تعتبر شبكات العلاقات أمراً بالغ الأهمية للنجاح المهني. فهي تساعد على العثور على الأشخاص القادرين على دعم المشاريع الخاصة، والتعرف على مدراء جدد، ما يسمح بخلق فرص جديدة وأكبر. وفي دراسة شهيرة أعدّها رونالد بورت، تبيّن أنّ الناس الذين يبذلون جهوداً لتحسين شبكات علاقاتهم لديهم احتمال بنسبة 42% إلى 74% ليحصلوا على ترقية من الذين لا يبذلون جهداً في هذا الاتجاه، فماذا عن العلاقات العامة للآباء تحديداً؟
إليكم التحدي: غالباً ما يبدو أنّ شبكات العلاقات تنمو خلال الأنشطة التي تلي ساعات العمل، أي أثناء احتساء الشراب بعد الدوام أو في أنشطة نهاية الأسبوع أو في المؤتمرات البعيدة. ويشكّل ذلك مشكلة لمعظم الآباء العاملين. كيف يمكن لقاء أشخاص جدد إذا كانت المؤتمرات البعيدة خارج حساباتكم؟ كيف بإمكانكم تقوية علاقاتكم مع زملائكم بعد العمل إذا كان عليكم بعد الدوام أن تسرعوا إلى البيت لتمارين كرة قدم؟ للكثير من الآباء العاملين، لا يمكن حلّ هذه المشاكل وستتوقف شبكات علاقاتهم عن النمو (وربّما تتقلّص).
العلاقات العامة للآباء
أن تكونوا آباء عاملين لا يعني نهاية فرصكم مع العلاقات العامة، بل يعني ذلك فقط أنّ عليكم أن تكونوا أكثر إبداعاً ودقة. فأنا كأب لطفلين في الحضانة وزوج لطبيبة طوارئ، لا يمكنني أن أعتمد على أنشطة ما بعد العمل لتحقيق نمو طبيعي لشبكة علاقاتي. لذلك كان عليّ أن أخطط أكثر. ودرست طرقاً متنوعة معتمداً على أبحاثي حول شبكات العلاقات في كتابي الأخير. وفي ما يلي بعض التقنيات المعتمدة على الأدلة، التي وجدتها فعالة بالنسبة إليّ والتي قد تساعدكم أيضاً:
توقّفوا عن إقامة علاقات جديدة
حين يكون أطفالكم صغاراً، يكون من الصعب العثور على الوقت لإقامة علاقات جديدة، ولكنّ ثمة فرص جمة ومعلومات جديدة يمكنها أن تأتي من أصدقاء قدامى وزملاء سابقين وهي تسمّى بلغة التشبيك الاجتماعي: "روابط نائمة". ولأنّكم بنيتم علاقات في السابق، فإنّ إعادة إحياء هذه العلاقات والتواصل من جديد مع معارفكم السابقين سيكون أسرع من إقامة علاقات مع أشخاص جدد. فالعلاقات "النائمة" أكثر قيمة من العلاقات الجديدة، بحسب البحث. ولكن لا تبالغوا في ذلك، بل اعثروا على علاقة "نائمة" واحدة في الأسبوع لتعيدوا إحياءها. استخدموا الشبكات الاجتماعية للحصول على آخر أخبار هؤلاء الأشخاص، والتي يمكن أن تستخدموها كحجة للتواصل أو أرسلوا ملاحظة سريعة إليهم حين يذكركم مقال أو فيديو أو أي شيء آخر بهم.
اكتشفوا حدود شبكتكم
بعد أن تعيدوا إحياء علاقاتكم مع معارفكم القدامى، ابدأوا باستكشاف من هم على حدود شبكتكم عبر الطلب من معارفكم القدامى تعريفكم بأشخاص جدد. وعلى غرار العلاقات القديمة، توفّر هذه الطريقة الوقت وهي فعّالة لأن هناك وسيط بينكم. الطريقة المفضلة لديّ هي أن أسأل العديد من الأشخاص "من تعرفون في ...؟"، والفراغ هنا يشير إلى شركة أو قطاع أو منطقة جغرافية أو أي مجال أرغب في التواصل مع أحد فيه. وإذا تكرر الاسم نفسه على لوائح عدة أشخاص، فهذه إشارة قوية إلى أنّ الوقت قد حان للتواصل.
اقرأ أيضاً: كيف يمكنك إقامة علاقات جديدة في ظلّ غياب فعاليات بناء العلاقات؟
كونوا "افتراضيين"
حين تريدون أن تتعرفوا على شخص ما أو إعادة التواصل مع شخص تعرفونه، فكروا أبعد من احتساء القهوة أو تناول الغداء. فمع التقدم السريع لتقنية الفيديو، يمكنكم إجراء محادثة وجهاً لوجه من دون أن تغادروا المكتب أو حين تكونون في المنزل.
عرّفوا معارفكم ببعض
تعتبر إحدى الطرق الفعالة لتقوية شبكة علاقاتكم، إذ لا تشمل لقاء أشخاص جدد على الإطلاق، بل تعريف أشخاص من شبكتكم ببعضهم البعض. حاولوا تقوية شبكة علاقاتكم وامنحوا قيمة للأشخاص فيها، وستصبحون بالتالي معروفين كأشخاص كريمين بشكل عام. ويمكنكم فعل ذلك في أي وقت من اليوم عبر البريد الإلكتروني (ولكن احرصوا على أن يعرف الشخصان اللذان تعرفونهما ببعض بأنّكم ستفعلون ذلك).
استخدموا سفرات العمل بحكمة
لا مفرّ أحياناً من أن تسافروا من أجل العمل، ولكن يمكنكم الاستفادة من وقتكم هناك إلى أقصى حد. فإذا كنتم تسافرون للمشاركة في مؤتمر قوموا ببعض البحث قبل المؤتمر لمعرفة من هم المشاركون ولتحديد مواعيد أحاديث سريعة خلال المؤتمر بدلاً من تمنّي لقاء أشخاص مثيرين للاهتمام أثناء التجول حول جناح القهوة. وإذا كنتم تسافرون من أجل شيء آخر، ابحثوا إمكانية الوصول قبل ساعات من الوقت المحدد أو البقاء لوقت إضافي لإعادة التواصل مع معارف آخرين. فالقاعدة الشخصية التي أتبناها هي أنّ عدد الأيام اللاحقة تهم أكثر من ساعات الفعالية أو النشاط، لذلك أحاول أن أصل أبكر وأغادر في وقت متأخر قدر الإمكان لإجراء بعض الاجتماعات الإضافية.
اقرأ أيضاً: كيف تنوع شبكة علاقاتك المهنية؟
تحدثوا إلى أًصدقائكم الآباء عن أمور غير أمور الأطفال
أثبت البحث حول الشبكات الاجتماعية أنّ أهم العلاقات التي تقيمونها تأتي من أشخاص تتشاركون معهم سياقات متعددة (يوصفون بالروابط المتعددة). لذلك، فإنّ الحديث في أمور غير أمور الأطفال وفي الهوايات وحتى العمل يقود إلى علاقة أقوى والمزيد من الأسباب للبقاء على تواصل مع الناس. وتنظيم فعاليات عائلية مع زملائكم يمكن أن يكون طريقة فعالة لاستثمار الوقت في جوانب متعددة من حياتكم. ففي عطلة عائلية أخيرة في واشنطن، كان الوقت الذي أمضيته في حديقة الحيوانات مع زميل في العمل وعائلته من الأوقات المفضلة لديّ. وأصبحنا أصدقاء وزملاء أقرب من السابق.
اقرأ أيضاً: كيف يمكنك إدارة شبكة علاقاتك الواسعة جداً؟
إذا كانت العديد من هذه الخطوات جزءاً منتظماً من جهودكم لإقامة شبكات علاقات عامة، فذلك لأنها فعلاً كذلك. ولكننا نميل إلى نسيانها. ولتعزيز شبكة علاقاتنا العامة ثمة الكثير غير فعاليات التشبيك والعمل في المكتب على أمل لقاء أشخاص جدد. فجزء كبير من عمل التشبيك يشمل الاعتناء بالشبكة التي لديكم أصلاً وتوسيعها ببطء عبر معارفكم الحاليين. من المغري التفكير بأنّ ذلك لن يحصل سوى في أنشطة ما بعد العمل أو في الاجتماعات الكبيرة ولكن الواقع أنّ معظم ذلك يمكن أن يحصل من مكتبكم خلال ساعات العمل.
وفي نهاية الحديث عن العلاقات العامة للآباء تحديداً، ليس عليكم إيجاد الوقت للتشبيك، بل أن تجعلوا التشبيك جزءاً من الوقت الذي لديكم.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن للعلامات التجارية بناء علاقات ناجحة مع المؤثرين؟