كيف ترفض العمل الإضافي بأدب ولباقة؟

7 دقيقة
رفض العمل الإضافي

قد تمر بأوقات تجد نفسك فيها غارقاً في المهام أو غير مهتم بمشروع جديد طُلب منك العمل عليه. هناك حالات قد لا يكون فيها رفض الطلب خياراً، ولكن إذا كان الأمر كذلك، فكيف ترفض الفرصة بطريقة لا تسيء بها إلى الشخص الذي عرضها عليك؟ كيف يمكنك تجنب أن يطلق عليك وصف "لا يتمتع بروح الجماعة" أو "يصعب العمل معه؟"

ماذا يقول الخبراء؟

رفض الطلبات بالنسبة لمعظمنا ليس استجابة غريزية. غالباً ما نشعر بالانزعاج بشأن خذلان أحد الزملاء والذنب لرفض طلب المدير والقلق لرفض طلبات العملاء. تقول المؤلفة المشاركة لكتاب "كيف تقيس جودة حياتك؟" (How Will You Measure Your Life?)، كارين ديلون، إنه يجب ألا ينظر إليك الآخرون على أنك شخص ترفض الطلبات دائماً، بل على أنك شخص مستعد دائماً للمساعدة، زميل يتمتع بروح الجماعة. تكمن المشكلة في أن الموافقة على تولي الكثير من المهام أو المشاركة في العديد من المشاريع يمكن أن تؤدي إلى الشعور بالإرهاق والتوتر. تقول مؤلفة كتاب "الفشل في التواصل" (Failure to Communicate)،هولي ويكس، إن رفض بعض المهام مهم لنجاحك ونجاح مؤسستك على حد سواء، مع ذلك، يظل الرفض مهمة صعبة. يعتقد الناس أن إبلاغ المعلومات السلبية جانب صعب بطبيعته، ولكن هناك خطوات يمكنك اتخاذها لضمان سير مثل هذه المحادثات الصعبة بسلاسة قدر الإمكان. إليك بعض النصائح المفيدة في هذا الشأن:

قيّم الطلب بعناية

قبل التسرع برفض الطلب، تنصح ديلون بتقييمه أولاً من خلال تحديد مدى جاذبية الفرصة وأهميتها والمتعة في العمل عليها، ثم معرفة إذا ما كان بمقدورك الإسهام بها، وتضيف: "انظر في عبء العمل الحالي وإن كان من الممكن إعادة ترتيب أولوياتك أو إن كان بمقدور أحد الزملاء مساعدتك على مشاريعك الأخرى قبل أن تقرر الرفض. لا ترفض حتى تتأكد من ضرورة ذلك". وتقول ويكس إن تقييم الطلب يجب ألا يكون مسعىً فردياً، وتوصي بمشاركة مقدم الطلب -سواء كان عميلاً أو زميلاً في العمل أو مديرك- بمعلومات حول عبء عملك الحالي حتى يتمكن من مساعدتك على تقييم حجم طلبه وأهميته. وتشير ويكس إلى أنه من المهم فهم طبيعة الطلب. على سبيل المثال، هل هي مهمة بسيطة لن تستغرق وقتاً طويلاً؟ أم مشروع طويل الأمد؟ وما مدى أهميته؟ وتقول إن الهدف هو فهم تأثير رفضك في الشخص الآخر، وأن يفهم زميلك تأثير عواقب طلبه.

كن صريحاً

تقول ويكس مقدمةً النصح: "إذا أدركت أنك تفتقر إلى الرغبة أو القدرة على المساعدة، وبالتالي يتعين عليك رفض الطلب، فكن صادقاً وصريحاً بشأن الأسباب التي أدت بك إلى الرفض. غالباً ما يقدم الناس أعذاراً واهية لرفضهم في حين يخفون السبب الحقيقي لأنهم يعتقدون أنه مهم جداً ويجب عدم الكشف عنه. لكن هذه التبريرات التافهة التي تنتقص من الذات ليست مقنعة ويمكن أن يرفضها مقدم الطلب بسهولة، أو قد يكتشف مقدم الطلب أنها غير صادقة". لتجنب إحباط الآخرين، من المهم أن تكون صريحاً ومباشراً بشأن أسباب رفضك، وإذا شكك شخص ما في قرارك أو اعترض عليه، فحافظ على إجابة حازمة وواضحة ومتسقة. توصي ديلون بوصف عبء عملك ومشاريعك الحالية بقول شيء مثل: "لن أتمكن من مساعدتك جيداً في مشروعك دون أن تتأثر أعمالي الأخرى سلباً".

مد يد العون

تقول ويكس إنه من أجل الحفاظ على علاقة إيجابية مع الشخص الذي ترفض طلبه، من الضروري التعرف على وجهة نظره وفهمها. كن متفهماً وأظهر تعاطفك عندما ترفض. وتقترح قول شيء مثل: "أدرك أن رفضي يعني عودة هذه المهمة الروتينية إليك مجدداً". قد لا يكون الطرف الآخر سعيداً بإجابتك، لكنه سيكون قادراً على تقبلها. تقترح ديلون مد يد العون من خلال السؤال عما إذا كانت هناك طرق بسيطة يمكنك من خلالها المساعدة على المشروع، مثل حضور جلسات العصف الذهني أو مراجعة المسودات الأولية أو تقديم الملاحظات ببساطة. وتقول ديلون إنه حتى عند رفض الطلب، من المهم إظهار حس العمل الجماعي. إذا لم تكن قادراً على تقديم أي مساعدة، فضع في اعتبارك النظر في أفعالك الظاهرة في مكان العمل. توضح ديلون: "إذا كنت تدّعي أنك مشغول جداً بحيث لا يمكنك المساعدة، فتجنب ترك العمل مبكراً أو أخذ فترات راحة طويلة حيث يمكن للآخرين ملاحظتها، ما قد يتعارض مع تبريراتك".

لا تكن قاسياً، لكن لا تكن لطيفاً جداً

تؤكد ديلون أن الطريقة التي ترفض بها الطلب هي جانب بالغ الأهمية، وتنصح بعدم جعل مقدم الطلب يشعر بالسوء لأنه طلب مساعدتك. لا تُظهر علامات الانزعاج، مثل التنهد الطويل أو التجهم، ولا تقترح طلب المساعدة من شخص آخر غيرك. كن لطيفاً ولكن أظهِر الحزم في رفضك. توصي ويكس بالانتباه إلى نبرة صوتك ولغة جسدك عند رفض الطلب، وتنصح بعدم إظهار علامات التململ أو التردد من خلال سلوكك وتعابير وجهك، والحرص على أن يكون رفضك واضحاً لا لبس فيه. من الضروري أيضاً ألا تعطي انطباعاً زائفاً لمقدم الطلب بأنك قد تغيّر موقفك الرافض وتقبل الطلب لاحقاً. وتضيف ويكس: "هناك ميل قوي إلى تخفيف لهجة الرفض على أمل الحصول على استجابة أفضل لمقدم الطلب. ولكن إذا بدا رفضك متردداً وقابلاً للتغيير، فقد يعطي ذلك انطباعاً بأنك قد تغير رأيك، ما يشجع نظيرك على الاستمرار في الضغط عليك لقبوله". في الوقت نفسه، تقول ويكس إنه لا بأس في القول إنك قد ترفض في الوقت الحاضر، لكن الظروف قد تتغير في المستقبل.

اضبط توقعاتك

حتى إذا اتبعت جميع الخطوات المذكورة أعلاه، يجب أن تستعد لردود الفعل السلبية المحتملة. تقول ويكس إن زميلك أو عميلك قد لا يكون سعيداً برفض طلبه، وقد يعاملك بجفاء أو حتى قد يكون على استعداد لقطع علاقته بك. وتضيف: "يمكنك التأثير في رد فعل مقدم الطلب، لكن لا يمكنك التحكم فيه تماماً"، وتنصح بتعديل توقعاتك فيما يتعلق بما تهدف إلى تحقيقه برفضك. يجب أن تفهم أنك لن تتمكن دائماً من إرضاء الجميع. تقول ويكس: "تجنب النظر إلى الموقف بصفته خياراً بين المواجهة والحفاظ على العلاقة". تتفق ديلون مع ويكس وتشير إلى ينبغي للمرء ألا يبالغ في تفسير رد الفعل الأولي للطرف الذي يطلب المساعدة. وتضيف: "يشعر بالإحباط لأنك رفضت طلبه، لكن رد فعله قد لا يكون شخصياً. لذلك لا تفترض أنه سيحمل لك ضغينة لفترة طويلة".

تمرَّن على الرفض

لكي تحسّن قدرتك على رفض الطلبات، تقترح ديلون التدرب على الرفض بصوت عالٍ، إما بمفردك أو خلف أبواب مغلقة أو مع صديق أو زميل تثق به. تقول ديلون: "أصغِ إلى نفسك عندما ترفض الطلب. يجب أن تكون لهجتك واضحة وسلوكك لبقاً. يجب أن ترفض بطريقة تكسبك احترام الآخرين". وتضيف ويكس أن الرفض مهارة يمكنك تعلمها، وستصبح أسهل مع مرور الوقت. وتقول: "فكر في المهن التي يتعين على من يعمل بها رفض الطلبات أو اتخاذ قرارات صعبة لكسب قوت يومهم، مثل المحامين ورجال الشرطة والحكّام والقضاة. يرفض هؤلاء الأفراد باحترام، ويتحملون مسؤولية قراراتهم، ويظلون مسؤولين عنها على الرغم من أي مشاعر شديدة قد تكون مرتبطة بها".

مبادئ يجب تذكرها

ما يجب فعله

  • قيّم رغبتك في قبول الطلب وقدرتك على المساعدة، وانظر فيما إذا كان من الممكن إعادة ترتيب الأولويات أو إجراء مقايضات لتلبية الطلب.
  • أظهر استعدادك للمساعدة من خلال السؤال عما إذا كانت هناك طرق بسيطة يمكنك من خلالها الإسهام في المشروع.
  • تدرّب على الرفض بصوت عالٍ؛ سيصبح ذلك أسهل مع مرور الوقت.

ما ينبغي لك تجنبه:

  • استخدام لهجة قاسية أو مترددة، ولا تبالغ في تهذيبك أيضاً. بدلاً من ذلك، ليكن هدفك الرفض بثبات ووضوح.
  • إخفاء السبب الحقيقي لرفضك. للحد من الإحباط، قدّم أعذاراً وجيهة منذ البداية.
  • تغيير إجابتك الأولية أو التصرف على نحو غير حاسم في محاولة لإرضاء زميلك. كن صادقاً واحرص على أن يفهم الطرف الآخر سبب رفضك.

دراسة حالة رقم 1: وفّر سياقاً يوضح سبب رفضك

تقول المؤسِّسة والرئيسة التنفيذية لشركة فيفوم (Vivoom)، وهي شركة إعلانات للهواتف المحمولة ومقرها مدينة كامبريدج في ولاية ماساتشوستس، كاثرين هايز، إنها يجب أن تذكر نفسها باستمرار بأن الرفض هو أحد أهم مسؤولياتها.

وتضيف: "في بيئة الشركات الناشئة، الفرص كبيرة جداً وهناك الكثير مما يمكن تحقيقه، ما يجعل من المغري قبول كل مهمة أو فرصة تأتي. ولكن إذا لم يكن لديك الوقت الكافي لأداء مهمة ما على أفضل وجه، فأنت تسيء إلى الشخص الذي وافقت على طلبه".

قبل شهرين، كان على كاثرين أن ترفض طلب عميل محتمل -سندعوه أحمد- أراد الاستفادة من منصة فيفوم في حملة إعلانية جديدة. عادة ما تكون هذه الفرصة عظيمة. لكن أحمد أراد إطلاق حملته في أقل من أسبوع، بينما يحتاج فريق كاثرين من أسبوعين إلى 3 أسابيع لضم العميل بصورة كاملة إلى نظام المنصة.

تقول كاثرين: "أنا رائدة أعمال، لذلك أنا متفائلة بطبيعتي، لكن كان عليّ النظر في الآثار الطويلة الأمد لهذا الطلب. بالتأكيد، كانت هناك فرصة لتنفيذ الطلب خلال الإطار الزمني الذي أراده أحمد، لكن الاعتماد على الأمل ليس استراتيجية قابلة للتطبيق".

عندما رفضت كاثرين طلب أحمد، أقرت في البداية أنها تدرك أن رفضها لم يكن الرد الذي يأمل سماعه. بعد ذلك، شرحت كاثرين طريقة عمل فريق فيفوم وقدمت سياقاً حول سبب استغراق العملية عدة أسابيع، مؤكدة لأحمد عدم وجود وقت كافٍ للوفاء بالجدول الزمني.

رداً على ذلك، قاوم أحمد رفضها، وأكد لها أنه إذا لم تكن نتائج الحملة الإعلانية مثالية بسبب ضيق الوقت، فسيتفهم ذلك.

لكن كاثرين تمسكت بموقفها. تقول موضحة: "أخبرته بأنني أردت أن تكون حملته الإعلامية الأولى على منصتنا ناجحة، وأنني لو وافقت على طلبه لبدا الأمر جيداً في المدى المنظور ولكن ليس على المدى الطويل. وقد عبرت عن اهتمامنا بالتعاون معه في حملته التالية".

لقد كان هذا النهج فعالاً في كسب ثقته وأعماله. من المقرر إطلاق الحملة الإعلامية الأولى لأحمد على منصة فيفوم في أوائل العام المقبل.

دراسة حالة رقم 2: قيّم قدرتك ورغبتك في المساعدة؛ ارفض بوضوح ولطف

كانت المديرة والمؤسِّسة المشاركة لشركة إنك هاوس (InkHouse)، وهي شركة علاقات عامة، بيث موناغان، تجد صعوبة كبيرة في رفض الطلبات. كانت تشعر بالذنب لرفضها الطلبات المقدمة من الزملاء والعملاء، لكن الموافقة على جميعها جعلتها تشعر بالإرهاق والارتباك.

كان لا بد من إجراء تغيير ما. قبل بضع سنوات، وضعت بيث قائمة بأهم 3 أهداف شخصية ومهنية للعام، وتقول: "أحمل القائمة معي أينما ذهبت. يساعدني ذلك على الرفض بسهولة لأنني أرى على الفور إن كان الطلب يتوافق مع أهدافي أم لا، ويقلل هذا النهج من شعوري بالذنب حيال الرفض ويسمح لي بأن أكون أكثر تعمداً بشأن كيفية قضاء وقتي".

تلقت بيث مؤخراً طلباً عبر البريد الإلكتروني من زميلة -سندعوها سوزان- تدير مؤسسة أعمال لديها علاقة عمل وثيقة مع شركة إنك هاوس. كانت سوزان تستفسر من بيث عما إذا كان فريقها مستعداً لتقديم بعض الخدمات المجانية لمؤسستها.

وجدت بيث نفسها في مأزق. من ناحية، قد يقدم مشروع سوزان رؤية قيّمة لشركة إنك هاوس. من ناحية أخرى، لم يكن لدى بيث سوى عدد محدود من الساعات التي يمكنها تخصيصها للعمل الطوعي، وفضلت تخصيصها للمؤسسات ذات الصلة بقضية محددة. (تجدر الإشارة إلى أن أهداف بيث المهنية تشمل تنويع قاعدة عملاء إنك هاوس، وتعزيز وجودها في الساحل الغربي، وتقديمها إسهاماً في الأعمال الخيرية في العالم من خلال التبرع بوقتها وخبرتها).

في أثناء المرحلة التي قيّمت فيها بيث الطلب، أخذت في الاعتبار أيضاً عوامل أخرى، وهي على وجه التحديد المشاريع التي التزم بها فريقها بالفعل. وتقول: "كنت أدرك أنه إذا لم تكن لدينا الموارد، وبالتالي كان الأداء سيئاً في الحدث، فقد يؤدي ذلك إلى الإضرار بعلاقتنا مع العميل، ولكانت النتيجة أسوأ من الرفض في المقام الأول".

قررت بيث رفض الفرصة واتصلت بسوزان لشرح السبب. وتقول: "كان هدفي الرفض بوضوح ولطف واحترام. كنت صادقة بالفعل بشأن ذلك. أوضحت لها أسباب رفضي. لقد كان هدف سوزان جديراً بالاحترام ولكنه لم يتوافق مع هدفي في ذلك الوقت وقد تفهمت سوزان موقفي. لكنني أخبرتها أيضاً أنه على الرغم من أنني أجبت بالرفض في الوقت الحالي، لكن الظروف قد تتغير في غضون عام".

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي