراً ومندوب مبيعات يعملون مع الشركات الأخرى، بعد أن قسّمهم إلى ثلاث مجموعات.

وضع التقديرات الدقيقة

هدف متحرّك

طلب الباحثون من مندوبي المبيعات وضع علامة تعبّر عن مدى ثقتهم بتوقعاتهم الشخصية (على مقياس من 1 إلى 5) ضمن فواصل زمنية معيّنة طوال ربع مالي (مدّة الربع المالي هي ثلاثة أشهر) من أجل تحديد استراتيجية استعادة الزبائن بطريقة صحيحة، وتقويم مدى توافق هذه التوقعات مع الأرقام النهائية عند صدور نتائج الإيرادات. فماذا كانت أكثر نتيجة مفاجئة في هذا الاستطلاع؟ مندوبو المبيعات الذين أعطوا أنفسهم في البداية علامة 5 (أي الأكثر ثقة) كان أداؤهم سيئاً، حيث أنّهم حققوا الدقة ذاتها التي حققها الأشخاص الذين أعطوا لأنفسهم علامة 1 (أي الأقل ثقة). أمّا أكثر الأشخاص قدرة على وضع التوقعات الدقيقة فقد كان مندوبو المبيعات الذين كانت ثقتهم المبدئية بتوقعاتهم واقعة في المنتصف.

الثقة المبدئية بالتوقعات

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .