أمهل نفسك بعض الوقت قبل أن تحسم قرارك بأنك تكره وظيفتك الجديدة

5 دقائق
خيبة الأمل بعد شغل وظيفة جديدة

ملخص: من الطبيعي أن تشعر بقليل من خيبة الأمل بعد شغل وظيفة جديدة، فقد علّقت الكثير من الآمال على هذه الفرصة الجديدة في المقام الأول. ولكن احرص على أن تفكر في بعض الأشياء قبل أن تقرر ما إذا كنت ستتمسك بها أو تشرع في إرسال سيرتك الذاتية إلى جهات أخرى. فعدم معرفتك بكيفية أداء كل مهمات وظيفتك الجديدة لا يعني بحال من الأحوال أنك يجب أن تترك هذه الوظيفة. ولا تتردد في طلب المساعدة في المهمات الجديدة مبكراً، وافترض أن الجميع يؤمن بأن التعلم يشكل عنصراً أساسياً للنجاح في المنصب الجديد. وقد يكون من المفيد أن تحتفظ بسجل مستمر لأدائك حتى تتمكن من تحديد ما إذا كنت تحرز تقدماً ملموساً، حتى عندما تشعر بأنك تقف محلك سر. وإذا شعرت بعدم الرضا عن الوظيفة، ففكر فيما إذا كانت قيمك تتضارب مع قيم المؤسسة. قد يستغرق تقييم الموقف بعض الوقت، ولكن إذا وجدت أن ثمة تضارباً بينهما، فغالباً ما سيكون من الصعب معالجة الأمر. واحذر التمسك بموقف سيئ لفترة طويلة من الزمن بسبب مقاومة التغيير. فإذا كنت تمارس العمل لمدة 6 أشهر إلى عام كامل وشعرت بعدم الملاءمة الوظيفية، فعليك أن تستعد لاتخاذ إجراء حاسم.

 

غالباً ما يكون شغل وظيفة جديدة تجربة مفعمة بالأمل، حيث ينشغل ذهنك طوال الأسابيع التي تسبق يومك الأول بالتفكير في الأثر الذي ستحدثه والعلاقات التي ستكوّنها والأساليب التي ستؤهّلك للنجاح. وقد تكون الأسابيع القليلة الأولى في منصبك الجديد مخيبة للآمال، ويتساءل الكثيرون في هذه المرحلة عما إذا كانوا قد اتخذوا القرار الصحيح بشغلهم للمنصب.

لكن إذا نظرنا إلى الأمر من زاوية نفسية، فسنجد أن هذا السقوط المزعج من سماء الآمال والأحلام إلى أرض الواقع أمر منطقي إلى حدّ كبير. فقد أثبتت الأبحاث حول نظرية المستوى التحليلي أننا نفكّر في الأشياء البعيدة عنا (زماناً أو مكاناً) بشكل أكثر تجريداً مقارنة بتفكيرنا في الأشياء القريبة منا. وغالباً ما ينصّب تركيزك قبل شغل وظيفة جديدة على الإمكانات المجردة أكثر من تركيزك على المهمات الفعلية التي ستوكّل إليك. وما إن تتسلم مهمات منصبك الجديد حتى تغرق في تفاصيل عملك اليومية، ما قد يجعل من الصعب أن تلاحظ حجم الإسهامات التي كنت تأمل تقديمها.

وغالباً ما ينصّب تركيزك أيضاً على المواصفات المحبَّبة للوظيفة الجديدة قبل أن تشغلها فعلياً. قد يخلق ذلك حالة تحفيزية تسمى التركيز الترويجي، ما يجعلك أكثر حساسية للأشياء الإيجابية في بيئتك. ولكن بمجرد أن تبدأ العمل وتتحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقك، فسوف تتعرض لما يسمى التركيز الوقائي الذي يركز بشكل طبيعي على الجوانب السلبية، إذ لم تعد الوظيفة المثالية مثالية.

قد تجعلك خيبة الأمل هذه تشعر أن قرار شغل الوظيفة الجديدة كان خطأً فادحاً. وقد يكون المنصب غير مناسب في بعض الأحيان. فكيف تميِّز بين خيبة الأمل العادية ومحاولات التعايش والمؤشرات الدالة على أن الوظيفة غير ملائمة بالمرة؟ قبل أن تقرر أنه يجب عليك البحث عن عمل جديد، إليك 3 أشياء لا بد من وضعها في الاعتبار.

متلازمة المحتال ومنحنى التعلم

قد تبدو الوظيفة الجديدة اختياراً غير موفق وذلك لعدة أسباب، من أهمها أنه ستظهر أمامك عوامل تشعر أنك غير مستعد لها. خذ على سبيل المثال سياسات وإجراءات مكان العمل الجديد التي لا تعرف عنها شيئاً بطبيعة الحال، ومحاولات التأقلم معها التي ستستغرق بعض الوقت. ولكن ستكون هناك أيضاً مهمات لا تعرف كيفية تنفيذها.

ويعاني الكثير من الأشخاص الذين يتقلدون مناصب جديدة أحد أشكال متلازمة المحتال، حيث يشعرون بأنهم ارتقوا إلى سدة منصب ليسوا أهلاً له. قد يجعلك هذا تشعر كما لو أن المهمات التي لا تعرف كيفية تنفيذها ما هي إلا علامة على أن الوظيفة لم تكن ملائمة بالمرة.

من المهم أن تطلب المساعدة في المهمات الجديدة مبكراً وأن تفترض أن الجميع يؤمن بأن التعلم يشكل عنصراً أساسياً للنجاح في المنصب الجديد. وإذا شعرت بالإحباط لأن أداءك دون المستوى، تعامل مع الأمر باعتباره فرصة للنمو وليس علامة على الفشل.

حتى إذا كنت تتبنى هذه النوعية من عقلية النمو، فمن الوارد أن يكون تقدمك أبطأ مما تود. ويعتبر منحنى التعلم من الظواهر التي حظيت بالدراسة التفصيلية في علم النفس، ويشير إلى أنك تحرز تقدماً أولياً سريعاً حينما تُقدِم على تعلم شيء جديد، ولكن عندما يحين الوقت لإبداء تميزك في تفاصيل ما تتعلمه، فإن مستوى تقدمك سيتباطأ.

وعندما يتساوى منحنى التعلم ويتخذ شكلاً مسطحاً، فغالباً ما يكون من الصعب اكتشاف التقدم، وقد تشعر بأنك لست أهلاً للوظيفة. يُنصَح في هذه الحالة بأن تبحث عن بعض المعايير التي تتيح لك قياس مقدار ما تنجزه وتتعلمه. احتفظ بسجل مستمر لأدائك حتى تتمكن من تحديد ما إذا كنت تحرز تقدماً ملموساً، حتى عندما تشعر بأنك تقف محلك سر.

مواءمة القيم

حتى إذا شعرت بأنك تحقق النجاح في المهمات الفردية للوظيفة، فقد تجد العمل غير مرض بشكل عام. وتعد حزمة القيم الأساسية التي تؤمن بها المؤسسات من أصعب الأمور التي يجب معرفتها عن أي شركة في أثناء عملية التقديم لشغل الوظيفة وإجراء المقابلة الشخصية.

وفي حين أن البحث الذي أجراه شالوم شوارتز وزملاؤه أثبت أن هناك قيماً مشتركة بين الثقافات، فإن منظومة القيم تختلف من شخص لآخر ومن مؤسسة لأخرى، حيث تعزز الثقافات قيماً معينة، لكن الأفراد يتبنون القيم بناءً على سماتهم الشخصية الأساسية وخبراتهم.

فعلى سبيل المثال، يقدر بعض الناس الإحسان، فهم يحبون فعل الخير وإفادة الآخرين، بينما يقدر البعض الآخر الإنجاز، حيث يريدون أن يلقى نجاحهم التقدير المناسب. ويقدر بعض الناس التقاليد ويريدون التمسك بالطريقة التي كانت تسير بها الأمور دائماً، بينما يقدر الآخرون التلذذ ويريدون معايشة المتعة.

فإذا كنت تعمل في شركة تشجع قيماً مختلفة تماماً عن تلك التي تؤمن بها، فقد تشعر بعدم الاستقرار وعدم الرضا في العمل. وقد يستغرق الأمر بعض الوقت لتحديد ما إذا كان هناك توافق بين قيم الشركة وقيمك الشخصية، لذا لا تحاول القفز إلى استنتاجات قد تكون في غير محلها. ولكن إذا اكتشفت عدم التوافق إلى حدّ كبير، فقد تكون هذه علامة على ضرورة التفكير في العمل في مكان آخر.

مقاومة التغيير

يجدر بك بكل تأكيد ألا تتسرع في حسم قرارك حيال الوظيفة الجديدة وتقرير ما إذا كانت ملائمة أم لا. قد يستغرق الأمر عدة أشهر قبل أن تستطيع تحديد ما إذا كنت تحرز تقدماً ملموساً باتجاه ما تحتاج إلى تعلمه لتجيد أداء مهمات وظيفتك. كما يستغرق الأمر أيضاً بعض الوقت قبل أن تستوعب قيم الشركة التي تعمل بها وتفهمها على حقيقتها.

ولكن إذا ظللت تمارس العمل لمدة 6 أشهر إلى عام كامل وشعرت بعدم الملاءمة الوظيفية، فعليك أيضاً أن تكون على استعداد لاتخاذ إجراء حاسم. يُشار هنا إلى أن التحيز للوضع الراهن قد يتسبب في تمسكنا بالقرارات السيئة لفترة طويلة من الزمن، سواء كانت استثمارات خاسرة أو علاقات سيئة أو وظيفة غير ملائمة. فنحن لا نحب إجراء تغييرات لأن القيام بذلك يتطلب الاعتراف بالخطأ ومواجهة الغموض (في حين أن الوضع الراهن خيار معروف).

واعمل على اكتساب بعض الطاقة اللازمة لإحداث تغيير. ابحث عن مستشار أو موجه أو مدرّب لمساعدتك في هذه العملية. فالخوف الذي يصاحب الخيارات المشكوك فيها قد يبدو لك في كثير من الأحيان أسوأ مما قد يراه شخص آخر. فيمكن أن يساعدك الموجه على معرفة مزايا إجراء التغيير ويستطيع أن يُسدي لك النصح للتغلب على حالة الغموض التي تصاحب اختيار مسار جديد.

حتى إذا كنت تشعر بالتفاؤل حيال وظيفتك الجديدة، فمن الطبيعي أن تشعر ببعض خيبة الأمل بعد شغل وظيفة جديدة في البداية. لذا يُنصَح بأن تفكر جيداً في الظروف التي تمر بها حتى تتمكن من التمييز بين محاولات ذهنك للتأقلم مع الوضع الجديد والمؤشرات الحقيقية على أن الوقت قد حان لتقليص خسائرك ومغادرة المكان بعد أن أدركت أنه غير مناسب لك بالمرة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي