"عليك طلب جدول دوام مرن، لأنها الطريقة الوحيدة لتحقيق التوازن بين العمل والأسرة".
"فكر جدياً بالعمل عن طريق دوام جزئي. سينتهي بك المطاف وأنت تعمل في أيام عطلتك مقابل مبلغ أقل من المال".
"في عام 1986، عندما أنجبت ابنتي الأولى، تعلمت أن أتوقف تماماً عن العمل في المساء ونهايات الأسبوع".
"وظف مساعداً لك".
"كلما كبروا الأطفال، كلما زادت الصعوبات عليك".
ينظر معظم الآباء العاملين إلى محيطهم من مرشدين وزملاء عمل وأقرباء للحصول على المشورة بشأن كيفية الموازنة ما بين واجبات العمل والمنزل، إلا أنّ تلك المساعدة، مهما كانت منظّمة وحسنة النية، غير مفيدة لمعظم الآباء الجدد في الولايات المتحدة، إذ غالباً ما تكون متناقضة أو غامضة أو مرّ عليها الزمن أو غير قابلة للتطبيق أو حتى مخيبة للآمال. وبسبب مثل هكذا نصائح، لا عجب من ازدياد معدلات الاستقالة من العمل وشعور الآباء العاملين المتزايد بالإرهاق وبأنّ التعامل مع هكذا وضع يفوق طاقتهم. صحيح أنّ لأولئك الناس خبرات سابقة وتجربة، إلا أنهم غير قادرين على تقديم النصيحة المناسبة للآباء الجدد.
ولحسن حظ الآباء العاملين، ولأي قائد يتطلع إلى مساعدة موظفيه من الآباء العاملين بطريقة فعالة، هناك بعض النصائح البسيطة والقابلة للتطبيق في أي مكان حول العالم ونسبة نجاحها كبيرة وتحفّز وتحسّن الأداء.
تحدثت مع مئات الآباء العاملين من أصحاب الأداء المرتفع على مدار العقد الماضي الذي عملت فيه ضمن مجال الموارد البشرية والحفاظ على الموظفين ضمن عدة شركات أميركية رائدة. حاولت خلال بحثي إيجاد حلول حقيقية وممكنة من خلال طرح أسئلة على نفسي مثل: ما هي النصيحة ذات القيمة الأكبر لك خلال حياتك كوالد عامل؟ ما هي الإجراءات أو التدابير المحددة التي يمكن للآباء والأمهات العاملين الاعتماد عليها لجني الراحة مع أدوارهم المزدوجة؟، وما هي الحيل والتقنيات الفعالة التي كنت تود معرفتها عندما أصبحت والداً عاملاً؟
كان ما سمعته غير متوقع، إذ كانت هناك بعض النصائح التي تطرقت إلى بعض من أعظم مشاكل الآباء العاملين، ويمكن تطبيقها في أي مكان ضمن الكوكب وعلى أي أب وأم وفي أي وضع أسري وبغض النظر عن الأدوار أو الموارد. ساعدت هذه النصائح الشركات التي عملت لصالحها على زيادة معدلات استبقاء موظفيها، كما نجحت مع كل الموظفين الذين دربتهم وكانت أيضاً لا تُقدّر بثمن بالنسبة لي شخصياً كموظفة تعمل بدوام كامل وكأم لطفلين. ومن المؤكد ستنجح هذه النصائح معك ومع معارفك وفي مؤسستك.
كيفية الموازنة بين ضغوط العمل والحياة العائلية
استخدام نقاط قوتك المهنية
ما هي المهارات والصفات التي جعلتك ناجحاً في عملك؟، هل هي المؤسسة نفسها؟ هل هو الإبداع؟ أم القدرة على الصمود؟ والقدرة على تكوين فريق؟ ستساعدك الإجابة عمّا سبق على النجاح كوالد عامل. يقوم الشخص الذي يمتلك قدرات تنظيمية قوية بمعالجة كل ما يحدث معه خلال اليوم في حياته العائلية والمهنية بفعالية باستخدام قوائم المهام المحفوظة في هاتفه، في حين يقوم المفكر المبدع بجلب مربية أسرة مميزة غير تقليدية، إنما سعيدة وقادرة على استيعاب سفره المتكرر مع إخبارها في آخر لحظة. لذلك، فكر في الأمور التي تقوم بها بأفضل شكل ممكن وبشكل طبيعي في عملك وتعطيك الثقة والقوة، ثم طبقها على التحديات التي تواجهها كوالد عامل.
امتلك رؤية تجاه ما تريد أن تكون عليه حياتك كوالد عامل وتصرف وفقاً لهذه الرؤية
كما هو الحال في عالم الأعمال التجارية، يؤدي إيجاد مهمة محددة وأهداف واضحة إلى تمكّنك من تحديد الأولويات وتخصيص الموارد وقياس النجاح وامتلاك الثقة في أنّك على الدرب الصحيح. ويختلف كل أب عامل وآخر. ربما تكون رؤيتك متمثلة في "مضاعفة العمل مع قضائي ساعتين يومياً مع الأطفال" أو "الحصول على ترقية كبيرة مع التأكد من نمو الأطفال كبالغين في صحة جيدة واكتفاء ذاتي" أو "توفير ما يكفي لتغطية مصاريف دراسة الأبناء الجامعية مستقبلاً من دون تفويت حضور أنشطتهم الحالية". ربما يكون لديك شيء مختلفاً تماماً، لكن أياً كان ما تختاره، يؤدي امتلاكك هكذا رؤية إلى شعورك بالقدرة على التحكم في حياتك اليومية ويزيد من ثقتك لدى اتخاذ قراراتك كل يوم.
اعمل بشكل مختلف
استثمر بعض الوقت في تدريب وتوجيه زميل أقل منك خبرة لكي يتمكن من إدارة اجتماعات الميزانية عوضاً عنك. وكوّن صداقات مع فريق تطوير الأعمال ليتسنى لك معرفة مشاريع العملاء المحلية الكبرى القادمة والتطوع من أجل العمل عليها في وقت مبكر (لتجنب رحلات سفر الأعمال). وكن مرئياً في المكتب قدر الإمكان، مثل أن تأخذ وقتاً أطول للوصول إلى آلة القهوة، كي يراك زملاؤك متوفراً ومتاحاً، حتى لو غبت مرة للذهاب إلى طبيب الأطفال. يمكنك عبر القيام بذلك الموازنة بين حياتك الخارجية والداخلية دون المساس بجودة عملك.
إدارة البيئة المحيطة
إذا تطلب الأمر خلق بيئة محيطة لتربية طفلك، سيتوجب عليك بناء وإدارة تلك البيئة المحيطة بنفس الطريقة التي كنت تدير فيها فريق عمل في عملك. لذلك، اجلب ما يكفي من الأفراد إلى الفريق، وتأكد من أنّ مهاراتهم مكملة لمهاراتك. أوصل لهم بوضوح أولويات الفريق وتأكد من إمكانية عملهم بشكل موثوق في غيابك. واعط ملاحظات واضحة وأظهر التقدير في حال إكمال العمل بنجاح. وضع أفراد الفريق على الاتصال الهاتفي السريع وتأكد من قابلية الوصول بسرعة وسهولة لجميع مقدمي الرعاية والدعم لطفلك.
تجنب طرح خدماتك
يملك الموظفون مرتفعو الأداء غريزة التشمير عن سواعدهم والانكباب على العمل، إذ يحبون أن يُروا كأبطال. لكن يتضمن إيجادك حياة متوازنة بين تربية أطفالك والعمل تجنب القيام بهذا. بمعنى آخر، عليك تفويض الآخرين وإيجاد طرق مختصرة كلما كان ذلك ممكناً. انظر إلى تقويمك لبضع دقائق كل يوم جمعة، وحاول العثور على 3 اجتماعات أو مهام يمكنك تجنبها أو اختصارها أو إيقافها. ربما يكون لقاء مع متدرب جديد يقدم مشروعاً أولياً لحملة التسويق الخاصة بالشركة أو غير ذلك. وقم بجلب البقالة عبر الإنترنت، واجعل "مراجعة يوم الجمعة" من الأمور الأساسية في عملك. سيجعلك هذا قادراً على اقتطاع بضع ساعات من عملك أسبوعياً والحصول على فترة راحة عقلية مهمة لك.
طبّق كفاءة العمل في المنزل
إذا كنت تستخدم لوحة بيضاء كبيرة في المطبخ لتتبع تقويم عائلتك أو تعتمد على البريد الإلكتروني لتنسيق قوائم المهام، ستفشل أو ستصبح ببساطة أكثر إرهاقاً من المواكبة. لذلك، استخدم نفس التقنيات التي مكنتك من المنافسة في العمل، مثل التقويمات وأدوات العمل المشتركة، في منزلك. وحمّل مجموعة تطبيقات (life hack) على هاتفك والتي يمكنها أن تساعدك على الانتقال من "مرهق بكثرة الأعمال" إلى "مشغول لكن قادر على إدارة الوضع".
امتلك خطة احتياطية، لكن لا تنتظر حدوث أزمة لتطبيقها
يمرض مقدمو الرعاية، وتتأخر الرحلات الجوية ويطلب العملاء إنهاء العمل بحلول اليوم التالي. لذلك، عليك دوماً امتلاك خطة احتياطية، والأهم من ذلك، التدرب عليها. سجل رقم مركز رعاية الأطفال في شركتك على هاتفك لحالات الطوارئ والوقت الذي تستغرقه للقيادة إلى هناك. وابق حقيبة مبيت معبأة وجاهزة عندما يحتاج أطفالك فجأة لقضاء ليلة عند الجدة. وجرب جلب مربية أطفال قريبة من منزلك في عطلة نهاية الأسبوع للإشراف عليها عندما تكون متاحاً. تمكّنك خطة الطوارئ الفعالة من التقدم باستمرار في العمل والمنزل، وتقلل الإجهاد بشكل ملحوظ.
فكر على المدى البعيد للبقاء مسيطراً على الوضع
بصفتي موظفة ذات خبرة طويلة في مجال الموارد البشرية، رأيت آباء كثر يقررون ترك وظائفهم، أو ببساطة ينال منهم الإرهاق النفسي خلال الأزمات. يصاب الطفل بالإنفلونزا وهو ما يجعل الموظف مستيقظاً 3 أيام بسبب ذلك وتتأخر ميزانية الإدارة السنوية عن موعد تسليمها. يعطي هكذا وضع شعوراً بالإرهاق وبأن لا نهاية له، وهكذا يقرر الوظف بسبب اليأس إجراء تغيير جذري وترك العمل. ويُعتبر هذا القرار إنسانياً ومفهوماً تماماً (هل يوجد والد عامل لم يختبر هذا الوضع؟)، من ناحية أُخرى، يذكر الآباء العاملون المرنون أنفسهم باستمرار أنّ هناك ضوء نهاية النفق. سيصاب الطفل بالأنفلونزا لأسبوع، لكنك تريد أن تكون في هذه المهنة التي تحبها لسنوات. ستنتهي رحلة العمل الشاقة الخميس، لكن سيرى أطفالك التزامك وعملك الجاد وسيتذكرون ذلك للأبد. سيتوجب عليك أن تبقى في المكتب حتى وقت متأخر كل ليلة هذا الأسبوع، لكنك ستخلق استقراراً مالياً لعائلتك. يسمح لك هذا النوع من التفكير "على المدى القصير أو على المدى الطويل" بتجنب أصعب اللحظات التي ستصيبك كوالد وعامل في نفس الوقت والبقاء مركزاً ومحافظاً على الحافز. كرر لنفسك: سيمضي الجزء الصعب قريباً، لكن المكاسب طويلة المدى ستبقى موجودة.
للحصول على المرونة، لا تطلبها، بل اعرض فوائدها
إذا أخبرت مديرك أن بقاءك في المنزل وتجنب المواصلات سيقدم لك ما يكفي من الوقت لتقديم تقارير المبيعات الأسبوعية في وقت مبكر، سيتم إقناع المدير بشكل أكبر من مجرد طلب العمل من المنزل لأنه "أسهل نظراً لامتلاكك توأم". يعرف كل مندوب ناجح أنّ الطريقة الأفضل للترويج لموضوع ما، هي الحديث عن العوائد الأفضل التي ستأتي.
استخدام الحل الجزئي
لا تسع لتحقيق التوازن من خلال تدابير جذرية، مثل تغيير الوظيفة أو العمل بدوام جزئي. بدلاً من ذلك، حاول الحصول على المرونة التي تحتاج إليها عن طريق ترك المكتب في وقت مبكر مرة أسبوعياً، والتخلي عن لعبة كرة القدم أحياناً، والذهاب مباشرة إلى المنزل بعد أي رحلة عمل تعود فيها بعد الثانية عصراً. لن تغيّر هذه التدابير الصغيرة جدولك الزمني أكثر من 5%، ولن تكون كافية للتأثير على أدائك، كما أنّ رئيسك لا يلاحظها حتى، إلا أنها ستوفر لك ما يكفي من الشعور بالمرونة والقدرة على مواصلة المسار الذي اخترته. إذ تعطي المرونة غير الرسمية الموجهة ذاتياً أداء جيداً يتفوق أحياناً على تلك المرونة المطلوبة بشكل رسمي.
ليس من السهل أن تكون أباً عاملاً. إنه تحد إداري وقيادي في آن معاً وذلك بغض النظر عن موهبة الشخص أو جديته في عمله. كما أنها مهمة تستمر لمدة تصل إلى 18 عاماً أو حتى أكثر. ولا توجد هناك الحلول السحرية، حالها حال عالم الأعمال، لكن سواء كنت والداً عاملاً مؤخراً أم قائداً تسعى إلى التحفيز والحفاظ على الآباء العاملين في فريقك، سيساعدك الاستماع إلى حلول محددة من الآخرين على خلق الحلول القابلة للحياة الخاصة بك.
اقرأ أيضاً: التنافس في العمل