ما الذي عليك فعله لو وصلك عرض عمل من شركة منافسة؟

6 دقيقة
شركة منافسة

كانت رنيم، وهي مسؤولة تنفيذية بارزة في مجال الرعاية الصحية عملتُ معها سابقاً، تمارس عملها الذي تحبه تمتد خبرتها فيه 10 سنوات، فتلقت مكالمة من شركة منافسة تقدم لها عرضاً مغرياً لوظيفة أحلامها؛ إذ ستشغل الدور الوظيفي نفسه لكن براتب أعلى ومع إمكانية الترقية إلى المناصب التنفيذية العليا.

شعرت رنيم بحماس شديد طوال المكالمة، وما إن أنهتها انتابها الخوف والقلق؛ كانت تفكر في ردود فعل زملائها في العمل وأصدقائها إذا قررت قبول هذه الفرصة، وتذكرت أنها وقعت على بعض الاتفاقيات المطلوبة للتعاقد قبل 10 سنوات عندما انضمت إلى الشركة، لكنها لم تتذكر تفاصيل هذه الاتفاقيات بدقة. كيف يمكنها التعامل مع هذه الفرصة بطريقة مهنية ومناسبة؟

عند تقييم عرض عمل من شركة منافسة، يجب عليك مراعاة عدد من العوامل، فمن الممكن أن تؤدي المخاوف المتعلقة بالأسرار التجارية والمعلومات السرّيّة إلى بعض المشكلات للموظف وشركته التي يعمل بها والشركة الجديدة التي ينوي الانتقال إليها. قد يؤدي الانتقال غير المدروس إلى الإضرار بسمعة الموظف المهنية أو علاقاته، وقد يدفع شركته السابقة إلى اتخاذ بعض الإجراءات القانونية ضده.

على الرغم من ذلك، ربما يكون الوقت قد حان لاغتنام فرصة مهنية مثيرة. يمكن تخفيف المخاطر المرتبطة بالانتقال إلى وظيفة أخرى والحفاظ على الثقة من خلال الحصول على الإرشاد المناسب والالتزام بالنزاهة الشخصية. بناءً على خبرتي بوصفي محامية متخصصة في مجال التوظيف وأخلاقيات العمل ورئيسة تنفيذية سابقة للموارد البشرية ومدربة حالية لمسؤولي المناصب التنفيذية العليا، أقدم لكم الإرشادات العملية التالية لمساعدتكم على التعامل مع التداعيات الأخلاقية والقانونية لهذا السيناريو.

احرص على تقييم وضعك الحالي

قبل اتخاذ أي قرار بشأن عرض العمل الجديد، عليك التفكير ملياً في العواقب المترتبة على هذا الانتقال.

اتفاقيات الامتناع عن المنافسة

إذا كنت مرتبطاً بعقد عمل حالي، فمن الضروري مراجعة البنود المتعلقة بالامتناع عن المنافسة. نظراً لاختلاف القوانين وآليات تنفيذها بين الولايات بدرجة كبيرة، فقد ترغب في استشارة محامٍ سراً لفهم التزاماتك والعواقب المحتملة التي قد تنجم عن انضمامك إلى شركة منافسة. تتضمن الأسئلة التي قد ترغب في طرحها ما يلي:

  • ما هي الاتفاقيات أو البنود المتعلقة بالامتناع عن المنافسة التي يجب عليّ الالتزام بها، وما هي قابلية إنفاذها قانونياً؟
  • هل هناك أي اتفاقيات عدم التماس تقيّد تفاعلاتي مع العملاء أو الزملاء الحاليين؟
  • ما هي اتفاقيات الحفاظ على سرّيّة المعلومات التي وقعتُها، وما هي المعلومات التي يجب عدم نشرها أو الكشف عنها؟
  • ما هي الإجراءات الاحتياطية التي يجب عليّ اتخاذها فيما يتعلق بحماية بيانات الشركة وممتلكاتها قبل مغادرة العمل وبعدها؟
  • هل هناك أي خطوات يجب أن أتخذها لتوثيق مغادرتي للعمل وحماية نفسي قانونياً؟

الحفاظ على سرّيّة المعلومات والأسرار التجارية

فكر في دورك الوظيفي الحالي وأي معلومات سرّيّة قد تمتلكها. هل تعمل في قسم المبيعات، ولديك علاقات قوية في مجال عملك ولديك اطلاع على قوائم العملاء؟ هل أنت متخصص في تكنولوجيا المعلومات وتمتلك المعرفة المتعلقة بالبرمجيات المملوكة للشركة؟ حدد المعلومات التي تعرفها وقد تشكّل خطراً عليك في المستقبل بدقة ووضوح.

بمجرد الانتهاء من تقييم الموقف، تواصل مع الشركة الجديدة المحتملة التي تنوي الانتقال إليها وناقش كيفية تعاملك بطريقة مسؤولة مع هذه المعلومات في حال انضمامك إلى الشركة. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: "لقد فكرتُ في دوري الوظيفي الحالي والمعلومات التي أعرفها والمهام التي سأنفذها في حال انضمامي إلى شركتكم، أود أن أستمع إلى رأيكم حول كيفية حماية كل منا من أي مخاوف محتملة تتعلق بالنزاهة". قد تتفق مع شركتك الجديدة على وضع حدود أخلاقية تحافظ على الآداب المهنية، مثل تجنب العمل على مشروع معين أو عدم مناقشة عمليات محددة.

من المرجح أن تساعدك هذه المحادثة على معرفة كثير من المعلومات حول الشركة الجديدة المحتملة؛ فالشركات التي تحترم الآداب المهنية والمبادئ الأخلاقية تسعى إلى تجنب مواجهة دعاوى قضائية أو تلقي أمر كف وتوقف بعد تعيين موظفيها، ومن مصلحتها وضع حدود واضحة قبل تقديم العرض الوظيفي. يجب عليك أيضاً التأكد من أن شركتك الجديدة ستدعمك في حال اتخذت شركتك السابقة موقفاً عدائياً ضدك.

سيساعدك التفاهم مع الشركة الجديدة حول التعامل مع هذه المخاطر المحتملة أيضاً على طمأنة شركتك الحالية.

إذا كنت تمتلك معلومات سرّيّة أو مملوكة للشركة، مثل الأسرار التجارية (التي قد تشمل معلومات تقنية مثل الصيغ أو الخوارزميات، أو معلومات غير تقنية مثل التسعير وقوائم العملاء)، فربما يمكنك أن تتخذ خطوة أخلاقية استباقية وتعرض على شركتك أن تتوقف طوعاً عن العمل لتجنب حدوث مشكلات في المستقبل. على سبيل المثال، يمكنك اقتراح التفاوض للحصول على إجازة مدة 6 أشهر كي تنفصل ذهنياً عن المعلومات الحساسة التي تثير الإشكالية أو الأسرار التجارية المتعلقة بالوظيفة السابقة قبل انتقالك إلى شركة جديدة. يمكن أن تضعف هذه الخطوة أي ادعاءات محتملة من شركتك السابقة ضدك أو ضد شركتك الجديدة.

في بعض الأحيان قد تضطر إلى التوقف عن العمل بهذه الطريقة؛ عيّنت إحدى الشركات التي عملتُ معها موظفة متميزة في مجال عملنا كانت تعمل سابقاً لدى شركة منافِسة مباشرة لتولي الوظيفة نفسها في مؤسستنا. نتيجة للدعاوى القانونية التي رفعتها شركتها السابقة، اضطرت شركتنا إلى الموافقة على فرض فترة توقف إجبارية عن العمل مدة عام واحد على هذه الموظفة قبل أن تتمكن من البدء بممارسة وظيفتها الجديدة.

الحفاظ على سمعتك المهنية

فكر في أثر انتقالك المحتمل من وظيفتك على شبكة علاقاتك المهنية وسمعتك في القطاع الذي تعمل فيه؛ هل سينظر الآخرون إلى هذا القرار على أنه خطوة استراتيجية؟ أم أنه من المحتمل أن يتسبب في خسارة علاقات مهمة قد تكون ذات قيمة كبيرة بالنسبة لك في المستقبل؟

في بعض الأحيان يكون من الصعب التنبؤ بالمستقبل. قررت إحدى زميلاتي التي أعرفها ترك العمل في شركتها للحصول على وظيفة أعلى أجراً في شركة منافسة، ما أدى إلى إفساد علاقاتها مع مرشدها وزملائها السابقين، وأدركت بعد بضع سنوات، عندما كانت تسعى لجذب مستثمرين لشركتها الناشئة، أنها دمرت تلك العلاقات بالكامل فخسرت الفرص القيمة والعلاقات المهمة التي كانت تحتاج إليها.

قد تؤدي مناقشة خياراتك مع زميلك أو مع مرشد تثق به أو مع أحد الخبراء في مجال عملك إلى منحك رؤية مفيدة وبعيدة المدى.

أخبر شركتك الحالية بقرارك

بعد أن درستَ موقفك ووضعك وتلقيتَ عرضاً مكتوباً للعمل وقررت قبوله، ستكون خطوتك التالية هي التفكير في التوقيت المناسب والطريقة المثالية لإخبار مديرك بذلك.

لستَ ملزماً بإخبار شركتك الحالية بوجهتك القادمة عند تقديم استقالتك، لكن عدم الكشف عن هذه المعلومات قد يؤدي إلى إضعاف الثقة وزيادة التكهنات والإشاعات. إذا لم تكن لديك بالفعل علاقة متوترة مع إدارة مؤسستك الحالية، فأنصحك بالصدق معها لأن هذا السلوك سينعكس بطريقة إيجابية على صورتك وسمعتك على المدى البعيد. على الرغم من أن التحدّث بصدق قد يكون صعباً ومحرجاً وقد يؤدي إلى تسريع مغادرتك للعمل، فإنه يتيح لك تقييم المخاطر المحتملة التي قد تواجهها بوضوح وتحديد طريقة التعامل معها، بالإضافة إلى أنه يعكس شخصيتك ويُظهر احترامك، وسيكتشف مديرك وجهتك الجديدة على أي حال.

التحضير هو الأساس. احرص على صياغة نقاط المناقشة مع مديرك بحيث تُظهر تقديرك للفرص التي حصلت عليها، وشارك المعلومات الأساسية، مثل أن تقول إنك تلقيت عرض عمل وقررت قبوله، بالإضافة إلى موعد مغادرتك المقترح وسبب اتخاذك هذا القرار (مثل البحث عن فرصة للنمو، أو للانتقال إلى موقع أقرب إلى عائلتك وغير ذلك).

حاول كلما أمكن أن تتدرب على المحادثة سلفاً بمساعدة شريك أو صديق خارجي تثق به، فذلك يساعدك على الحفاظ على مهنيتك على الرغم من احتمالية شعورك بعدم الارتياح أو التوتر.

يجب أن توازن بين الثقة بالنفس والتواضع كي تحافظ على علاقاتك بأفضل طريقة. عندما أدرّب عملائي على مثل هذه المحادثات الصعبة، نركز على النتيجة المرجوة: كيف تريد أن يشعر مديرك تجاهك بعد انتهاء المحادثة؟

التعامل مع ردود الفعل

في إطار استعدادك للمناقشة، توقع ردود الفعل المحتملة من إدارة الشركة الحالية؛ فقد يشعر مديرك بالانزعاج أو الإحباط أو الغضب، لذلك، كن مستعداً للإجابة عن سؤاله الذي يتعلق بسبب مغادرتك؛ إذ يمكن أن تكون إجابتك بسيطة وكافية، مثل "أشعر أن هذه هي الخطوة التالية الصحيحة في حياتي المهنية".

من الطبيعي أيضاً أن يشعر مديرك بالقلق تجاه مسألتين مترابطتين تتعلقان بمصلحة الشركة، أولاً، كيف ستفي بالتزاماتك القانونية والأخلاقية سواء فيما بقي لك من عمل في شركتك الحالية أو بعد انتقالك إلى الشركة المنافسة؟ ثانياً، قد يرغب المدير في التفاوض على موعد مغادرتك.

ناقش هذه الأمور مع مديرك منذ البداية. بعد التفكير في العواقب القانونية والأخلاقية التي قد تنجم عن انضمامك إلى شركة منافسة، وبعد التشاور سراً مع مستشارك القانوني والتحدث إلى شركتك الجديدة بشأن أي مخاوف، من المهم أن تشارك خطتك التي تتعلق بالوفاء بالتزاماتك الأخلاقية تجاه الشركة، وستسهم الشفافية في الحفاظ على علاقاتك وتعزيز سمعتك.

في النهاية، قد لا يكون موعد مغادرتك للشركة بيدِك؛ من المعتاد أن يبلغ الموظف قراره الذي يتعلق بترك العمل قبل فترة أسبوعين أو أكثر من الموعد الذي يحدده للمغادرة اعتماداً على تقييمه لقدرته على تقديم أداء فعال في وظيفته بعد إعلان قراره. يجب أن تستمر في التصرف بما يخدم مصلحة شركتك الحالية طوال فترة عملك لديها، يعني ذلك الاستمرار في السعي وراء الفرص التجارية المفيدة لشركتك الحالية بدلاً من تأجيلها حتى انتقالك إلى شركتك الجديدة -إذ يعدّ ذلك سلوكاً غير أخلاقي وربما غير قانوني ويسمى "تخزين الفرص" (Warehousing).

يجب عليك أن تكون مستعداً لمغادرة العمل فوراً في حال طلبت منك الشركة ذلك بسبب مخاوفها وشكوكها، وذلك اعتماداً على مستوى ثقتها بك والمخاطر التي قد تعرضها لها بمغادرتك ومستوى أقدميتك، أو إذا كانت الشركة قد تعرضت لضرر من موظفين آخرين من قبل. إذا كنت من كبار المسؤولين التنفيذيين، فإنني أوصيك بأن تظهر مرونتك وتعرض على الشركة أن تغادر على الفور كي تسمح لها باتخاذ القرار الذي تراه مناسباً.

تخفيف المخاطر المستمرة

بمجرد أن تغادر وظيفتك بطريقة لائقة وسلسة وتبدأ بالعمل في الشركة الجديدة، يجب عليك الانتباه إلى 3 جوانب من المخاطر المستمرة:

  • احترام سرّيّة المعلومات: تجنب الكشف عن المعلومات الحساسة المتعلقة بالشركة القديمة للشركة الجديدة.
  • التصرّف بطريقة مهنية: تجنب الإدلاء بأي تصريحات مسيئة أو التصرف بطريقة سلبية يمكن أن تضر بشركتك السابقة وتجعلك تبدو غير جدير بالثقة.
  • الوفاء بالالتزامات القانونية: يجب أن تفهم التزاماتك القانونية وتتقيد بها، على سبيل المثال، احرص على عدم التواصل مع الموظفين أو العملاء السابقين بهدف جذبهم إلى الشركة الجديدة، أو أخذ معلومات تجارية تتعلق بشركتك السابقة أو حذفها أو تدميرها. لا تتردد في طلب المشورة القانونية إذا كنت بحاجة إلى توضيح أي مسألة.

من خلال اتباع هذه الخطوات، ستزيد فرصتك في اتخاذ قرارات أفضل لحياتك المهنية وتعزيز سمعتك والحفاظ على شبكة علاقاتك التي يمكن أن تحتاج إليها في المستقبل. في نهاية المطاف، ليس هناك وظيفة دائمة، وتصرفاتنا وسلوكياتنا في هذه المواقف الصعبة التي تختبر شخصيتنا هي التي تشكّل صورتنا في أذهان الآخرين.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي