سواء كانت الشركات تواجه انخفاضاً أو زيادة في أهداف المبيعات في أعقاب جائحة "كوفيد-19"، من الصعب على قادة فرَق المبيعات توقُّع ما سيحدث بعد ذلك. فقد اتخذت معظم الشركات إجراءات عاجلة بالفعل، كالانتقال إلى البيع عبر الإنترنت وإعادة توزيع جهود قسم المبيعات وتقليل حجم فرَق المبيعات إذا كانت أعمالها قد تضررت بشدة. فكيف هو حال فرق المبيعات خلال الأزمة؟
مع استمرار تطور الوضع، يستمر الغموض والقلق. وتُثار تساؤلات من قبيل: كيف ينبغي لمندوبي المبيعات قضاء وقتهم؟ هل ما زالت عمليات البيع المنظمة صالحة للاستخدام؟ هل لا تزال الأدوار المتخصصة في المبيعات تضيف قيمة؟ ما هو دور الحوافز في ظل هذا التغير المستمر؟
فرق المبيعات خلال الأزمة
نواجه في الوقت الحالي وضعاً جديداً واستثنائياً في العمل. ما يدفع قادة فرَق المبيعات إلى تحدي التصورات التقليدية بينما يبحثون عن إجابات عن تلك الأسئلة وغيرها.
كيف ينبغي لمندوبي المبيعات قضاء وقتهم؟
من الشائع بالنسبة إلى مندوبي المبيعات الذين بنوا سجلاً ناجحاً من العملاء أن ينصرف انتباههم عن استقطاب عملاء جدد إذا واجهوا الكثير من طلبات الخدمة التي تَرد من العملاء الحاليين. ويضع قادة فرَق المبيعات، غالباً بمساعدة استشاريين (مثلنا)، استراتيجيات لمنع هذا "الخلل" من التسلسل إلى وظائف فرَق المبيعات. ما يجعل القادة والمدراء يدفعون مندوبي المبيعات إلى قضاء المزيد من الوقت في تطوير الأعمال مع الاستعانة بمواقع الخدمة الذاتية الإلكترونية أو ممثلي خدمة العملاء الأقل تكلفة لأداء المهام التي لا تتعلق بالمبيعات.
ولكن العملاء يعيشون حالة من القلق والغموض حالياً. وبالتالي فإن إيلاء الأولوية للبيع يمكن أن يضر بالعلاقات مع العملاء، خاصة العملاء الذين تتعرض أعمالهم لضغوط؛ مثلما يحدث عندما يبيع مندوب المبيعات البرمجيات كخدمة لشركات الطيران. فمندوبو المبيعات الذين يركزون بشدة على إبرام الصفقات لن يحققوا النجاح وأيضاً سيبدو أنهم يتجاهلون ما يحدث. قد تتمثل أحد الأساليب الناجحة في استقطاب العملاء من خلال التركيز على الخدمة المقدمة لهم مع خفض رسوم ترخيص البرمجيات (أو حتى إلغائها) مؤقتاً.
اقرأ أيضاً: ماذا ينبغي أن تفعل فرق المبيعات استعداداً للركود القادم؟
وبالمثل، وفقاً للتصورات التقليدية يركز مندوبو المبيعات على العملاء الذين يُعدّون أفضل مصدر لتحقيق الربح والنمو، بينما يقللون من أهمية العملاء المرتقبين ذوي الاحتمالات الضئيلة في تحقيق الربح والنمو. ولكن في ظل الوضع الحالي، يمكن أن يفشل هذا المنطق. فبسبب حالة القلق التي يعيشها المشترون، يهتم الكثيرون منهم بمعرفة ما تفعله الشركات الأخرى. وبالتالي يسعى المشترون إلى الحصول على أفكار من مندوبي المبيعات الذين عادة ما يتعاملون مع العديد من مؤسسات المشترين. وهذا يزيد من فرص وصول مندوبي المبيعات إلى المشترين الذين كان يَصعُب الوصول إليهم سابقاً، ما يمنح مؤسسات المبيعات فرصاً جديدة لجذب العملاء المرتقبين إلى قمة قمع المبيعات.
ومع لجوء كل من العملاء الحاليين والمحتملين إلى مندوبي العملاء للحصول على مصادر منقحة للقيمة، يعيد مندوبو المبيعات موازنة وقتهم ما بين الخدمات والمبيعات والعملاء الحاليين والعملاء المحتملين.
هل ما زالت عمليات البيع المنظمة صالحة للاستخدام؟
عملية البيع عبارة عن سلسلة من الخطوات التي تحدد رحلة المشتري والبائع بداية من تحديد الحاجة إلى إيجاد حل وصولاً إلى تبادل القيمة. وتستخدم مؤسسات المبيعات عملية البيع لمواءمة المهام والمسؤوليات والاحتياجات من الموارد في كل خطوة. يسترشد مندوبو المبيعات بالأدلة الإرشادية لعملية البيع، وهي غالباً ما تُصمم من خلال دراسة عادات مندوبي المبيعات الناجحين. كما أن الأفكار التي تستند إلى البيانات يمكن أن تساعد مندوبي المبيعات في تحديد إجراءات البيع الناجحة في كل خطوة.
على الرغم من أن البيع الذي يرتكز على العمليات ضروري على نطاق واسع ويعمل على نحو جيد في البيئات المستقرة نسبياً، فإنه أقل فاعلية بكثير في عالم الأعمال الحالي "غير المعتاد". فقد زعزعت الجائحة استقرار تنفيذ عملية البيع. وما كان يعمل على نحو جيد في السابق، قد لا ينجح في الوقت الحالي أو في المستقبل. والعديد من العملاء المحتملين الذين قطعوا أشواطاً في قراراتهم الشرائية، يعودون الآن إلى نقطة الصفر لإعادة تحديد احتياجاتهم. وبعض الطلبات يتم تعليقها لأجل غير مسمى. حتى العملاء الذين ما زالوا يشترون أصبحوا يفكرون بطريقة مختلفة أيضاً، ما يتطلب تغيير إجراءات البيع وعوامل التمكين. ولذلك لم تعد الأدلة الإرشادية القديمة مناسبة.
اقرأ أيضاً: كيف تستطيع فرق المبيعات أن تزدهر في عالم رقمي؟
وبالتالي ثمة حاجة إلى نهج متكامل ومرن ومبتكَر لإشراك العملاء. ويمكن للمؤسسات إتاحة فرص لمندوبي المبيعات والمدراء للتعلم وتبادل الخبرات بينما يكيفون عمليات البيع مع الواقع الجديد.
ما هي القيمة التي تضيفها الأدوار المتخصصة في المبيعات؟
الشركات التي تبيع أنواعاً متعددة من المنتجات لأسواق متنوعة تستخدم المتخصصين في المبيعات للاستفادة من خبراتهم وتركيزهم على العملاء والمنتجات وأنشطة البيع. وفي حين أن التخصص غالباً ما يكون مقترناً بالفاعلية، إلا أنه عدو المرونة. على سبيل المثال، فرَق المبيعات في إحدى الشركات التقنية مقسمة إلى قطاعات: كالقطاع الحكومي والخدمات المالية والرعاية الصحية والنشاط الفندقي والنقل. وفي الوقت الحالي، فرَق المبيعات التي تخدم قطاع الرعاية الصحية تعمل فوق طاقتها، بينما لا تعمل الفرَق التي تخدم قطاع النقل.
هذه الديناميات جعلت الكثير من مؤسسات المبيعات تسعى جاهدة إلى تغيير حجم موارد المبيعات وإعادة توزيعها. وهو ما يمكن أن يمثل تحدياً. فمندوب المبيعات المتخصص في قطاع النقل لا يمكن أن يصبح متخصصاً في قطاع الرعاية الصحية بين ليلة وضحاها. ومع ذلك، تسعى الشركات إلى توسيع نطاق تركيز العديد من الأدوار في قسم المبيعات من خلال إلغاء بعض الأدوار المتخصصة. ويمكن إعادة توزيع أدوار فرَق المبيعات الداخلية والإلكترونية بسهولة أكبر من الأدوار الميدانية.
ما هو دور الحوافز؟
تُعد حوافز المبيعات جزءاً لا يتجزأ من الحمض النووي لمؤسسات المبيعات. فقد أصبح مفهوم "الدفع مقابل الأداء" معتقَداً وعادة، حيث تحقق الحوافز النفع لكل من الشركات ومندوبي المبيعات، بشرط أن تكون المبيعات متوقعة إلى حد ما. فبالنسبة إلى مندوبي المبيعات الذين يبيعون المستلزمات للمطاعم في الوقت الحالي، يُعد تحقيق النفع للطرفين مستحيلاً في هذه الحالة. وفي الوقت نفسه، من السهل على مندوبي المبيعات الذين يبيعون للشركات التقنية المتخصصة في تقديم الخدمات السحابية بلوغ أهداف المبيعات السابقة. يجب أن تتكيف خطط حوافز المبيعات مع البيئة المتقلبة حيثما تؤدي العوامل الخارجة عن نطاق سيطرة مندوبي المبيعات دوراً كبيراً في تحديد النتائج. وفي بعض الحالات، من الأفضل إلغاء الحوافز التقليدية مؤقتاً، وبدلاً من ذلك يمكن ربط نسبة من أجر مندوب المبيعات بأداء الشركة والإنجازات الفردية وفقاً لنظام الإدارة بالأهداف (MBO).
عادة ما تُستكمَل الحوافز بعمليات إدارة الأداء التي تجعل الأولويات متسقة مع المبيعات لإبقاء نشاط المبيعات في المسار الصحيح لتحقيق نتائج. ومع قلق مندوبي المبيعات بشأن أمانهم الوظيفي والتحديات الشخصية الأخرى، فإن المشرفين الذين يضغطون عليهم ويسعون إلى فرض السيطرة والتحكم يمكن أن يزيدوا شعورهم بالتوتر والقلق إلى حد كبير. ولكن هذه الفترة تدعو مدراء المبيعات إلى تحويل تركيزهم من الضغط إلى الأداء لدعم فرَقهم. (لاحظ وجه الشبه مع ما يريده الكثير من العملاء من مندوبي المبيعات في الوقت الحالي، ألا وهو: تقديم الدعم والأفكار دون ضغط عليهم للشراء).
قادة ومدراء فرَق المبيعات الذين يتطلعون إلى المستقبل يؤكدون على أهمية التواصل وإبداء التقدير، قبل الحوافز وإدارة الأداء، لتحفيز مندوبي المبيعات وتوجيههم في هذه الأوقات العصيبة من أجل قيادة فرق المبيعات خلال الأزمة بشكل صحيح.
اقرأ أيضاً: