ثمّة تردد كبير بين المستهلكين فيما يتعلق بموضوع بناء علاقات ناجحة مع المؤثرين وبالثقة بالعلامات التجارية الموجودة على الإنترنت، إذ أشار ما يقرب من 25.2% من سكان الولايات المتحدة إلى أنهم منعوا ظهور الإعلانات على أجهزتهم الإلكترونية في عام 2018. وبدلاً من ذلك، فإنهم يلجؤون إلى "المؤثرين" على وسائل التواصل الاجتماعية، وهم أفراد يتمتعون بأسلوب شخصي متميز وقدرة على جذب جمهور كبير. ويُثير ما يرتديه المؤثرون، وإلى أين يسافرون، وإلامَ يستمعون، حماس متابعيهم ويحفز إلهامهم، الأمر الذي حذا بالمسوقين على نحو متزايد للبحث عن فرص للتواصل مع عملائهم عن طريق إدخال منتجاتهم وعلاماتهم التجارية في الحوارات التي يجريها المؤثرون مع متابعيهم.
اقرأ أيضاً: كيف يمكنك إدارة شبكة علاقاتك الواسعة جداً؟
ويتعامل المسوقون في كثير من الأحيان مع وسائل التواصل الاجتماعية على أنها قناة إعلانية منخفضة التكلفة. ومن هذا المنظور، يقوم المؤثر ببساطة بتنفيذ جزء من استراتيجية العلامة التجارية للشركة، وتوليد المبيعات من خلال جعل قابلية الرؤية للمنتج أكبر عبر نشره على الشبكات الاجتماعية. وتختار العلامات التجارية المؤثرين بناءً على حجم جمهورهم، وتتفاوض معهم على عقود لكل "حملة" على حدة. ثم يتتبع المسوقون أداء المؤثرين على مستوى الحملة مستخدمين مقاييس تقييم موضوعية. وفي حال عدم تحقيق المؤثر أهداف الحملة قصيرة المدى، يستبدل بشخص آخر في الحملة التالية. وغالباً ما تدير وكالات متخصصة العلاقة مع المؤثرين، وتستخدم بدورها آليات معيارية لتحديد المؤثرين، والتفاوض بشأن عقودهم، ومراقبة أدائهم.
بناء علاقات ناجحة مع المؤثرين
على مدى السنوات القليلة الماضية، أصبح العديد من المؤثرين ذوي خبرة مهنية كبيرة، وباتوا يتطلعون بشكل متزايد إلى التعاون مع العلامات التجارية مباشرة كشركاء حقيقيين، حيث تكشف أبحاثنا، التي نتجت عن 27 مقابلة متعمقة مع مؤثرين ودراسات حالة مكملّة في مجال الموضة ومستحضرات التجميل، عن الإحباط المتزايد بين المؤثرين فيما يتعلق بعلاقاتهم مع المسوقين.
اقرأ أيضاً: كيف تنوع شبكة علاقاتك المهنية؟
كما في حالة ماريون، التي هي مؤثرة في مجال "أسلوب الحياة" مع 129 ألف متابع على إنستغرام والتي قالت لنا: "عندما تتصل علامة تجارية بي، ألقي في البداية نظرة إلى الأسطر الأولى من رسالتها الإلكترونية. فإذا كانت تبدأ بعبارات على غرار "مرحباً" أو "عزيزي المدون"، أحذفها على الفور دون قراءتها. إن اسمي هو ماريون، وفي حال كنت فعلاً تتابع مدونتي، فيجب أن تعرف ذلك، وإلا ستكون تلك الرسالة جزءاً من عملية إرسال رسالة عامة لأكبر قدر ممكن من الناس. ثم أقرأ بعد ذلك محتوى الرسالة لرؤية ما إذا كان الشخص قد جمع معلومات عني وعن مدونتي".
تدرك الشركات الذكية أن عليها معاملة المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعية كسفراء لعلامتها التجارية، وليس كقناة إعلانية إضافية لمنتجاتها. لننظر ، على سبيل المثال، إلى شركة الأزياء "أسوس" التي تضع التسويق باستخدام المؤثرين في صميم استراتيجية علامتها التجارية. حيث تستخدم الشركة مجموعة من المؤثرين الذين اُختيروا بعناية - يُدعون بـ "المطلعين"- ممن لديهم أذواق مختلفة فيما يتعلق بالأناقة وأشكال جسم مختلفة للنشر في حسابات الشبكات الاجتماعية الخاصة بشركة "أسوس". وضمن حسابات شركة "أسوس" على وسائل التواصل الاجتماعي، ينشر المؤثرون منتجات الشركة، التي تتضمن الملابس والإكسسوارات ومنتجات التجميل الخاصة بالشركة من أجل إثراء صورتها. ونتيجةً لذلك، يعد المطلعون سفراء حقيقيين لعلامة "أسوس" التجارية ويقومون بتجسيد منتجات الشركة يوماً بعد يوم لمدة طويلة.
أما في صناعة مستحضرات التجميل، فقد اتخذت "لوريال باريس" نهجاً مماثلاً عبر إنشائها علاقات طويلة الأمد مع عدد قليل من أهم المؤثرين، إذ لدى الشركة ما تدعوه بـ "فرقة الجَمال"، وهي مجموعة من الخبراء والسفراء الذين يشاركون في تطوير منتجات جديدة، وينشرون فيديوهات تعليمية، ويعطون النصائح المختلفة ضمن منصات لوريال. ويتحول التعاون إلى عملية ترويج مشتركة بين "لوريال باريس" وكل مؤثر.
ويشعر المؤثرون بدورهم بالامتنان عندما تأخذ العلامة التجارية أسلوبهم وصوتهم على محمل الجد، كما في حالة آني التي هي إحدى المؤثرات في مجال الجمال وأسلوب الحياة، ولديها 12 ألف متابع على إنستغرام، والتي تقول لنا: "من المدهش أنه أصبح لي مع مرور الوقت أصدقاء من جميع العلامات التجارية التي أتعاون معها... في الواقع ليس مع العلامات التجارية نفسها، ولكن مع الأشخاص الذي يديرون تلك العلامات التجارية". ما يحدث هنا هو عملية تتعرف فيها العلامة التجارية والمؤثر أحدهما على الآخر ويبنيان علاقة ثقة متبادلة عبر تواصل متخصص للغاية.
اقرأ أيضاً: كيف يمكنك إقامة علاقات جديدة في ظلّ غياب فعاليات بناء العلاقات؟
ويأتي هذا النهج بطبيعة الحال مع تكلفة، إذ إن تطوير شراكات قليلة دائمة يتطلب وجود أشخاص خبراء في مجال جديد، وهو العثور على المؤثرين الحقيقيين، ممن لديهم أسلوب مميز فريد من نوعه، والتفاوض معهم على عقود طويلة المدى، وإدارة العلاقة معهم يومياً. ويعني أيضاً إنشاء ألفة مع كل مؤثر، ومعرفة ما يثير اهتمامه، ومزاجه اليومي، وأهدافه المهنية. كما يعني أيضاً استخدام مقاييس أداء كمية ونوعية جديدة وتتبعها.
طريقتان لإدارة المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي
تجد الشركات أن أسلوب العلاقات يحقق نتائج أفضل
أسلوب المعاملات | أسلوب العلاقات | |
---|---|---|
الموقع الاستراتيجي | المؤثر هو أداة لتنفيذ استراتيجية العلامة التجارية | المؤثر هو الخبير الذي يشكل استراتيجية العلامة التجارية |
الدور | داعم للمنتج | سفير للعلامة التجارية |
معيار الاختيار | عدد المتابعين | تناسبه مع صورة العلامة التجارية |
العقد | عقد لكل حملة | عقد طويل الأجل |
المقاييس | العائد على الاستثمار في المبيعات لكل حملة | العائد على الاستثمار السنوي في صورة العلامة التجارية وإشراك المجتمع المحلي |
تكاليف التحويل | منخفضة | متوسطة |
التواصل | معياري | حسب الطلب |
الإدارة | التفويض إلى وكالة | علاقة مباشرة |
المصدر: أليس أودريزيت وغوارلان دي كرفيلر
ومن أجل بناء علاقات ناجحة مع المؤثرين ,تحقيق انتقال ناجح إلى نموذج قائم على العلاقة، يحتاج المسوقون إلى أن يكونوا على استعداد لتكريس الوقت والموارد اللازمة لذلك، التي قد تنطوي على إنشاء وظيفة تسويقية جديدة تماماً. ربما يفسر هذا السبب في تمسك معظم الشركات بالنموذج التقليدي. لكن نتائج النهج القائم على إنشاء علاقة مثيرة للإعجاب: إذ إنه بعد تنفيذ "أسوس" لبرنامج المطلعين الخاص بها، نما عدد متابعي وسائل التواصل الاجتماعي للشركة (وفقاً للبيانات على www.socialblade.com) من 123 ألفاً إلى 200 ألف في 12 شهراً فقط، في حين نما عدد متابعي "فرق الجَمال" الخاصة بشركة "لوريال" من 4.6 مليون إلى 6.3 مليون خلال 12 شهراً فقط.
اقرأ أيضاً: كيف يجد الآباء العاملون الوقت للعلاقات العامة؟