فضائح الشركات باتت تنتشر بسرعة أكبر اليوم فما السبب؟

4 دقائق

تعرّضت شركة يونايتد إيرلاينز لكارثة ضخمة مسّت علامتها التجارية، ففي موقف تسبب بفضيحة، أمر موظفو الشركة ضباط الطيران في قسم شيكاغو بإنزال أحد الركاب بالقوة (عميل جالس في مقعده) في رحلة ذات حجوزات فائضة من التذاكر.

وشاهد الناس من جميع أنحاء العالم فيديو لرجل مضرج بالدماء يتم جره في الممر. وقد خسرت أسهم الشركة مئات الملايين من رأس مال السوق، ولكن الأضرار التي لحقت العلامة التجارية (والمبيعات المستقبلية) كانت أعلى بكثير.

سلطت هذه الحادثة، بالإضافة إلى أخطاء أخرى حدثت مؤخراً للعلامة التجارية هذه، الضوء على بعض الحقائق الأساسية حول الشركات العالمية التي ما زالت تعمل في الوقت الحاضر. وهناك ثلاثة مواضيع تبدو حساسة هنا.

سرعة انتشار العار كبيرة (وقاسية لا ترحم) كالإنترنت

متى ستدرك الشركات أنّ بحوزة كل شخص الآن كاميرا فيديو، ويمكنه نشر بث مباشرة عبر الفيسبوك في غضون دقائق؟ يمتلك الناس اليوم القدرة على تدمير الثقة بأي علامة تجارية بسرعة الضوء، بالإضافة إلى العواقب بعيدة المدى. على سبيل المثال، انتشر مقطع الفيديو المزعج الخاص بالراكب في الصين، والتي تشكل سوقاً حساساً لنمو شركات الطيران، بسرعة هائلة جداً (وذلك على الأرجح لأن الراكب الذي اعتدي عليه من قبل شركة يونايتد كان آسيوياً). واحتل هذا الموضوع المركز الأول في موقع ويبو، وهو النسخة الصينية من موقع تويتر، بمعدل 100 مليون مشاهدة. ومن المرجح أن تستمر هذه العلامة التجارية بالحصول على الانتقادات لفترة من الزمن، خاصة مع انتشار قصص أخرى عبر الأخبار عن سوء التعامل الذي يتم تلقيه من قبل شركة يونايتد، وأنّ الكثيرين تعهدوا بالتوقف عن السفر عبرها.

ومع ذلك، فإنّ شركة يونايتد ليست الوحيدة التي تواجه ردود أفعال سلبية فورية. فقد بثت شركة بيبسي في العام الماضي إعلاناً (قامت بسحبه بسرعة) تظهر فيه عارضة الأزياء كيندال جينر وهي تخترق صفاً من المتظاهرين (الذين بدوا أكثر كما لو كانوا في حفلة رقص)، لتقوم بتسليم عبوة بيبسي لضابط شرطة. على ما يبدو أنّ ما قدمته جينر كعبوة تحتوي على 12 أوقية من السلام والحب يحل جميع النزاعات في المجتمع. وكانت ردات الفعل عنيفة على هذا الإعلان، وخاصة من قبل أولئك الذين استنبطوا رسالة خفية حول الاحتجاجات على حياة السود. هل سبق وأن كان هناك إعلان كبير يتم عرضه للمرة الأولى ثم سحبه في أقل من 24 ساعة؟

في الحالتين، انتشر الخبر جزئياً من خلال الفكاهة المبهمة التي تتالت عبر تويتر وفيسبوك ونشرات الأخبار، بما في ذلك خريطة لطائرة من شركة يونايتد مع قسم سميّ بـ"نادي القتال".

يتوقّع الجميع اعتذاراً ولكن "اعتذاراً حقيقياً". وقد تعاملت بيبسي مع الموضوع بشكل صحيح إذ تصرفت بسرعة واحتوت الخطأ. وصرح شخص باسم بيبسي قائلاً: "كانت بيبسي تحاول عرض رسالة عالمية من الوحدة والسلام والتفاهم. ومن الواضح أننا فقدنا هذا الهدف، وإننا نعتذر على ذلك".

ما يختلف اليوم أنّ الجميع يشعر بأنه معني شخصياً بما تقدمه شركتك لأي أحد. فقد قال مونوز في بيانه الأول: "إننا نتواصل مع هذا المسافر للتحدث إليه مباشرة من أجل حل هذه المشكلة". هذا أمر جيد إلّا أنّ المدراء التنفيذيين اليوم بحاجة إلى التواصل مع الجمهور كذلك. على الأقل، يستحق كل مسافر على متن تلك الطائرة بضع دقائق من الاتصال المباشر، ولكن الآن ملايين آخرين يريدون تفسيراً لما حدث أيضاً. ففي عالمنا التي تسيطر عليه وسائل التواصل الاجتماعي، يشعر الجميع بأن له رأي وبأنك مدين لهم بشيء.

وحاول مونوز تعويض الجمهور عن بيانه الأول من خلال العديد من الاعتذارات العلنية (والتي كانت أفضل بكثير) ولكن في الحقيقة، البيان الأول هو ما يعلق في الذهن ويعبّر بشكل كبير عن أولويات شركتك وروحها.

يجب أن يشعر الموظفون بالأمان وأنّ بإمكانهم التحدث. والسؤال الأكبر الذي يراودني (ويراود الكثيرين غيري) حول كوارث العلامات التجارية التي جرت مؤخراً هو: لماذا التزم الموظفون الصمت في الشركة ولم يفصحوا عن المشكلة قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة؟ فمثلاً في بيبسي، لا بدّ وأن كان هنالك موظفون ممن حضروا اجتماعات التسويق أو من طاقم العمل أو حتى في وكالة الإعلان، والذين عرفوا أنّ الإعلان عديم الذوق. من جهة أخرى، في شركة يونايتد، لو عرف الموظفون أنه من المتوقع منهم تجاوزاً مجرد اتباع القوانين والمساهمة في تحسين الأداء، لكانوا تدخلوا في تهدئة الوضع حالما أدركوا أنّ خطأ فادحاً سيحدث في تلك الرحلة.

بالطبع، النوايا مهمة. ففي قضية بيبيسي كان الإعلان ناجماً عن حسن النية غالباً، لذلك ستتعافى سمعة المسؤولين التنفيذيين والذين تعرّضوا للانتقادات على الأرجح. أما شركة يونايتد فوضعها مختلف جذرياً. كما تعرّض كل من ويلز فارجو وفو سكاندالز قبل ذلك للفضائح، فالمشكلة هنا تكمن في مجموعة منهجية من التوقعات والقواعد، التي يتم وضعها من السلطة العليا، وتؤدي إلى سلوك (عام الآن) سيء جداً.

تحتاج الشركات إلى التفكير ملياً في سياساتها واتصالاتها خلال الأزمات، حتى تتمكن من الانتقال بسرعة من الدور الدفاعي إلى دور الاعتذارات الصادقة والنابعة من القلب، ومن ثم إلى دور التغييرات الحقيقية في كيفية إدارة عملها، ولكن الأهم، أنها تحتاج إلى تقييم مدى سماح ثقافاتهم لموظفيهم بالحصول على القوة والأمان للوقوف أمام الأخطاء سريعة الحدوث والمليئة بالحماقة وقول: "لا يمكن لهذا أن يحدث!"، كما أنهم يحتاجون لمدراء تنفيذيين ينصتون إليهم.

النقطة الأساسية هنا تكمن في أنّ التوقعات التي تبنى حول كيفية عمل الشركات (ودورها في المجتمع) تأخذ في الارتفاع بشكل متسارع. وكان من الواضح أنّ بيبسي كانت على علم بذلك، فكّر فقط في سبب رغبة الشركة في إيصال رسالة عن العدالة والتفاهم، حتى وإن قامت بذلك بطريقة ضعيفة. ومن الأفضل أن تعي شركة يونايتد (ومثيلاتها من شركات الطيران) هذا الواقع الجديد بسرعة أيضاً.

تعمل جميع الشركات الآن في عالم يراقب سياساتها وإجراءاتها وكيفية تعاملها مع الأمور عندما تسوء عن كثب. فعندما يستطيع أي أحد أن يعمل حرفياً كعميل أو متظاهر أو ناقد أو مراسل يفضح ما يحدث من خلال كاميرا الفيديو، فليس لدى المدراء التنفيذيين هنا أي مجال للخطأ.

المزيد حول الموضوع:

يونايتد وشبيهاتها بحاجة لزرع محاكمة جيدة بين الموظفين وفتح المجال لهم لاستخدامها

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي