كيف تتفاوض افتراضياً؟

4 دقائق
كيفة إنجاح التفاوض عن بعد

على مدى الأشهر القليلة الماضية، تمت جميع المفاوضات تقريباً بشكل افتراضي. ولكن حتى قبل جائحة "كوفيد-19" كان عدد متزايد من مبرمي الصفقات يتواصلون من خلال الأدوات الرقمية عبر تقنيات التفاوض عن بعد. فتقنيات الفيديو وعقد المؤتمرات عبر الهاتف (الذي يتصف بأنه منخفض التكلفة) والبريد الإلكتروني، أصبحت جميعها من الطرق الفعالة التي تتيح للفِرق التحضير معاً والتفاوض مع النظراء.

إذن ما الذي تخبرنا به البحوث حول التفاوض عن بعد أو التفاوضات الافتراضية؟  وهل هي أكثر أم أقل فعالية فيما يتعلق بخلق قيمة للأطراف الأخرى؟

الصورة مختلطة، وهناك خبر سيئ وآخر جيد.

أولاً، الخبر السيئ هو:  عادة ما يحقق التفاوض افتراضياً نتائج موضوعية سيئة للأطراف مع شعورهم بقدر أقل من الود والثقة تجاه بعضهم البعض. ووفقاً لتحليل تجميعي أُجري عام 2002، ثبُت أن صناعة القرارات بشكل جماعي تكون أقل فاعلية وإرضاء وأطول أمداً عندما لا تتواصل المجموعات وجهاً لوجه.

وعندما يتعلق الأمر بالتواصل عبر البريد الإلكتروني، الذي ينجذب إليه الانطوائيون بوجه خاص في حالات النزاع، فإننا نميل إلى أن نكون أقل تعاوناً؛ ربما لأننا أقل تحفظاً تجاه الإعراب عن الشكاوى والآراء السلبية.  كما أننا معرضون لخطر أكبر يتمثل في حدوث حالات سوء فهم:  فقد وجد جاستن كروجر ونيك إيبلي وزملاؤهما أننا نميل إلى المبالغة في تقدير مدى فهم المتلقين لرسائلنا. ومن المثير للدهشة أن إحدى الدراسات التي أُجريت عام 2019 تقترح أننا أيضاً أسوأ في فهم المشاعر عبر البريد الإلكتروني.

اقرأ أيضاً: ما هي استراتيجيتك في التفاوض؟

ومن المثير للاهتمام أن تحليلاً تجميعياً لـ 43 دراسة يشير إلى أن النساء يكن أقل تعاوناً في البيئات الافتراضية مما يكون عليه الحال عند التواصل وجهاً لوجه، بينما لا تتغير أساليب الرجال في التواصل كثيراً. ربما لأن المرأة تشعر بضغط أقل لأن تكون متعاونة أو مهذبة عندما لا تتواصل وجهاً لوجه.

طرق عميلة لإنجاح المفاوضات عن بعد

إذا كان المفاوضون الافتراضيون يواجهون عوائق إضافية، فالخبر السار هو أن البحوث تقترح أيضاً طرقاً لتعزيز فرص النجاح في البيئات الافتراضية.

عند التخطيط للمفاوضات الافتراضية

1. أسنِد أدواراً واضحة إلى أعضاء فريقك. المكالمات أو مؤتمرات الفيديو التي تُجرى بين 4 أطراف أو أكثر يمكن أن تخرج عن مسارها بشكل سريع. لذلك احرص على أن تسأل عن:  مَن سيفتتح الاجتماع؟ ومَن سيشرح المقترح؟ ومَن سيجيب عن الأسئلة؟ ومَن سيلخص الخطوات المقبلة؟ وكيف سنتواصل مع بعضنا البعض في حالة عدم الاتصال بالإنترنت؟

2. حدد طرقاً للدردشة لا تحتاج إلى اتصال بالإنترنت وتدرّب عليها. هناك العديد من الرسائل "الخاصة" المسببة للارتباك التي يمكن أن تظهر عن طريق الصدفة على شاشة أي منّا. لتجنُّب ذلك، استخدم أجهزة أو برامج مختلفة للدردشة. فإذا كنت على سبيل المثال تستخدم الكمبيوتر عند الدردشة عبر برنامج "زووم"، استخدم هاتفك أو تطبيق آخر منفصل للدردشة أو كتابة الرسائل النصية لزملائك في الفريق.

3. ولكن اجعل الأحاديث مختصرة. إرسال الرسائل أثناء المفاوضات يمكن أن يكون مهماً ولكن وجدت إحدى الدراسات أن القيام بمهام متعددة باستخدام هاتف ذكي أثناء التفاوض يعود عليك بفوائد أقل بالإضافة إلى تصنيف النظراء لك على أنك أقل مهنية وأقل جدارة بالثقة. ولهذا فإن الإيجاز ميزة عند التواصل مع الزملاء في الفريق أثناء التفاوض .

4. التفاوض أفضل عبر الفيديو، وكلما كانت شاشة الكمبيوتر أكبر، كان ذلك أفضل. وجد تشارلز ناكوين وزملاؤه أن المفاوضين الذين يتواصلون عبر الفيديو كانوا أفضل أداء من المفاوضين الذين استخدموا البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية. كما أن هؤلاء الذين يستخدمون شاشة كمبيوتر كبيرة كانوا أفضل أداء من الذين يستخدمون شاشة صغيرة.  فكلما كان من السهل رؤية نظرائك، قلّ الجهد الذي سيبذله دماغك.

5. اجعل الاجتماعات قصيرة ولطيفة. في حين أن وسائل عقد الاجتماعات عبر الفيديو والهاتف "أكثر ثراءً" من البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية، إلا أنها أيضاً مرهقة ذهنياً بشكل أكبر. فأدمغة البشر هي آلات للتوقع، ولذلك يجب أن تبذل جهداً أكبر لفهم الثغرات ومواطن الخلل وفترات التأخر وأوجه اللبس والغموض الأخرى في التعاملات. ولكن الاجتماعات القصيرة المنظمة التي تُعقد عبر الفيديو والهاتف يمكن أن تساعد على إبقاء الأطراف مندمجين وفي أفضل حالاتهم.

اقرأ أيضاً: كيف تغير رأي شخص ما بشكل حقيقي؟

عند قيادة المفاوضات الافتراضية

1. لا تبدأ في التفاوض مباشرة. قضاء بضع دقائق في خلق الصداقات أو الدردشة البسيطة في بداية الاجتماع يمكن أن يهيئ الظروف لكي تكون التفاعلات تعاونية بقدر أكبر. وقد وجد بحث أجراه مايكل موريس وزملاؤه أنه عند المراسلة عبر البريد الإلكتروني، حقق المشاركون الذين كُلفوا عشوائياً بالدردشة لدقائق قليلة قبل التفاوض نتائج مالية واجتماعية أفضل من هؤلاء الذين بدؤوا في التفاوض على الفور. وفي تجربة أخرى تَبين أن بدء التفاوض ببعض الفكاهة أدى إلى تحقيق نتائج اقتصادية أفضل وخلق مشاعر أفضل بين الأطراف. وخاصة في هذه الفترة المليئة بالضغوط التي فُرض فيها الحجر الصحي، فإن بناء العلاقات الشخصية يمكن أن يكون له تأثير قوي على ما هو قادم.

2. أوضِح القيود والتوقعات. غالباً ما تكون بداية الاجتماعات التي تُعقد عبر الفيديو وعبر الهاتف "فوضوية" في حالة انضمام الأطراف إلى الاجتماع في أوقات مختلفة. لذلك بعد أخذ بعض الوقت للدردشة، احرص على توضيح هدف الاجتماع سريعاً وكذلك مدة الاجتماع التي يتعين الالتزام بها.  وإذا اضطر طرف أساسي إلى مغادرة الاجتماع في وقت مبكر، على سبيل المثال، عدّل جدول أعمال الاجتماع في البداية حسب الحاجة.

اقرأ أيضاً: دراسة: لطفك في التفاوض قد يُفضي إلى نتائج عكسية

3. تجنب مشاهدة نفسك أثناء الاجتماعات إذا كنت تشعر بالارتباك بالنسبة إلى أصحاب الثقافات الخاصة التي تتسم بالفردية، هناك أدلة تشير إلى أن رؤية الشخص لنفسه أثناء مكالمات الفيديو عادة ما تزيد من شعوره بالارتباك والنقد الذاتي. ولذلك إذا كانت لديك هذه الميول بالفعل، ربما من الأفضل أن توقف خاصية مشاهدة نفسك عند عقد الاجتماعات عبر الفيديو.

لا يوجد بديل عن الثراء الذي يتسم به التفاوض في بيئة العمل التقليدية وجهاً لوجه.  ولكن بينما نجتاز فترة التباعد الاجتماعي المثيرة للتوتر، من المفيد أن نتذكر أن أدوات ووسائل التواصل الرقمية يمكن أن تجعل المفاوضات أكثر فاعلية، وأيضاً يمكن أن يساعدنا التفاوض عن بعد في البقاء على تواصل مع بعضنا البعض، شريطة أن نفهم كيف نستخدمها على أفضل وجه.

اقرأ أيضاً: كيف توظف مهارات التفاوض للحصول على صفقات مربحة

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي