كيف تبني عادات صحية عندما تكون منهك القوى؟

4 دقائق
العادات الصحية

يمكن أن يكون تكوين عادة جديدة أمراً صعباً في أفضل الأوقات، فما بالك بمحاولة إجراء تغييرات عندما تكون منهك القوى بالفعل. ما حدث خلال السنوات القليلة الماضية أنهك الجميع تقريباً. وقد تجد أنك منهك ولا تعلم ما إذا كنت ستتمكن حقاً من تغيير وضعك وتبنّي مجموعة من العادات الصحية الجديدة، أو ببساطة لا تعلم من أين يجب أن تبدأ.

إذاً، ما الذي يجب عليه فعله إذا وجدت نفسك محاصراً في دوامة الحاجة إلى تحسين عاداتك لاستعادة نشاطك، ولكنك تكافح لاستجماع طاقتك وحماسك لتتمكن حتى من المحاولة؟

كمدربة في مجال إدارة الوقت، يأتي إليّ العديد من الأفراد وهم متعبون بالفعل، وأحياناً يكونون قد وصلوا إلى درجة الإنهاك. فهم يريدون إجراء تغييرات لكنهم لا يعرفون كيف يبدؤون. لذلك نحن بحاجة إلى إيجاد وسيلة للتعافي تقدّر حالتهم الحالية وتساعدهم على تغيير هذه الحالة في الوقت ذاته.

لا يجب الضغط أو القسوة عليهم لمساعدتهم على المضي قدماً؛ فهم بالفعل يقسون على أنفسهم بما فيه الكفاية. تتمثل الطريقة الأكثر فعالية على المدى الطويل في اتباع نهج لطيف وشامل لجميع جوانب حياتهم؛ فالالتزام بأساسيات الاعتناء بنفسك من خلال النوم والتغذية وممارسة التمارين الرياضية يؤهلك لإحراز تقدم في الجوانب الأخرى من إدارة الوقت.

إذا وجدت نفسك منهكاً تماماً ولكنك تتوق إلى التغيير، فإليك السبيل إلى بناء عدد من العادات الصحية الجديدة والمستدامة.

ابدأ بتحسين جودة نومك

إذا كنت متعباً للغاية، فيجب ألا تضغط على نفسك بقوة أكبر لزيادة الإنتاجية، بل يجب أن تتجنب ذلك. فبمجرد أن تبدأ بالحصول على قسطٍ كافٍ من النوم بصورة معتادة، سيدعمك جسمك في تحقيق أهدافك اليومية بدلاً من إحباطك.

هناك ترتيب محدد للغاية أوصي به عند العمل على تحسين جودة النوم إذا كنت قد وصلت بالفعل إلى مرحلة الإنهاك. فابدأ بتحديد موعد للنوم في وقت أبكر حسب عدد ساعات النوم التي تحتاج إليها لتشعر بالراحة. إذا كنت بحاجة إلى النوم 8 ساعات ليلاً ويجب أن تستيقظ في السابعة صباحاً، فهذا يعني إطفاء الأنوار في الحادية عشرة مساءً. اضبط منبهاً على هاتفك قبل 30 أو 45 دقيقة من ذلك الوقت لتذكير نفسك بالبدء بالتوقف عن العمل تدريجياً والاستعداد للنوم.

بمجرد أن تعتاد على التوجه إلى السرير مبكراً، ابدأ في العمل على روتين ما قبل النوم بحيث تخلد إلى النوم بمجرد أن تكون في الفراش. جرّب استراتيجيات مختلفة، مثل تسجيل الخروج من الأجهزة الإلكترونية قبل النوم بساعة أو عدم مشاهدة أي شيء مثير للحماس في وقت متأخر من الليل أو ببساطة خفض الإضاءة في الغرفة.

تتمثل الخطوة التالية لتحسين جودة نومك في التركيز على الاستيقاظ في وقت ثابت. يضع معظم الناس هذا الهدف باعتباره الخطوة الأولى، لكن في الواقع يتم العمل عليه لاحقاً في العملية. أوصي باتباع هذا الترتيب لأنك عندما تذهب إلى السرير في الوقت المحدد وتخلد إلى النوم بسرعة، يصبح الاستيقاظ أسهل بكثير. إضافة إلى ذلك، فإن الاستيقاظ في وقت مبكر على الدوام سيجعل الذهاب إلى المكتب أسهل كثيراً، في الأيام التي تحتاج فيها إلى ذلك.

اهتم بغذائك

بمجرد أن تمنح نفسك وقتاً كافياً للراحة، ستكون لديك القدرة على العمل على جوانب أخرى. وقد اكتشفت أن العادات الصحية الأكثر فعالية في استعادة الطاقة، بعد العادات التي تهدف إلى تحسين جودة النوم، تنطوي على اتباع استراتيجيات بسيطة تتعلق بالتغذية.

يُعد البدء بشرب المزيد من الماء من العادات الصحية الفعالة؛ فزيادة كمية ما تشربه من الماء يرفع مستوى الطاقة ويساعد على التركيز ويحد من الشعور بالتعب والقلق. اعتد أن يكون هناك كوب أو زجاجة مملوءة بالماء إلى جانبك دائماً. بينما أعمل أملأ كوباً بالماء عند الإفطار، وأحتفظ به على مكتبي، وأستمر في إعادة ملئه على مدار اليوم. إذا كان من الصعب عليك إعادة ملئه، فأحضِر زجاجة مياه كبيرة للغاية بحيث لا تحتاج إلى إعادة ملئها إلا مرة واحدة في اليوم.

وبعد ذلك فكر فيما إذا كنت تتناول ما يكفي من الطعام. ينهمك بعض عملائي في عملهم بشكل كبير أو يعقدون الكثير من الاجتماعات المتتالية لدرجة أنهم لا يشعرون أن لديهم وقتاً لتناول الطعام، أو ينسون ذلك ببساطة! إذا وجدت نفسك في هذا الموقف، فاشترِ بعض البدائل البسيطة، مثل ألواح البروتين أو مخفوق البروتين، واحتفظ بها دائماً في مكتبك. اجعل هدفك أن تتناول واحداً أو اثنين على الأقل خلال اليوم. وفي أثناء تنمية هذه العادة، قد تحتاج إلى تذكير نفسك بذلك من خلال جدول مواعيدك أو هاتفك، أو وضع وجبة خفيفة صحية على مكتبك كإشارة بصرية. يجد عملائي الذين جعلوا تذكير أنفسهم بتناول الطعام من أولوياتهم أنهم أصبحوا يتمتعون بطاقة أكبر على مدار اليوم ولا يشعرون بإرهاق كبير في نهاية يوم العمل.

حافظ على ممارسة التمارين الرياضية

بمجرد أن ترسي دعائم النوم والتغذية، يجب أن تفكر في إدخال بعض النشاط البدني إلى حياتك. على عكس المتوقع، تمنحك التمارين الرياضية مزيداً من الطاقة على مدار اليوم بدلاً من استنفادها. كما أن لها فوائد إضافية تتمثل في تحسين الحالة المزاجية وجودة النوم والتركيز. يجد بعض عملائي المصابين باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط أن ممارسة التمارين الرياضية تُعد من العناصر الأساسية التي تساعدهم على التركيز طوال اليوم.

إذا كنت تمارس تمارين "كارديو" قوية لمدة 25 دقيقة على الأقل 3 مرات أسبوعياً على الأقل، فيمكنك تحسين صحتك بوجه عام. أوصي بتحديد مكان ووقت القيام بهذا التمرين، مثل "سأتمرن أيام الإثنين والأربعاء والجمعة من السابعة إلى السابعة والنصف صباحاً في صالة الألعاب الرياضية". وإذا كنت تجد صعوبة في تحفيز نفسك، فابحث عن الدعم من خلال التمرن مع الأصدقاء أو الذهاب إلى صف رياضي أو تعيين مدرب. إذ يمكن للآخرين إمدادك بالطاقة والتحفيز عندما تكون مرهقاً.

إذا كان من الصعب عليك البدء بهذا المستوى من النشاط البدني، فيمكنك البدء بممارسة تمارين التمدد الخفيفة أو المشي. اجعل ممارسة التمارين الرياضية عادة مرتبطة بحدث يومي مثل "عندما أستيقظ، سأمارس تمارين التمدد لمدة 5 دقائق" لمساعدتك على دمج هذه العادة بسلاسة في نمط حياتك.

اختر عادة جديدة لبنائها

بمجرد أن تصبح العادات الصحية التي ستقلل بشكل كبير من شعورك بالإنهاك جزءاً لا يتجزأ من حياتك، يمكنك اختيار عادات جديدة أخرى لبنائها. سيكون الاهتمام بأساسيات النوم والتغذية والتمارين الرياضية قد أدى إلى تحسين طاقتك وتركيزك خلال اليوم بالفعل، وبالتالي سيكون بمقدورك بناء عادات جديدة.

لتقليل احتمالية الشعور بالإرهاق، أنصح باختيار عادة واحدة فقط للعمل على بنائها في كل مرة. على سبيل المثال، قد تقرر التركيز على الذهاب إلى اللقاءات في الموعد المحدد أو التخطيط لأسبوعك أو تقسيم المشاريع أو متابعة البريد الإلكتروني أو أي عادة أخرى ترغب في بنائها. ثم ركز على إجراء التغيير بالتدريج. على سبيل المثال، فيما يتعلق بالذهاب إلى اللقاءات في الموعد المحدد، يمكنك اختيار نوع واحد من اللقاءات تركز فيه على الوصول مبكراً بدقيقتين ثم توسيع النطاق تدريجياً ليشمل أنشطة أخرى في حياتك المهنية والشخصية.

السبيل إلى تغيير أي عادة، لا سيما عندما تكون منهكاً للغاية، هو أن تقوم بذلك ببطء وبصورة منتظمة؛ بمعنى أن تمضي قدماً ولكن دون أن تضغط على نفسك بشكل كبير في أي وقت من الأوقات. لن تتمكن من تغيير جميع عاداتك في يوم واحد، ولكن مع مرور الوقت، يمكنك اكتساب مجموعة من العادات الصحية الجديدة تساعدك على استعادة طاقتك وتجنب الشعور بالتعب وتحفيز نفسك لتنمو وتتطور بشكل مستمر.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي