ملخص: جميعنا مشغولون، وسواء كنا مشغولين بمسؤوليات المنزل أو العمل، فكثير منا يركزون بشدة على القيام بكل الأعمال لدرجة أننا ننسى أن نركز على أنفسنا. لكن الحفاظ على صحتك وسعادتك هو أمر في غاية الأهمية. إذن، كيف تخصص وقتاً لنفسك وصحتك واحتياجاتك عندما تكون مشغولاً طوال الوقت؟
أولاً، حدد ما تحتاج إليه. فجميعنا بحاجة إلى أمور أساسية تتمثل في النوم والحركة البدنية والغذاء الكافي، لذا اسأل نفسك عما تحتاج إليه وما تريده. ثانياً، حدد ما يمكنك فعله ضمن إطار الوقت المتاح، ثم حدد الوقت. يتيح لك وضع جدول لأعمالك تحديد الوقت الأنسب للاعتناء بنفسك، وتحديد أوقات الأنشطة الأساسية الأخرى بناء عليه. احرص على تحضير نفسك لهذه الأوقات، وأزل العقبات واستخدم أشياء تعزز السلوكيات الإيجابية. وأخيراً، وضح القواعد المتعلقة بأوقاتك للآخرين.
هل ترى أنك مشغول لدرجة أنك لا تملك أي مجال للتفكير في احتياجاتك الخاصة ناهيك بفعل أي شيء لتلبيتها؟ ربما تفكر باستمرار في العمل أو تخشى من عدم قدرتك على إثبات نفسك أو قيمتك إذا لم تكن متاحاً للعمل على مدى 24 ساعة في أيام الأسبوع السبعة (لاسيما إذا كنت تعمل عن بعد)، أو قد تسعى باستمرار للتوفيق بين العمل والاعتناء بأطفالك أو والديك المسنين أو حيوانك الأليف أو غير ذلك من الالتزامات العائلية، أو ربما كنت محتجزاً في عجلة مهمات "الحياة" الدورية كدفع الفواتير وتنظيف المنزل وإدارة الأعمال اليومية. إذن، كيف تخصص وقتاً لنفسك وصحتك واحتياجاتك عندما تكون مشغولاً طوال الوقت؟
تتمثل الخطوة الأولى في التوقف وأخذ نفس عميق، وإدراك أنك لا تحمل مسؤولية العالم بأكمله على عاتقك. في كثير من الأحيان، يمكن أن تحصل على مساعدة الأشخاص المحيطين بك بمجرد طلبها منهم وتوزيع مسؤولياتك المهنية والشخصية عليهم. وفي بعض الأحيان، يجب عليك التخلي عن بعض المسؤوليات والوثوق بأن كل شيء سيكون على ما يرام، حتى وإن لم يتم إنجاز بعض المهام التي على قائمتك بصورة مثالية أو لم يتم إنجازها على الإطلاق.
الخطوة التالية هي أن تعطي نفسك الإذن للاهتمام بنفسك الآن، لأنك إذا أجلت الاعتناء بنفسك إلى أن يصبح عبء العمل أقل أو يعود أطفالك من المدرسة أو يصبح منزلك مرتباً أو يصبح أي شيء آخر كما يجب تماماً، فقد لا تسنح لك فرصة للاعتناء بنفسك على الإطلاق. لكن إذا أخذت استراحة قصيرة وقمت بالخطوات التالية فستبدأ بالاعتناء بنفسك حتى وإن بدت لك مسؤوليات المنزل والعمل بلا نهاية.
كيف تخصص وقتاً لنفسك؟
حدد ما تحتاج إليه
تختلف احتياجات الناس فيما يتعلق بالصحة والسعادة، لكن ثمة حقائق شاملة تنطبق على الجميع. فجميعنا نحتاج بصورة أساسية إلى النوم والحركة البدنية والغذاء الكافي. وكي نزدهر فأغلبنا يحتاج إلى قضاء أوقات مفيدة مع الآخرين وفي أحضان الطبيعة، وتخصيص أوقات للتواصل الروحي والقيام بشيء ممتع.
لذا، خذ لحظة لتحدد ما تحتاج إليه وما تريده، واسأل نفسك:
- كم ساعة من النوم تكفيني كي أبقى نشطاً طوال اليوم؟
- ما هي النشاطات البدنية التي تجعلني أتمتع باللياقة وتخلصني من الآلام؟
- ما هو الغذاء الذي يمنحني الطاقة ويرضيني؟
- من هم الأشخاص الذين أستمتع بقضاء الوقت معهم؟
- كيف يمكنني تخصيص وقت أقضيه في الهواء الطلق؟
- كيف أتواصل مع نفسي وأعثر على مركزي الروحي؟
- ما هي الأنشطة التي تسعدني (كممارسة هواية ما أو القراءة أو العمل التطوعي وما إلى ذلك)؟
ليس عليك الاعتذار لأحد على احتياجاتك، فهي طبيعية ومحقة. كما أنه لا بأس بامتلاك احتياجات مهما كانت حياتك مليئة بالمشاغل.
حدد ما يمكنك فعله
قد لا تكون قادراً على القيام بكل ما تريده للعناية بنفسك في مراحل معينة من حياتك، كالفترات التي يكون العمل فيها كثيراً جداً أو عندما تضطر للاهتمام بدراسة أبنائك من المنزل أو عندما تمرّ بتغيير كبير كتغيير السكن مثلاً، لكن لا يزال بإمكانك الاعتناء بنفسك قليلاً.
فكر في الخيارات المنطقية بالنظر لوضعك الحالي. مثلاً، قد لا يكون من الممكن ممارسة رياضة الركض لمسافات طويلة حالياً، لكن يمكنك ممارستها لمدة نصف ساعة عدة مرات في الأسبوع؛ أو قد لا يكون بإمكانك ضمان أن تنام طوال الليل نظراً لأعمار أطفالك، لكن يمكنك أن تخلد للنوم قبل موعدك المعتاد بساعة كي تكسب مزيداً من النوم؛ وربما ليس بإمكانك الالتقاء بأصدقائك وجهاً لوجه، لكن يمكنك الاتصال بهم في أثناء تحضير وجبة الطعام أو أداء بعض الأعمال المنزلية. ألق نظرة على جدولك وابحث عن أوقات الفراغ القصيرة الممكنة، ما الذي يمكن أن تفعله حالياً لتلبية احتياجاتك ضمن هذه الأوقات المتاحة؟
حدد الوقت
إذا كنت تشعر دائماً أن لديك مزيداً من الأعمال التي يمكنك القيام بها، فيجب عليك الاهتمام بتخصيص بعض الوقت للاعتناء بنفسك، لأنك بذلك ستوضح لنفسك أن هذا هو أهم وأفضل شيء تفعله الآن. يتيح لك وضع جدول لأعمالك تحديد الوقت الأنسب للاعتناء بنفسك، وتحديد أوقات الأنشطة الأساسية الأخرى بناء عليه.
مثلاً، أعددت منبهاً خاصاً على هاتفي ينبهني إلى أن الوقت قد حان للذهاب إلى الفراش، يعمل طوال أيام العمل كي يذكرني بضرورة منح الأولوية للنوم؛ وخصصت وقتاً في الصباح لممارسة رياضتي المفضلة، وهي السباحة؛ وخصصت أوقاتاً للصلاة والعائلة والأصدقاء. كما يمكنك تخصيص وقت للقراءة في أثناء تناول وجبة الغداء أو عندما تستلقي إلى جانب طفلك قبل النوم. ويمكنك أخذ قيلولة قصيرة أو ممارسة التأمل عندما تنخفض طاقتك في فترة بعد الظهيرة، أو الخروج في نزهة مع أسرتك قبل تناول وجبة العشاء ومشاهدة التلفاز. أو خطط لتناول وجبات الطعام الجاهزة في بعض الليالي كي توفر وقت تحضير الطعام وتقضيه في أداء بعض الأعمال المنزلية الأخرى أو ممارسة الرياضة.
فكر في الأوقات التي يجب أن تكون الأولوية فيها للاعتناء بنفسك، فذلك يجدد نشاطك ويحفزك للتوقف عن إضاعة وقتك على نشاطات غير مرضية. إذ ستنقص رغبتك في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي في فترة بعد الظهيرة إذا كنت ستقضي هذه الدقائق في ممارسة تمرين تأمل سريع أو إذا كنت تعلم أن عليك إنهاء عملك قبل الساعة الخامسة عصراً كي تتمكن من ممارسة رياضتك قبل وقت تناول العشاء.
هيئ نفسك
كي تتمكن من القيام بكل ذلك، يجب أن تعقد العزم أولاً على أن تعتبر وقت العناية بنفسك مقدساً وأن تلتزم به. وهذا يعني إزالة العوائق ووضع الأشياء التي تعزز السلوكيات الإيجابية. مثلاً، إذا أردت ممارسة مزيد من الرياضة فنظف جهاز المشي وحضر مقاطع الفيديو المفضلة لديك لمشاهدتها في أثناء التمرين، أو اشترك في جلسات التمرين الجماعية قبل موعد بدئها كي تفرض عليك غرامة إذا ألغيت الاشتراك في اللحظة الأخيرة. أو إذا كنت ترغب باتباع نظام غذائي صحي، فحضر قائمة الحاجيات الأسبوعية التي ستشتريها من متجر البقالة وسجل فيها الأطعمة المغذية، وأزل الأطعمة غير الصحية من مطبخك وأتح خيارات الوجبات الجاهزة أو المحضرة مسبقاً للاستعانة بها عند الضرورة. كما يمكنك الانضمام إلى التحديات الجماعية للاعتناء بالنفس، حيث تخضع للمساءلة وتحظى بالدعم وتفوز بالجوائز أحياناً عند تحقيق أهدافك الشخصية فيما يخص اعتناءك بنفسك.
ومن أجل تعزيز السلوكيات الإيجابية في الوقت الحالي، فكر في التفاصيل بصورة مسبقة، وأزل العوائق التي تمنعك من تحقيق هدفك. مثلاً، يمكنك تحضير ملابس الرياضة ووضعها بجانب سريرك، أو ارتداؤها كملابس للنوم، كي توفر الوقت في الصباح قبل الخروج لممارسة رياضة الركض. أو حمل تطبيقاً على هاتفك وجهاز الكمبيوتر يقوم بقفلهما ومنعك من استخدامهما في أوقات محددة لتذكيرك بالحصول على ما يكفيك من النوم. تذكر ما تقوم به وما يجعله مهماً بالنسبة لك، كي تملك العزم الكافي للمتابعة عندما تشعر بالتعب أو انطفاء حماسك.
وضح الأمور للآخرين
أخيراً، هيئ الآخرين. إذا كانت زوجتك (أو زوجك) ممن يحبون مشاهدة التلفاز حتى وقت متأخر من الليل، فبإمكانك إعلامها بموعد آخر برنامج ستشاهده وتخلد بعده للنوم. إذا كان أطفالك يستيقظون في ساعة مبكرة جداً من الصباح وكانوا بسنّ تسمح لهم اللعب وحدهم بأمان لبعض الوقت، فوضح لهم أنك ستمارس تمارينك الرياضية أو تقرأ كتاباً أو تحتسي قهوتك في الشرفة صباحاً، وأنه بإمكانهم الانضمام إليك أو اللعب إلى أن تنتهي مما تفعله.
ضع حدوداً مماثلة في العمل أيضاً. مثلاً، إذا اقترح أحد زملائك عقد اجتماع في الصباح الباكر أو في ساعة متأخرة من الليل وكان بالإمكان التفاوض على الوقت، فاطلب عقد الاجتماع في وقت يناسب مواعيد نومك واستيقاظك أو أعمالك الروتينية الأخرى للعناية بنفسك. وإذا رأيت أن مديرك أو عملاءك يرسلون إليك طلباتهم في اللحظة الأخيرة باستمرار، فبإمكانك إجراء محادثة معهم بشأن الخيارات الممكنة. هل من الممكن إعلامك بشأن الطلبات المقبلة في وقت أبكر؟ هل بالإمكان تسليمك العمل في وقت أبكر؟ هل يمكن التفاوض على مواعيد التسليم؟ كي تملك الوقت الكافي للعناية بنفسك، يجب عليك أن تناصر نفسك واحتياجاتك.
لا أضمن لك أنك لن تشعر بالتعب على الإطلاق، لكن بإمكانك اتباع خطوات معينة لتضمن أن توجه تركيزك واهتمامك نحو الاعتناء بنفسك كل يوم. أن تكون متاحاً دائماً للعمل لا يعني بالضرورة أن تضحي باحتياجاتك، بل أن تحرص أحياناً على تخصيص بعض الوقت للتركيز على نفسك.